خالد المجالي

اليوم ثالث ايام العيد ... واليوم نفتقد شابا من شباب الوطن الذين يحق لنا ان نفتخر ونفاخر بهم ...اليوم يزداد شعورنا والمنا بفقدانك يا خالد ... واليوم بدأنا نشعر بمقدار ما ضحينا من اجل الانتخابات ... واليوم عرفنا ان كل الانتخابات وكل المجالس النيابية وكل المواقع والاموال لا تعوضنا عنك يا خالد ....

خالد لمن لا يعرفه شاب اردني مادباوي تغرب صغيرا لم يكمل الثامنة عشر من عمره ... رعاه شقيقه الاكبر الذي سبقه في بلاد الغربة ... تعلم العمل والتجارة ... اجتهد وابدع ... وما هي الا سنوات حتى اصبح رجل اعمال من الطراز الرفيع .... تعرض لاعتداء من قبل شخص زنجي واطلق عليه 9 طلقات الا ان القدرة الالهية انقذته بعد شهور طويلة في العناية المركزة .... ومع ذلك لم يترك ذلك الاعتداء عليه الا اصرارا على مزيد من النجاح ومزيد من العمل في بلاد الغربة حتى اصبح من رجال الاعمال المعروفين في عدة دول وهو لم يكمل الخامسة والثلاثين من عمره .

خالد الشوابكة لم ينس يوما اهله وعشيرته ووطنه ...بل جعل من معاناته في الغربة قصة نجاح مع اخوانه في وطنهم ... حيث عادوا وعملوا عدة مشاريع واستثمارات في وطنهم .... لم تسلبهم الغربة اصولهم البلقاوية الاردنية ... ولم يتنكروا لمدينتهم واهلهم ... وبقي خالد رجل الاعمال الناجح الذي يواصل الليل بالنهار من اجل مزيد من النجاحات في وطنه ومزيد من النجاحات في بلاد الغربة ... ولم يتوان للحظة عن الوقوف مع شقيقه الاكبر عندما ترشح للانتخابات النيابية عام 2003 حتى يتمكن مع اخوانه من اكمال مسيرتهم وخدمة مجتمهم ووطنهم ....

خالد الشوابكة لم يكن يعلم ما يخفي القدر له ... قبل شهرين تقريبا من الانتخابات النيابية كان في زيارة اهله ... والتقيته للمرة الاولى ... واكثر ما اعجبني انني التقيت شابا اردنيا بسيطا ... لم تغيره سنوات الغربة ... ولم تغيره الملايين التي جمعها بعمله وجهده ... شاب ما زال يتحدث باللهجة الاردنية الاصيلة ... متميز ببساطة تعامله ... بملابسه .... بتصرفاته ... باخلاقة البدوية الاصيلة ... ودود ... ولكنه حازم بعمله ... مجتهد ...عنيد اذا ما اتخذ قرارا ... جريء لا يخشى المغامرة ... يتعامل بكل ثقة واطمئنان ...

غادر خالد عائدا لعمله وافتتح عدة محلات له في امريكا ....وشاء القدر ان يتخذ اخوانه قرار ترشح شقيقه الاكبر للانتخابات ... وكون خالد لا ينسى ولا ينكر فضل شقيقة الاكبر عليه ...اتصل مع شقيقه وابلغه مباركته لخطوته وانه سيعود للاردن للوقوف معه ودعمه في هذه المعركة ... وانه لن يتخلى عنه مهما كلفه ذلك من ثمن ....وكان على يقين بان له من العلاقات ما قد يفيد شقيقه في حملته الانتخابية .

عاد خالد وكله ثقة واطمئنان .... وبعودته زاد اطمئنان اشقائه بوجوده معهم ... التقيته بعد عودته ودار حديث بيني وبينه ... وكان من الاطمئنان بحيث انه كان يقول .... بالحرف: ابو سليمان -ويقصد شقيقه- بحاجة لخمسة آلاف صوت وان شاء الله سوف يحصل على هذا الرقم .... ولا نريد اكثر من ذلك ... وسأعمل كل جهدي للحصول على هذا الرقم ...وبدأ خالد جولاته واتصالاته ...

وجاءت ساعة القدر .. بتاريخ 25 10 اي قبل الانتخابات باسبوعين تقريبا ...شاءت الحكمة الالهة ان يكون خالد قربان تلك الانتخابات ... عندما عاد لمقر شقيقه الساعة الحادية عشر ليلا وهو يعبر الشارع مسرعا للاطمئنان على شقيقه الذي تعرض لحادث بسيط ...جاءه ملك الموت بعد ان صدمته سيارة وفارق خالد الحياة تاركا خلفه خمسة من الابناء الصغار وتاركا ارثا من الاخلاص والوفاء لاهله ووطنه .... وتاركا جرحا عميقا في قلب كل من عرف خالد الاردني .

غادر خالد الاهل والاحبة ... غادر خالد الانتخابات والاعمال والنجاحات ... نعم هذه مشيئة الله وهذا قدره ... وسبحان الله تاتي الانتخابات بدون خالد ... وينجح شقيقه الاكبر فيها .... وصدقوني اكثر ما صدمني ذلك الرقم الذي حصل عليه شقيقه في الانتخابات ... فقد حصل على الرقم ( 4999 ) اي انه نقص صوت خالد ليكمل شقيقه الرقم الذي كان خالد يعمل للحصول عليه وهو خمسة آلاف صوت كما اخبرني قبل ايام من وفاته ....

وجاء العيد يا خالد .... وانت بين يدي الكريم ...ولتعلم يا خالد انك ستبقى خالدا في وجدان كل من عرفك ... واحبك وعاشرك ... ولتعلم ان لك من الاشقاء الاوفياء ما تطمئن له روحك عند خالقها ...ولك من الاصدقاء من لا ينسون الدعاء لك كلما جاء ذكرك الطيب .... فالى رحمة الله يا خالد والى جنات الخلد بمشيئة الله .. فرحمة الله واسعة وان شاء الله ان يعوض اهلك بأبنائك واخوانك.وانا لله وانا اليه راجعون .