08-11-2010 02:00 PM
كل الاردن -
عقدت الهيئة الوطنية للإصلاح ( تحت التأسيس ) يوم الأحد مهرجاناً خطابياً حول ضرورات ودلالات مقاطعة الانتخابات النيابية كمقدمة لتفعيل الحراك الشعبي بهدف خلق رأي ضاغط يحمل الحكومة على المضي بخطوات جادة في عملية الإصلاح السياسي.
وتحدث في هذا المهرجان، الذي عقد بمجمع النقابات المهنية إثر رفض محافظ العاصمة منح الترخيص لإقامته في الساحة المقابلة لنادي اليرموك، كل من الدكتور سعيد ذياب، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، والدكتور همام سعيد، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، والأستاذ حمزة منصور، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي والناشط القومي المحامي د. رياض النوايسه.
المحامي جواد يونس قدّم لهذا المهرجان الحاشد مشدداً على أن المواقف والممارسات غير المشروعة للحكومة بحق القوى السياسية والفعاليات الشعبية، وعدم التجاوب مع صوت وصمير الشارع فيما يتعلق بالحريات العامة وقانون الانتخاب بشكل خاص، تجعل من ممارسة الانتخاب عملية غير مجدية، خاصة بعدما استقرت صورة تزوير نتائج الانتخابات النيابية في أذهان الناس. وأشار إلى أن أهم ما يميز الدولة الديمقراطية عن الدولة البوليسية هو تمكين المواطنين من مراقبة أداء السلطة التنفيذية ليردوها إلى جادة الصواب كلما خرجت عن القانون سواء عن عمد أو إهمال، لافتاً إلى أن الاستحقاق الانتخابي يأتي في سياق الحركة الأساسية لتحقيق ذلك، إلا أن الأمر في الأردن لا يجري وفق هذه الصورة.
الدكتور سعيد ذياب، الأمين العام لحزب الوحدة الشعبية، أكد في كلمته أن السمة الأولى التي تميز العملية الانتخابية، تتمثل في حالة الفتور المسيطرة على الشارع، حيث تشهد هذه الانتخابات عزوفاً شعبياً غير مسبوق عن المشاركة فيها، رغم الحملة التي تقودها الحكومة مسخرة كافة أجهزتها وأدواتها لدفع الناس للمشاركة في هذه الانتخابات، ما يدلل على حجم الأزمة التي تعيشها السلطة التنفيذية. وأشار ذياب إلى افتقار الشعارات التي رفعها المرشحون للبعد السياسي بشكل لافت للنظر، وإلى غياب الكثيرين من نشطاء الحقل العام وأصحاب الرؤى السياسية عن الانخراط في العملية الانتخابية. ونوه إلى تنامي ظاهرة العنف المجتمعي في ظل هذه الانتخابات التي لا يمكن أن تفرز برلماناً قوياً لديه القدرة على الاضطلاع بدوره التشريعي والرقابي، حيث أن مقدمات العملية الانتخابية التي تجري استناداً إلى قانون الصوت الواحد والدوائر الوهمية تؤكد أن المجلس النيابي المرتقب سيكون عاجزاً عن القيام بدوره كمجلس للشعب.
ولفت إلى أن قانون الصوت الواحد قد جاء بهدف ضرب التعددية السياسية وقطع الطريق على أي تطور بالعملية الديمقراطية، ولتمرير صفقات سياسية مثل معاهدة وادي عربة، وتمرير الرضوخ الحكومي لصندوق النقد الدولي.
وقال ذياب: " إن تمسك الحكومة بقانون الانتخاب جاء نتيجة إدراكها بأن التغيير الحقيقي لن يتحقق في ظل وجود هذا القانون، ومن هنا جاء مطلبنا بتعديله كمدخل للإصلاح السياسي، كما جاء قرارنا بمقاطعة الانتخابات النيابية، وما قمنا به من جهد لشرح أسباب وموجبات هذا القرار ". وأضاف قائلاً: " إن الإصلاح ضرورة وطنية لا يمكن تجاهلها، فالقدرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية غير ممكنة بدون إصلاح يضمن المشاركة الشعبية والتعددية السياسية للتخلص من ثقافة القطيع وفرض سياسة الهيمنة والخضوع ". وأكد أن قوى المقاطعة عازمة على المضي بنهجها وفعالياتها لخلق رأي شعبي ضاغط يفرض على الحكومة وضع الإصلاح على أجندتها، والتوقف عن ممارسة المشاغلة السياسية.
ومن جانبه أشار الدكتور همام سعيد، المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن الفساد المستشري في البلاد يكمن في قانون الانتخاب والمجلس النيابي، ما يجعل تحقيق الإصلاح أمراً مستحيلاً بمعزل عن تغيير هذا القانون وإقرار قانون انتخاب يفرز برلماناً قادراً على القيام بدوره في التشريع والمراقبة والمحاسبة، لافتاً في ذات السياق إلى أن قانون الصوت الواحد جاء ليستهدف القوى السياسية الفاعلة، ويشكل عائقاً أمام الحركة الحزبية والشعبية في البلاد.
ونوه إلى أن تعديل هذا القانون يتضمنه ابتكار الدوائر الوهمية جاء ليضمن وصول بعض الأشخاص إلى البرلمان، وهو ما أكدته تقارير منظمات حقوق الإنسان، وقال: " إن مقاطعتنا ليست عبثية ولا سلبية، وإنما نحن نقاطع الفساد والقوانين المقيدة للشعب والمحددة للإرادته، ومن هنا جاء اجتماعنا في هيئةٍ وطنيةٍ للإصلاح ". وأضاف قائلاً: " إن قانون الصوت الواحد لم يلق قبولاً بين فئات الشعب منذ أول لحظات إصداره، حيث اجتمع في المجلس النيابي الحادي عشر 54 نائباً ليعلنوا رفضه حين كان مجرد مشروع قانون، فتم حل البرلمان وجاءت الانتخابات النيابية بعد ذلك بالاستناد إليه، واستمرأت الحكومات المتعاقبة بممارسة التزوير حتى بلغ أشد أنواعه في انتخابات العام 2007 ". وطالب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين بتحرير الشعب من هذا القانون، والتحقيق في المجالس النيابية السابقة، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد.
وقال الأستاذ حمزة منصور الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي، أن " السلطة التشريعية لم تعد هي السلطة الأولى والفاعلة في الحياة العامة ... والشعب لا ينتخب حكومته ولا يستشار في السياسة التي تحكمه، وهو الذي يدفع الضريبة ويمول الخزينة ".
وأكد أن تهميش المجلس النيابي ومصادرة حق الشعب هو ما أوصلنا لهذه الأزمات المرشحة للتفاقم في حال عدم تداركها بإصلاح حقيقي، مشيراً إلى أن الحركة الإسلامية انطلقت في اتخاذ قرارها بمقاطعة الانتخابات من تشخيص دقيق للواقع الاقتصادي الاجتماعي، وإدراك عميق لسبيل الخروج من هذا المأزق الذي يعيشه الوطن، عبر إصلاحات جذرية يكون مدخلها قانون انتخاب يضمن تمثيلاً حقيقياً للشعب.
وأضاف الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي: " لو كان مجلس النواب إفرازاً طبيعياً للشعب لما مررت معاهدة وادي عربة، التي جاء لتمريرها هذا القانون المصادر للإرادة والمتناقض مع مصالح الأردنيين، والمكرس لهيمنة السلطة التنفيذية ". وأشار إلى أن اللجنة الوطنية للإصلاح منعت من التعبير عن رؤيتها بالوسائل السلمية، في حين أن الأبواب فتحت على مصراعيها للترويج للرؤية الرسمية وإسباغ صفة الوطنية على العملية الانتخابية.
أما المحامي د. رياض النوايسه فقال في كلمته إن " مسيرة دعاة الإصلاح لم تلق آذاناً صاغية من السلطة التي تتناقض بطبيعتها البنيوية مع مطلب الإصلاح، وأن إرادة الإصلاحيين كانت في كثير من الأحيان موسمية وينقصها التصميم، ما أوصلنا إلى ما بلغناه اليوم رغم التضحيات التي قدمت على هذا الطريق ". وأضاف بقوله إن " المطالبة بالإصلاح هي قضية حياة ووجود، وليست قضية ترفية، فمنع الناس من التعبير واختيار ممثليهم واتخاذ القرارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية بعيداً عن السيطرة والهيمنة، جعل المواطن مجرد قاطن أو ساكن، أو في بعض الأحـوال لاجئ ". وأكد أن هنالك مرتكزات لا غنى عنها لتحقيق الإصلاح، وتتمثل في تأصيل وتأكيد الهوية العربية للأردن،
وإقرار سلطة الحكم بأن أفراد المجتمع مواطنون يتمتعون بكافة الحقوق على أساس دائم، وإقرار السلطة بالحرية السياسية وترجمة ذلك عملياً، والعمل على كفالة حق عودة اللاجئين والتأكيد في تاريخية عروبة فلسطين. وشدد على أنه لتحقيق الإصلاح لابد من إقرار مبدأ أن من يتولى السلطة يجب أن يتحمل المسؤولية، وعدم جواز الجمع بين السلطات، والإقرار بالتداول السلمي للسلطة، والتشريع لقانون انتخاب حقيقي يمكّن الشعب من التعبير عن إرادته، وتشريع محكمة دستورية، بل وإعادة مراجعة أو كتابة الدستور، منوهاً إلى ضرورة تشكيل الحكومات من الأغلبية النيابية.