أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


معايير الوطنية في الاردن

بقلم : عبدالحليم المجالي
17-06-2013 09:22 AM

لاادعي انني املك القدرة على وضع معايير للوطنية يقاس عليها وطنية الاردنيين . ولكنني اتساءل كما يتسائل الكثيرون غيري عن تلك المعايير والقياس عليها في هذه الاجواء المحيرة التي يعيشها الاردنيون اليوم والتي تبعث على الحيرة وضياع اليقين حيث اصبح التخميين وسيلة القياس في غياب الثوابت والمرجعيات والاستقرار. الاردن كما وصفه احد الساسة في الجوار بانه بلد محير بكسر الياء وفتحها فهو فاعل عندما تكون الحيرة نابعة من سلوك ابناءه وهم يملكون الاستقلال التام فيما يقومون به ونائب فاعل عندما تكون الحيرة في امرة نتيجة تدخل غيره في امره . الاردن لمن يتابع شانه بتمعن يدرك انه حقق طفرة في كل المجالات ويقرأ انجازات رائعة قام بها الجيل المؤسس وابناؤه. الشواهد على ذلك كثيرة فقد كان الاردن رائدا في مجال التغليم والبناء وتوفير البيئة الامنة لذلك رغم ما تعرض له من ازمات متلاحقه . الاجيال المؤسسة كانت تملك الثقة بنفسها وقدراتها فعكس هذا ثقة الاخرين بهم فاسست للتعليم والاعلام وبناء القوات المسلحة والامن والقضاء خارج الحدود وهذا بحد ذاته مؤشر على ارتفاع منسوب الوطنية الاردنية باعتبار ان الاعمال بالنتائج وان النتائج مرهونة بالمقدمات , والصدق في الوطنية وحب الوطن على راس تلك المقدمات. تغير الحال وفقدنا الكثير من الثقة بانفسنا وترتب على ذلك فقدان الاخرين للثقة بنا واصبح الاحباط ملازما لنا في حلنا وترحالنا .

وجود معايير لقياس الوطنية وتطبيقها يؤثر في اختيار الموظفين لاشغال الوظائف العامة والعليا منها على وجه الخصوص التي تؤثر بوضع السياسات العامة للدولة . قبل ايام حضرت جاهة مؤلفة من كبار موظفي الدولة , العاملين منهم والمتقاعدين , مدنيين وعسكريين , وحاولت ان ابحث كيف وصل كل واحد منهم الى وظيفته . تقريبا لكل واحد منهم قصة فمنهم من وصل الى منصبه بالتوريث ومنهم من وصل عن طريق تكليفه بمهمة معينة لتحقيق هدف معين وقد يكون له علاقة بالانتخابات وتزويرها . منهم من وصل لانه صدف وان خدم بمعية مسؤول كبير من اصحاب القرار في تعيين الموظفين . منهم من وضعته مقاديره في زاوية منسية بعيدة عن الاضواء واستمر في الترقيات الى ان وصل الى ما وصل اليه . منهم من وصل عن طريق المحاصصة والجهوية وجوائز الترضية . بشكل عام لم اجد للكفاءة دورها في وطنيتهم ولكنه وكما يقال اذا خليت بليت فهنالك من وصل عن طريق كفاءته الوطنية مما يشكل شكلا من اشكال صمام الامان لتلافي انهيار الدولة .

' تعتمد قيمة المرء في مجتمعه على القدر الذي يصمد فيه من اجل شعبه 'عبارة قالتها والدة الوطني الايراني محمد مصدق الذي حارب الامبريالية الغربية وامم النفط الايراني وكانت تلك العبارة من مصادر الهامه وزادا لمشواره السياسي . السؤال هل نجد في الاردن مثل تلك الشخصية الوطنية وخاصة من رؤساء الحكومات يضع خدمة شعبه فوق كل اعتبار ويناضل من اجل ذلك ويصمد متحملا كل انواع العناء والتعب والجوع وتبعات الصدق في العمل ليراه مواطنوه وطنيا يستحق شرف المواطنة الصالحة ؟ والسؤال الاهم من ذلك هل تسمح ظروف الاردن المصطنعة منذ تاسيسه والغارقة في الامبريالية ومشروعها الصهيوني الاستعماري بقيام سياسي وطني اردني قادر على انجاز وطني بحجم ما قام به مصدق ؟ ام ان اقصى ما يمكن القيام به هو مواقف سياسية مميزة انية في ادارة الازمات وتسوياتها بعيدا عن الحلول التي ترقى الى خلق الاجواء التحررية التي ترفض كل القيود وتفتح الطريق لانجازات وطنيه تستحق الاعتراف بها والثناء عليها ؟ انطلاقا من المعايير الاردنية للوطنية يردد الاردنيون اسماء كشخصيات وطنية مميزة يمكن اعتبارها مثلا يحتذى به وما سألوا انفسهم عن انجازاتهم في مشوار الاردن المتذبذب .

التحرير والتغيير , شعار رفعه سياسيون مناضلون من عصرنا وعالمنا المفتوح لنقل اوطانهم من حال الى حال , وفي طريق تنفيذ ذلك الهدف برزت معايير للوطنية تستحق الاعتبار عند وزن الرجال واعمالهم . من هؤلاء الزعيم الايراني الذي ذكرنا والزعيم الماليزي مهاتير محمد والزعيم الجنوب افريقي نيلسون مانديلا . نحن في الاردن بامس الحاجة الى رفع هذا الشعار ' التحرير والتغيير ' الذي من خلال وضع الاهداف له والاساليب لتنفيذها في اجواء من الحرية والمسؤولية والنهج العلمي المدروس ستبرز معايير وطنية محدده ورجال وطنيون يعتد بهم . لابد من التحرر من قيود ومعوقات موضوعية خلقتها ظروف الاردن منذ تاسيسه وعلى راس تلك القيود الجدل الدائر حول الهوية الاردنية والهوية الفلسطينية للمواطنين الاردنيين والفلسطينين على ارض الاردن وقد اصبح من الضروري مجابهة ذلك بوضوح وشفافية بعد ان انتقل الحديث في هذا الموضوع من السر الى العلن وبعد ان ظهرت تحولات اجتماعية واضحة لم يعد السكوت عليها من الحكمة بمكان . لتحقيق هذا الهدف كمهمة وطنية لا بد من التهيؤ لواجبات لا يتم تحقيق هذه المهمة الا بها وعلى راسها الاستعداد للنضال من اجل تحرير المغتصب من الارض ليعود من له حق بالعودة اليها وازالة المخاوف عند الاخرين . هنالك واجب اساسي اخر وهو اعتبار البعد العربي والاسلامي في تحقيق المهمة ولا بد من النضال من اجل ذلك وتحمل الصعاب في سبيلها . التحرير والتغيير لايتم الا بايجاد توجه سياسي عام ينسجم وروح هذا الشعار وتغيير في النفوس التي قال فيها تعالى ' ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ' . الوطنية لا تقاس بالمقاييس التي يعتمدها الكثير منا من كلام وحراك انما تقاس بالنتائج والنتائج المؤثرة والناقلة من حالنا المايل الى حال افضل يبنى عليه لغد مشرق ومشرف .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
17-06-2013 12:28 PM

"هل تسمح ظروف الاردن المصطنعة منذ تاسيسه والغارقة في الامبريالية ومشروعها الصهيوني الاستعماري بقيام سياسي وطني اردني قادر على انجاز وطني.."
الجواب عند الكاتب المحترم، و هو قطعاً لا! لذا، كل الحديث عن "بطانة فاسدة" و مسؤولة عما وصلنا اليه هو ذرء للرماد في العيون. هذا نظام لا "يصلح" معه الا الفاسد او القابل للفساد. بدون هذه المواصفات، فباب العضوية في النادي مغلق!

2) تعليق بواسطة :
17-06-2013 09:45 PM

لله درك ! سؤالك لخص تاريخ الاردن كله . جوابك على السؤال ايضا صحيح مئه بالمئه . الاردن قام عل هذا الاساس وغير ذلك لايستطيع حتى وان اراد . لكن لاننكر اننا عشنا به بامن وامان . وكان افضل من انظمه يحكمها الحزب الواحد بكثير .

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012