أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الانقلاب العسكري و انحراف الثورة

بقلم : ياسر المعادات
27-07-2013 10:27 AM


المخاض العسير الذي تعانيه الشعوب العربية منذ اندلاع الربيع العربي يثبت كل يوم أن هذه الشعوب ما تزال في بداية الطريق بل تكاد لم تضع قدما على أول هذه الطريق الموحشة المليئة بالأشواك و العوائق ،فالربيع الذي كان ينبغي له أن يكون مخلصا من القهر و الظلم و الفساد و الاستبداد يعاني اليوم هزات ارتدادية أتت أسرع مما يتوقعه أحد .
ما يحدث في مصر اليوم ما هو إلا نتيجة طبيعية لثورة لم تكمل فصولها و لم تحقق شيئا يذكر من أهدافها ،فعندما قامت الثورة في مصر ضد حكم الطاغية مبارك كانت تأمل في تحقيق العديد من الأهداف رافعة شعار 'خبز...حرية...عدالة اجتماعية' فكان للثوار ما أرادوا حيث سقط مبارك كشخص الرئيس فظن هؤلاء أن بسقوطه قد انتصرت الثورة و أن وقت السعي من أجل مستقبل مشرق و لكن الواقع يقول أن مبارك تنحى طواعية عن الحكم مع بقاء أركان نظامه الفاسد متغلغلة في عضد الدولة المصرية ،و هو ما لم ينتبه إليه الكثيرون إلا بعد وقت طويل من خلال دلائل الفساد الذي استمر إن لم يتسع بعد مبارك و في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي استمر المصريون يعانونها و في ظل الغياب الواضح للأمن و انتشار أعمال السلب و النهب و البلطجة سواء في فترة حكم العسكر الاستبدادية المليئة بدماء المصريين في شارع محمد محمود و العباسية و غيرها أو حتى في فترة حكم أول رئيس مصري منتخب ألا و هو محمد مرسي مرشح حزب الحرية و العدالة الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر .
بعد فترة دامية استبدادية ميّزت حكم العسكر في مصر أتى الدور على تسلم سلطة مدنية منتخبة البلاد فكان الصراع على كرسي الرئاسة محتدما في مرحلته الأولى و التي أفرزت مرشحين للمرحلة الحاسمة هما إضافة إلى مرسي أحمد شفيق أحد رجالات نظام مبارك المخلصين و هو ما شكل صدمة بحد ذاته من خلال وصول فلول نظام مبارك إلى هذه المرحلة و هو ما يثبت عدم استيعاب الشعب لمفهوم الثورة بمفهومها الشمولي الواضح،و انتهت هذه المرحلة بانتصار الإخوان و وصول مرشحهم إلى سدة الحكم رغم أن مرسي لم يكن خيار الإخوان الأول حيث كان عبد المنعم أبو الفتوح هو الخيار الأول قبل أن يعلن الإخوان عدم ترشحهم لانتخابات الرئاسة و انفصال أبو الفتوح عنهم ثم كان خيرت الشاطر هو الخيار الثاني بعد عودة الإخوان للترشح من جديد و لكن لم يقبل ترشحه من قبل الهيئة القضائية فكان اختيار مرسي حينئذ .
فترة حكم مرسي لا يمكن أن نصفها بأنها كانت ملبية لطموح الشعب و الثورة حيث شهدت إقصاء العديد من المعارضين للإخوان و عدم وضوح الرؤيا بالنسبة للعديد من المواقف الداخلية أو الخارجية إضافة إلى توسع القلاقل الأمنية و عدم توفر الحاجات الأساسية للمواطنين من وقود و خبز و غيرها ،ناهيك توتر للعلاقات مع عدد من الدول التي لا ترغب إطلاقا في علاقات مع نظام إسلامي و على رأسها دول الخليج و بالتالي عدم تدفق المعونات القادمة من هناك إلى ارض الكنانة ،و قد تكون هذه المبررات مقنعة شيئا ما عندما يسوقها الإخوان لضعف إنجازهم و لكن الواقع يقول أن الثورة تتطلب جلدا و قدرة على مواجهة الصعاب بطاقة مضاعفة دون اللجوء إلى التبريرات.
مع تزايد السخط الشعبي على نظام حكم مسي كان التحرك من قبل حملة تمرد بجمع استمارات للإطاحة بالرئيس إضافة لاتخاذ موعد 30 من حزيران للحشد لثورة ضده مطالبة بإسقاطه بعد عام واحد على انتخابه!فكان هذا ما حصل وسط هدوء إخواني لم يتوقع أن تكون الحشود بهذا الزخم و لكن المفاجأة الأعظم تمثلت بتدخل الجيش عبر الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي أعطى مهلة للرئيس و معارضيه مدتها 48ساعة لم تسفر عن شيء أتبعها بإعلانه الانقلاب العسكري قاطعا الطريق على الثورة لاتخاذ مسارها التاريخي السليم ،و قد كان القرار مريحا للعديد من الأطراف المتحالفة ضد الإخوان الساعية للسلطة كجبهة الإنقاذ و حزب النور السلفي و عبد المنعم أبو الفتوح و حركة 16 ابريل و حركة تمرد و غيرها من قوى الشارع ،و أعقب الانقلاب اعتقالات في صفوف جماعة الإخوان طالة المرشد محمد بديع و خيرت الشاطر و محمد الكتاتني و غيرهم إضافة إلى إغلاق كافة المحطات التلفزيونية التابعة للإخوان أو المتعاطفة معهم و تهييج غير مسبوق من قبل وسائل الإعلام المعارضة و تحريض لاستخدام العنف ضد الإخوان،فكان واضحا وجود تحالف بين قوى البرجوازية الرجعية و العسكر ذوو الولاء الامبريالي الأمريكي بحكم التدريب و العقيدة العسكرية إضافة إلى مؤسسة الفساد التابعة لنظام مبارك.
لم ينتظر الإخوان و أنصار مرسي من قوى مدنية أخرى الكثير فنزلوا إلى الشارع منددين بالانقلاب و مطالبين بعودة الرئيس المنتخب و هو ما شكل مفاجأة لانقلابيي العسكر الذين لم يتوقعوا هم الآخرين هذا الزخم المطالب بعودة مرسي مما جعلهم يتخبطون في تعاملهم معه مرتكبين مجزرة أمام مقر الحرس الجمهوري راح ضحيتها قرابة مئة شهيد إضافة إلى عدد من الحوادث المتفرقة في خضم تحشيد شعبي أمني إقصائي ضد الإخوان و احتجاز للرئيس المطاح به من قبل الانقلابيين قابله زيادة في أعداد مؤيدي عودة الرئيس بعد انكشاف خبايا الانقلاب رغم كل محاولات الخداع المستخدمة من قبل العسكر بتعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا عدلي منصور رئيسا مؤقتا و تحديد خارطة طريق لمستقبل مصر السياسي ،و قد كشف الانقلاب العسكري العديد من الشخصيات الساعية للسلطة في مصر بخطابها الانتهازي المتماشي مع الانقلابيين أملا في الوصول إلى مركز في السلطة القادمة و على رأسهم قادة جبهة الإنقاذ حيث تم الاستعانة برجل الإمبريالية المعروف محمد البرادعي ضمن السلطة الحالية تمهيدا للبقية من الناصري حمدين صباحي الذي جعله لهاثه خلف السلطة يتحالف مع شخصيات امبريالية و شخصيات أخرى من فلول نظام مبارك كعمرو موسى الذي يسعى بدوره لقطعة من التورتة المصرية.
بغض النظر عن فشل الإخوان و انتهازية المعارضة يبدو جليا و واضحا سهولة توجيه الشعب المصري و التلاعب بعواطفه من أي جهة كانت رغم أن هذا الأمر ينبغي أن تقضي عليه الثورة و لكن الواضح للعيان بأنها لم تفعل ربما لضعف في تكوين الإنسان المصري الذي اعتاد الانقياد خلف خزعبلات الإعلام و خرافات بعض رجال الدين و هو ما ينافي صفات الثوري الحقيقي الذي يتمرد على واقعه أملا في إيجاد واقع أفضل ،عموما ما حدث في مصر و ما سيحدث يجب أن يكون ناقوس خطر يوقظ عملاق الثورة الحقيقية من سباته و يعيد الأمور إلى مسارها الثوري الحقيقي .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
27-07-2013 04:18 PM

قول بيبسي !!

2) تعليق بواسطة :
28-07-2013 02:29 AM

والله عيب ايها المعلق

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012