أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


هل سنبقى أولاد شوارع؟

بقلم :
09-11-2013 10:57 AM
على عكس كل أمم الأرض تقريباً، يقف العرب حتى الآن منفردين في أن ليس لديهم رأي عام أو مجتمع مدني، فقلما ترى أو تسمع وسائل الإعلام العربية أو الغربية تتحدث عن الرأي العام العربي. لكن عبقرية إعلامنا قد تفتقت عن استنباط مصطلح فريد لوصف الموقف العام وهو مصطلح ‘الشارع العربي’، وهو تعبير غائم عائم فضفاض غير قابل للتعريف، وقد يكون حكراً على العرب، دون غيرهم من دول العالم.
هل سمعتم الإعلام الأمريكي يتحدث عن الشارع الأمريكي مثلا؟ هل هناك شارع بريطاني أو فرنسي أو ألماني أو حتى أفريقي؟ بالطبع لا، بل لديهم رأي عام أو اتجاهات معينة، ناهيك عن المجتمع المدني الفاعل والمنظم الذي يشكل قوة موازية لقوة الدولة، فكلمة شارع في الغرب تعني الشارع لا أكثر ولا أقل، أما عندنا فالشارع هو بقدرة قادر عموم الناس كتلة واحدة.
لا أدري لماذا يقبل المواطن العربي أن يربطوه بالشارع، ربما تقصدوا ذلك، فالشارع هو المكان الذي يلجأ إليه الإنسان عندما يفقد منزله لسبب أو لآخر، وهو بالتالي الملاذ الأمثل للمتسكعين والمشردين العاطلين الباطلين، أو ربما أرادوا أن يمعنوا في الحط من قيمة الإنسان العربي فأقاموا تلك العلاقة بينه وبين الشارع، ناهيك عن أن كلمة الشارع في اللغة العربية قد تبدو كلمة رديئة. ألا يصفون البذيئين والساقطين والمارقين في لغتنا بأولاد الشوارع؟ تلك كانت وما زالت نظرة الأنظمة العربية الحاكمة للشعوب! فالمعاملة التي تتلقاها الشعوب العربية توحي بأنها في منزلة أبناء الشوارع بالنسبة للحكومات.
ولا تختلف نظرة الإعلام الغربي لما يُسمى بالشارع العربي عن نظرة القادة العرب له، فمصطلح الشارع العربي مصطلح مهين حين تستخدمه وسائل الإعلام الغربية لأنه يختصر الرأي العام العربي بتعبير يُراد به التشديد على غوغائية العقل العربي وجنونه، كما يرى البعض. فالشارع، كما أسلفت، مرتع الرعاع والغوغاء. وللسخرية، أنني وجدت في معجم ‘كولينز′ الإنكليزي مصطلحاً يربط بين الإنسان العربي والشارع بطريقة مهينة، والمصطلح هو street Arab، أي الطفل المشرد الذي تضطره الظروف للخروج إلى الشوارع ليعيش على التسول والسرقة.
إذاً فإن رأي الإنسان العربي في معظم البلدان العربية كان وما يزال ليس ذا أهمية أبدا كي يؤخذ بالحسبان، فهو ليس مشاركاً أبداً لا من بعيد ولا من قريب في العملية السياسية كي يكون له وزن أو رأي، فكيف يكون له وجهة نظر في أمر معين وهو منبوذ ومعزول ويعيش غربة سياسية حقيقة في كل بلد تقريبا؟ فإذا أردت أن يكون لك رأي، فلا بد من أن تكون مساهماً في اللعبة السياسية وليس مجرد صفر على الشمال.
في الغرب هناك أهمية للرأي العام لأن الشعوب هي التي تختار حكوماتها في انتخابات حرة ونزيهة، لهذا يأخذ الحكام برأي الشعوب، ويقيسونه، ويعتمدون عليه في وضع سياساتهم واتخاذ قراراتهم في بعض الأحيان على الأقل. أما عندنا فالعملية الانتخابية الحقيقة ما زالت حلماً بعيد المنال حتى بعد الربيع العربي. وحتى لو حصلت، فما اسهل الانقلاب عليها بخفة عجيبة، لأن الشعوب حتى الآن ما زالت غير مدركة لأهمية صوتها وضرورة الدفاع عنه بالنواجذ.
ربما لهذا السبب تتجنب وسائل الإعلام العربية الحديث عن الرأي العام العربي، لأنه لا وجود له في واقع الأمر، فهي وسائل أمينة على الأقل في هذا الصدد، فمتى كان للمواطن العربي رأي أصلا حتى في أبسط مناحي حياته، فهو كما هو معلوم للجميع، منزوع الإرادة. وحتى لو كان عنده رأي فلا أحد يأخذ به هذا إذا سمحوا له أصلا بالتعبير عن رأيه، فالتعبير عن الرأي في بلاد العرب كما شاهدنا قد يؤدي أحيانا إلى العالم الآخر. لا عجب إذاً ألا يكون لدينا ثقافة الاستطلاعات الميدانية. وهذا ناتج عن أنه ليس لدينا ثقافة الديموقراطية، فسبر الآراء ومعرفة الاتجاهات من عناصر ومقومات الديموقراطية.
ما قيمة الرأي العام بعد كل هذا؟ وما قيمة الناس؟ فطالما أن حياتنا السياسية تدار بهذا الطريقة القميئة جداً، فلا يمكن أن تنتشر عندنا ثقافة الاستطلاعات وسبر الآراء والرأي العام.
ثم أين المجتمع المدني الذي من حقه أن يشارك في الحياة السياسية من خلال هيئاته الخاصة بما يتيح له إجراء انتخابات واقتراعات خاصة بأعضائه؟ أين التجمعات والفعاليات والنقابات والاتحادات الشعبية والأهلية الحقيقية،وليس تلك المؤممة لصالح الدولة وأنظمة الحكم؟ فطالما أن الاقتراع المدني الحقيقي غائب وممنوع أيضا فلا يمكن أن نتحدث عن رأي عام أو عن ثقافة قياس الآراء المختلفة.
صحيح أن بعض الشعوب العربية قد تحررت من الخوف وفرضت بعضاً من رأيها عبر ثوراتها، لا بل استغلت مفهوم ‘الشارع′ إيجابياً لأول مرة في حياتها المعاصرة، لكن هل هي قادرة على أن تتحول من ‘أولاد شارع′ إلى رأي عام حقيقي او الى المواطنة بمفهومها الحديث؟
حتى الآن، لا تبدو الأمور مبشرة كثيراً، بدليل أن شعوب بلدان الربيع العربي التي من المفترض أنها تحررت من الطغيان، لا تتضامن مع بعضها البعض، وليست لديها حتى القدرة أو العزيمة لتنظيم تظاهرات شعبية، كي لا نقول رأياً عاماً يناصر بقية الشعوب التي تنازع للتخلص من الطغيان كالشعب السوري مثلاً!
هل شاهدتم مظاهرة عربية واحدة في بلدان الثورات تندد باستهداف أطفال سورية بالسلاح الكيماوي مثلاً؟ بالطبع لا! لكننا، ومن مهازل هذا الزمان، شاهدنا مظاهرات في تل أبيب تشجب استخدام الأسلحة المحرمة دولياً بحق الشعب السوري!!
إن موقف ما يسمى بالشارع العربي من محنة الشعب السوري تجعلنا نعتقد أننا كعرب ما زلنا ‘أولاد شوارع′، وربما سنبقى لفترة طويلة.
فيصل القاسم - القدس العربي

‘ كاتب واعلامي سوري
falkasim@gmail.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
09-11-2013 04:47 PM

من ولد في الشارع يبقى ابن شارع ومن ولدى في بيوت العز ينمو ويترعرع على ما تعود عليه وإذا الزمن يجور عليه يموت عزيزا مكرما في بيت ولو كان فقيرا ولاكن يبقى وسيبقى بيتا تحني اليه بعد نهارا شاق وتخلد له
الله عز وجل لم يحرم أحدا من السكن ولا من وطن ولكننا نحن من يفرغها من معناها كما كانت لنا من قبل
ذو الجلاله طهر جناته منا لاننا عصينى واتبعنا أهوى الشيطان وها نحن لم نزل نهفوا لهفوه بعد كل هفوه والحبل على الجرار وهل من متعظ

2) تعليق بواسطة :
10-11-2013 10:23 AM

ما يعيشه فيصل القاسم من انهيارات عصبيه وارتعاشات وهستيريا عند التقديم والتحليل في برامجه الشوارعيه والذي يمثل مقاله واحدا منهاليس بغريب .لا عجب ان يثور فيصل القاسم لمشروعه وهو العارف بحجم ما استثمر في هذا المشروع فصاحب رأس المال خسر كثيرا كما ان المدراء التنفيذيين كالقاسم ووضاح خنفر وعزمي بشاره وصفوت الزياتوغيرهم من دول.لو اجرى أي عاقل مقارنه للجزيره بين الامس واليوم لادرك غضب القاسم .القاسم حزين لعدم قدرته اليوم على التلاعب بعواطف الناس وارجزة العامه .لم يكن يخطر ببال احد ان يكون فيصل القاسم والجزيره في هذا الحال.افل نجم وضاح خنفر وعزمي بشاره ولحقهم الزيات ابو الكذب وانسحب مبكرا خبيرنا العسكري "الدويري" وتقاعد عبد الباري عطوان .كل اؤلئك قهرهم الصمود السوري حتى اصابتهم الهستيريا الاعلاميه على امل ان يلحق بهم قريبا فيصل القميء حاله حال المعلم الاكبر حمد.

3) تعليق بواسطة :
10-11-2013 11:05 PM

من اردني الحق يقال
اعتقد بات عبدالباري عطوان لم يستقل من إدارة صحيفة القدس الندنيه بل تم الترفيع به لمواقفه المتزنه والعقلانية وتحليلاته الحكيمة لسير الأحداث عبدالباري كان يجيد التحليل وثقافته قومية الهوى لا يحابي على حساب الحقيقه ومصالح الامه ولهذا لابد لعطوان من ان يدفع ثمن ذلك لكون مالكين صحيفة القدس يغردون في الشق المقابل لعطوان وكان أمامه خيارين الانبطاح من اجل البقاء او استقامة إلهامه والى البيت سر
كان عطوان يجيد مسك العصا في ظروف الخيارين الذي لا ثالث لهم فهو شجاع في الحق وجبان في الباطل
عليكم القيام بالمقارنة مابين قدس العربي في زمن عطوان والقدس العربي مابعد عطوان انحياز وانزلاق من أقصى اليمين الى أقصى الشمال والفارق بين وواضح وضوح شمس تموز
من الشجاعة أعطى كل ذو حق حقه
كان من احد أسباب الإطاحة بعبد الباري عطوان وهي القشة التي كسرت ظهر البعير وقوفه وموقفه من انقلاب الجيش في مصر على خيار الشعب المصري هذه القشة ليست الضربه الوحيدة بل كان هناك الكثير من ضربات السواطير قبل تلك القشة المزعومة بل كانت مواقفه من عراق الأمس الى عراق المجهول الحاضر والمستقبل ومواقفه من ليبيا الضياع ومن سوريا الدمار والتيه ومن الحرب على لبنان ٢٠٠٦ على الإرهاب واحتلال أفغانستان وغيرها من مصائب الامه سوف يسطر التاريخ له تلك المواقف المشرفه ناهيك عن مواقفه الفطرية من قضية أم القضايا فلسطين لكونه من ابناء تلك المغتصبة
ليس من العدل المقارنة بين الصالح والطالح وبين الذهب والتنك فقط للإبقاء على آلون الطيف كلا بلونه ولكم كل الاحترام

4) تعليق بواسطة :
11-11-2013 04:42 AM

المقال بكل بساطة لايستحق القراءة لمن يريد الفائدة من افكار عملية لكاتب ملتزم ولكنني لا استطيع نقدة لانني كغيري كنت من المتابعين لبرنامج الاتجاه المعاكس ومن مشجعي فيصل القاسم ومن متابعي الجزيرة ومع انني مع التعليق رقم 2 بان نجم الجزيرة قد افل وافل معة نجم الكثير من مذيعيها والمعلقين فيهاكمثل على افول نجوم عربية كثيرة الا انني اعزي السبب الى فشل الانظمة العربية كافة وعجزها عن خلق راي عام عربي ثابت لانها ليست حرة ومسيرة وهذا ماجعل من المواطن العربي كاتبا ومعلقا ومتابعا كالريشة في مهب الريح يتنقل من موقف لاخر ولا ثبات الا لمن رحم ربي وهم قليل واتذكر هنا القول الماثور من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر فيا ترى من منا ثابت على قوله وفعلةليلوم فيصل القاسم ويرميه بنقد صادق العاطفةثابت الهوى ؟

5) تعليق بواسطة :
17-11-2013 10:30 PM

سلمت استاذ فيصل على هذا التحليل او يمكننا القول هذه الدراسه لواقع مجتمعاتنا ومحاولاتها اليائسه للتغيير ... ويبدو فعلا اننا الوحيدون في الدنيا الذين يطلق عليهم عند تحركهم للمطالبة بأدنى حقوقهم ليصفوهم بأبناء الشوارع مثلما ذكرت ...!!! بالإذاعة والصحافة وعند النخب السياسية ... الكل يتحدث عن رأي الشارع وكأن للشارع رأي ليتم نفي البني آدميين اللي كانوا بالشارع...!!!
وهذا مقصود اصلا لعدم إعطاء أهميه لأبناء الشارع الزعران اللي تصبح مطالبهم غير صحيحة ولا تمثل رأي كل من لم يكن بالشارع ... هذا يساعد في اختزال المطالب وعدم إعطاءها أية أهميه ...
يا أحبابي يا ابناء الشوارع فليكن مطلبنا الاول تغيير اسم الحراكات في
( الشارع العربي) الى الرأي العام حركة الجماهير ... تحرك وطني
وأذكر بسؤال الدكتور فيصل للشعوب العربيه التي تحررت من الطغيان :
الا نرى منكم دعوة لمظاهرة تعبرون فيها عن نصرة إخوتكم المظلومين المذبوحين في سوريا...؟؟؟
الا يستحق الشعب السوري نصرة من إخوته العرب وهو الذي نصر العرب في كل الأزمان ...

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012