|
|
التيار الوطني العربي والاتجاه الثالث
بقلم : عبدالحليم المجالي
06-07-2013 10:48 AM الاتجاه الثالث مصطلح طرحه رئيس الوزراء اللبناني الاسبق دولة الدكتور سليم الحص في فترة من فترات الازمات اللبنانية المتعاقبه التي اشتد فيها الخلاف وبات من المؤكد ان لا تلاقي بين المختلفين . الموضوع المطروح وقتها انتخاب رئيس للدولة اللبنانية وكان لابد من الاتفاق عليه . لم يكن العائق وقتها عدم توفر شخصية سياسية قادرة على الاضطلاع بهذا المنصب ولكن العائق كان وجود تيارات وشخصيات لها رؤى ومصالح مختلفه تجعل من الاتفاق على شخص واحد امرا مستحيلا في ظل التخندق والتمترس والتشبث بالراي وعدم القبول بالاخر . الحالة اللبنانية هذه ليست خاصة بالاطراف اللبنانية بل قد تكون عامة في الوطن العربي ودولة الحص لم يكن اول من طرح مثل هذا الطرح فقد سبقه المسلمون في المدينة مع بعض الفوارق عندما طالبوا بخلع علي ومعاوية رضي الله عنهم عندما بدا انهم طرفي نزاع على الخلافة وان كل طرف متمسك بمطالبه وان الانقسام هو المفروض على المسلمين في النهاية وانه لابد من رفضه باية وسيلة كانت .
الانقسامات الافقية والعامودية هي محصلة الاختلافات التي تنتهي بخلافات بين الاطراف في اي مجتمع وما حدث في ام الدنيا مصر المحروسة وخلال ايام لا يصدق ويصعب تفسيره والتكهن بنتائجه ... من كانوا يهتفون يسقط حكم العسكر نراهم يلجأون ويتعاونون مع العسكر كملاذ لهم , ومن كانوا يراهنون على صناديق الاقتراع والشرعية تراهم يمسحون الشرعية من قاموسهم ليحل محلها مفردات مثل الشرعية الثورية والفشل في التجربه وما الى ذلك , ماكان قبل ايام من الحقائق المسلم بها كوصول الا سلامويون الى الحكم وبروز الاسلام السياسي اصبح اليوم لا وجود له ويؤكد الناس ان ذلك من مخلفات الماضي وان الاخوان المسلمون قاطرة الاسلام السياسي انتهوا الى غير رجعة , من كان يتهم الغير بسرقة ثورة يناير تراه لا يتورع عن فعل مشابه وان اختلفت التبريرات . الاتجاه الاول الممثل بالاخوان المسلمون ومن بقي متحالف معهم هو هدف الاتجاه الثاني الذي تكون من ائتلاف يصعب تحديد اطرافه بدقه ويجمعهم شعور بالاحباط اكثر من فكر وتنظيم جامع . المدقق في المشهد لا يخفى عليه ملامح الصراع الابدي بين الاخوان والقوميين الناصريين ويدل على ذلك صور عبدالناصر في الميادين ولغة المعلقين على الاحداث في وسائل الاعلام وهذا ما يوحي بان ما حدث هو صفحة من صفحات صراع دائم متجدد واذا كان الاخوان قد خسروا جولة فلا يعني انهم خسروا الحرب والى الابد وان دافعا جديدا اضيف الى دوافع قتالهم السابقه وهو انتزاع حق من حقوقهم اكتسبوه بجهدهم وعرقهم وهو الوصول الى السلطة .
الاتجاه الثاني من القوميين ومعسكرهم وجدوا بتصرفات التيار الاسلامي وعلى راسه الاخوان دوافع اضافية لاختلافهم وخلافهم معهم من واقع الحال الذي ساهموا في فرضه كشيوع القتل والدمار في ديار العرب والمسلمين وتاجيج المشاعر الطائفية والتكفير والانقسام على تلك الاسس . كما وان اجتماع علماء المسلمين برعاية اخوان مصر والتحريض على سوريا والقتال فيها والذي لا يرى فيه الكثير من المحايدين الا هدفا واحدا هو اضعاف سوريا واستنزاف قوتها لصالح اعداء الامة وامن اسرائيل . ان اعلان الرئيس المصري وقتها بقطع العلاقات مع سوريا يرى فيه الكثير تصرفا اهوجا ينافي التاريخ والجغرافيا اللتان جمعتا مصر وبلاد الشام في احداث مفصلية من تاريخ العروبة والاسلام ولعل اخرها القتال المشترك للجيشين المصري والسوري في عام 73 . من المآخذ على الاسلامويين انهم لا ياتون على ذكر العروبة في خطابهم ويذهب الكثير الى اعتبارهم اعداء للوحدة العربية وتركيزهم على الاممية الاسلامية بعيدة المنال والتي يعتبرها دعاة الوحدة العربية قفزا على المراحل ونفيا لتسلسل المنطق في تحقيق الوحدة للامتين العربية والاسلامية . ان مآلت اليه الامور في مصر والتوصل الى خارطة طريق لا يعني باي شكل من الاشكال نهاية المطاف ولا يعني الوصول الى حال يرضى به الجميع وما هي الا مسكنات كالعادة لا تصل الى مستوى الدواء الشافي والحلول الجذرية وانه لا بد من جولة اخرى بين الاتجاهين لا يعلم الا الله نتائجها .
لابد من مخرج من تلك الثنائيات القاتله المفرقه : القوميون والاسلامويون , الاغنياء الى حد \' الفسق \' والفقراء الى حد الموت جوعا , المقاومة والاعتدال , المستسلمون للاجنبي والرافضون لتدخلهم , المعتبرون امريكا صديقا والناظرون اليها الشيطان الاكبر , المعتبرون ايران شقيقة صديقة والناظرون اليها اكثر عداوة من اسرائيل . لابد من ارادة سياسية شعبية تؤمن بالتغيير الى الافضل وبالاعتراف بفشل الحقبة التاريخية منذ سقوط الامبراطورية العثمانية الى يومنا هذا وبان كل التيارات الدينية والقومية والاغلبية الصامته فشلت جميعا في طرحها وبانها لا تملك ما يستحق الدفاع عنه وصرف الوقت والجهد في ذلك . لا بد لنا ونحن ندعو الى مشاركة الشباب بشؤننا ان ندعو الى افكار شابة تنسجم مع روح العصر ومع شعارات الثورة التي ننادي بها والانطلاق من نقطة متفق عليها من صفاتها انها تبدأ من الاعتراف بمطالب مواطن عربي ككل المواطنين في العالم والاستجابة من الحكام لتلك المطالب . لا بد لنا من جرأة ادبية للاعتراف بالتقصير والبحث عن اتجاه ثالث يخالف كل الاتجاهات المتعاكسه والدموية . مفكر عربي مهتم بالوحدة العربية يرى ان الخروج من مازقنا في البحث عن روابط تجمعنا يتمثل في طرح ثلاث روابط بلا تناقض بينها وهي : المواطنة والعروبة والاسلام والتاسي باجواء وفكر الحضارة العربية الاسلامية التي فرضت نفسها على العالم واثرت في هدايته ورقيه . التيارات الدينية مطالبة بمراجعة النصوص الدينية والاجتهاد في تاويلها والتخلص من الحرج الذي وقعنا فيه ومن هذه النصوص \' ما جعلنا عليكم في الدين من حرج \' وقوله عليه الصلاة والسلام \'ما يزال المسلم في سعة من امره ما لم يصب دما حراما \' فكم من دماء اوغلنا بها بخطابنا المتشنج وفكرنا المشتت , وللانصاف والعدل ان التيارات الاخرى مطالبة بنفس المراجعة ليستعد الجميع للخروج من ضيق خنادقنا الى سعة الالفة وطيبها. هذه المتطلبات بحاجة الى ارادة صلبه وفكر نير ونضال مستمر ونوايا مخلصه .
تجري بين فترة واخرى مجاولات لتقريب الاتجاهات من بعضها البعض وغالبا ما تكون على شكل ائتلافات سرعان ما تتهاوى لا حنفاظ الاطراف المتآلفه بفكرها وقياداتها ويبقى التمايز بينها وكان من الاجدى اندماج تلك الاتجاهات بفكر واحد وقيادة واحدة لضمان استمرارية المنتج الجديد ونجاحه . قبل سنوات جرت محاولة للتقارب بين الاتجاه القومي العربي والاتجاه الاسلامي فتمخض عن ذلك قيام الاتجاه القومي الاسلامي بقيادة وامانة عامة جديدة مع بقاء القيادات للاطراف المتقاربه واثبتت التجربة عدم نجاحها وتواضع تاثيرها على الواقع وكأنها كانت فقط من اجل رفع العتب والقيام بجهد وحدوي يبرأ الاطراف من خطيئة الانفصال والتشتت . المطلوب قيام قيادات شابة جديدة مختاره من المثقفين والفاعلين على ساحة الوطن العربي كله الذي اثبتت احداث سوريا ومصر الاخيره انه موحد يؤثر كل طرف فيه بما يجري على ساحاته العامة . لا بد من الاستفادة من التجارب العالمية على مر العصور والاخذ بعين الاعتبار الوطن الواحد واهميته انتماء وولاء والمواطنة بكل ما يتعلق بها من معاني ونجاعتها في جمع الاتجاهات المتعاكسه ومراعاة المكونات المعنوية الخاصة بذلك الوطن وبما يعنينا في الوطن العربي واعتبار الاسلام والعروبة ركنين اساسين في قيام حضارتنا العربية الاسلامية الجامعة لكل الاتجاهات باتجاه يمثله التيار الوطني العربي
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن
علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
|
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012
|
|