أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تخصيب اليورانيوم!

بقلم : د. أيّوب أبو ديّة
03-03-2014 11:09 AM
راعني ما قاله أحد المدافعين عن المشروع النووي في قاعة عاكف الفايز في البرلمان الأردني بتاريخ 30/11/2013 وبتغطية حيّة من راديو البلد بأن هناك أكثر من أربعين دولة تخصب اليورانيوم في العالم وأن الأردن سوف يحصل على ترخيص بالتخصيب، فكان لا بد من الإجابة عن هذا التخبط للكشف عن حقيقة التضليل الذي يمارس على الشعب الأردني لاقناعه بجدوى المشروع النووي واستراتيجيته!
يتواجد اليورانيوم 235 في اليورانيوم الطبيعي، وهو أحد نظائر اليورانيوم المستخدمة في المفاعلات النووية، فقط بنسبة 0.7% فيما يكون الباقي من نظير اليورانيوم 238. والتخصيب هو رفع تركيز اليورانيوم 235 من 0.7% إلى 3 – 5 % بحيث تصبح ملائمة للاستخدام في المفاعلات النووي التجارية لإنتاج الكهرباء؛ علماً بأن هناك بعض أنواع المفاعلات تستخدم اليورانيوم الطبيعي كوقود نووي مثل مفاعلات كاندو الكندية وماغنوكس البريطانية.
ويتم رفع تركيز اليورانيوم 235 بتحويلات معقدة بدءَاً من التعدين وتحويل الصخر إلى الكعكة الصفراء بالطحن وإضافة الأسيد H2SO4 لإذابة اليورانيوم، ثم تضاف إليه الأمينات والكاز لفصل اليورانيوم ثم يتم ترسيبه باستخدام الأمونيا. وهذه المراحل من التصنيع تلوث الجو بثاني أكسيد الكربون وتترك المواد المستخدمة آثاراً عظيمة على البيئة. وبعدها يتم تحميص الكعكة الصفراء عند درجة حرارة 800 مئوي مع إضافة مواد لتحويل الخليط إلى U3O8 فيما تقوم مصانع أخرى بتحويله إلى غاز UF6 عالي السمية ثم إلى أكسيد اليورانيوم UOz، وبعدها يتحول إلى وقود نووي.
وهناك صناعات متعددة تستخدم طرائق مختلفة، القديم منها كان بطريقة الانتشار Diffusion، وقد بدأت هذه الصناعة تنحسر في العالم وانخفضت نسبة إنتاجها إلى النصف بين عامي 2000-2010؛ وقد ازداد إنتاج اليورانيوم المخصب بطريقة الطرد المركزي Centrifuge من 40 – 65% في الفترة ذاتها وخلال عشر سنوات. وهناك تقانة جديدة اليوم يتم تطويرها وتعمل على الليزر وهي حكراً على دولة واحدة فقط هي الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع كندا واليابان، وتعتبر تقانة المستقبل لتخصيب اليورانيوم.
وهناك توجه عام لدى الدول الكبرى لكي تصبح هناك تجمعات حول العالم لإنتاج اليورانيوم المخصب بإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية حصرياً وأن يمنع على إثرها أي توجد لمصانع خارج هذه الدول والتجمعات. وهذا المشروع يطلق عليه MNA من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
أضخم هذه التجمعات المخصصة لتخصيب اليورانيوم تقع في المركز الدولي الروسي IUEC في Angarsk بمنطقة سيبيريا، وتشترك فيه كازاخستان وأرمينيا وأوكرانيا؛ ويُسمح للدول المشاركة بأخذ حاجتها فقط من اليورانيوم فيما تمنع عنها تكنولوجيا التخصيب تماماً. وينتج هذا المصنع نصف ما ينتجه العالم كله من اليورانيوم المخصب، وتمتلك روسيا أغلب الأسهم فيه.
والمصنع الآخر في فرنسا Eurodif ويملك غالبية أسهمه الفرنسيون ويشاركهم الطليان والإسبان والبلجيك وإيران، ولكن التكنولوجيا محجوبة عن الجميع باستثناء الفرنسيين. ويستطيع جميع المشاركين، باستثناء إيران، أخذ حاجة مفاعلاتهم فقط من اليورانيوم المخصب. وسوف يتم استبدال هذا المصنع بآخر اسمه Georges Besse لحساب شركة أريفا ويعمل بتكنولوجيا متطورة.
المصنع الثالث هو Urenco في ولاية نيومكسيكو، وهو لتحالف بريطاني-هولندي-ألماني. أما المصنع الرابع فهو لشركة أريفا ويتم بناؤه حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية؛ أما الأخيرة فلديها مصنع للتخصيب قديم جداً USEC ومن المتوقع أن يغلق عام 2013. أما الصين فمصنع التخصيب لليورانيوم CNNC يقع في منطقة Lanzhou وينتج كميات قليلة، وأخيراً هناك تصنيع محدود جداً وبكميات قليلة للغاية في كل من اليابان والباكستان والبرازيل وإيران والهند (مؤخراً). وتتهم الوكالة الدولية اليوم الباكستان أنها باعت تكنولوجيا التخصيب لكوريا الشمالية.
خلاصة القول إن صناعة التخصيب النووي باتت مقننة جداً في العالم وملوثة جداً وخطيرة جداً على الأمن العالمي لأنها قادرة على تصنيع قنابل نووية، ولذلك يجري تجميع المصانع في روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بصورة أساسية؛ أما الدولة الوحيدة الشاذة فهي الصين وربما الهند اللتان تسعيان للحصول على وقود لمفاعلاتها النووية وبخاصة بعد أن تعرضت الهند لابتزاز روسي بين عامي 2004 – 2006 عندما قطعت روسيا امدادات اليورانيوم المخصب عن الهند وأدت إلى انخفاض إنتاج الكهرباء من مفاعلاتها النووية إلى النصف.
فإذا كانت صناعة المفاعلات النووية تخضع لمراقبة حثيثة من قبل الهيئات الدولية، فإن المراقبة على التخصيب هي أخطر وأنشط بمرات كثيرة، الأمر الذي يجعل من الحديث عن استدامة الطاقة النووية واستقلاليتها ضرباً من ضروب الخيال.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-03-2014 11:25 AM

شكراً دكتور للتنوير ؟؟؟

2) تعليق بواسطة :
03-03-2014 09:05 PM

لمين بتشرح يا دكتور ومين بدو يسمعك وهم صامين اذانهم ومتجهين مثل السهم نحو المشروع النووي دون تلكوء وقد استطاعت الماكنه الاعلاميه للدوله والهيئه وقد تكون هدايا الكرسمس ايضا من تحويل بعض اشد المعارضين الى دعاة للمشروع النووي.

3) تعليق بواسطة :
04-03-2014 08:14 AM

والله يا اخواني لو يتكلموا كلاما علميا صحيحا ومتزنا ما عارضنا، لكننا ضقنا ذرعا بالكلام المتغير المتذبذب والوعود الفارغة وبخاصة الدفاع الأعمى لبعض الاشخاص الذين يتم ارضاؤهم بأساليب رخيصة... خسارة على هذا البلد الذي بامكانه أن يعيش في رخاء واستقرار من الصخر الزيتي وحده والطاقة الشمسية في غضون 2-3 سنوات فقط!

4) تعليق بواسطة :
04-03-2014 08:24 AM

يا دكتور النووي الأردني ليس لنا بل لأبناء عمومتنا الغرابا. وأنت فهمك كبير.

5) تعليق بواسطة :
04-03-2014 08:24 AM

يا حيف.. حتى غازي ابو جنيب صار يعتبر المشروع استراتيجي

6) تعليق بواسطة :
04-03-2014 08:27 AM

نريد تخصيب اليورانيوم ي نرفع رؤوسنا بين الأمم الراقية. إن تخصيب اليورانيوم مفخرة لكل أردني وخاصة البادية الجنوبية الت يعيش أبناؤها على المساعدات الطارئة من بقايا مساعدات اللاجئين السوريين.

7) تعليق بواسطة :
04-03-2014 05:11 PM

ليش مايخصبوا الأورانيوم في عبدون أو ذابوق

8) تعليق بواسطة :
08-03-2014 05:46 PM

أيها العزيز حمدون
المسألة ليست خاضعة للرغبات بل للامكانات هناك أولويات على الانفاق ولماذا نخترع العجلة طالما أن كل شيء موجود. للعلم أخي حمدون أن طاقة المستقبل النووية في تكنولوجيا الاندماج Fusionوليس في الجيل الثالث بالانشطار Fission وتلك تكنولوجيا مختلفة تماما ولا تتجه صوبها الا الدول التي تنتجها لترويجها في آخر ايامها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة وبخاصة في ضوء نضوب اليورانيوم تجاريا في العالم وتراجع تدوير النفايات النووية. ولذلك أنظر الى الهند كيف بدأت تبني مفاعلات تعمل على الثوريوم وليس اليورانيوم.

9) تعليق بواسطة :
13-07-2016 12:04 AM

كلما رأوا رؤوسا قد أينعت يتم قطافها لتخلى الساحة لهم

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012