ادهم غرايبه

بإصابة الشاب سليمان الخريسات تكون السلط قد نالت نصيبها من ضحايا عنف "الدرك" كباقي مدن المملكة خلال الشهور الماضية.

السلط – اذا – ليست اعز من غيرها من المدن ! و دم السلطية مستباح حاله حال كل الاردنيين .

ما حدث في السلط لا يجب ان يمر مجانا !  من غير المقبول الا يحترم اي شخص القانون و ان يبدي استهتارا برجال الامن و ان يتجاهل وجودهم و الا يحترم تعليماتهم طالما انها لا تسيء لكرامة المواطن و تنسجم مع القانون. لكن من غير المقبول ايضا ان تكون عاقبة ذلك قتل هذا المواطن فورا خصوصا اننا لا نعيش حالة امنية شاذة تجعل من عدم التوقف لدورية شرطة وسواسا امنيا يدفع برجال الامن لإطلاق النار فورا.... و بغرض القتل ! فنحن لسنا في العراق و لا في افغانستان !

ما هو مروع حقا هو تكرار حوادث قتل مواطنيين اردنيين على يد الامن الاردني في عدة مناسبات و مدن هذا العام . ما حدث في السلط حدث على نحو اخر في عدة مدن و من المحتمل ان يتكرر في مدن اخرى ما لم تتم دراسة اسباب استمراء و استعذاب الافراط في استخدام القوة في مواجهة عزل لا نية مبيتة لديهم لاي عمل اجرامي و كل ذنبهم انهم اخطاءوا التصرف مع قوى الامن التي من المفترض فيها حكمة التصرف و طول البال !

لقد ثبت رسميا ان سليمان الخريسات لم يكن مسلحا و لم تكن سيارته ملغمة و لم يكن صاحب اسبقيات فكيف يمكن تبرير قتله ؟! دعونا نفترض – و هذا لم يحدث اصلا – ان المصاب قد حاول الاعتداء على رجال الامن , الم يكن من الممكن السيطره عليه بمسيل الدموع ؟ او حتى اطلاق الرصاص على اماكن غير مميتة ثم تقديمه لمحاكمة لينال جزاءه  ؟

لقد تضاربت التصريحات الرسمية بشأن الحادثة ثم اعترفت الاجهزة الرسمية بخطئها و طلبت عطوة امنية لثلاث ايام و سبق ذلك مصادمات قيل ان الامن هو من افتعلها مع اهالي السلط و اكثر ما يلفت النظر بالموضوع هو هذه العقلية الدخيلة على الامن الاردني من حيث المباهاة بالبطش و تنامي الرغبة بإطلاق الرصاص الحي و عدم القدرة على استيعاب و امتصاص موجة الغضب المشروعة في هكذا سيناريو خصوصا في مدينة معقدة مثل السلط.

المرعب حقا هو تعامل قوات الدرك مع اهلهم و ابناء عشائرهم بهذه القسوة المفرطة خصوصا ان الخطأ اساسا كان من جانب الامن بحسب اعترافه هو رسميا ! ان هذه التصرفات قد تضع السلم الاهلي في مهب الريح خصوصا ان الاردنيين عموما من هواة التحدي و المعاندة سيما و ان احوالهم على المستويات كافة في تدهور خطير و غير مسبوق.

مع الاسف يبدو اننا نعيش مرحلة الاسف !

كم هو مؤسف ما تسببت به هذه الحادثة من حزن لنا جميعا بشكل عام و لعشيرة الخريسات الكريمة بشكل خاص. و كم هو مؤسف ان ينال احد رجال الامن- الذين نقدر تضحياتهم و نجل دورهم - ما يستحقه من عقاب كان من الممكن ان يعفي نفسه منه لو انه تصرف بروية و حكمة تمشيا مع ما عهدناه من ارث سابق للامن الاردني. و كم هو مؤسف ان تتغير صورة  "رجل الامن" الى " رجل رعب " و كم هو مؤسف ان يغيب التضامن الاهلي الاردني فلا يبادر احد من مختلف مدن المملكة بأصدار بيان ينادي فيه بالتعقل و التضامن مع ذوي الفقيد !

اكثر ما تتباهى به حكومات البلد هو استباب الامن و من الواضح ان هذه الحكومات لا تدرك ان الانجاز الامني انجاز تشاركي يقاسمها به ابناء الشعب الاردني من باب ايمانهم بوطنهم و بسبب من نضجهم و رغبتهم بحياة كريمة و هادئة.. لا من باب خوفهم من عصا الحكومات التي ثبت انها لا تنهال على اللصوص ... و لا حتى على مفتعل حرائق ما تبقى من اشجار غابات الشهيد وصفي التل  !