أضف إلى المفضلة
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025
الأحد , 19 كانون الثاني/يناير 2025


الثعلب الامريكي نجح حيث فشل الكاوبوي؟

بقلم :
01-12-2013 10:37 AM
كم هم مغفلون وساذجون أولئك الذين يصفون سياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تجاه الشرق الأوسط بأنها ‘مرتبكة’ و’باردة’ و’متخبطة’ و’غير مبالية’ و’مترددة’.
ألا يعلمون أن ‘اللامبالاة’ في السياسة سياسة، وأن التردد ليس تردداً، بل هو مقصود بذاته؟ مشكلة الكثيرين أنهم لا يتابعون التصريحات الأمريكية، ولا البرامج الرئاسية التي يطرحها هذا الرئيس أو ذاك عندما يصل إلى البيت الأبيض.
الأمريكيون في الغالب صريحون، بوقاحة، عندما يتعلق الأمر باستراتيجياتهم وسياساتهم الخارجية، فهم لا يراوغون كثيراً، بل يطرحون مشروعهم للإعلام ‘على بلاطة’، لكن المشكلة في العرب الذين لا يقرأون إلا بعد أن يقع الفأس في الرأس.
لقد قالتها إدارة أوباما مرات ومرات – ليس في الفترة الرئاسية الأخيرة – بل في بداية الفترة الرئاسية الأولى، عندما أعلن أوباما عن خط سياسي مختلف تماماً عن خط سلفه جورج بوش الابن.
لقد جاء أوباما أصلاً ببرنامج يناقض فيه سياسات بوش، الذي كلف أمريكا الكثير الكثير عسكرياً واقتصادياً وسياسياً. أعلنها أوباما صراحة أنه يريد أن يلعب بهدوء بعيداً عن الغوغائية السياسية التي ميزت عهد سلفه.
بعبارة أخرى، لقد ضرب أوباما عرض الحائط بصورة ‘الكاوبوي’ السياسي التي سادت الإدارات الأمريكية السابقة. فلم يعد الرئيس الأمريكي يتحسس مسدسه، كلما لاحت أمامه ذبابة، بل بدأ يفكر بطريقة أكثر خبثاً وهدوءاً في متابعة الأهداف والاستراتيجيات وتحقيقها، خاصة بعد نجاح الدبلوماسية البريطانية في العراق وفشل الاستراتيجية العنفية الامريكية هناك.
قد يقول البعض، وربما يكونون على حق، إن عقلية ‘الكاوبوي’ جلبت للأمريكيين الكثير من المصائب والكره، وخاصة في مغامراتهم الخارجية الاخيرة في العراق وأفغانستان، وباتوا يخشون من سياسة ‘التعنتر’ الكارثية. وهذا صحيح، لكنهم قادرون أيضاً على تحقيق المطلوب بعيداً عن ‘التصرفات’ ‘البوشية’ الهوجاء.
لقد أعلن أوباما على رؤوس الأشهاد منذ الأيام الأولى لولايته بأنه سيعتمد من الآن فصاعداً على ‘الحروب الاستخباراتية’، بدل الحروب العسكرية، فهي أكثر نجاعة وأقل تكلفة بكثير.
وقد لاحظنا ذلك في الأزمة السورية، فقد كان الأمريكيون يعطون الانطباع منذ بداية الثورة بأنهم غير مبالين أو مرتبكون أو متخبطون حيال الوضع السوري، مع العلم أن وكالة الاستخبارات الأمريكية كانت تدير الكثير من العمليات داخل الأراضي السورية من مواقعها على الحدود التركية.
ويعترف بعض النشطاء بأن الاستخبارات الأمريكية كانت تلعب دور ‘رئيس مجلس إدارة بعض العمليات السورية’، فغالباً ما يكون ممثل ‘السي آي أيه’ جالساً على رأس الطاولة يواجه اللاعبين الاستخباراتيين الآخرين المنخرطين في إدارة الوضع على الأرض، بمن فيهم رجال الاستخبارات الأوروبيون والإقليميون والعرب. وفي تلك الأثناء كنا نسمع الكثير الكثير في وسائل الإعلام عن ابتعاد الأمريكيين عن الأزمة السورية.
لقد اعتمد الأمريكيون منذ مجيء أوباما إلى سدة الرئاسة على مبدأ ‘القيادة من الخلف’ تاركين السائقين في المقاعد الأمامية يسوقون حسب التوجيهات والإرشادات والتعليمات الأمريكية، دون ضجة أو جلبة.
لم يعد الأمريكيون مستعدين للتورط مباشرة في اي نزاع، وهذا ما أشاره ثعلب الدبلوماسية الأمريكية الشهير هنري كيسنجر في أكثر من مقال له في الصحف الأمريكية على إدارة أوباما.
لا بل راح كيسنجر في بعض مقالاته يدعو الإدارة الأمريكية إلى احترام معاهدة ‘وستفاليا’ المبرمة عام 1648التي تنص على احترام سيادة الدول. وهو طبعاً حق يراد به باطل، فبحجة احترام سيادة الدول كانت الدبلوماسية الكيسنجرية الجديدة تحقق كل ما تريده بعيداً عن التدخل السافر في شؤون الآخرين، كما كانت تفعل في الماضي. ومن اللافت أنه حتى الغارات الجوية الأمريكية على مناطق تنظيم ‘القاعدة’ في اليمن وباكستان والصومال كانت تتم عن طريق طائرات بدون طيار، تجنباً لإزهاق أرواح الطيارين الأمريكيين. هل خسر الأمريكيون جندياً واحداً في ليبيا؟
مخطئ من يعتقد أن أمريكا كانت ضعيفة عندما فاوضت إيران. لا أبداً، فالقوة الأمريكية يمكن أن تدمر العالم مائة مرة. لكن السياسة الأمريكية الأوبامية جاءت أيضاً لإعادة التوازن للاقتصاد الأمريكي.
وبالتالي، فالإدارة الأمريكية الحالية لا تريد الغوص في مغامرات جديدة مكلفة طالما أنها قادرة على تحقيق المطلوب بـ’القوة الناعمة’، لهذا رأت أن التفاوض مع إيران وعصا العقوبات أجدى لها من الحروب.
إن الذين يصفون سياسة إدارة أوباما الحالية تجاه الشرق الأوسط خاصة ‘بالغباء’ فإنهم – كما يقول محمد الركاض – لا يعرفون من السياسة شيئاً، ولا يعرفون ثعالبها، فالسياسة الأمريكية، التي يصفها البعض بـ’الغبية’ جردت سورية من السلاح الكيماوي الاستراتيجي ما لم تستطع تحقيقه كل حروب المنطقة، وهي ساعية لما بعد الكيماوي.
والأهم من ذلك، أنها كبحت مشروع إيران النووي، دون أن تخسر دولاراً أو جندياً واحداً. قارنوا المبالغ التي أنفقتها أمريكا على مغامراتها في العراق وأفغانستان، وهي عشرات ترليونات الدولارات، مع ما أنفقته على الوضعين السوري والإيراني؟!
لقد حققت لنفسها ولإسرائيل كل ما تريدان فقط من خلال العمل بالمبدأ النابليوني الشهير ‘إذا رأيت عدوك يدمر نفسه، فلا تقاطعه’.
لقد دفعت أمريكا المليارات لإعادة العراق إلى العصر الحجري، كما توعد وزير الدفاع وقتها دونالد رامسفيلد، لكنها حصلت في سورية على كل ما حصلت عليه في العراق ‘ببلاش’، فقط بدماء وأشلاء السوريين وثرواتهم وثروات الآخرين. فإذا كانت سياسة ‘التخبط والغباء واللامبالاة’ الأمريكية هذه قد حققت كل هذه النتائج، فكيف لو كانت سياسة ذكاء ودهاء مثلاً؟
لقد أنجزت إدارة أوباما لأمريكا ما لم تنجزه على مدى عشرين سنة فائتة، في ما يخص ملفات الشرق الأوسط في سورية وإيران، وعلى صعيد ضمان أمن إسرائيل. كيف؟ فقط بتعب اللسان.. وبرود الأعصاب.. والتردد.. واللامبالاة المدروسة؟

فيصل القاسم

‘ كاتب واعلامي سوري

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
01-12-2013 12:07 PM

اعتقد ان ما اوردة الكاتب الفاضل صحيح 100 0/0 ولا يمكن تسمية الاستراتيجية الامريكية التي (اختارتها) طواعية الا بسميات عدة منها ... امريكا اولا ... النأي بالنفس عن مشاكل الاخرين ... لن ادفع ثمن شيئا لم اشتريه ... لن ادخل حربا لا ناقة لي فيها ولا بعير ...
ولكن كان من نتائج هذه السياسة امور كثيرة منها ...
1- لم يعد للعالم هناك (كبير) يخافون منه ويحسب له حساب ...
2- نأي امريكا بنفسها (طواعية) اراد الكثيرون تصويرة على انه تغليب او نصر او بروز للدور الروسي والصيني وعلى اختلاف التسميات ووفق مدى ووجهة نظر من يطلق التسميات ...
3- اظن ان شاغر (شرطي العالم) بحاجة الى من يشغله الان ولا بد من ان يكون هناك من تنطبق عليه المواصفات الوظيفية وخصوصا في حال غياب دور الامم المتحدة - عالميا – وجامعة الدول العربية – عربيا-
4- اعتقد ان الحاجة باتت ملحة جدا لتشكيل جيوش عالمية او عربية تتبع للامم المتحدة او جامعة الدول العربية للقيام بواجباتها للفصل في النزاعات الدولية ...

2) تعليق بواسطة :
01-12-2013 12:28 PM

مسلسل تقسيم سوريا ومصر والسعوديه وااعادة تقسم سايكس بيكو.خنجر اسرائيل بالشرق الاوسط -منقول جزء-:

سنة 1958، وكان من ضمن الوثائق خطة اسرائيل للاعوام التالية، من دون تحديد سقف زمني لهذه الاعوام، والخطة تتحدث عن تقسيم العراق إلى ثلاث دول، ولبنان إلى خمس دول، وسوريا إلى ثلاث دول، وإلى شن حروب مباغتة على مصر وسوريا، وقبل اربعين سنة تقريبا اطلعت على كتاب بعنوان (الصراعات المحتملة في الشرق الاوسط) تأليف كتّاب استراتجيين غربيين، وقد زود الكتاب القارئ بخريطة الصراعات المحتملة في الشرق الاوسط خلال خمسين سنة تقريبا، وقد رسمت الخارطة الحروب الحدودية بدائرتين متقاطعتين، واشارت إلى حرب ايرانية/ عراقية، وأشارت إ لى الحروب الداخلية بدوائر متداخلة، وكانت الدول المرشحة لهذه الحرب لبنان وسوريا والعراق والسودان، فهل نستفيد من ذلك أن كل ما يجري الآن كان مخطَّطا له مسبقا؟ وفيما إذا كان ذلك صحيحا، هل يمكن للدول والقوى التي خططت لكل هذا ان تسيطر عليه وتسيِّره كما تريد وتشتهي؟
الغريب، ان كتاب خنجر اسرائيل اختفى من الاسواق العراقية، كان ذلك بعد حرب عام 1967

3) تعليق بواسطة :
04-12-2013 01:12 AM

متى كانت الامم المتحدة دور شرطي كما هو حال الجامعي العربيه في يوم من الأيام من تاريخها العامر منذو تأسيسها ؟
أمريكا نصبت نفسها شرطي غير نزيه على العالم منذو انهيار الاتحاد السوفيتي ١٩٩١ وافتعالها لواقعة ١١/٩/٢٠٠١ وهذه الحدثه الاخير هي بمثابة القمه في استفحال الهيمنه وام الضربات فقامت باستغلال تلك الظروف بأبشع أنواع العهرنه والاستبداد مستندتنا على قوتها العسكرية الظاربه لتحقيق هيمنتها وليس من اجل تحقيق الأمن والعدالة في العالم أمريكا لم توقع على اي اتفاقيه او اي برتكول عالمي يخص حقوق الانسان امريكا تعتبر نفسها بانها ام الحرية والديمقراطية والإنسانية وهي من ينتهك كل ما للإنسانية من معاني فهي تقتل وتهدم بكل مناطق العالم باسم الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان امريكا أعطت لنفسها الحريه التدخل بشؤون كل دول العالم سوى الشؤون الداخليه كانت ام الخارجيه منها فهي التي تحدد ملامح اي سياسه داخليه ام خارجيه لأي دوله في العالم
العالم ليس بحاجه لشرطي واحد ومن قبل قطب واحد لان العالم لايمكن له الثبات والاستقرار في ظل تلك الأحاديه الموحشه والتي نتج عنها فراغ وخلل يتعذر معهما الاستمرار او الاستقرار ولو كانت بقوة الحديد والنار وهذا ما أفزع الأمريكان وانهيار هم نفسيا لعدم مقدرتهم على ضبط الامور التي أصبحت تخرج عن السيطره الكاملة وأصبحت مهدده من جراء تلك الخلل المخالف لطبيعه الوجود الكوني والمبني على التوازن والاتزان فالوجود يقوم على معادله الا وهي التوازن فلا يمكن هناك نهار بدون ليل حتى ثبات الكرة الأرضية قاىم على وجود الاتزان الناتج عن وجود القطبين حتى الاتجاهات لا يمكن لهم ان تكون الا بوجود المخالف لهما بالاتجاه الآخر والسالب مقابله الموجب فهذه سنة الحياه والوجود

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012