أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


:الحواسون وطبخة جنيف 2 

بقلم : عبد الحليم المجالي
11-01-2014 11:03 AM
من له المام ولو بسيط بالمؤتمرات الدولية التاريخية يدرك تماما ان جنيف 2 لا تمت الى تلك المؤتمرات بصلة منطقية , فعلى سبيل المثال المؤتمرات التاريخية تنعقد في ظروف واضحة المعالم ولغايات محددة وتكون الاطراف في تلك المؤتمرات محددة الهوية والاتجاه واحيانا ما يكون احد الاطراف منتصرا ليفرض شروطه على الطرف الاخر المهزوم . اما في جنيف 2 فالامر مختلف تماما فالاهداف غير واضحة والاطراف المدعوة لاهوية مميزة تفرق كل طرف عن الاخر , المؤتمر بحد ذاته لا يسعى الى تحقيق مصلحة محددة لجهة محددة فكل الاطراف على ما يبدو تسعى الى تحقيق اهداف شاعرية المعنى فيها في بطن الشاعر. الداعية الى المؤتمر الامم المتحدة والمفاوض عنها في مرحلة التحضير للمؤتمر هو الاخضر الابراهيمي الذي هو بالاساس ممثل عن الامم المتحدة وجامعة الدول العربية التي تخربط غزلها وتاهت بوصلتها فاصبح الابراهيمي لا يمثلها وترفضه الدولة العربية المعنية اصلا بالمؤتمر لان الجامعة عزلتها واعترفت بغيرها . الجهتان المعنيتان بالتحضير للمؤتمر هما ماما امريكا وروسيا وهما تعملان بالظل لتبدو على الواجهة جهات اخرى تعمل بالوكالة . 

المؤتمر اصلا يهم بالدرجة الاولى بلدا عربيا هو سوريا المنكوبة بالجهل العربي والتبعية للغير وبالمؤامرات الدولية وحساباتها التي لا تمت الى المصلحة العربية بصلة , المؤتمر ايضا حدد الحل السلمي كاطار له ولكن الواقع ينبيء بان تلك الاطراف المتشدقة بالحل السلمي تدعم الحرب والقتال وتغذيهما عل الجبهات بالمال والعتاد والرجال . الحديث في العلن عن حل سلمي ولكن ما يجري على الارض عكس ذلك تماما . اللافت للانتباه والداعي الى الاستغراب التحالفات المريبة بين مكونات ما يعرف بالمعارضة السورية المقاتلة الى حد الحرابة بين حلفاء الامس والمتوافقة ايدوليجيا في برامجها السياسية الاسلامية بالذات يتزامن هذا مع الاستقالات بالجملة من الائتلاف الوطني المعارض وهذا كله يعقد الموقف السوري ويجعل منه موقفا مهزوزا لايملك رايا عاما محددا ولا توجها سياسيا يمكن البناء عليه . 

الحال السوري اقل ما يمكن القول فيه انه غير مطمئن ولا يمكن البناء عليه لمصلحة الشعب السوري فما هو حال البلدان العربية الاخري ؟ البلدان العربية ليست باحسن حالا فعلى قائمة المدعوين جامعة الدول العربية ولكن ليس بصفتها ممثلا معتمدا للعرب بل قد تكون غطاءا لحل سيء لا يخدم العرب كما حدث في الحالة الليبية وتكون تحت الطلب لتلبية متطلبات من يستطيع اختطافها واغتصابها . بلدان عربية على قائمة المدعوين بصفات مختلفة مع غياب الصفة الاخوية لسوريا الارض والشعب . بلدان عربية مدعوة بصفتها دول الجوار كالعراق والاردن ولبنان وهذه الدول تشترك بانها غير مستقرة داخليا فالعراق مشغول بحرب القاعدة وباتهامه بانه ابتعد عن عروبته لصالح التحالف مع ايران وامريكا والاردن الذي يتصرف تحت ضغوط اقتصادية وسياسية فلا تجد له توجها معتمدا يشكل ورقة ضغط في المؤتمر ولبنان المنقسم افقيا وعاموديا حتى انه لم يستطع تشكيل حكومة بعد حوالي تسعة اشهر من المحاولات بعض الدول العربية دعيت بصفة الصداقة لسوريا وشعبها واخرى بصفتها تملك المال السياسي الذي اثبت قذارته وبانه ذخيرة الاستمرار بتدمير سوريا , هذه الدول ايضا لا تملك من امرها شيئا يضيف عاملا ايجابيا من عوامل نجاح المؤتمر او على الاقل جدية تقنع الاخرين . 

العرب الرسميون وتياراتهم الدينية والعلمانية واليسارية والاغلبية الصامتة لاقدرة لهم في توليفتهم الحالية ونظامهم المخترق ممن يعتبرون انفسهم اصحاب ' المحاس ' لاقدرة لهم لا في ساحات الحرب ولا قاعات المؤتمرات رغم ما يملكون من قدرات وارض وعقول وهم منذ الايام الاولى لحقبتهم التاريخية الحالية وبدايات استقلالهم وهم محط انظار الغير الذي جعل منهم عجينة صالحة لكل ما يشتهون من طبخات بالذوق الصهيوني الاستعماري ويبقى الذوق العربي وما تشتهيه الانفس العربية مجرد اماني واحلام . لقد كررنا بدايات المؤامرات كثيرا وبات من المهم ان ننبه لاخر حلقة في تلك الهيلمانات زيارة كيري وزير الخارجية الامريكية التي ضرب فيها الرقم القياسي لزيارة المنطقة خلال جولاته المكوكية بين اكثر من عاصمة عربية وزيارة الكيان الصهيوني الموحد في فكره ومشاريعه ونذكر بانها انتهت لا لشيء الا بمزيد من الاستيطان والمزيد من التنازلات العربية . قبل ذلك مؤتمر مدريد واوسلو وقرار 242و338 والحج الى كامب ديفد وواشنطن والنتيجة مزيد من التنازلات والهوان العربي . 

الاعلام في الوطن العربي وهو كما يقولون المغراف الذي يخرج ما في القدر العربي وفي اللهجة الخليجية الملاس فلا عجب ان تكون مخرجاته هي الاسوأ منذ زمن لان القدر العربي خاوية الا من حصى توهم الجوعى بان هناك ما ينتظرهم مما يسد رمقهم ولا مانع ان يطول الانتظار . الاعلام هذه الايام مهتم بايصال ما يدور في العالم العربي ويربط ذلك بمؤتمر جنيف 2 ولكن المتلقي العربي بات من الارهاق بمكان حيث اختلطت عليه المفردات وبات من الصعب عليه ان يفهم ما معنى الثورة السورية وما آلت اليه من تحالفات الاتجاه الواحد ضد بعضها البعض وخوض معارك ضارية فيما بينها واذا ماحاول فهم مايجري في العراق يصطدم بمفردات الجيش وقوات الامن والصحوات ومبادرات من هنا وهناك وسيارات مفخخة ورائحة طائفية نتنة وكذا الحال في لبنان واليمن ومصر وتونس . مما تقدم ارى ان مؤتمر جنيف 2 ما هو الا طبخة وضع مقاديرها الراعيان له امريكا بالدرجة الاولى وروسيا ثانيا واما الباقون وخاصة اصحاب الشأن العرب فما هم الا ايدي تحوس في هذه الطبخة لافسادها والوصول الى النتيجة المرغوبة وهي مصلحة الشرق والغرب وامن اسرائيل . جاء في الاثر الشعبي ' الطبخة اذا كثروا حواسينها شاطت ' فجنيف2 طبخة شائطة والمحواس الاكبر فيها امريكا والخاسر للوقت والجهد هم العرب الذين وصلوا الى الدرك الاسفل من الغباء . 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012