أضف إلى المفضلة
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
الجمعة , 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


قصة القافله

بقلم : برهان جازية
23-10-2013 01:14 PM
هناك أقوام قافلتهم حطت رحالها ( بأوتيل ) جاءوا من كل حدب وصوب للأستراحه... هي أقامه عابره بذلك ( الفندق ) بعد رحله طويله وشاقه قضوها ( بصحراء الربيع العربي ) بحثا عن حجر اصلاح كريم ... بئر قانون وفير ... وقد بدا عليهم التعب والارهاق ولسع الشمس على جباههم ..
لكل نزيل منهم له خصوصياته وغرفته المستقله .. يجتمعون فقط ( بالريسبشن ) يتداولون الحديث فيه مع كوب شاي ... اللغات متعدده ... ولكل منهم ذكريات مع رحلته الشاقه بتلك الصحراء .. يرون القصص والروايات حولها ...كا يضفون على حديثهم امور شتى وبكل المجالات (بالاعمال/التجاره/السياسه/الاقتصاد/الدين /ألاداره/المشاريع .) وقد ينتج عن ذلك عقد صفقات قد تكون مربحه وقد تكون خاسره ... لا أحد يفرض على أحد شيء .. كل شيء مبني على القناعه ... وبأوقات متفاوته غير منتظمه تجدهم يجتمعون بدون موعد وكذلك يفترقون ... لو جئت الى ذلك الفندق ساعة الظهيره لوجدت احدهم يصلي والاخر يقرأ كتاب والاخر يحتسي فنجانا من القهوه وقد تجد اخر مستلقي على فراشه بغرفته يفكر او نائم .... واحدهم يجري اتصالا .. واحدهم يمارس السباحه ببركة الفندق .. واحدهم يدهن جسده ببرهم من لسعات شمس الربيع العربي وهو يتمتم ( لم ينوبنا من هذه الرحله من تلك الصحراء الا التعب لقد تأملت خيرا بهذه الرحله فقد اقسموا لي اغلظ الايمان بأنني اذا نقبت جيدا بتلك الصحراء سأجد شيئا ثمينا .. ولكني لم اجد شيئا لقد خدعت وخسرت او ربما لم يحالفني الحظ او ربما طريقتي بالبحث والتنقيب كانت خاطئه )... سأستريح هنا بالفندق لعلي أعوض خسارتي على الأقل وربما احقق ربح من صفقه ما ( الربح هنا هو معنوي فقط وقد يكون مادي) .. تنوع الاشخاص والقصص والتجارب والاحداث والهدف والغايه والافكار شيء يطغي على هذه الاستراحه داخل الفندق وهذه الاستراحه منحتهم فرصه لبعث الحياه والأمل واعاده ترتيب النفس والفكر والخطط والتكتيك ولو بشكل مؤقت .. انها فعلا حياة قائمه داخل هذا الأوتيل ..
ما ان ينتهي موعد أقامة كل نزيل بالفندق تجده يلملم اشيائه ويرتبها داخل حقيبته ثم يحملها متوجها نحو ( الريسبشن ) طالبا فاتورة الحساب .. ثم يتوجه الى منزله حيث يعيش وينتمي...حركه دائبه ... احدهم يدخل والأخر يخرج ... لا أقامه دائمه بالأوتيل .
قبل قدوم القافله ............
كان الناس يتناوبون لرؤية تلك القافله تعود من تلك الصحراء .. احدهم يجلس على رأس شجره من وقت لوقت يتناوب مع شخص اخر .. واخر كان يقف على رأس الجبل ينتظر ظهور تلك القافله ... لعلها تحمل تجارة رابحه .. او خبر سار .. او اكتشاف عظيم .. وما أن بدأ الخيط الأول من هذه القافله بالظهور حتى صرخ احدهم ( انها قافلة الربيع لقد رأيتها .. لقد جاءت يا قوم .. انها على مشارف المدينه الان ) تردد صوته بالوادي .. وردده صوت الصدى حتى وصل لأخر.. ثم قام الأخر بالصراخ بأعلى صوته (قافلة الربيع وصلت ) .. وهكذا ينقل احدهم الخبر الى الاخر حتى عم الخبر المدينه وتهيأت الناس .. فحطت القافله رحالها امام ( الأوتيل ) ونزل القوم ودخلوا اليه للاستراحه ... لقد انتشر الخبر فتراكض الناس بأتجاه الفندق للأستفسار من هؤلاء القوم عن الرحله .. وماذا جلبوا معهم .. وخاصة ان الناس كانت تنتظر الكثير من هذه الرحله كما وعدوهم .. وكما رسموا احلامهم ...
خرج عليهم كبير القوم فاعتلى المنبر .. وبعد بسم الله الرحمن الرحيم ...
ايها الناس .. لم نجني من تلك الصحراء شيئا .. لقد خسرنا الكثير .. ولفحتنا الشمس .. وضعفت اجسامنا .. وارهقنا الجوع والعطش .. لقد رأينا اقوام سبقونا الى هناك جثث هامده .. ولم يبقى منهم الا الهيكل ... وهذا لم يحبط من عزيمتنا ..فقد قلنا قد يكونوا أخطأوا الهدف .. او لم يحسنوا تدبر امرهم .. او خانتهم الصحراء بعقاربها وافاعيها ... او ربما أضاعوا بوصلتهم ... لكننا مضينا بالبحث والتنقيب عما سيخدم الناس ..ولم نتراجع ... ولم نترك شبرا الا وبحثنا فيه عن شيء يفيد الناس .. ولكن الحظ خاننا .. ولم نجد شيئا فعدنا بعد ان وصلنا الى حافة الهاويه .. وها نحن هنا بينكم .. نستريح قليلا لننطلق من جديد ... لعل وعسى يخرج من امرنا ما ينفعكم .. والله ولي التوفيق .
ضحك نصف الناس ... ومنهم من ضرب الكف بالكف متمتما ( لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ) ... ومنهم من استاء ... ومنهم من احتقن غيظه ومضى بتأسف .. ومنهم من دعا الله بقول مستور ( اللهم ارزقنا خير عبادك ) ..ومنهم من قال ( توقعنا ذلك ... نحمد الله اننا لم نضيع وقتنا.. فقد عملنا الكثير بغيابهم .. ولا اتوقع ان يخرج من امرهم شيئا .. امضو يا قوم الى اعمالكم .. واتركوهم وشأنهم ) .. واحدهم قال ( لا ندعهم والله حتى نعرف سبب انتكاستهم ) ... وأخر... ( لننتظر .. لعل وعسى يأتي من امرهم ما ينفع الناس ) ...
مع مضي الأيام ستأتي قوافل اخرى ... وستحط رحالها بهذا (الأوتيل ) .. تتبدل القوافل والوجوه والافكار والمشاريع ... لكن مع مرور الأيام ستهبط درجة ( الأوتيل ) من خمس نجوم الى اربعه الى ثلاث الى اثنتين الى واحده الى بيت شعبي الى متحف .
اما القوافل ستصبح من التاريخ .. والناس ستبقى هي الناس.
والسلام عليكم
برهان جازيه
Burhan_jazi@yahoo.com

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012