أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تساءل الارادنة كيف يقوض نظام الحكم ؟

بقلم : الدكتور سالم عبدالمجيد الحياري
05-08-2013 10:18 AM
المصدر لكلمة تقويض باللغة ( ق و ض) قـوَّضَ ، فيقال تقويض البناء أي هدمه ، تقويض الصفوف تفريقها، تقوض أي تهاوى لوحده. الصحاح في اللغة تقويض البناء أي نفضه (تنظيفه) دون هدمه ، ومن معاني التقويض المضايقة والمحاصرة ( من قاموس المعاني ومعجم الغني ) .

أما معاني كلمة مناهض أو مناهضة أي مقاوم ومقاومة، وناهض الرأي خالفه أو واجهه وتصرف خلافاً له ( من معجم المعُاصر للغة ). وفي اللهجة الشعبية الأردنية فإن مناهضة تعني
«مداقرة ومجاكرة» ومعناها أيضاً المناكفة.

في الأخبار المتدوالة أن حوالي 100 مواطن قد طـُـلِـبوا للحضور أمام محكمة أمن الدولة بتهم مختلفة مثل : مناهضة نظام الحكم – تهمة تقويض نظام الحكم – إطالة اللسان – الانقلاب على الدستور- القيام بأعمال إرهابية ، التطاول على الرموز والتجاوز والخروج على الأعراف.

بدايةً فإن نسبة غير قليلة ليست مع إلغاء محكمة أمن الدولة ما دامت تمارس مهمتها التي أنشئت من أجلها، وتُحقق الهدف الرئيسي لوجودها ألا وهو محاكمة كل من يحاول تخريب الأمن الوطني للبلاد، وبالرجوع إلى قانونها نعرف أن من مهامها : محاكمة من يُتهم بالخيانة العظمى أو قضايا التجسس، من يُتهم بتخريب الاقتصاد الوطني و متابعة الجرائم الاقتصادية ، مكافحة ومتابعة قضايا المخدرات، مكافحة ومتابعة قضايا الإرهاب مع تطبيق قانون منع الإرهاب رقم(55) لسنة 2006 .نستنتج بالتالي أن الوظيفة الرئيسة لهذه المحكمة هي ضبط الأمن الوطني واستقراره وبالتالي الحفاظ على كيان الدولة، وهي بهذا الهدف مثلها مثل الجيش والدوائر الأمنية الوطنية تحفظ كينونة الدولة الأردنية وهيبتها، إذن وجودها ضرورة وطنية.

** وهنا نصل إلى بيت القصيد ونسأل : أي من هذه التهم الكبرى كالخيانة أو الجرائم الاقتصادية أوالتجسس أوالمخدرات..الخ ارتكبها هؤلاء الشباب ؟

** وهل وصل أي منهم إلى تخريب الأمن الوطني ؟

** وهل هتاف هنا أو مسيرة هناك سيقوض النظام ؟

** ** ويتساءل الناس: ما ماهية هذا النظام الذي يستطيع تقويضه ما مجموعه 100 أو حتى 1000 شخص تواجدوا بمناسبات احتجاجية مختلفة وبمناطق متباعدة جغرافياً وعلى مدى 30 شهراً وبطرق سلمية ودون حمل أي سلاح أبيض أو ' أسود' ، فقط مستعملين حناجرهم للمطالبة بالحقوق ؟؟؟؟؟ !!!!


** ويتساءل الناس ما مدى رسوخ نظام الحُكم وتجذره بين طبقات الشعب حتى يهدده مجموعة من الشباب وفقط بالهتافات ؟؟

وإذا كانت الهتافات لها كل هذا التأثير !! لماذا لا يحاكموا بموجب قانون العقوبات وأمام المحاكم المدنية وليكن القضاء المدني هو الفيصل بغض النظرعن نتائج المحاكمة .

أما إذا جئنا للمناهضة أي المداقرة والمجاكرة، فالواقع أن النظام عن طريق حكوماته المتعاقبة هو من يناهض الشعب، أي يداقره !!

فإذا خرج الناس يشكون الغلاء ' فركت' الحكومة يديها فترفع الأسعار !! ألا يمكن أن يكون هذا سبباً لتقويض النظام ؟

وإذا خرج الشباب يطلبون الوظيفة يزج ببعضهم بالسجن وخاصة في محافظات الأطراف !! بحجة الشغب أو أي حجة واهية ! !

وإذا خرج آخرون وهم الأكثرية مطالبين بإصلاح النظام والإصلاح السياسي وإرجاع حقوق الوطن ، خرج الإعلام الرسمي وكُتاب ' المواسم' وبعض المسؤولين لتخويف الشباب وباقي الشعب: ' انظروا ماذا يحدث بالجوار ' أي اقبلوا بالواقع بكل فساده وسلبياته.

أما من التُهم 'المضحكة' فهي تهمة إطالة اللسان وهي تهمة تذكرنا بتهمة إثبات كروية الأرض في القرون الوسطى، والتي اُعدم بسببها حرقاً العالم 'غاليلو'.

نسمع بالشارع سب الذات الإلهية ولا تعتبر إطالة اللسان ، سرقة الوطن وعرضه للبيع لمن يدفع أكثر ألا تعتبر تطاولاً ؟

ماذا تسمى إطالة اليد على ثروات الوطن وتفريغها إلى بطون مجموعة من الفاسدين والفاسدات ؟؟

أما التساؤل عن شاب أصبح مليونيراً بحكم المصاهرة بعد أن جاء للأردن (اندابوري) قبل عقدين من الزمن، أيعتبر ذلك ' تطاولاً على الرموز والتجاوز والخروج على الأعراف' ؟ !!


ماذا يُعتبر شتم أجدادنا وتسفيه أدوارهم الوطنية ووصفهم بأنهم رؤساء عصابات كما ورد بكتاب أحدهم بالقرن الماضي، ألا يعتبر ' تقويضا' للعلاقة بين الأرادنة والنظام ؟


برنامج ما يُسمى التحول الاقتصادي والاجتماعي ألا يعتبر من الجرائم الاقتصادية ؟ والتي يمكن أن تكون سبباً في تقويض نظام الحكم وصاحبه ' يرتع ويلعب بالوطن' ولا يستطيع أحد حتى مساءلته !!!!


سرقة الفوسفات ، بيع شركة 'أمنية' والاتصالات والاسمنت والكهرباء و..و..و ألا يؤدي كل ذلك إلى تقويض نظام الحكم ؟


ألن تؤدي قضايا الفساد والإفساد التي تطالعنا صباح مساء إلى تقويض نظام الحكم ؟ ألم تؤدي الانتخابات المزورة إلى خروج برلمانات كرتونية همها النفع الشخصي، تاركة قضايا الوطن السياسية والسيادية ومستقبل شعب بيد عدد قليل من الأشخاص ذكوراً وإناثاً، يتصرفون بالبلد كمالكي مزرعة عائلية 'تؤتي اُكلها' فقط لهم ويعمل فيها الباقي كالعبيد بالسُخرة، ألا يؤدي كل ذلك الى اتساع الهوة الموجودة أصلاً بين الشعب والنظام ؟ وبالتالي لا يستطيع النظام منع من يريدون تقويضه حتى لو تمتع بالحماية الخارجية.

**** ولا بد من السؤال التالي : من هو الذي يجب أن يُستدعى للمثول أمام محكمة أمن الدولة ؟ هؤلاء الشباب الذين يهتفون ويتظاهرون هنا أو هناك وبطرق سلمية ؟ أم السراق والسارقات الذين نهبوا كل ما في الوطن وسرقوا مستقبل شبابه واطفاله؟؟!!

لا أحد من أبناء الأردن،- والذين ورثوا محبته وانتمائهم له من الآباء والأجداد منذ مئات السنين الذين بنوه بعرقهم وتعبهم بعد أن' طحنوا الصوان وطحنهم'،- يريد تقويض النظام أو مناهضته، ليس عشقاً بالأشخاص ولكن خوفاً و حفاظاً على الوطن وأهله، كل ما يريده الأردني الحفاظ على كرامته وهويته الوطنية وعدم ترك البلاد مشاعاً لكل من يعبرها أو يزورها أو يلجأ إليها كما هو الحال>

الأردني يريد أن يعيش في وطنه سيداً وليس عبداً، الأرادنه يريدون رد بعضاً من مكارمهم على الآخرين، فقد آووا من بداية القرن الماضي من لجأ عندهم من الحجاز ومن ثم من جميع بلاد العرب من فلسطين ومن العراق ومن سوريا وحتى البعض من مصر والمغرب وموريتانيا والسودان، بل وصلت مكارم الأردنيين إلى حد توسيد الضيوف عليهم ..!! أليس هذا قمة الإكرام والكرم والمكارم؟

يتساءل الأرادنة : هل أخطأوا بذلك ؟ ويتبعوه بسؤال: إذا لم يخطئوا لماذا كان جزاؤهم التهميش ؟ واستعمالهم للحراسة وحماية بعض اللصوص؟، أو جعلهم يصطفون في طوابير كشحادين لاستلام طرود' الخير' !!؟ أو ' كسوة' الشتاء ؟ أو حملات ' البر والإحسان'؟ وخروج 'مناظر' الأردنيين على التلفزيون ووسائل الإعلام الرسمية وهم يستلمون 'المكارم' من الشخصية ' المتكرمة' التي تركز الكاميرا على وجهه وهو يبتسم مسلّماً 'الكرتونة' أو 'البقجة' للأردني ' المتسول' أو ' الشحاد' صاحب الحظ السعيد الذي ورد اسمه بالقائمة .

لماذا يخرج أبناء العشائر والعائلات الأردنية العريقة بالحراك والمظاهرات ورفع سقف هتافاتهم وتجاوز ما يسمى 'بالخطوط الحمراء' وهم نفسهم أبناء العشائر نفسها الذين كانوا 'محطوطين بالجيبه الصغيرة' بالإخلاص الأعمى للنظام، المضمونين الأوفياء .؟؟

هل وصلوا إلى نتيجة أن النظام لا ينوي الإصلاح الفعلي وأنه لا يزال يحمي كبار الفاسدين الذين خربوا البلاد وأفقروا العباد وكثيراً منهم أصبحوا مستشارين لصاحب القرار!!!

ألا يُقرأ التاريخ أن أمثال هؤلاء هم من كانوا سبباً في تقويض نظام الحُكم ؟

ويتساءل الناس: ما سر وجود أشخاص مطلوبين للعدالة الدولية أو عدالة بلدهم في بلادنا مكرمين وأصحاب نفوذ ومنهم من مُنح الجنسية الأردنية وأعطِي اسم عشيرة أردنية عريقة، في مخالفة واضحة للدستور من أعلى الجهات بل وأصبح قريباً من أصحاب القرار!! ؟؟

أيهما أخطر على الدولة وعلى النظام، أمثال هؤلاء أم خروج مجموعة من الشباب الذين ينادون بإصلاح النظام ؟؟ أيهما أكثر سبباً في تقويض نظام الحُكم ؟؟

في مملكة إسبانيا هناك حزب مرخص رسمياً اسمه الحزب الجمهوري والذي يملك أقنية تلفزيونية وينادي بإلغاء الملكية وله نواب يؤيدونه في البرلمان الإسباني !!!

ومع ذلك لم يؤثر على النظام الملكي الإسباني لأنه نظام وطني عريق وراسخ منذ مئات السنيين والشعب لا يقبل بديلاً للنظام أو بديلاً للعائلة الحاكمة علماً أن أفرادها عُرضة للانتقاد وبالصحف اليومية من الملك- خوان كارلوس حالياً - أو زوجته إلى أي أميرأو نسيب أو صهر للعائلة، ولا يُحاكم 'الناقد' لا بإطالة اللسان أو المس بمقامات عُليا !!!!

كما كان الحال بالعصور الوسطى وقبل عصر النهضة الأوربية ، إنه نظام يعمل من أجل شعبه وليس نظاماً وظيفياً أو أجيراً للشرق أو الغرب أوعميلاً لأي قوة أو كتلة دولية أو نظام يتلقى التعليمات والأوامر من الخارج .

إن الحلول السياسية والاقتصادية للمعضلة القائمة في البلاد سهلة إذا أراد النظام ذلك، لأن المشكلة لا تكمن بالشعب، بل الحل عند نظام الحُكم الذي عليه الإصلاح الذاتي، وكما يقول المثل الشعبي فإن ' دُودُه من عُودُه'.

إن الإصلاح لايتم بالخطابات العاطفية، بل بالتعامل مع الواقع المُعاش مع تنظيف وسد الثقوب والشقوق الكثيرة في جدران النظام المليئة بالعث والأجسام الغريبة والصراصير.

إن الإصلاح لا يتم بدعوات الطعام الجغرافية لبعض الكروش المتخمة بالبروتين، بل بالتخفيف من نسب الجوع والفقر المُظللة للوطن بخلق فُرص العمل للشباب وخاصة في ألوية الأطراف. إن الإصلاح لا يتم بالاعتقالات لأسباب أصبحت توضع بالأفلام التاريخية، بل بتحقيق المطالبات الشبابية السياسية والمعاشية.

إن الإصلاح لا يتم بتدوير نفس الأشخاص والعائلات وإعادة ' إنتاجهم' وهم من كانوا سبباً في خراب البلاد وظُلم العباد وذلك بتسليمهم مناصب أعلى وكأنه مكافأة على فسادهم وإفسادهم، بل يكون الإصلاح بإحراجهم بالمساءلة وأخذ الجزاء، واستبدالهم بقامات وطنية معروفة لكل أهل البلاد.

إن الإصلاح لا يتم على قاعدة ' ما أريد فقط بلاد بل أيضاً أريد عباد'، بل يتم بالمحافظة على الهوية الوطنية الأردنية وإظهار الهوية الوطنية الفلسطينية.

الإصلاح لا يتم بالوعود واستعمال حرف ' السين' بكثرة ... سنعمل ... سوف.....الخ، بل يتم بإقامة المشاريع الإنتاجية برأس المال الوطني. الإصلاح لا يتم باللهاث وراء القروض وزيادة المديونية، بل بإجبار من' لهف' المال العام كائن من كان، نسيباً أو صهراً أو شقيقاً أو ابن العشيرة الفلانية أو العائلة المقربة من دائرة الحُكم أو من داخلها، إجباره على إرجاع ' الملهوف' وهو صاغر.


لن ينفع أي شيء ما زال الناهبون والسارقون للمال العام وخيرات الوطن ينامون في فراشهم مطمئنين وبحماية عُليا وبحراسة أبناء العشائر! وحتى لا ' ننام' على سنوات عجاف جديدة لنعود بعدها ونسجل في ذاكرتنا وعود و وعود .

إذا ما تم ذلك الإصلاح الفعلي أو بُدِءَ به فلن يكون هناك أي احتجاج أو هتافات وستتفرغ محكمة أمن الدولة للقضايا الكبيرة والأهداف التي أنشئت من أجلها .
إن رب العائلة أو صاحب أمرها هو من يجب أن يكون القدوة والمثل الأعلى للبقية بالأخلاق والنزاهة ، فإذا صلُح الرأس صلح الجسد .


من أقوال عمر بن عبد العزيز رحمه الله، الذي يُعتبرالخليفة الراشد الخامس : ' كيفما يُولى عليكم تكونوا '

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
07-08-2013 12:18 PM

جميل .
يا ريت الشعب يفهم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012