أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من يقف وراء عدم تمرير قانون مركز إدارة الأزمات

بقلم : العميد الركن المتقاعد محمود دايج الخرشه
19-12-2013 05:19 PM
المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات هو المركز الوحيد في الشرق الأوسط والذي جاءت فكرة إنشاءه بعد أحداث الفنادق المؤلمة في العام 2005 تلك الأحداث التي تعاملت معها أجهزة الدولة تعاملا لم يرقى إلى مستوى الحدث فقد كان التعاطي معها تشوبه الكثير من الإرباكات وعدم التنسيق بالاعتماد على نظام الفزعة حيث تواجدت كل الأجهزة والمؤسسات المعنية بموقع الحدث بآلياتها وبعض المسئولين المهمين فيها في موقع الحدث أو بالقرب منه بشكل لافت مما قد يغري العناصر الإرهابية إلى توجيه ضربة ثانية تحقق فيها انجازاً اكبر ، أضف إلى ذلك تداخل الواجبات بين الأجهزة والمؤسسات وازدحام أعاق الحركة وعرقل جهود الإنقاذ وطمس بعض معالم الجريمة مما أخًر الكشف عن المجرمين بالإضافة إلى الاستنزاف الكبير لموارد الدولة فكل مؤسسة جاءت بمعداتها إلى موقع الحدث دونما التنسيق مع باقي المؤسسات فكانت الجلبة في الموقع كبيرة لدرجة أن بعض المعدات انتظرت في الموقع حتى النهاية انتظارا لدورها في المشاركة والذي لم يأتي .كما أن متخذ القرار كان تائها بين المؤسسات والأجهزة المختلفة حيث كان كل جهاز أو مؤسسة لديه وجهة نظر ومعلومات تختلف عن الآخرين وعندها بدأت ماراثونات السباقات من قبل المسؤولين باتجاه المصادر العليا لإثبات معلوماتهم مما أربك صانع القرار وأصبح في حيرة أي المعلومات يمكن الوثوق بها أو الارتكاز عليها؟، واقلق المواطنين خاصة أولئك الذين كان لهم أقرباء في موقع الحدث ولم تستطع أجهزة الدولة تطمين المواطنين بمعلومة صحيحة بوسائلها الإعلامية المختلفة والتي لم تتمكن من الوصول إلى المعلومة لتقديمها للمواطن الأردني الذي كان يتابع ما يجري في وطنه من خلال الفضائيات العربية والأجنبية.

لهذه الأسباب وغيرها كانت فكرة إنشاء المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات ليكون الحاضنة التي تجمع كافة مؤسسات الدولة وأجهزتها الأمنية المختلفة وكذلك المنظمات والهيئات الدولية على ارض المملكة تحت مظلة واحدة دونما أن يكون بديلا عنها.

وفي العام 2008 صدرت الإرادة الملكية لسمو الأمير علي بن الحسين لرئاسة وتأسيس المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات والذي انصاع للرغبة الملكية وشرع بالتنفيذ وقد اختار وقتها واحدا من رجالات القوات المسلحة المشهود له بالخبرة والكفاءة ليكون نائبا له ومن هنا انطلقت الخطى ثابتة لتحقيق الرؤى في إيجاد هيئة عليا لتنسيق جهود كافة مؤسسات الدولة بهدف جعلها تعمل وفق تناغم كامل وتنسيق تام واستغلال امثل لموارد الدولة في ظل معلومة دقيقة وفي التوقيت الملائم ، وبعد ذلك شُكلت هيئة ركن تمثل كافة الوزارات والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأجهزة الأمنية وممثلين عن الهيئات الدولية العاملة على ارض المملكة لوضع الأطر وتحديد الواجبات والأهداف وانجاز الهيكل التنظيمي القادر على تحقيق أهداف المركز.

قام الجميع في المركز بمسابقة مع الزمن لممارسة الأدوار المطلوبة منهم وخطى المركز خطوات كبيرة باتجاه تحقيق الهدف الأسمى وكان نتاجها انجاز هذا المشروع وفق احدث النظريات في إدارة الأزمات على المستوى الوطني واقل ما يقال عن هذا المركز انه استطاع إجراء تمارين تحاكي في سيناريوهاتها التدخل للتخفيف من آثار أزمات إقليمية ومحلية شاركت فيها كل مؤسسات الدولة لاختبار الخطط الموضوعة لمواجهة الكوارث الطبيعية أو تلك التي تنجم عن فعل الإنسان ويكتفي المركز حاليا بتقديم المشورة لصناع القرار ويقترح التوصيات وبعض الحلول لتلافي أية أمور تؤثر على الأمن الوطني.

ومن منطلق أن لا سلطة من دون قانون لم ينخرط المركز في الإدارة الفعلية للأزمات وذلك لعدم القدرة على تمرير القانون الذي ينظم عمله بالتعاون والتنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة لتحديد المسؤوليات والواجبات هذا القانون الذي مع الأسف لم يجتاز المرحلة الأولى للتشريع على الرغم من صدور الإرادة الملكية بعرضه على مجلس النواب السادس عشر في دورته الاستثنائية عام 2011 إلا انه لم يصل إلى مجلس النواب حتى اليوم بعد أن تداعى الظلاميون وهواة ترسيخ ثقافة الفزعات والمرجفون الذين يعتقدون أن وجود المركز يزلزل أدوارهم الشخصية ليستبدلها بدور مؤسسي يعظم دور المؤسسة ويتجاوز الفردية فأعملوا كل أدواتهم لإفراغه من مضمونه وعملوا على تقزيمه ليصل الأمر به إلى مستوى قاماتهم وحالوا دون وصولة إلى غرفة التشريع في مجلس النواب وفقا للإرادة الملكية وهكذا بقي المركز على حاله يتابع ويراقب على الرغم من انه استطاع خلال فترة قصيرة من بناء قاعدة بيانات ضخمة يمكن الاعتماد عليها لإدارة أي أزمة على الرغم من مرور هذه المرحلة بمخاض عسير ولكنها تحققت بإصرار القائمين على المركز بالتزامن مع انجاز البناء المؤلف من عدة طوابق تتوفر فيها كافة الخدمات اللوجستية والفنية وفق احدث المعايير وتقنيات حديثة في إدارة الأزمات كلفت مبالغ تخطت عشرات الملايين.

يحق لي كمواطن أن اتسائل هنا ما مصير مبالغ باهظة أنفقت لانجاز هذا الصرح الوطني والى متى يبقى المشرع بالانتظار لانجاز القانون وتفعيل دور المركز لممارسة مهامه الوطنية، وهل سيكون قدر كل المؤسسات الناجحة الحرب عليها لتصبح مشاريع فاشلة؟؟؟

من هنا أقول لكل الغيورين على الوطن أن في هذا المركز ما يستحق التوقف كوني سبق وان تشرفت بالخدمة في هذا المركز وقد أُنهيت خدماتي فيه وفي ظل العرف السائد القائل أن بعض من يغادر مؤسسته يقوم بكيل التهم إلى القائمين عليها وينعتهم بالفساد والخيانة العظمى لاستغنائهم عن خدماته كونه الأكثر إخلاصا لتلك المؤسسة فاعتقد أن شهادتي في هذا الصرح غير مجروحة وأنا خارجه ، فأعطوه حقه في الحياة وامنحوا وطنكم هيئة يمكن أن تأخذ به إلى مستوى أفضل وامنحوه الفرصة للمشاركة في خدمة الوطن.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-12-2013 08:24 PM

عملت في هذا المركز و الشهادة لله ... هذا المركز لا تستوعبه العقول ، أهدافه سامية و فكرته وطنية و حينما تنظر الى اسلوب عمله و بنيته تشعر أنك تشاهد احد افلام الخيال ، كل الاحترام لكل القائمين على هذا الصرح العظيم و ادعوا الله ان يوفقكم الى كل خير

2) تعليق بواسطة :
19-12-2013 08:50 PM

عطوفة العميد الخرشه .. شكرا
كل عمل قد يرقى بالأردن فهو معطل بفعل فاعل عن عمد واصرار وتصميم ... وكل مال مفتوحة خزائنه للبغايا , وكل المؤسسات التي بيعت ودمرت اقنصادنا , تحولت الى ارصدة باسماء طائرة على وطننا ومجتمعنا ....
اين همة الرجال الذي يفعلون ما يقولون ؟
اذا توفر العمل فسيعود الأردن وكل ما نهب وبيع واستملك منه
فهلا لبسنا ثياب رجولتنا واتحدنا في صف مرصوص؟؟؟؟؟؟

3) تعليق بواسطة :
20-12-2013 02:52 AM

شكرا لك على مقالتك ولكن المشكله ان المركز سيكون مركز سيادي بحيث يقوم باصدار الاوامر لكافة الوزارات فهل يقبل الوزير ان يتم تكليفه بعمله من مركز يعتبر حسب التنطيم الادراي ادنى من الوزارات وخصوصا السياديه
مع تمنياتي بخروج قانون مركز ادارة الازمات الى العلن

4) تعليق بواسطة :
20-12-2013 03:35 AM

لا استطيع ان ازيد على ما قلت سيدي ابو احمد لقد ابعدت واجزت والشمس لا يمكن تغطيتها بغربال فالمركز باذن الله قادم لا محالة بجهود الخيرين والقائمين عليه.

5) تعليق بواسطة :
20-12-2013 03:42 AM

المعني باصدار الاوامر هو الوزير المعني بادارة الازمة وليس المركز واكتفي بهذا القدر مراعاةً لخصوصية المركز

6) تعليق بواسطة :
20-12-2013 11:54 PM

اشكر الكاتب المحترم على اثارة هذا التساؤل .. بعد تفكير عميق قررت ان أوضح مجموعة من الحقائق لجمهور القراء الكرام
اولا: اتفق مع الكاتب بانه و نتيجة لعدم التنسيق و التخطيط المسبق اثناء إدارة أزمة تفجيرات عمان انبثقت فكرة تأسيس المركز الوطني، و حملت في طياتها العديد من الأفكار البناءة التي كان من الممكن تطبيقها عمليا لو تكاتفت الجهود بأمانة مقدمتا المصلحة العامة على الاعتبارات الشخصية للعديد من الأطراف ( المركز و القائمين عليه من جهه و مؤسسات الدولة الاخرى من جهة اخرى ) و من هنا كانت نهاية البداية.
ثانيا: على الرغم من سمو الفكرة الا ان المركز ( اقصد هنا القائمين عليه ) فشلوا في تسويق المركز الى مؤسسات الدولة على اختلافها لانه من الطبيعي ان تتم مقاومة التغيير في النمط السلوكي لتلك المؤسسات بالسهولة. التي افترضها القائمون على المركز و بدلا من ان يتم التقرب من مؤسسات الدولة تولدت حاله من عدم الثقة بين القيادات و تحولت الى عداء بات واضحا للجميع. و ازادت حدة العداء عندما أصر القائمين على المركز على اخراج قانون كان الهدف الاول منه نزع صلاحيات المؤسسات الاخرى بل تعدى الامر الى مزاحمة المؤسسات الاخرى على الوصول لرأس هرم السلطة و هو ما أعطى المؤسسات الاخرى الذريعة لإفشال المركز و تحييده ليبقى الحال السابق هو السائد و بالتالي يبقى الأردن هو الخاسر الاول.
ثالثا :

7) تعليق بواسطة :
21-12-2013 12:39 AM

ثالثا : فشل القائمين على إدارة المركز في وضع أسس ثابته لتكون نموذجا للدولة للاحتذاء بها و أهمها
١- التعيينات : حيث اتخذت التعيينات طابع التقرب من مسؤولي الدولة و ذلك بتعيين أبناء و بنات ( الوزراء او كبار الضباط، موظفي الرئاسة، البشاوات) و أشقاء موظفي الديوان .. الخ مما أدى الى تمكين المنافسين من الطعن بنزاهة تلك التعيينات. و عدم تفرغ بعض القائمين على إدارة المركز لانشغالهم بإعطاء المحاضرات في جامعات مقابل الأجر
٢- اتخاذ القرارات : و كأي مؤسسة حكومية بات القرار بيد رجل واحد يمنع مناقشته تحت طائلة أعادته الى مؤسسته الام مما أدى الى الانحراف عن الفكرة الاساسية لإرضاء المسؤول.
٣- استفزاز غير مبرر لمؤسسات الدولة و ذلك بتعين متقاعديها مباشرة مع الأخذ بعين الاعتبار ان التعيين لم يكن هدفه الاستفادة من خبرات و مؤهلات هؤلاء المتقاعدين بل مناكفة مسؤولي تلك المؤسسات بالدرجة الاولى.
٤- عدم تأهيل العاملين بالمركز على أساس الوظيفة بحيث اصبح المركز بيئة طاردة الكفاءات مع الشعور بالغبن لاحتضان أبناء المسؤولين و تميزهم عن كوادر المركز الملحقة.
رابعا : شعور مسؤولي المؤسسات الحكومية الاخرى بما يمكن ان يعتبر تهديدا لمواقعهم و خصوصا بعد الاطلاع على آليات إدارتهم لتلك المؤسسات أدى الى تكاتفهم للنيل من فكرة المركز الوطني.
خامسا : تتحمل كافة الأطراف ( إدارة المركز من جهه و إدارات المؤسسات الحكومية من جهة اخرى ) تعسر وولادة قانون المركز .. لان الأهداف و التطلعات الشخصية لهم جميعا تم تقديمها على مصلحة الأردن
ان المركز الوطني للأمن و إدارة الأزمات فكرة رائدة و ملاذا للدولة للتعامل مع كافة انواع الأزمات التي من الممكن ان تواجه المملكة بكل اقتدار لذا فإنني
من هنا أتوجه بنداء عاجل الى جلالة الملك متمنيا
١- استبدال القائمين على إدارة المركز الوطني للأمن و إدارة الأزمات .
٢- استصدار قانون المركز الوطني للأمن و إدارة الأزمات بشتى السبل

اعتذر من الكاتب الكريم و من القراء الأفاضل و من كل الأردن على الإطالة و لكن من ألمي و من حبي للأردن وودت ان أشارككم همكم
و السلام عليكم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012