أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


عولمة الفوضى والتمرد

بقلم : نادر سلبم الزعبي
18-05-2013 10:08 AM


تشير الدراسات التاريخية ان العولمة أو الكونية ليست وليدة هذا القرن ولكنها برزت على مدار العصور مع اختلاف أساليبها وأهدافها فالفتوحات الإسلامية مثلا كان لها هدف الانتشار الكوني ونشر الفكر الديني في كافة أرجاء المعمورة كما ان الحروب الصليبية والأوروبية التي كانت تدور رحاها في أرجاء المعمورة كان لها هدف الكونية والسيطرة الكونية على مناطق مختلفة من العالم .

والقرون الخمسة الأخيرة في التاريخ الأوروبي والعالمي قرون عولمة التمرد وقرون فك السحر والبيروقراطية وتسويق العالم فمنذ التقشفية البروتستانتية اصبحت ايدولوجيا الفوضى و التمرد تنتج البنى الأولية للمجتمع الحديث الذي سماه ماركس 'رأسماليا' . وبحجة تنظيم العالم فان التمرد والفوضى والعصيان المدني والعنف المجتمعي اصبح ثورة على النمط الحديث .و الدولة وما تتبناه من قوانين لترسيخ الفساد والتبعية ترغم يعض الفئات على التحول إلى صعاليك 'الصعاليك هم الفئة التي تدافع عن الفقراء والمظلومين 'لا أمكنة لهم فأيدلوجية الدولة الحديثة والاقتصاد الحديث يعملان على 'تحطيم العالم القديم المبني على المحبة و القيم الاخلاقية 'لإنشاء علاقاتهما الحديثة .علاقات السلطة وضروب الاستغلال ثم تحطيم هذه العلاقات وتفكيكها من اجل إعادة احكامها وتسمى هذه ثورة .وعندما تستولي الأيدلوجية الحديثة 'ايدلوجيا الامبريالية 'على التمرد فإنها تأسره في ثورة تقدم في كل مرة على إنها علمية.

ان اختلاف أساليب نشر الثقافات والأيدلوجيات في القرن الحالي وسهولة اجتياز الحدود والتواصل مع كل أنحاء العالم بفضل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الالكترونية أدى إلى التغلغل في كل ما يمس حياة الناس وخلق ايدلوجيا الفوضى التي لم تقتصر على النواحي المادية فقط بل تعدتها الى ما يسمى بفوضى العقل والذي ينتج اسلوبين من التفكير احدهما علمي والاخر ديني .وهنا تتبلور الفوضى الى تمرد وصراع بين ما هو ديني وما هو علمي لقد عملت الدول الامبريالية على دعم و تشجيع الفوضى و التمرد في البلدان التي لا تمتثل لقرارات وأيدلوجيات الدول الاستعمارية ولتحقيق هذا الهدف فان هذه الدول تعمل على إظهار تعاطفها ودعمها الكامل للجماعات التي تعمل على تبني الفكر التحرري.في هذه البلدان .ان العالمية 'العولمة'التي تتبنى نشرها وترسيخها الدول الامبريالية في العالم تقوم على الفوضى 'فوضى خلاقة' والفوضى الخلاقة لا تعني فقط هدم العناصر الاساسبة المكونة للنظام السياسي والاجتماعي القديم بل خلق واحلال طبقات اجتماعية وسياسية بديلة للانظمة القديمة والتي اصبحت عبئا على الدول الراسمالية الاحتكارية ولهذا عمدت الامبريالية العالمية على دعم حركات التحرر (التمرد)في الكثير من الدول ومازالت فيما يسمى دول الربيع العربي وقبلها فيما سمي الحرب على الارهاب كما إنها سخرت الكثير من وسائل الإعلام للترويج إلى عالمية هذه الثورات.ويدفعنا هذا للتسائل إذا كانت العالمية هي عولمة كل شيء من اختراعات وتكنولوجيا و فكر أيدلوجي فلماذا لم تتعولم الكثير من الدول تكنولوجيا وثقافيا وبقيت في تخلفها الثقافي والتكنولوجي مستهلكة لثقافة وتكنولوجيا الدول الامبريالية ؟ لماذا تفوقنا في ثقافة الفضاءات المفتوحة وأجهزة الاستقبال التلفزيونية ووسائل الاتصالات الخلوية والانترنت؟لماذا عمدت الدول الامبريالية إلى نشر ثقافة الصورة والإشارات الملتقطة من الأقمار الاصطناعية لافساد الذوق العام ؟يحق لنا ان نتسائل هل العالمية هي الترويج لثقافة الاستهلاك والتدخل في تغيير العادات والتقاليد والثقافات واستبدالها بثقافات تبعية تخدم مصالح الدول الامبريالية

لقد سخرت الدول الامبريالية كل ما لديها من وسائل الاتصال وانترنت وهواتف وفضائات مفتوحة ودعمتها بكل ماتوصلت اليه التكنولوجيا الحديثة لخدمة اهدافها ومصالحها ووضعتها في متناول الجميع ليقينها بتأثير هذه الوسائل على المجتمع حيث يمكنها من دعم وجهات النظر الاجتماعية التي تريدها . ان بوق السلطة الإعلامي الداعم للفكر الراسمالي الاحتكاري يجب ان يبقى حاضرا ويعبر عن قدرته في إقناع الناس بوجودهم وان الحفاظ على التوازنات والأمن الاجتماعي هو في أيدي أمينة وان هذا الأمن وهذا التوازن هو ما تسعى السلطة للحفاظ عليه تحت أية ظروف وان على الناس عدم القلق من هذا الشأن .ان الزيف الذي تمارسه السلطة والدول الامبريالية ممثلة بالشركات الاحتكارية هو ما عبر عنه ماركس واطلق عليه 'وعي زائف.' وهو ما نشاهده يوميا من تزييف للواقع على شاشات الفضائيات .التي تعمل على مدار الساعة في توجيه ما يخدم المصالح الامبريالية والشركات الاحتكارية..

.نادر الزعبي

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012