أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


خطوة تنظيم

بقلم :
06-10-2013 11:06 AM
خطوة تنظيم , ايعاز عسكري يصدر عن قائد الطابور عندما يرى ان هذا الطابور قد فقد الانتظام في الصف او في الحركة بعد مسيرة اصبحت الحاجة فيها ملحة لاعادة النظر في وضع وشكل الطابور . هذا الايعاز يختلف عن غيره من الايعازات انه يقصد الاستعداد الى تنفيذ ايعاز آخر لايتم الا بعد تنظيم الصفوف واخذها الوضع الصحيح لتنفيذ اي حركة لاحقة مطلوبة . بعد اصدار هذا الايعاز كنا كثيرا ما نسمع قائد الطابور وهو يردد عبارة ' خذ حذاك بطرف عينك ' والمقصود من ذلك الانتظام في الصف دون كثرة الحركة وعلى الشاذ في الصف ان يعرف مكانه الشاذ بنظره خفية من طرف عينه لا يشعر بها الآخرون وعليه تصحيح وضعه ايضا بحركة منضبطة تنسجم مع الاخرين دون اشعارهم بذلك وكأن المقصود انه من العيب على الشاذ ان يظهر عليه مخالفته للطابور المنضبط ومن العيب انه لا يستطيع تصحيح نفسه بحيث لا يظهر عليه ذلك ولو من جاره القريب .

خطر ببالي هذا الايعاز بعد انقطاع طويل عن الطوابير العسكرية وايعازتها التي من المحرم النقاش فيها وتنفيذها حرفيا وانا اتابع ما تتناقله وسائل الاعلام عن حرب اكتوبر التي مضى عليها اربعون عاما وهذا الاختلاف الواضح بين ممجد لها ومنتقد وبين من لا يعيرها اي اهتمام باعتبارها لم تغير شيئا في نتائج الصراع العربي الاسرائيلي . كثير من المؤرخين ذهب الى ان نتائج هذه الحرب اكثر سؤا من حرب 67 التي سبقتها حيث انها اي حرب اكتوبر كانت نتيجة للشعور العربي بمرارة الهزيمة في حرب ال67 والتصميم على رد الاعتبار لا كبر الجيوش العربية المنهزمة في مصر وسوريا ووقوف الأمة العربية خلف هذا التوجة بينما تم اختطاف النصر العسكري سياسيا بعد حرب اكتوبر وجعلها آخر الحروب العربية على المستوى الرسمي العربي وتبعهتا التنازلات العربية المتلاحقة ودوامة السلام ذلك الوهم والموفاضات المخيبة للامال , يستشهد من يذهبون الى هذا الراي بلاءات الخرطوم لا صلح ولا تفاوض ولا استسلام التي تلت حرب ال67 بينما تلت حرب اكتوبر معاهدات السلام : كامب ديفد واوسلو ووادي عربة واستمرار الغطرسة العسكرية الصهيونية والأعتداء على لبنان وعلى غزة وتكريس الاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس ومبادره العرب السلمية المذلة المعبرة عن ضعف وهوان الأمة .

في ارض الكنانة , مصر العروبة والاسلام , ياتي الاحتفال بذكرى حرب اكتوبر هذه السنة بشكل مختلف عن السنوات السابقة حيث الانقسام الواضح في الصف المصري الشعبي بين الممجدين لتللك الحرب ولرموزها الناصرين خصوصا وبين المتحفظين على نتائجها والذاهبين الى انتقاد نتائجها من المعسكر المعادي للناصرية والقومية العربية ,هذا الاختلاف طال النظرة الى القوات المسلحة المصرية ودورها .الاعلام الرسمي المصري احتفل بالمناسبة بخطاب للرئيس المؤقت وبزيارة لقبر الراحل عبدالناصر من قبل وزير الدفاع الفريق السيسي واهتمام اعلام رسمي واضح . على الجانب السوري يركزالمعلقون على المناسبة على الهدفين المتناقضين من الحرب التحريك ام التحرير وشعور السوريين بالغبن من اختلاف تلك الاهداف , السوريون يسمون تلك الحرب بحرب تشرين التحريرية وهم يقصدون من تلك التسمية الاشارة الى نظرتهم المختلفة لاهداف الحرب .المتابع المدقق للتعليقات لايجد صعوبة في استخلاص ان الحقيقة تغيب عن الكثير من المعلقين والمحللين وتأثرهم بمواقف خارجة عن الموضوع متعلقة بقضايا اخرى مثيرة للجدل ومدعاة للفرقة والاختلاف وغياب التجرد الضروري لتأريخ مثل ذلك الحدث السياسي والعسكري المهم في سياق اهم واطول صراع اقليمي ودولي على الساحة العربية .

ان تختلف الامة حول بعض المواضيع المطروحة قد يكون مقبولا اذا كانت تلك المواضيع لا تاثير جذري لها واما ان تختلف على موضوع هام ومؤثر سياسيا وعسكريا كحرب اكتوبر يدعو الى الاستغراب , العدو سارع بعد تلك الحرب وشكل لجنة لدراسة تلك الحرب واستخلاص الدروس المستفادة منها لاعتبار ذلك مستقبلا . حرب اكتوبر وانا هنا لست بصدد دراستها عسكريا ومجرى احداثها تستحق منا كعرب الاهتمام بها ودراستها بعمق وبتجرد دون ان نبخس الناس اشياءهم وان نحترم ارادة الانتصار بعد هزيمة ال67 والاستعداد لفرض تلك الارادة على العدو الصهيوني في صراع الارادات بين معتد غاصب وطالب حق كان قدره ان يواجه هذه الهجمة الصهيونية الاستعمارية ,ومن الواجب احترام المقاتل العربي والدماء التي سالت على ثرى الوطن العربي والتضحيات التي قدمتها الامة وتقديرها حق قدرها .

في احد المساجد قال الامام بعد اقامة الصلاة وبعد ان نظر في وجوه المصلين : ان الله لا ينظر الى الصف الاعوج ولا الى الآدمي الاعوج ... الاضافة الى المأثور من القول في مثل هذا الموقف مرده الى ان الامام راى في بعض المصلين خلفه ان الاعوجاج في ذاتهم وفي طبعهم هو السبب في اعوجاج الصفوف .من ينظر الى حال الامة العربية ويرى الاعوجاج في صفوفها والفوضى العارمة في فكرها والاختلافات العميقة في وجهات نظر قادتها من السياسيين والحزبيين وقادة التيارات والافراد والجماعات لا يملك الا ان يصرخ في وجوه الجميع لماذا لا تستقيمون على امر جامع ؟ هل من المعقول بعد كل تلك الدروس والعبر من الاخفاقات والاهانات التي لحقت بالامة اننا لا نعرف اسبابها وسبل التخلص منها ؟ الم يقل الله تعالى في محكم كتابه ' بل الانسان على نفسه بصيرة ' فلو راجع كل فرد وجماعة وتيار نفسه بشجاعة ادبية وبتغليب المصلحة العامة على الخاصة لعرف اين الخلل ومن عرف الداء يسهل علية معرفة الدواء ... لماذا هذا التخندق والعناد ؟ اليست الامة بحاجة الى خطوة تنظيم لتنظيم صفوفها ؟ اليست الامة بحاجة الى مراجعات جادة لتصحيح الاخطاء وسلبياتها وتكريس اسباب النجاح وايجابياتها ؟ السنا كامة بحاجة الى قائد طابور يوعز فنستجيب لايعازه عن طيب خاطر فنسوي صفوفنا دون اكراه او تصنع ؟

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012