29-11-2010 08:29 AM
كل الاردن -
ادهم غرايبه
بتشكيل حكومة جديدة برأسة سمير الرفاعي يحتفظ الاردن بحالته 'الرخوة' , فلا هو صلب متماسك له موقعه الذي لا يشغله سواه و لا هو غازي متبخر يختفي في الهواء... فتقع المنطقه برمتها !
بتشكيلة الحكومة الرفاعية الجديدة و بتشكيلة مجلس الاعيان و 'بانتخاب' مجلس نواب تشكل تحت تأثير قانون تحكَم بالنتائج و بتوزيع مناصب هامة بالدولة على الاشخاص – و ليس الشخصيات – اياها يكون قد تكرس في الاردن سياسة قاعدة ' اعادة التدوير السياسي ' !
بسياسة توارث المناصب التقليدية يثبت الاردن انه أموي النزعة حقا ! لو ان الشخصيات الوارثة و المورثة صاحبة انجازات و تعمل لخير الشعب و تبني بلدا متقدما و تطور مجتمعا منفتحا لما اغاظني هذا التوارث . لكن ما الذي حققوه ؟؟؟ هناك فشل متنام في الوضع المعيشي للناس وتدهور خدماتي غير مسبوق و ترويج لمفاهيم 'الفهلوة' على حساب منظومة اخلاقية سحيقة التجذر بالمجتمع الاردني تهترئ تحت وطاة مفاهيم و نتائج الخصخصة و تبخر القطاع العام و تطويق للنزعة الوطنية التقدمية و اقصاء للمدن و الارياف لحساب البؤرة عمان .اذا كان السؤال ما الذي حققه هذا التوارث و اعادة التدوير فإن الاجابات متناقضه فيما اذا كنا نسأل عن مكاسب الوطن او المكاسب الذاتية لطبقة المتوارثين !
هناك جديد في الموضوع , من باب الامانة, و هو ان السياسة الرسمية ابتدعت شيئا اخر في تولي المناصب القيادية و المعروفة بسياسة 'البراشوت'!
شئ غريب حقا !
حيثما يفشل طبيب في عيادته فأنه مؤهل ان يصبح وزيرا للصحة ! و حيثما يفشل رئيس تنفيذي لشركة اتصالات و يقود شركته للهاوية فانه فرصته في تسجيل هدف بوزارة الاتصالات محققة اكثر من ضربة جزاء ! و كلما برع مدير شركة كبرى في التنكيل بموظفيه فأن حظه وافر و حظنا غابر لاستلامه وزارة العمل ! و كلما احرق 'شيف' طبقا في احد المطاعم الراقية عهدوا اليه بوزارة السياحة !
اذا كان العض يطالب المراقبين بالتمهل و باعطاء فرصة للحكومة الجديدة فأنه لا يدرك حقا ان المقدمات تقود الى النتائج و ان لا مطر دون غيم , فمقاييس انتقاء السياسيين لا علاقة لها بالرؤى الخلاقة و لا بالتواصل الاجتماعي و لا بالحس الرومانسي الوطني بل – غالبا – على العكس كلما كنت عديم الصلة بمجتمعك و همومه سجلت لك نقاط اكثر و كلما كنت 'متشعبطا ' بلا موقف ثابت زادت التوصيات لتوصيلك ! و كلما ابتدعت طرقا للتصادم مع كادر وزارتك و مضايقتهم و التنكيل بهم كلما اهلك ذلك للاحتفاظ 'بالحقيبة'... ففي ذلك اظهار لقوة وهيبة الحكومة و لكأن هدف الحكومات مناكفة الشعب و تنكيد حياته !
ما يحدث في الاردن مناكف للمنطق و مجاف للحنكة و معاد للتطور و قيادة لحافلة المجتمع بدون مرايا ... لا بل حتى بدون حزام امان و مكابح نحتاجها لإنقاذ ما يمكن انقاذه . انه حتما القيادة على طريقة ' قوي قلبك و لا ترفع اجرك عن الدعسة' مهما رأيت من مطبات .... او حتى ان وصلت للهاوية !
البلد باتجاه الهاوية !
خبر مؤسف لكنه حتمي – على ما ازعم دون تمن - طالما ان البندورة اغلى من الفراولة و المستشفيات بلا ادوية و الجامعات بلا علم و المدارس بلا اخلاق و الشوارع بلا اسفلت و السهول بلا قمح و الموظفين بلا التزام !
ما الحكمة من هذا التوارث و التدوير الدائم للمناصب؟!
هذه الايام تدخل ذكرى الغدر عامها الاربعين و يستذكر الاردنيون قائدا حقيقا بنى دولتهم قبل ان تباع لاحقا لاغراض الترفيه ! و وضع اساسا لاخلاق الحكم اغتيلت معه , الشهيد وصفي التل زرع ذكره في ضمائر الناس بنراهته و بارتباطه بهمومه و بتوحده مع احلامهم . و من الواضح ان احدا من روؤساء الحكومات السابقين لا يتذكر ان 'وصفي' قد اقصى ثلاث من كبار رجال الدولة من عشيرته حينما شكل حكومته لاسباب تتعلق بالنزاهة و لم يكترث لصلة دم او ارتباط عائلي !!
ما الذي تستفيده الدولة الاردنية – بكل اركانها – من هكذا سياسة تؤسس لبلادة ادارية و تقتل روح الابداع السياسي و الاداري و تنفي شخصيات مبدعة و شريفة مقهورة على حال البلد ؟
دعوني اقترح شيئا :
لما لا تدخل الدولة في دورة ادارية و سياسية كل اربع سنوات . بحيث يجري تجديد دم السلطات الثلاث معا بعيدا عن نهج التوارث و التدوير...
اربع سنوات تكفي لتنفيذ برنامج وطني في عدة محاور اقتصادية و سياسية و اجتماعية و خدماتية و تكفي للحكم على نتائجه و اظهارها للرعية و الراعي , و بعدها – ان كان للدولة ضمير – تجزى كل نفس بما كسبت !