أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


استثمار من الفوضى

بقلم : فتحي المومني .
12-05-2013 09:47 AM

قبل أكثر من عام تحدثت’ في بعض المقالات عن الفساد وصوره ، وأكثر من مقال كان يشير لذات الهدف - فالفساد في الاردن يحمى بقانون ؛ كما هو الفاسد يحمى بقانون ، ويعطى من ذلك صوراً كثيرة مختلفة ، لكن مصدرها يكون ذات المصدر نفسه ، وإذا ما نظرنا بعض المفاصل الخطيرة التي نشاهدها ، ونحس بها ، وينقلها لنا ثقات من المعنيين فاننا بذلك ندرك أن الاردن استثمار قائم من الفوضى ، فلا يكاد يطوى ملف من ملفات الفساد ، إلا ويولد مكانه ملفات كثيرة من الصعب أن تستوعبها عقولنا ، وتعالجها مؤسساتنا المسؤولة عن ذلك ؛ والسبب أنها تحمى بقانون ، ويشدّ’ على تماسكها متنفذين حسب القانون مرئيين في الظل ! وما أكثر من يعمل في الظل لحساب قانون هو ظل الفاسد ؟!

- حين تسرق أموال الضمان الاجتماعي ( مال السحوقين والفقراء ) هو بالتأكيد سرقة للوطن ومال الشعب ، وتعطى منه رواتب خيالية وامتيازات للوظفين ، وتأمين صحي بالخيال وأدوية على حساب اموال موظفين لم يتجاوز دخلهم بعد مضي عشرين عاماً الألف دينار اجمالي ( كيف هذه المغادلة ؟! ) ، وثقافة شعب تربى على ان يأخذ أبسط حقوقه في وسط فاسد ؟! ولم يحصل على أدناها ، ومموّل بقانون ودستور ، وتفصّل جميع القوانين من أجل شرخ كل مبادىء تسعى لترسّخ نماذج تبنى عليها دولة المؤسسات والقوانين ...

في الاردن هناك صناعة مؤدلجة للسرقة ، مرتبطة بجذور عليا ، وقد يستوقفنا الكثير من هذه الممارسات أنها تمّت بحماية ، وتعتيم غير سوي من قبل الحكومات - وتقدَّر بالمليارات . أي ما يتعدّى سداد مديونية الاردن من قبل الكفرة والفجور من مسؤولينا الأبطال - النفط يسرق ويضاف لصاحب القيمة المضافة على الفساد في الاردن ؟! وأقصد بذلك من ليس له الحق بالسلطة على هذا الوطن والشعب ، ويضاف إلى الفاسد كل مقدرات الوطن - فقط لأنه بيروقراطي مأجور لبيع الوطن ، وتركيع شعبه ، وعندما تسرق أموال المعلمين في وزارة التربية والتعليم وقد بلغت حسب ما قيل المئتي ( 200) مليون دينار من حقوق المعلمين المتقاعدين والعاملين ، وعلى أساس ذلك - يتقاضى المعلم المتقاعد راتباً تقاعدياً لا يكفي للدفء فقط في فصل الشتاء ، وفي فصل الصيف لا يكفي فواتير مياه وكهرباء تسرق عنوة من جيوب الشعب ؛ بحجة انها شركة عامّة ، وتساهم الدولة فيها بعدد وقدره بالمئة - فكيف يعيش هذا المواطن والنظام الحالي وهو مستمر على هذه المعادلة المفكِّكة لكل بنى الوطن ومفاصله ؟! فمن المسؤول عن صناعة السرقة من جيوب الشعب بشكل عام ؟!

سأظل أكرر من الذي يعطي حق لرتب الجيش -أيّاً كان والمقربين من النظام والنظام نفسه بالاعفاءات الجمركية ، والنفقات على حساب المال العام ( مال الشعب ) ، واصطفاف أكثر من ثلاث سيارات فارهة أمام بيوتهم في وضح النهار ، وأكثر من ذلك - في حين أن الموظف والجندي الذي يحمي الوطن والعامل بكل مؤسسة من مؤسسات الدولة لا يتقاضى دخلاً شهرياً بمقدار مصروف يوم واحد لهذه السيارات - هل لأنهم حرروا فلسطين ، وحموا الاردن من مارقي الفساد وسارقي الوطن - ممثلين بمن تسلموا الحكومات والوزارات والمؤسسات وغيرها ليستحقوا هذا الامتياز ؟! أم أنهم استطاعوا أن يمارسوا حماية الفساد ومؤسسيته على مدى عقود مضت - وبيع مقدرات ، وسجن ابرياء وغير ذلك - واخذوا مكافآت جمّة على ما رسموه من قيم للفساد ويكافأ كل منهم في كل هذه الامتيازات ؟!

هذا الوطن منبع من الفساد - فالمسؤول يسرق ، ويبيح التكفير من أجل تصفية السياسيين في السجون بصيغ وألاعيب مختلفة ، ويشرّع بالسرقة ، وتصنع لدينا في هذا الوطن رموز الفساد صناعة بقيم وأشكال مختلفة ، واذا ما سجنوا فاسداً واحداً كمظهر اعلاميّ وهمي ، كالذين اوقفوا من قَبل’ ، في سجن الرميمين وغيره! فإن قراراً سابقاً قد سمح ببناء سجون وهمية فارهة لكل بؤر الفساد ؛ ليمارس الضحك على الشعب في أن القانون والقضاء - يسعى لمحاسبة المسؤولين الفاسدين بجريمة سياسية اقتصادية وطنية _ فقط ليقال للشعب أنهم مسجونون - ولا يعرف اكثر الشعب الناس في هذا الوطن ؛ أن هؤلاء يعيشون في سجن وهمي - هو في حقيقته فندق من خمسة نجوم ، ولا قانون يحكمه في الزيارة والطعام والحماية وغير ذلك ، ولا قيمة لمؤسسة الأمن العام في هذا السجن إلا إطاعتهم ، وتقديم الخدمات لهم ، يأخذون اوامرهم من فوق ، من أجل هؤلاء الفاسدين الممتدين بفسادهم للدستور نفسه ، والذي أباح لهم كل محن للثقافة المزورة ، ولزرعها ونمائها على مساحات الوطن الأردني - فالكمبرادور لم يتعدَّ السمسار ، والبيروقراطي بنفس الصفة ، والتكنوقراطي على نفس النهج والخط - ما أوسع بؤر الفساد في وطني ، وما أكثر من يتغنّوا به متى سنحت لهم هذه الفرصة - فالمواطن أصبح فاسد تحت الطلب ، والنظام السياسي هو من صنع هذه الثقافة بأساليب وأيدولوجيات مختلفة ......... الحديث يتبع

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012