أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الدراما التركية وغزو العقل العربي 

بقلم : علام منصور
22-12-2013 10:57 AM
أصبح لافتاً للنظر انتشار ظاهرة المسلسلات التركية التي تلقي رواجاً كبيراً من قبل المشاهد العربي وهي التي تعتمد اصلا على تقنية \'الدوبلاج\' وهذا ما يلزم علينا وعلى المهتمين بالشأن الفني والدرامي أن يبحث عن الأسباب التي كانت وراء سر نجاح تلك الأعمال عند المشاهد العربي وفي سوق الانتاج العربي. 
عودة إلى الوراء قليلاً وتحديداً منذ عام 2007 ظهرت موجة الدراما التركية على شاشات التلفزة في العالم العربي عبر مسلسل \'اكليل الورد\' ثم تلاه مسلسل \'سنوات الضياع\' وتوج ذلك بمسلسل \'نور\' بعرضه على قناة MBC وكانت الدهشة من خلال الاستطلاعات التي بينت أن حوالي 80 مليون مشاهد عربي تابع شاشة MBC لمشاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل \'نور\' مما أعطى دافعاً لدى تلك القنوات والمحطات أن تضع تلك المسلسلات في جدول برامجها في اوقات الذروة لما يحقق لها ذلك من مردود مادي كبير من خلال الاعلانات التجارية. 
ومنذ لك الوقت نجحت المسلسلات التركية أو الدراما التركية باختراق سوق الانتاج الفني العربي، بل وأصبحت منافساً له لعل من ابرزها اعتمادها على التصوير الخارجي بعكس أغلب المسلسلات العربةي التي ما زالت تميل وتعتمد على الاستوديهات الداخلية للتصوير. ناهيك طبعاً ع الربح المادي الكبير الذي يسير أغلب شركات الانتاج العربية، التي هي ايضا بالكاد أصبحت تتحمل أعباء المغالاة في تكاليف الانتاج وخاصة اجور الممثلين التي وصلت الى ارقام خيالية ليست بقدرة المنتج في ظل الاوضاع العربية الراهنة واالتي يمكن النظر من خلالها ان اقتصاد الانتاج الفني يدخل في باب الترف الاقتصادي، وما يتفرع بعد ذلك من تكاليف في كل عمليات الانتاج الفني. 
ايضا لابد من الاشارة الى ان نجاح الدراما التركية في اختراق السوق العربي يعود لكون حقوقها ارخص من حقوق المسلسلات العربية التي تعتبر السوق العربي هو سوقها الوحيد ومكانها الطبيعي، بعكس المنتج الدرامي التركي الذي يرى في السوق العربي سوقاً ثانوية له، لذا كان يقوم بعملية البيع بأسعار زهيدة إذا ما قورنت بالمسلسلات العربي، إلا أنه كان يعتبر ذلك دخلاً إضافياً له من سوق لم تكن في حسبانه. 
ايضا فانه لا يصح التغاضي عن دور اللهجة السورية العامية في سبب انتشار الدراما التركية عبر تلك المسلسلات، فقد عملت \'الدبلجة\' وبتلك اللهجة على استبدال الاسماء في المسلسلات التركية الى اسماء عربية، واستبدال اغلب الاغاني الى اغان عربية، مما جعلها قريبة من احساس ونبض المشاهد العربي، بعكس ما حدث في المسلسلات المكسيكية التي ظلت محافظة على اسماء ابطالها بشكلها الاجنبي وظلت تخاطب المشاهد العربي بالعربية الفصحى، فكانت النتيجة قلة وضعف الاهتمام بها وعدم ملامستها للوجدان العربي وحلت مكانها الدراما التركية باللهجة السورية القريبة والمألوفة عند المشاهد العربي من المحيط الى الخليج. 
ان ما سبق يمثل قراءة بسيطة لدخول الدراما التركية السوق العربي عبر اكبر محطاته الفضائية وفي ساعات الذروة...وطبعا هناك اسباب اخرى تلعب دورا في نجاح الدراما التركية مثل قضية الفراغ العاطفي الذي يعيشه شباب وشابات الوطن العربي وما الى ذلك واهمية المونتاج الفني في الدبلجة والامكانيات الفنية الحديثة وطاقم فني محترف، ولكني ارتأيت ان اقف على بعض المفاصل العامة والفنية في انتشارها...حتى لا يبقى الفن العربي اسير نفسه ومتقوقعا على ذاته ...فالفن في نهاية المطاف رسالة... ورسالة الفن العربي الان مهددة بالضياع في ظل هذا الغزو الدرامي لعقل المشاهد العربي من محيطه الى خليجه. 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012