أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


دوله للجيش ام جيش للدوله

بقلم : سليمان نصيرات
28-07-2013 10:42 AM
ان الاصل في الدوله ان تكون دوله مدنيه وليس عسكريه, وان الدوله المدنيه تؤسس جيشا للدفاع عنها تجاه اي عدوان خارجي , وهذا الجيش يكون مرتبطا بالسياسي وياخذ اوامره من السياسي, وهنا السياسي الذي يمثل ارادة الامه من خلال الانتخاب الحر والتي يتم بموجبها تشكيل الحكومه واختيار مجلس النواب, لذلك فالجيش هو ذراع للسياسي وليس العكس, وان القوه التي يمتلكها الجيش هي ملك للدوله وليس لقيادة الجيش كما يعتقد العسكر , وان كانت تحت سيطرتها وتصرفها وعليها ان تكون مؤتمنه على هذه القوه وان لا تحرفها عن اتجاهها الحقيقي وهو العدو الى العبث في الداخل او لاستخدامها كوسيله للسيطره على مقاليد الحكم من خلال الانقلاب والحنث بيمين الاخلاص للواجب, لذاك فالدوله هي من تشكل الجيش وتحدد مهامه ليكون جيشا للدوله .
ان المتتبع لتاريخ الاقطار العربيه خلال العقود السته الاخيره ان الجيش انقض وانقلب على الدوله بكافة مؤسساتها ولا زلنا نذكر ان البيان الاول للعسكر عادة ما ينص على تفكيك الدوله القائمه من خلال الغاء الدستور القائم وحل مجلس النواب المنتخب من الشعب ويشكل مجلس قيادة الثوره كاطار عسكري محض لمهام سياسيه لا درايه له بها, ويبدا يشكل دوله جديده محورها الجيش وخادمه له , وهذه مفارقه لم تعرف الا في المنطقه العربيه , وهذا ما حدث في سوريا بعد اول انقلاب لحسني الزعيم عام 1949 وكذلك في مصر عام 1952, وان الاطر التي كانت توضع باعتبارها تنظيما سياسيا يحل محل مجلس الشعب كانت اكبر دجل وضحك على الذقون , فما معنى تحالف القوى العامله الهلاميي الا اطار لعمل اجهزة المخابرات تحت ظل هذا الشعار؟ وكأنه هناك تأييد شعبي للعسكر او ما معنى هيئة التحرير او الاتحاد القومي او غيرها من المسميات او الاطر ؟ وقد انتقلت عدوى الانقلابات الى معظم الدول العربيه من العراق وسوريا والجزائر وليبيا والسودان واليمن وموريتانيا وتم تقويض اسس الدوله المدنيه في هذه الاقطار, وقام العسكر بمحاوله فاشله لتاسيس دوله تدور في فلك العسكر من خلال تحالف من شراذم المثقفين والانتهازيين وراس المال الفاسد وغيره تحت مسمي الحزب الوطني او غيره . وقد تبين للقاصي والداني ان هذه الدوله المستنده على القوه العسكريه والمخابراتيه ليست الا صنم راسه من الحديد الصلب وارجله من الفخار الهش , بحيث اذا ما تراتخت القبضه العسكريه الامنيه نكتشف انه لا يوجد هناك دوله, وعلينا ان نعود الى نقطة الصفر لبناء الدوله, وحيث ان المال ومفاصل الدوله ممسوكه من كومبرادور العسكر والمتعاونين معهم فعليا فان محاولات الثوره لتغيير الانظمه وشكل الدوله العسكريه تتعثر في اكثر من قطر عربي, فقد سقط راس النظام , ولكن غاطس النظام بقي موجودا ومتحفزا ولا زالت القوه العسكريه والماليه والاقتصاديه للدوله بيده وما عليه سوى ان يعيد تنظيم نفسه ويقوم بهجوم معاكس بعد ان يكون قد افشل الثوره وافرغها من محتواها من خلال تعطيل كافة مؤسسات الدوله ومضايقة الشعب في امنه وزرقه حتى يعود يتحسر على النظام السابق , وهنا تاتي الفرصه للهجوم المضاد وبطريقه انتقاميه وشرسه وحتى من الشعب الذي ثار عليهم واقصاهم عن السلطه مؤقتا .
للاسف فان معظم الدول العربيه التي حكمت من قبل العسكر لا يوجد لديها دوله متماسكه بالمعنى المعروف للدوله, وانما دوله هشه ورخوه على الرغم انها تحتفل باعياد استقلالها من الاجنبي المستعمر من اكثر من 60 عاما, والتي كانت تنسب له مشاكلها .وان معظم الاقطار العربيه التي ذكرتها وحكمت من قبل العسكر سواء باللباس العسكري او المدني قد اسست دولا لجيوش, وليسش جيوشا لدول , ومن هذا المنطلق فان العسكر الذين انحرفوا عن واجبهم وانخرطوا باللعبه السياسيه قد افسدوا السياسه, واضاعوا واجبهم العسكري فهزموا في كافة المعارك مع العدو الحقيقي ولم يتنصروا الا على شعوبهم , ولا اريد ان اورد امثله فالامثله كثيره ومعروفه للجميع, وهي ماثله امامنا الان
.متى تعرف الشعوب مصالحها الحقيقيه ؟ متى تدرك ان الدوله المدنيه هي المستقبل والامل ؟ متى تدرك ان دخول العسكر على خط السياسه هو تدمير للدوله وتدمير للمؤسسه العسكريه لمصلحة الاعداء ؟ متى تعرف هذه الشعوب المغرر بها العدو من الصديق ؟ متى تؤمن ان لا حكم شرعي للشعب ولا ديموقراطيه الا من خلال صناديق الاقتراع ؟ متى تدرك الشعوب ان خلافاتها لا تحل الا بالحوار وليس باستجداء العسكر للانقضاض على الحكم ؟ متى يدرك الشعب انه اذا وصل العسكر للحكم فانهم سيحكمون دكتاتوريا البلد وبشكل مباشر او من وراء ستار ؟متى يدرك الشعب ان سفينة الوطن يركب بها القومي واليساري والاسلامي والوطني والعشائري والمسلم والمسيحي والعربي والكردي وان نقضها لاغراق اي من ركاب السفينه سيغرق الجميع بدون استثناء ؟ واخيرا اسأل اين مثقفي الامه واين دورهم ونحن نراهم متشرذمين حول مصالحهم الانانيه الضيقه او حول ايديولجياتهم المتحجره ويتناحروا على الفتات ؟ اين الشعار الاساس لاي مثقف انه لا حكم من الان خارج اطار ارادة الشعب ممثلا بالديموقراطيه والتي ارتضتها كافة شعوب هذه البيسطه كاداه مقبوله للحكم ؟
ان الدول العربيه حاليا في مخاض دموي للخلاص من حكم العسكر, والذين حكموا المنطقه خلال الستين عاما ىالماضيه بعد قرن من الحمل الكاذب والمخاض الصعب , فهل سينتصر العسكر على الشعوب ام تنتصر الشعوب على العسكر وتعيدهم داخل بزتهم العسكريه؟ . سننتظر ونرى ماذا ىسينتج عن هذه المواجهه والتي ستقرر مصير ومستقبل المنطقه العربيه لاجيال قادمه .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012