أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


العنف الجامعي ... من المسؤول؟

بقلم : د. هنادي سلامة
10-02-2014 11:05 AM
مع ازدياد حوادث العنف الجامعي في جامعاتنا الرسمية والخاصة، أصبح القلق على حياة أبنائنا داخل الجامعات، وعلى مستقبل التعليم العالي في الأردن مبررا ومشروعا، رغم كل المحاولات التي بُــذلت واللجان التي شُــكِلت لمعالجة هذه الظاهرة، والحد منها على أقل تقدير. وبداية أود أن أوضح أنني لا أتفق مع وجهة النظر التي تحمّـل الطلبة وحدهم مسؤولية هذه الأحداث، وعزو ذلك إلى مستواهم التربوي، وخلفياتهم العشائرية، لأنه عندما يتعلق الأمر بحل مشكلة ما - وبغض النظر عن مضمونها وحجمها- يجب النظر إلى أسباب ظهور هذه المشكلة بعقل مفتوح. وإلقاء اللوم على الطلبة وحدهم، والأخذ بمقولة 'خطأهم وليس خطأنا ' ومن ثم تنصل الجامعات من مسؤولياتها، كل ذلك لن يحل المشكلة.
لا شك في أن الطلبة يتحملون جزءا من المسؤولية، لكن الجامعات تتحمل الجزء الأكبر. فالطلبة، وبخاصة أولئك الملتحقين بالكليات الإنسانية لديهم الكثير من وقت الفراغ الذي لا يُـستخدم بكفاءة، مما يدفع بهم إلى قضاء هذا الوقت بالجدل العقيم، والمناوشات بين بعضهم البعض لأسباب تافهة. ومن هنا تتبدى مسؤولية الجامعات في اتخاذ الخطوات اللازمة لملء هذا الوقت من الفراغ، خاصة وأن مسؤولية الجامعة لا تكمن فقط في تعليم الطلبة - وهو تعليم ما يزال في غالبيته تعليما تقليديا تلقينيا – وإنما أيضا في توسيع مجال خبراتهم ونظرتهم لبيئتهم ومجتمعهم. ولمواجهة هذا التحدي، يجب على الجامعات الرسمية والخاصة أخذ القضايا التالية بعين الاعتبار:
• ضرورة أن يدرك القائمون على الجامعات أن هناك فرقا كبيرا بين الدراسة في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية وبين الدراسة في الجامعات. وأعتقد أن غالبية الجامعات، وبخاصة تلك التي تعاني من ظاهرة العنف الجامعي لا تدرك ذلك، ولا تدرك أن واجبها لا يتمثل فقط في تمكين الطالب من حضور المحاضرات الأكاديمية والتعلم والحصول على الدرجة الأكاديمية، وإنما يجب عليها أيضا أن تعمل على توسيع آفاق الطلبة، وصقل مهاراتهم، وتعزيز قدراتهم للتعرف على التحديات والقضايا المحلية والوطنية والدولية، وكيفية التعامل مع واقع الحياة. في معظم جامعاتنا، الطلاب لا يزالون يعيشون في جزر معزولة عن المجتمع الذي ينتمون إليه. وأود أن أؤكد هنا أنه ينبغي على الجامعات تشجيع الطلاب على العمل الطوعي، وتقديم الخدمات الاجتماعية من خلال تخصيص بعض الساعات المعتمدة لأنشطة خدمة المجتمع والتطوع لتمكين الطلاب من الاندماج مع مجتمعهم وفهم تحدياته الحقيقية.
• يجب على الجامعات تكثيف حملات التوعية والوقاية من العنف بين الطلاب في الحرم الجامعي من خلال عقد الورش الخاصة بذلك للطلبة المستجدين، وبحيث لا يمكن للطالب الإلتحاق بالجامعة قبل اجتيازه هذه الورشة.
• ينبغي على الجامعات إعتماد سياسة واضحة وصارمة اتجاه العنف في الحرم الجامعي، والالتزام بتوفير بيئة تعلم وعمل آمنة لجميع أعضاء مجتمع الجامعة. كما يجب على الجامعات ان لا تتساهل أو تتسامح مع أعمال العنف – تحت أي ظرف أو مسمى أو عذر - داخل حرمها الجامعي أو في المواقع المدارة من قبل الجامعة خارج الحرم الجامعي . وينبغي اتخاذ كل حادثة من العنف او التهديد به على محمل الجد، واتخاذ إجراءات تأديبية رادعة وفقا للإجراءات المعمول بها، والتي ينبغي توضيحها ونشرها بوضوح بين مختلف أعضاء مجتمع الجامعة.
• ينبغي على الجامعات أن تزيد من وعي الطلاب وإدراكهم ضرورة تقبّـل الرأي الآخر برحابة صدر، وضرورة وفائدة التنوع الثقافي والبيئي الطلابي داخل الحرم الجامعي، بشكل خاص والحياة العملية بشكل عام، حتى لا يصبح هذا التنوع مصدرا للتعصب والعنف، لا بل على إدارات الجامعات الاحتفاء بالقيمة التربوية للتنوع. وقد اثبتت البحوث والدراسات العلمية أن الطلبة الذين يتعرضون لوجهات نظر متنوعة، داخل القاعات التدريسية وخارجها، يحققون نجاحات اكبر في حياتهم العملية والاجتماعية. ولذلك، يتوجب على الجامعات عقد الانشطة الثقافية التي تثري عقول الطلبة بالثقافات والعادات المختلفة.
• يجب على الجامعات أن تعمل على توفير فرص عمل للطلبة داخل الجامعة أثناء دراستهم فيها، كأن تتاح لهم فرص العمل في مكتبة الجامعة، أو دائرة القبول والتسجيل أوعمادة شؤون الطلبة، وذلك وفق آليات تضعها الجامعات. إن توفير مثل هذه الفرص يعمل على تحقيق النضج الثقافي والمهني للطالب، وإحساسه بالمسؤولية. وقد بينت البحوث أن توفير الوظائف في الحرم الجامعي يؤدي إلى جعل الطلبة أكثر التزاما واصرارا على التخرج، وأكثر قدرة على التخلص من ثقافة العيب.
• يجب أن تدرك إدارات الجامعات أن تعزيز نجاح الطلاب لا يقتصر فقط على السياسات والبرامج، وإنما ينبغي التركيز على جودة البيئة الجامعية مثل الاهتمام بتحديث المرافق، وتخطيط المناظر الطبيعية، والتوسع في الحرم الجامعي، وإقامة المرافق الرياضية المتنوعة، والتصميم الداخلي لخلق المساحات والأماكن التي تساعد على عملية التعلم والتعليم، وعلى تفاعل الطلبة مع بعضهم ومع أعضاء هيئة التدريس.
• يجب أن تتيح الجامعات للطلاب فرصة قيادة مجموعة واسعة من الأنشطة الثقافية والأكاديمية والاجتماعية من خلال إنشاء الأندية الطلابية على حرمها، كمنتديات الكتابة التي تفتح المجال أمام الطلبة لكتابة وتحرير وإنتاج عدد من المنشورات داخل الحرم الجامعي. وكذلك تمكين الطلبة المهتمين بمجال الفنون من إقامة مجموعة متنوعة من انشطة الفنون البصرية والموسيقية والأدائية. يُضاف إلى ذلك، إقامة الأندية الرياضية التي تساعد الطلبة على إطلاق الجزء الأكبر من الطاقة السلبية وتعزيز العمل الجماعي والتعاون فيما بينهم. علاوة على ذلك، فإن على الجامعات أن تعمل على دعم وتعزيز أندية الخريجين، لما يمكن أن تقوم به تلك الأندية من دور فاعل في الحد من ظاهرة العنف الجامعي.
• الأمن الجامعي: إن وجود الأمن الجامعي بصورته الحالية لم ولن يسهم في حل مشكلة العنف الجامعي. فهذا النوع من الأمن ليست له أي سلطة، في حين أنه في دول عديدة متقدمة يمتلك سلطة الضابطة العدلية، علاوة على أنه في جامعاتنا لا يحظى بأي تدريب أو خبرة خاصة بمجال عمله. إن الأمر يتطلب تعزيز دور الأمن الجامعي من أجل ضمان استجابة أسرع للحوادث التي تقع داخل الحرم الجامعي وتقديم خدمات محددة لا تتطلب بالضرورة تدخل أفراد الأمن العام، على أن يتلقى هؤلاء تدريبا خاصا لمعالجة خصوصيات بيئة الحرم الجامعي وثقافته.
وباختصار، فقد حان الوقت أمام الجميع للتحرك، وإنْ لم نفعل ذلك، فالعواقب كبيرة جدا. وسمعة التعليم العالي في الأردن على المحك، وهناك بالفعل تقارير تشير إلى أن عدد البعثات العلمية والطلبة الوافدين إلى الأردن آخذة بالانخفاض. وعلى الجامعات أن تسارع إلى التركيز على الجودة الفعلية في العملية التعليمية لا أن تكون مجرد جودة على الورق فقط، وإلى التركيز على إثراء تجربة الطلبة لا على إثراء أعدادهم. أما دور وزارة التعليم العالي والبحث العلمي فيتمثل في فرض الروادع والعقوبات على الجامعات التي أصبح العنف الجامعي أحد أهم ظواهرها، وكذلك فرض بعض المتطلبات على الجامعات ذات الصلة بأنشطة الطلبة الاجتماعية والرياضية والثقافية. وأكرر بأنه إذا لم نسارع إلى معالجة هذه المعضلة، فإن الأمور ستصبح اسوأ مما هي عليه.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
10-02-2014 05:08 PM

اول مره اقراء للدكتوره لكن بحق ابدعت ابدعت ويا ريت تيتمر على هذه الطريق حيث انني من متابعينها

2) تعليق بواسطة :
10-02-2014 09:43 PM

الامن الجامعي على البوابات لا يسمح لسيدة او رجل اربعيني وخمسيني لدخول الجامعة لامر يتعلق بدراسة ابنه او ابنته ويسمح للزعران والبلطجية والمسلحين بالناري والابيض بالدخول لانه او لانهم من اقربائه او من عشيرته عدا عن ان بعضهم يتحرشون بشكل مباشر او غير مباشر بالطالبات ..

3) تعليق بواسطة :
10-02-2014 09:47 PM

كلام جميل ، توسيع الأنشطة في الجامعات علاج ناجح ومتبع عالمياً
مثلا الأنشطة الرياضية وتكوين فرق للجامعات تتنافس على بطولات دورية
توحد طلبة الجامعة لتشجيع فريق الجامعة وتخرج محترفين بألعاب مختلفة
للفرق الوطنية

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012