29-11-2010 08:23 PM
كل الاردن -
عبد الهادي الراجح
كنا وقت مضى من أكثر دول العالم تغيرا للوزارات حتى قيل أن كل مواطن أردني وزير أو مشروع وزير في المستقبل القريب وان كان التغير شكليا في الأشخاص. وبقي الوضع الاقتصادي والسياسي الأردني يسير من سيء إلى أسوأ.
ويبدو أن أصحاب القرار أخيرا قد توصلوا متأثرين ببعض الدول العربية الأكثر تخلفا وتبعية سياسيا في العالم لحالة تسمى إبقاء كل شيء كما هو أي حالة من استقرار المقاعد الوزارية.
ليس مهما تعفن تلك المقاعد تحت أصحابها والتذمر الشعبي الذي لم يعد له أي قيمة من أصحاب القرار الذي أصبحت واشنطن قبلتهم ومحجهم. وحتى الوزارات لا تشكل في كثير من الدول العربية إلا بموافقة أصحاب القرار الأصليين وليس الكومبارس، ولهذا كما كان متوقعا جاءت حكومة الرفاعي الثالث بتشكيلتها الباهتة بعد أن أجرت ما يسمى بعملية الانتخابات النيابية التي كانت تستحق أن تكون مهزلة العصر وليس العرس الوطني كما يقول إعلام السح الدح نبو حيث لم تتجاوز نسبة المشاركة بها عن 35% تركز معظمها في المناطق ذات التأثير القبلي . والذي أخفق في الانتخابات العشائرية ألمسماه بالانتخابات النيابية جرى توزيره كنوع من الترضية وجبر الخواطر.
وراحت حكومة الرفاعي الثالث تختبئ وراء كتاب التكليف الملكي معلنة أنه برنامجها كما فعلت المرة السابقة ، وإذا كانت هذه الحكومة قد فشلت منذ تشكيلها وحتى مهزلة انتخاب مجلس النواب الأخير الذي سيطر عليه المال والعشائرية كما هو متوقع فما هو مبرر اختباءها وراء خطاب الملك إلا هروبا وعدم القدرة على مواجهة المسؤولية خاصة في ظل الأخطار التي تحدق بالوطن من الداخل وضع اقتصادي منهار وحالة تذمر شعبي غير مسبوقة وخارجيا المؤامرات الصهيونية لجعل الأردن الوطن البديل أو ما يسمى بالخيار الأردني.
وبدلا من إيجاد حكومة قوية ومجلس نواب حقيقي على قدر التحديات للأسف وجدنا الحكومات خاصة الحكومتين الأخيرتين تمارس التهرب من مسؤولياتها بل وتقوم بإصدار الأنظمة والقوانين التي جعلت الوطن أشبه ما يكون بالحارات، تلك لمتعب ابن تعبان وهذه لزعل ابن نعسان، الأمر الذي أفقد المواطن العادي حسه الوطني حيث جرى التعامل مع المواطن على أنه مجرد رقم في سجل الأحوال المدنية يباع ويشترى في المواسم الانتخابية، وأصبح المال السياسي هو سيد الحارات والبعيد عن المال السياسي طالته المناسف السياسية في الانتخابات الأخيرة التي عادة ما تكثر في تلك المناسبات. والنتيجة للأسف مواطن مقهور لا رأي له ووطن يباع بالقطعة تحت ما يسمى بالخصصة وغيرها، حتى لتلك المؤسسات أو الأرض التي تعتبر من صميم أمننا الوطني وإذا هي تصبح ملكا لدولة دبي كابيتال التي اشترت ممن لا يملك وهي لا تستحق.
ولا أعلم أين سيذهب المواطن الأردني الذي لا يحمل الجنسية الأمريكية أو البريطانية أو جنسية أخرى إلا هوية هذا الوطن الذي أصبح لدى الشرفاء من أبناءه أضيق من خرم الإبرة ولكن ماذا بعد .
لقد أصبح الشعب كأنهم قطعان لا رأي لهم في الوزارات بالوراثة وكذلك الوظائف. ماذا يختلف سمير الرفاعي عن غيره من الأردنيين من أصحاب الكفاءات.
اليوم التاريخ بالأردن يعيد نفسه وكأن شيئا لم يحدث وأصبح يحكمنا الرفاعي الابن بعد الأب والجد، وسؤالنا هل هذه الحكومة الباهتة اللون هي حكومة تصريف أعمال على ما بقي من الوطن.
ولعل المؤامرة الكبرى على وطننا هو إيجاد حكومة من هذه الشاكلة ضعيفة مهزوزة بلا شرعية حقيقية.
والمواطن الأردني أذكى مما يتصورون، ولهذا كان التجاهل الكامل لما يسمى بالانتخابات النيابية وغيرها ، حتى أنه أي المواطن الأردني نادرا ما يعرف أسماء بعض وزراء يتحدثون باسمه دون علمه ولكن مع كل ذلك أجد نفسي وأنا استقرئ تاريخ وطني وأمتي أقول أن ساعة الخلاص قد قربت وكلما تضيق تقترب ساعة الفرج والخلاص وأن شعبنا الذي طفح به الكيل سيعيد تصويب أوضاعه ونحذر من التمادي أكثر من ذلك ، لقد طفح الكيل وضاقت علينا الأرض بما وسعت كشعب وقد أصبح واقعنا يذكرنا بما قاله القائد العربي العظيم طارق بن زياد لجنوده (( البحر أمامكم والعدو خلفكم وما لكم إلا الصبر والثبات )) ونحن لم يبق لنا إلا الصبر والثبات ليعود الوطن لكل أبناءه حرا وسيدا وهذه الحكومات لا تملك من قرارها إلا التنكيل بالمواطن برفع الأسعار ومحاربته في رزقه وتزوير إرادته ورحم الله الشاعر العربي الكبير أبو القاسم الشابي حين قال (( إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر لا بد لليل أن ينجلي لا بد للقيد أن ينكسر )) ولا نامت أعين الجبناء.
alrajeh66@yahoo.com