أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


لا تحمِّلوا الجامعات خطاياكم

بقلم : طارق عبدالقادر المجالي
22-04-2013 10:36 AM
د. طارق عبد القادر المجالي
بعيدا عن كل ما كتب عن ظاهرة العنف في الجامعات الأردنية ، وتشريح هذه الظاهرة المؤرقة مجتمعيا ، وعن كل ماكتب عن أسبابها ومظاهرها وعلاجها ، فإنني أرى أن كل ما دبّجناه وسطرناه ، وما سنتناوله لاحقا لن يكون سوى علاج مهدئ للقشرة السطحية للعرض لا للجوهر ،وأن جامعاتنا لا علاقة لها بما يحدث لأنها مرآة جامعة تعكس ما هو قائم في المجتمع ،وصورة واقعية صادقة لما هو عليه .
إن ظاهرة العنف تشير بوضوح إلى أنها مرتبطة بالتغيرات التي طرأت على المجتمع الأردني في الآونة الأخيرة ، وإن أي نشاط ثقافي أو اجتماعي أو اقتصادي لا بد من أن يستمد قوته مباشرة من النظام السياسي المؤمل منه أن يحتضن هذه المؤسسات القائمة، وأن يرعاها رعاية حقيقية لا شكلية ، وإلا فإنها ستكون حاضنة للبيروقراطية التي توصل إلى حالة الترهل والتكاسل ومن ثم تأخذ بالتفكك والتشرذم والتلاشي والاندثار .
ومن هنا، يمكن القول إن تردي النظام العام على المستويات كافة _ حسب المشهد في الأردن سيقود إلى ثلاث مراحل محسومة حتما، أولاها ، مرحلة ما يسمى سياسيا \'تهشيم الدولة \' وهي المرحلة التي نعيشها الآن ، ومن مظاهرها : غياب القانون والتراخي في تطبيقه ،الذي أدى إلى التمرد والانفلات وشيوع النبرة التشاؤمية واللامبالاة والنزق غير المسبَّب، وعدم تمكن المعنيين من تطبيق القانون ،أو ممارسته في مؤسساتهم ،وعلى مرؤوسيهم إلى أن تولدت لدينا القناعة ،على الرغم من مرور سنوات من التقدم العلمي والتكنولوجي ،والقفزات الواسعة التي خطوناها ،من أن كل فرد في المجتمع يستطيع أن ينفذ أو يحقق ما يريد لا من خلال موهبته وقدرته وما يتقنه ويبرع فيه ، بل عن طريق عضلاته واستغلال كل مكامن القوة المتاحة له : النفاق والمحسوبية والسلطة القبلية المؤمنة ب( انصر أخاك ظالما فقط) أو النفوذ المالي والجهوي والديني وتسخير مناصب الأقارب للي ذراع أو رقبة القانون والمسؤول للتراجع وغض النظر . هذه هي الروافع الأساسية في المجتمع الأردني التي وجهناها وسخرناها لخدمة أفراد على حساب الأكثرية ،بدل من أن نستثمرها استثمارا إيجابيا لنتحصل منها على التنوع المجتمعي والوطني والاختلاف المحمود ،والتدرب على تقبل الرأي والرأي الآخر، وتوظيف هذه الفسيفسائية الوطنية الجميلة لننسج منه لوحة جميلة تفضي بنا إلى ديموقراطية حقيقية .
إن ما يجري في جامعاتنا من ظواهر عنف سلبية هي من صنع أيادينا نحن ،وليس لجامعة ذنب في كل ما يجري من حولنا؛ لأنها من نتاجات المجتمع الذي ينحدر ساعة بعد ساعة ،وبتشجيع من مواطنيه الذين يكسرون القانون ، ويفككون هيبة الدولة التي هي أضا تتواطأ ضمنيا مع هؤلاء بتيسير هذا النهج التفكيكي وتنفيذ رغباتهم حين تبني خططها وبرامجها على هذا الأساس الجهوي والمنفعي والإرضائي وتوزيع المناصب على اساس جغرافي لا على أسس الكفاءة والاقتدار ، كما نراها تستعين بهم كلما شعرت بخطر داهم فتصنع منهم أبواقا وسياطا وأزلاما يسبحون بحمدها .فتضخم دور بعض القبائل إلى درجة اقناع كل فرد فيها أنه فوق القانون ،وفوق مصالح الأمة.
كيف يمكن والحالة كذلك إذا لرئيس جامعة مهما كان نبوغه وخبرته و شخصيته من أن ينفذ القانون ويطبقه على الموظفين حرفيا ؟! إن هذه الفئات المستقوية والمنتشرة هنا وهناك تستعرض عضلاتها وتفرض سلطتها وسطوتها على مساحة الوطن ولها أذرع قادرة على ممارسة الضغط والإرهاب الفكري ولن تسمح لا لرئيس ولا لأي كان من أن يتعرض لها أو الإشارة إليها ،ولو حكّ برأسه عنان السماء ،ومقتنعة من أنها اكتسبت حقوقا وراثية لا يجوز الاقتراب منها.والأدهى بدلا من أن تقلص الجامعات من دورها ،والحد منه ، وإيجاد حلول تربوية من داخل الجامعة ،فإنها تلجأ إليها وتستعين بها ،لحل مشاكلها عشائريا كلما حزبها أمر أو داهمها خطر . مما كرّس حالة فقدان الأمل لدى الطلبة بالحلول العلمية المنبثقة عن المراكز البحثية والاجتماعية في الجامعات .وأضعف من دور الباحثين الاجتماعيين في هذا الاتجاه ، وعزز من سلبيتهم
إذن لا الاختلاط ولا اللباس ولا الانذارات ولا الحرس الجامعي ولا الأنشطة ولا التوعية الأسرية ولا انخفاض المعدلات _ على أهمية هذه القضايا_ مسؤولة عن هذه الاختلالات ، والدليل على هذا ، ما كان يتمتع به طلبة الجامعة الأردنية في السبعينات من الحرية الاجتماعية : الاختلاط وموديلات الأزياء الحديثة والانفتاح والأعداد الكبيرة ، والحفلات ،ومع هذا لم نسمع أنها سجلت حالة عنف واحدة .ترى ما السبب؟؟؟!
السبب أيها السادة أننا بدأنا ، كما قلت ، في مرحلة تهشيم الدولة التي ستليها مباشرة مرحلة الهدم ،ثم السقوط ،لا سمح الله ،إن بقينا على هذه الحالة .وكما هو حاصل الآن في دول الربيع العربي .فلا تحمِّلوا الجامعات خطاياكم .
ما العلاج ؟ العلاج بأيدينا نحن في إعادة الثقة والهيبة بمؤسسات الدولة ، في العدالة الاجتماعية ، وفي تكافؤ الفرص ، و القانون ، والأمن الوظيفي والاجتماعي ، مع قناعتي أن شيئا من هذا لن يحدث ،لأننا وصلنا إلى طريق اللاعودة ،وإلى مرحلة متقدمة من هذا التهشيم المتعمد لمؤسساتنا ، إما جهلا أو رغبة أو تواطؤا ،لذلك ما علينا إلا أن ننتظرالمرحلة القادمة من هذا المشروع الهدميّ لأركان النظام العام في الأردن فماذا نحن فاعلون لصدّه ودحره ؟؟

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-04-2013 08:56 PM

من يتحدث عن العدالة وتكافؤ الفرص والقانون يجب ان يطبق هذه المعايير على نفسه أولا ثم يدلي بدلوه لينهل الناس منه .
ان ذاكرتي الهشة لا تكفي لسرد الوقائع . لكن قد عرفت شخصا استلم منصبا في الجامعة من خلال عملية التسلق . وهذا الشخص له نظريات في المجتمع اتمنى ان يفهمها هو نفسه .
الله كفيل بالفرج والقضاء على شراذم الرويبضة ..
عاش الاردن عزيزا عاليا ..

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012