أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


مصر.. المشهد المرتبك

بقلم : نصوح المجالي
25-07-2013 11:13 AM
تبدو مصر وكأنها اليوم برأسين، لكل منهما انصار واتباع، وكل يرى الشرعية الى جانبه، والمشهد السياسي توزع على ساحات تظاهر مستمر، وإعلام هو الآخر منقسم وبدل ان يمهد لمصالحة وطنية نراه يزيد من حالة الاستقطاب والاستعصاء السياسي في الشارع المصري.
والمشهد الاجتماعي، السائل في الشارع المصري اخذ ينحو تدريجياً نحو العنف، فالجموع المعارضة، والمؤيدة على حد سواء تسلل اليها العنف والتطرف والبلطجة مما يزيد الموقف احتقاناً، وتساقط الضحايا وازدياد الاصابات يوظف ذريعة من كل جانب لتأليب المصريين على الطرف الآخر.
الاخوان المسلمون، وانصارهم اتبعوا سياسة ارباك الدولة المصرية ومؤسساتها، وافتعال فوضى متنقلة تجوب شوارع القاهرة والمدن الرئيسية، وفرض حالة اشتباك وتعرض مستمر لوحدات الجيش والامن المصري في سيناء، بحيث تعجز الادارة المصرية الجديدة عن التحرك باتجاه خارطة الطريق التي اعلنت بعدما سمي بثورة الثلاثين من حزيران.
الى اين تسير مصر، الى تنفيذ الخطوات الدستورية والديمقراطية، والانتخابات الرئاسية والعامة التي ترسم نهجا سياسيا لدولة مدنية تعددية ديمقراطية ام الى فوضى مستمرة تسد الطريق على هذا التوجه وتفتح الباب واسعا للصراع والانقسام السياسي وبالتالي الصراع الاهلي الذي قد يبدد قدرات وامكانات الدولة المصرية ويحول دون تقدمها.
منذ التعرض لمقر الحرس الجمهوري بذريعة اطلاق سراح الرئيس مرسي والمحاولات مستمرة من انصار الرئيس مرسي لجر الجيش الى مواجهة دموية، تطيح بالهالة التي احاطت بالجيش واجماع المصريين على دوره في حماية الدولة والمجتمع، فخيط الدم دائما يخدم القوى المعارضة ويساعدها في لعب دور الضحية التي يلتف حولها الشعب.
من الصعب قراءة الموقف بدقة في الشارع المصري فهناك اخطاء ترتكب في الجانبين والعنف دائما يؤدي الى مزيد من الاستفزاز والعنف، واذا بدأت دائرة العنف يستغلها عادة من يفتعلون لانفسهم الادوار كل لمصلحة او غرض لا علاقة له بالصراع السياسي الدائر في الساحة المصرية.
واستمرار العنف والفوضى دون اجراء واضح سياسي او امني لانهاء هذه الحالة يبدد هيبة الدولة ويزيد عدد المتطاولين عليها، فتبدو الدولة وكأنها عاجزة عن معالجة الاوضاع الامنية المتردية، فضلا عن تعطيلها عن تحقيق تقدم ملموس في الملفات العالقة الاخرى، وقد يكون هذا هدف المعارضة الاسلامية في هذه المرحلة.
لا اعتقد ان هذا الوضع سيستمر طويلا لان استمراره سيعني فشل الدولة المصرية، ولا بد من الحسم سواء بطريقة سياسية تقرب المصالحة السياسية رغم صعوبتها او بالحسم الامني الذي قد يجلب للمشهد المصري مشاكل اخرى جديدة.
الحل في مصر يكمن في المراجعة التي تؤدي الى مصالحة حقيقية لا تُقصي احدا وتحاسب كل من تعمد ارتكاب جرم بحق المجتمع او الدولة المصرية، مع اقامة نظام سياسي ودستوري لا يسمح لحزب او فئة واحدة متسلطة ان تلغي الدولة وتعيد تشكيلها وفق برنامجها العقائدي، بمنأى عن موافقة الاخرين واستفتاء الشعب.
المؤسف، ان الاعلام سواء الفضائيات العربية التي انحازت بشكل سافر للاخوان المسلمين او التي انحازت للوضع السياسي الجديد او الاعلام المصري الداخلي يلعب دورا تعبوياً يزيد من حدة الانقسام وتوسيع الهوة بين الطرفين بدل ان يهيئ الاجواء للمصالحة، ولتجاوز الحال الاستثنائي الراهن وكأنه يصب الزيت على النار.
مرة اخرى تبدو الثورة الشعبية الثانية التي تحدث في غضون عامين ونصف عاجزة عن احداث اختراق حقيقي في الوضع المصري، مما يلقي على الجيش اعباء استثنائية فالجيش وحده القادر على تغيير مسار الاحداث في مصر، او ضبطها، ولو بثمن باهظ.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012