أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أدهم وازدواجية الإنتماء

بقلم : طايل البشابشة
06-06-2013 09:14 AM

المسرح الفسيح بديكوراته العصرية ,وكشافات الإضاءة الملونة تتراقص مع صوت الموسيقى الشبابية
الصاخبة,صمتت لهنيهة بعد أن أعلن مذيع المسرح ,عن البدء بالتصفية ما قبل النهائية بين ثلاثة مشتركين
,حيث ينص قانون البرنامج بحتمية خروج متسابق من ثلاثة ,ليتأهل للدور النهائي مشتركان يتنافسان
في الحلقة الأخيرة ,على من سيكون فارس البرنامج.
كانوا ثلاثة متسابقين أشقاء الأول من المغرب والثاني من ليبيا والثالث نشمي أردني صاحب ابتسامة
لاتفارق شفتيه ,تزيده وسامة وتقربه من القلب ,تقرأ في وجهه وجوم وترقب مشوبا بالقلق ولكن بصلابة
جبل النار وشموخ جبل شيحان.
أعلنت النتيجة وكان للأسف هو الخاسر ,للوهلة الأولى تلقى النتيجة بوجوم وكنت اقرأبعينيه اللتان امتلأتا
بالدموع إباء النشمي في أن تنسكب,وبقي متماسكا وأقدم بعدها على فعل كان هو سبب كتابتي هذا المقال
عندما تناول أدهم علمين واحد أردني وضعه على كتفه الأيمن وعلم فلسطيني وضعه على كتفه الأيسر.
قد يقول قائل مالذي دعا شيخ على مشارف الستين أن يكتب أو حتى يشاهد برنامجا موسيقي شبابي لايتابعه
الا شريحة قليلة معينة من الشباب في مجتمع أغلبه مشغول بهمومه المعيشية وتتنقل عيناه من محطة
إخبارية الى اخرى يتابع فيها مشاهد العنف والدمار وسفك الدماء في اقليمه المشتعل والمظاهرات
وا لإحتجاجات على الفساد والإستبداد والغلاء والفقر في وطنه ..؟
قد يسفهني البعض بل ويتهكم علي ويصفني بأبشع الصفات أقلها بأني شايب متصابي وخصوصا النخبة
من القراء الذين يعلمون ان من يصنع ويروج لهذه البرامج في هذه الأوقات التي نمر بها ماهو الا عدو
للأمة ولا يريد لشبابها وهم الفئة المستهدفة الا الإلهاء والضياع والغرق في بحر اللهو وما أسموه التحرر
والتحضر ونسيان قضاياهم وهموم أمتهم.
أجيبهم بكل بساطة في نهاية الأسبوع يلتم شمل العائلة وأغلبيتهم من الشباب ,فيشاهدوا ما يحلوا لهم
وكوني ديمقراطيا لاأحجر على فكر أو رغبة الأغلبية أو لنقل أني مغلوب على أمري وهذا ماحدث.
لنعد الى فارسنا النشمي ملهمي في كتابة هذا المقال ..اغرورقت عيناي بالدموع عندما وضع
أدهم العلمين على كتفيه وتساءلت بيني وبين نفسي كيف يمكن للمرء أن ينتمي لهويتين ولأيهما
ولاؤه..؟؟وإذا خير بين الهويتين أيهما يختار فيما لو تم دسترة قرار فك الإرتباط وتم تطبيق مفاعيله
وحول لمديرية المتابعة والتفتيش ,ليجد نفسه إنسان بلا هوية..؟؟ لايخفى على أحد منا مقدار المعاناة
التي يتكبدها مواطن أصبح بلا هوية ولا الشعور النفسي بالغبن والظلم الذي أحاق به عندما يراجع تلك الدائرة
ليطالب بجق يعتبره من المسلمات وهو الذي ولد وترعرع وعاش على هذا التراب ,ففيه طفولته وصباه
وشبابه وذكرياته.. فيه حارته وجيرانه ومدرسته وأصدقائه فيه حياته كلها ,أما وطنه الأم فلربما زاره
مرات قليلة كان فيها ضيفا غريبا رغم أنها أرض الآباء والأجداد ,فهذه طبيعة النفس البشرية وهذا ديدنها كما قال الشاعر:
كم منزل في الأرض يعشقه الفتى......فحنينه أبدا لأول منزل
وحتى نكون منصفين تصوروا معي شعور الأردني عندما يسمع بجماعات الحقوق المنقوصة وزياراتهم
للسفارات الغربية التي انشأت الكيان الصهيوني وتسهر على راحته وتتبنى أطروحاته في تعزيز الديموغرافيا الفلسطينية
في الأردن وماعرض شطب ديون الأردن مقابل تجنيس فلسطينيوا سوريا عنا ببعيد ,وما يثير أيضا حنق وحمق لأردني
عندما يرى برلمانه الذي يفترض أنه يطالب ويحمي حقوقه كمواطن يتصدره ثلة من نواب يعلنون عن أنفسهم بصفاقة
أنهم نواب مخيمات بل ويطالبون بمنح الجنسية لأبناء الأردنيات المتزوجات من غير الأردني وهم يعلمون أن 90%منهن
متزوجات من فلسطينيين هذا غيرمطالباتهم في المحاصصة في الوزارات والأمن والمخابرات وإلغاء مديرية المتابعة
والتفتيش بل نسفها وتدميرها كما جاء على لسان أحدهم.
ما شعوره كمواطن ابن لهذا التراب عندما يشعر بأن هويته أضحت في مهب الريح أو أنه سيصبح أقلية في وطنه..؟؟
كل ما يحيط به ويراه من أحداث توحي بذلك ,انهيار اقتصادي مخطط له ومبرمج وإن نفذ بإيد أردنية أو محسوبة
على الأردن,هجرات تتوالى منذ 48 مرورا ب67 و90وانتهاءا بالهجرة الكارثة الحالية للأشقاء السوريين ,
حتى بات الأردني القادم لعمان أو الزرقاء من الشمال والجنوب أو من البادية الأردنية كأنه قادم الى دولة أخرى.
خلاصة القول أن الأردني لم يشعر يوما بالغبن والظلم كما يشعر به الآن ,فشعوره بأنه نكرة في وطنه لاقيمة له
ولاوزن وأن أبسط حقوقه كمواطن في الحصول على عمل أو سكن حلم بعيد المنال في ظل منافسة ظالمة
وكأنه لايكفيه ظلم النخبة الحاكمة واستحواذها على البلد بمقدراته الإقتصادية والوظائف المرموقة التي يستحدثونها
لهم ولمحاسيبهم برواتب فلكية وامتيازات خيالية , لتأتي منافسة الوافد لتجهز على ماتبقى له من أمل ,ومما
يزيده قهرا على قهر هو تلكؤ دولته في منحه بعض الإمتيا زات التي تساعده في المنافسة كما هو حاصل في
دول الخليج العربية حيث كل المزايا للمواطن كالسكن والعمل والصحة والتعليم وغيرها ,حتى أن تفضيله
على الوافد في صف الطابور عند مراجعة أي دائرة يترك تساؤلا عندنا نحن المغتربين الأردنيين لماذا نحن
الأردنيين ليس لنا قيمة في وطننا..؟ لانريد أن نظلم الوافد كما نتعرض نحن للظلم والقهر ولكن أعطونا بعض
المزايا على الأقل في العمل والسكن (بعد نفسك ود صاحبك).
آخر الكلام..حتى لو شعرت بالظلم ياأدهم فالظلم طال الجميع وكلنا في مأزق فلنكن واقعيين ولنضع النقاط على
الحروف ولنكن أيضا أكثر جرأة ولنسمي الأشياء بأسمائها وخصوصا أننا معا تحت خيمة واحدة تكاد تنفجر
لكثرة من يقيم فيها بعد أن أضحت ملاذا لكل عابر سبيل ,نستظل بها جميعا ونحتمي من عاصفة هوجاء
تهب علينا من كافة الجهات ,وكلنا يعرف حال هذه الخيمة وما وصل اليه حالها ,فأعمدتها نخرها سوس الفساد
وحبالها تآكلت واهترت ,وقماشها البالي لم يعد ينفع به الرقع والرتق,وفي ظل هذا الوضع المأزوم علينا نحن
ساكني الخيمة أن نفكر بعمق وروية وحكمة,وأن نصون خيمتنا وما تبقى منها وإصلاح ما يمكن إصلاحه لنتجاوز
معا هذه العاصفة الهوجاء حتى تهدأ وينجلي الأمر لئلا نفقد ما تبقى منها ويصبح الجميع في العراء وبعدها لكل حادث حديث.
قال تعالى(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون )صدق الله العظيم.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-06-2013 06:19 PM

تحيه اجلال واكبار لك يا اخي طايل البشابشه ، اتمنى من كل قلبى ان اقرأ لك مقالة في القريب ان شاء الله تصف و تقول بها اغرورقت عيناي بالدموع وانا اشاهد وطني تعافى و عادت احلام ومستقبل اطفالنا حقيقة مشرقة ومرسومه وان كل من جد وصل دون محسوبية وواسطه دون مناطقية وعشائريه دون حسد وغيره عمياء ، الحقوق والكرامه محفوظة والحريه تعلو في السماء والعدالة تسري على الجميع .

2) تعليق بواسطة :
07-06-2013 11:34 AM

كاتب المقال اخ وصديق ولن اكون مثاليا زيادة عن اللزوم واقول (أحترم رائية) بل اقول انه لم يوفق فيما ذهب اليه رغم علمي ويقني بانه عروبي وليس من دعاة التخندق والدفاع عن خطوط سايكس بيكو وكأنها قدر واعلم علم اليقين بان بوصلتناجميعا فلسطين والعودة عن الخطاء دائما فضيلة والله من وراء القصد

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012