أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تساؤلات لا بد من مواجهتها

بقلم : فيصل عاكف الفايز
14-01-2014 12:33 AM
قبل الدخول في تفاصيل جملة التساؤلات والقضايا، التى ارى من الواجب طرحها في هذه العجالة، لابد من التاكيد ابتداءً، على ان الاردن تمكن عبر العقود الماضية، من الحفاظ على امنه واستقراره ومنعته وقوته، رغم التحديات والظروف الصعبة التى مر بها، ورغم القتل والتدمير والفوضى الذي يحيط فيه، وكل ذلك بفضل الله وحنكة وفطنة جلالة المغفور له باذن الله الملك الباني الحسين بن طلال رحمه الله،وقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله، ووعي ابناء الاسرة الاردنية الواحدة، ووحدتنا الوطنية، والتفافنا حول قيادتنا الهاشمية، واصرارنا جميعا على تمكين وطننا والنهوض فيه، وتعزيز مسيرته الاصلاحية الشاملة، بخطى مدروسة تحاكي واقعنا،وتستلهم من تجارب الاخرين ما يعلي شأن الوطن،ويحفظ امنه واستقراره، ويصون كرامة المواطن وشعوره بالفخار والكبرياء والشموخ.
ومع قناعتي التامة، بان جبهتنا الداخلية قوية، ووطننا عصياً على المتربصين به، وذلك بفضل ايماننا المطلق، باننا لانرضى بغيره وطننا، وبسبب جاهزية ويقظة اجهزتنا الامنية وقواتنا المسلحة،وادراكهما لكل مايجري حولنا، وقدرتهما على التصدي لاي محاولة للنيل من امننا، انى كان المعتدي، الا انني اجد نفسي مضطرا للحديث حول بعض المظاهر السلبية، والسلوكيات السيئة، التى بتنا نشهدها بين ظهرانينا اليوم اكثر من اي وقت مضى، وان كانت لاتؤثر على امننا واستقرارننا الوطني، الا انها اصبحت تقلقنا جميعا، واصبحت تشتت اذهاننا عن قضايانا الكبرى، وتلقى بظلالها السيئة احيانا على قيمنا وعاداتنا الاصيلة، التى تربينا عليها جيلا بعد جيل، ولم نكن نألفها في مجتمعنا المتسامح والمتصالح مع نفسه.
وهنا أتساءل، منذ متى كانت لغة الحوار بين مختلف المكونات السياسية والاجتماعية، مبنية على الريبة والشك وعدم الثقه،حول ابسط القضايا و»اسذج» الخلافات، دون الالتفات الى الجوامع والقواسم المشتركة للبناء عليها؟ ومنذ متى باتت المناكفات الطلابية، تطغى على احاديث مجالسنا، وتتحول الى خلافات عشائرية وجهوية واقليمية بغيضه، تستخدم فيها الاسلحة البيضاء والرصاص احيانا؟ ومتى كان اغلاق الشوارع، والاعتداء على الممتلكات العامة، والاستقواء على الوطن، وتغليب الهويات الفرعية على الهوية الوطنية، عنوانا للمرجلة والفروسية؟ وهل التراشق بالكلام وغيره، وتوزيع التهم الجاهزة، وكيل الاتهامات عبر الفضائيات، يقع في باب الحوار الديمقراطي المسؤول؟ وهل مثل هذا الفعل ينم عن قبول الاخر، والطريق الصحيح لتسوية اختلافاتنا، ومعالجة مشكلاتنا؟.
وليت الامر يتوقف عند هذا الحد، الا انه وللاسف، بتنا نشهد ايضا، ظاهرة غريبة على مجتمعنا، تطفو على السطح، تتمثل بسرقة سيارات المواطنين وفرض الخاوات، واصبح هذا الفعل المشين يؤرقنا، ويلقي بظلاله السيئة على بلدنا، وهناك سلوكيات سلبية اصبحنا نلاحظها، مثل « تسكع « الشباب والقاصرين في الازقة،وفي ساعات المساء وانتشار آفة المخدرات، وهذا الامر، اصبح مدعاة للخوف ويقلق مجتمعنا،اضافة الى قيادة المركبات بسرعات جنونية وتهور، والاعتداءات المتكررة على قاعات الامتحان، والتدخين في الحافلات العمومية، ورمي النفايات في الطرقات والمتنزهات، والاستهتار بالقوانين والانظمة، فهذا كله بات ديدن البعض،واصبح ممارسة مقبولة، دون الالتفات لاي وازع اخلاقي او ديني.
واتسأل ايضا، لماذا توجه التهم المختلفه جزافاً مهما كان نوعها، لكل من يدعو الى ضرورة الالتزام بالقيم والتقاليد والاعراف؟ ولماذا توجه التهم لكل من يحرص على الوحدة الوطنية، ويؤمن بإهمية قبول الاخر والتوافق؟ ولكل من يؤكد على ضرورة الحفاظ على امن الوطن، ويعتبر ان الحوار الهادف والمسؤول بين الافرقاء، حول مختلف القضايا، للوصول الى قواسم مشتركة باعتباره هو الطريق القويم لتعظيم الانجاز ومواجهة التحديات، والاصلاح الذي يرتضيه الجميع، دون مغالبة او اقصاء.
لماذا يتعامل البعض مع الوطن ومقدراته، دون مساءلة ومسؤولية؟ ولماذا اصبحت القيم المادية الجامدة، عنوانا لتعاملاتنا اليومية، وغاب عن حياتنا دفء العواطف، ونبل القيم، وسمو الاخلاق، وصدق القول، وحسن العمل، واصبح الكل ينظر للاخر، «كالفريسة « يريد ان ينقض عليها، اليس من توقّف؟ اليس من لحظة مراجعة؟ وهل بهذه السلوكيات المرفوضة، نبني بلدنا ونحميه، ونعزز انتماءنا ونعبر عن وطنيتنا، وهل بمثل هذه التصرفات المرفوضه، والتى يرفضها مجتمعنا، وتتعارض مع اخلاقنا وقيمنا واعرافنا، يمكننا ان نبني وطننا الانموذج، وهل بتلك التصرفات التى تعد خروجا على القانون، وعلى كل ما هو مالوف لدينا،نستطيع ان نحمي وطننا في ظل العديد من التحديات التى يواجهها، جراء ما يجري في دول الاقليم.
الذي ذكرت « غيض من فيض»، ولابد من معالجته، ووضع الحلول الناجعة له، باعتبار ان مثل هذه السلوكيات، اصبحت كالامراض يجب مداواتها، قبل ان تستفحل في مجتمعنا، لكن المسؤولية في معالجة هذه السلوكيات والظواهر السلبية، لاتقع على عاتق شخص محدد، او جهة بعينها، انما تحتاج الى تضافر جهود الجميع، سواء كان هذا الجميع، افرادا او مؤسسات رسمية وغير رسمية، او احزابا اومؤسسات مجتمع مدني ورجالات دولة،وشيوخ عشائر ووجهاء اجتماعيين، وفعاليات نقابية وسياسية وتربويين ومعلمين وغيرهم، فعلى كل هؤلاء ان يتحمل المسؤولية، فالاردن الذي يواجه تحديات اقليمية ومخاطر جمة، من واجبنا جميعاً ان نحميه،ونغلب مصالحنا الذاتيه لاجله، ولآجل اعلاء شأنه،ومن اجل امنه واستقراره وعزته.
ومن اجل محاربة هذه الظواهر السلبية، والسلوكيات الخاطئة، لابد من نظرة شمولية لحجمها وابعادها، لتحديد مدى تاثيرها على مجتمعنا، ومثل هذا الامر، فان الجهات الحكومية هي المطالبة بالقيام في الخطوة الاولى نحو تحقيق هذا الهدف، لمعالجة هذه السلوكيات والظواهر، وهذه الخطوة تتمثل في ضرورة، الاسراع بالعمل على وضع خطط استراتيجية قصيرة المدى، واخرى طويلة المدى، يشارك فيها الشباب اولا، وكافة المعنيين ثانيا، تصب مخرجاتها في الدعوة الى تعزيز قيم الانتماء للوطن، واعلاء شأنها وتدريسها في المناهج التعليمية، لكافة المستويات الدراسية، وتفعيل دور الشباب في مختلف القضايا مدار البحث العام، وتغليظ العقوبات بحق العابثين باستقرار المجتمع وامنه، والتشدد في تطبيق العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وتوزيع مكتسبات التنمية بالتساوي بين الجميع.
وقبل كل ذلك، لابد من اعادة الاعتبار الى قيمنا وعادادتنا وتقاليدنا، التى خرجنا عليها، فهي الاساس في حماية مجتمعنا من كل الآفات والامراض الاجتماعية التى باتت « تعشعش « فيه، وهذا الامر قد يتأتى على سبيل المثال، من خلال مواثيق الشرف بين المكونات الاجتماعية داخل كل مدينة او محافظة اردنية، كوثيقة الشرف في مدينة معان، التى وضُعت مسودتها الاولى، بعد اجتماع حضره اعيان المدينة ووجهائها، والذي تم بدعوة من بلديتها وتجمع شباب معان، ودعت من جملة ما دعت بهدف حماية الوطن والامن الشامل في معان، الى رفع الغطاء العشائري عن المجرمين والخارجين عن القانون، وعدم تبني قضاياهم واعتبار المجرمين اشخاص غير مرغوب فيهم، وطالبت بتشديد العقوبات بحق المجرمين وتجار المخدرات، واكدت ايضا على فرض هيبة الدولة، وضمان حرية المواطن وكرامته، واشارت الى اعتبار المجرم يمثل نفسه ولا يمثل عشيرته.
إن الانتماء للوطن هو الجسر الذي يجب أن نعبر عليه جميعا، لترسيخ وجودنا كدولة متحضرة متطورة، وهو الحصن المنيع الذي يجعل الإنسان يقف على أرض صلبة، ليظل ثابتاً عليها مهما كانت المتغيرات، فالانتماء إلى الوطن، يفرض علينا التزاما اخلاقيا تجاهه، والاصل ان يدفعنا، الى المزيد من العمل البنّاء والهادف، الذي يساهم في تطويرالاداء ويسرع عجلة الانتاج، في كافة المجالات، فالإخلاص من اجل الوطن في العمل والمحافظة على موارده، والاقتداء برموزه، والحرص على العادات والتقاليد الإيجابية، في كل خطوة نخطوها من أجل رفعته من شأنه ان يساهم في تعزيز قيمة الانتماء، وتحويلها من مجرد معنى مطلق أو شعار رنان، إلى سلوك محسوس وملموس له آثاره الإيجابية، لذلك فان المطلوب منا جميعاً، ان يكون أنتماؤنا الى الوطن حقيقياً مكرساً لكل قيم الوطنية والمواطنة الصادقة عند الشدائد وكبريات القضايا،وليبقى الانتماء للوطن ممارسة وفعلاً، مرفوعاً فوق كل الولاءات، ومحولاً الانتماءات الحزبية والجهوية وغيرها، لآدوات وآليات تصب جميعها في صالحه ولاجله اولاً واخيراً.
إننا في الاردن، وطن المحبة والدفء، نقف بشموخ وإباء وعزة وسؤدد، ونحن نسير خلف قائدنا جلالة الملك عبد الله الثاني، نحوالمجد والكبرياء والنمو والتطور، لذلك فان الاردن وطننا، يستحق منا جميعاً العمل بأقصى طاقاتنا لبنائه ليكون الانموذج، الذي ينعم فيه كل اردني، بالأمن والاستقرار والعيش الكريم.
(الراي)

التعليقات
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012