أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الحركة الوطنية الأردنية بين الماضي و الحاضر ..

بقلم : مصطفى الجردات
05-03-2014 07:25 PM
الحركات الوطنية في اي دولة تبرز للسطح او تضمر بحسب حاجة الشعب اليها و بحسب توافق نظام الدولة مع اهل البلاد.
ففي الاردن ظهرت الحركة الوطنية في عهد الملك المؤسس متمثلة برموز المعارضة الوطنية و كان ابرزهم ماجد العدوان و صايل الشهوان و كليب الشريدة حيث برزت هذه الحركات بعد فترة قصيرة من تأسيس الامارة و كانت حركات قوية نتج عنها ثورات وطنية في البلقاء و الكورة و عمت معظم ارجاء البلاد بسبب سياسة التهميش و الاقصاء التي انتهجها النظام مع ابناء الاردن منذ بداية تأسيس الامارة اذ تم حرمان الاردنيين من مناصب الدولة و اقتصارها فقط على غير الاردنيين فمن الملفت للنظر ان معظم رؤساء الوزارات في عهد الملك المؤسس وصلوا للاردن مع تأسيس الامارة بصحبة الامير عبدالله و من الملفت للنظر ايضا انه من بين من شغلوا منصب رئيس الوزراء في الاردن يوجد رئيسان لم يحملا الجنسية الاردنية بتاتا حتى خلال رئاستهم و لم يقيموا في الاردن الا خلال فترة وظيفتهم في الرئاسة وعادوا لبلادهم في سوريا و لبنان مباشرة في اليوم التالي لانتهاء ولايتهم.
أما في عهد الملك حسين فقد بدأت الحركة الوطنية الشعبية بالانحسار و الضمور شيئا فشيئا مع بدء النظام بالاعتماد على ابناء الاردن في ادارة شؤون البلاد فكان سعيد المفتي سنة 1949 هو اول رئيس وزراء اردني من سكان الاردن و اهله و لم يتم استيراده من خارج الاردن, ثم تم تعيين هزاع المجالي 1955 كأول رئيس نبطي اردني عربي له شرعية تاريخية, ثم تم تعريب الجيش سنة 1956 بتعيين اللواء راضي عناب حيث اصبح الشعب يشعر ان الدولة تبنت الروح الوطنية و مثلت الشعب خير تمثيل فإنحسرت الحركة الوطنية الشعبية لأن الدولة الوطنية قد حلت مكان الحركة الوطنية الشعبية و اصبحت الدولة مستقرة سياسيا و اصبحت الدولة و نظامها هما رمز الوطنية, و قد استمرت الحالة الوطنية المتماسكة بين الشعب و الدولة و القيادة و نمت و اصبحت في اقوى حالاتها في فترة الستينات و بالاخص خلال فترة ولاية الرئيس وصفي التل الذي شكل 5 حكومات خلال عقد الستينات و كان تركيزه على التنمية و تقوية الاقتصاد و الاكتفاء الذاتي و خاصة في المجال الزراعي.
و هنا نلاحظ ان الحركة الوطنية في عهد جلالة الملك حسين قد اصبحت في اقوى حالاتها ولم تعد حركة معارضة لان المواطن اصبح يرى الهوية الوطنية في اجهزة الدولة و نظام الحكم و قادة الجيش و ساعدت حالة الحرب مع اليهود خلال فترة حكم الملك حسين على تدعيم و ترسيخ الحالة الوطنية للدولة و الشعب فأصبحت الحركة الوطنية هي حال الوطن و كان من اهم رموز الحركة الوطنية في هذه المرحلة جلالة المرحوم الملك حسين بن طلال, الرئيس هزاع المجالي, الرئيس وصفي التل, و المشير حابس المجالي. و حيث أن الملك نفسه و النظام ككل انخرط في هذه الحركة لذلك فقد ابتعد الاردنيون عن الاحزاب الوطنية كما ابتعدوا عن الحياة السياسية و الحزبية بشكل عام بعكس الفلسطينيين الذين انخرطوا في الحياة السياسة و النقابية.
التغيير في المعادلة بدأ بعد توقيع اتفاقية وادي عربة 1994 و انهاء حالة العداء مع العدو حيث كانت حالة العداء تضع الشعب و النظام امام عدو مشترك و تبقي الشعب الفلسطيني في الاردن كزخم شعبي للمقاومة و لتحرير فلسطين و للمطالبة بحق العودة و التعويض و الوقوف ضد انخراط اسرائيل مع المجتمع الدولي والإبقاء على اعتبارها كيانا محتلا لكن بعد السلام انتهت حالة عداء النظام للعدو و بقيت حالة العداء فقط بين الشعب و الكيان اليهودي ثم تسارعت الاحداث بمرض الملك حسين و من ثم وفاته و استلام الملك عبدالله للسلطة 1999 وجد الملك الشاب انه محط انظار الوطنيين الاردنيين الذين ينتظرون منه ان يعبر عن هويتهم كما اعتادوا خلال حياة الملك حسين و ان تننتهي الامور المعلقة التي بدأها الملك حسين عام 1988 بإعلان فك الإرتباط لكنها لم تنته حيث كان لا بد من قوننة فك الارتباط و تعديل قانون الجنسية مباشرة بعد توقيع اتفاقية السلام حتى لا نسمح بضياع القضية الفلسطينية و حتى لا نعطي الشرعية للدولة اليهودية على ارض فلسطين و حتى لا يصبح الاردن وطنا بديلا و الفلسطينيين شعبا بديلا للشعب الاردني. و لم تكن هناك بطانة صالحة فتمت خصصة مقدرات الدولة و تفشي الفساد و تم تجنيس افواج كبيرة من الفلسطينيين من تحت الطاولة و من فوقها و ظهرت قوى سياسيية تطالب بالتوطين و التجنيس و المحاصصة و اخذت تتسارع لتجنيس الفلسطينيين و توطينهم و تمكينهم من السيطرة على الحياة السياسية و كأنهم في سباق مع الزمن و المطلوب تجنيس اكبر عدد قبل ان يتم اغلاق باب التجنيس و هذه القوى نفسها بدأت بمحاولة اعادة صياغة تاريخ الاردنيين و انهاء هويتهم.
ثم جاء الربيع العربي 2011 و اظهر ان الاردنيين ليس لديهم احزاب سياسية و ما زالوا غير متقبلين لفكرة المشاركة في احزاب سياسية و ان الاحزاب الوحيدة الموجودة في الساحة هي الاحزاب الاسلامية المحسوبة على الهوية الفلسطينية و ان هذه الاحزاب مستعدة للسيطرة على الحياة السياسية في الاردن و الإنفراد في السلطة و البقاء فيها. و بالتالي فإن الاردنيين وقفوا ممانعين للربيع الاردني و حافظوا على نظامهم و اوقفوا موجة الربيع التي التي كانت اصلاحية في مظهرها و غير وطنية في جوهرها, لكن من الواضح ان الدولة الاردنية المثقلة بالفساد و عجز الموازنة اضعف من ان تقف في وجه هذا المد الربيعي الذي يخفي واقعه تحت شعار الاصلاح. في هذه الظروف الجديدة كان لا بد من ولادة روح جديدة للحركة الوطنية الاردنية لتحمي البلد و تحمي الهوية الوطنية الاردنية و تحمي ارثنا و تاريخنا لكن هذه الحركة الوطنية ما زالت على شكل جنين لم ير النور بعد لكنه في الاشهر الاخيرة من الحمل و بإنتظار المخاض ليولد. و على الرغم من ان جزءا من الاردنيين ما زال غير مهيا لتقبل هذا المولود و يحاول إجهاضه بعد عقود من الاتكال على النظام في تمثيل الحركة الوطنية بالإنابة عن الشعب الا ان هذا المولود القادم من رحم الشعب الاردني لا بد ان يرى النور في النهاية و لا بد ان يعتاد الاردنيون على سماع صوته و صراخه و هو بكل تأكيد سيكبر و لن يهدأ إلا عندما تعود الأمور لنصابها الطبيعي فهذه سنة الشعوب, و الدول الناجحة هي التي تتمكن من إحتواء الحركات الوطنية و التوافق معها بدلا من انسلاخ نظام الدولة عن الروح الوطنية للشعب .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
05-03-2014 07:48 PM

جهد طيب اخي مصطفى بارك الله بك واتمنى لو كان اكثر تفصيلاً فلم يعد هناك امر يستحق التردد والخجل والخوف من ذكره.

2) تعليق بواسطة :
05-03-2014 09:10 PM

سرد رائع وممميز مهندس مصطفى بالفعل شيء مشرف جدا

3) تعليق بواسطة :
05-03-2014 09:18 PM

المقاله في غاية الموضوعيه وتدل على ان كاتبها يتمتع بالروح الوطنيه وحبه لوطنه بدون اي تطرف او تعصب

4) تعليق بواسطة :
05-03-2014 10:19 PM

وضع النقاط على الحروف بشكلها ومكانها الصحيح امر قليل من يجد الجراءة والوقت المناسب لقوله وانت منهم ،سلمت اخي وآن الاوان ان نسمع الصوت الحق

5) تعليق بواسطة :
05-03-2014 10:25 PM

أخي الكريم المهندس مصطفى جرادات كلامك يحمل عمق وطني وحس بالمسؤولية اتجاه الوطن ولكن السؤال بما أنك تطرقت لموضوع الاحزاب ما هو دور الاحزاب في الاردن ؟ هل هو دور مفعل أم مغيب و هل هو مجرد واجهة اجتماعية للتستر على بعض التجاوزات؟ وشكرا لك

6) تعليق بواسطة :
05-03-2014 10:31 PM

سلمت يداك
لما تغيرت البطانة واصبحت البطانة المسيطرة هي المستوردة والتي لا تمت للاردن لا بالتاريخ ولا بالجغرافيا ساعدهم في ذلك سيطرتها على قررات الدولة استغلالاَ لعقد الزوجية مما خرّب العلاقة بين الشعب والنظام وزادت العلاقة سوءاَ بانحياز الحُكم الى الضيوف والاغراب بحكم السيطرة الانثوية والتصريحات المؤذية لللارادنة عبر الصحافة الاجنبية واعتماد النظام على الدولة العميقة الغير وطنية .

7) تعليق بواسطة :
05-03-2014 10:37 PM

يتشكرك أخ مصطفى على طرح مثل هاظ الفكر الوطني الحساس والله يحمي الاردن لتبقى دائما الاردن أولا وأخرا

8) تعليق بواسطة :
05-03-2014 11:35 PM

شكرا مهندس على كل الكلام الجميل الذي ذكرته وعلى الاسلوب الحضاري بسرد مفاصل تاريخية لوطننا الحبيب الاردن و وضع خطوط تحت عناوين هامة يجدر التفكر بها ويسعد مساك

9) تعليق بواسطة :
06-03-2014 09:09 AM

يسعدك ويسلم قلمك وفمك
مقال رائع يتحدث عن التاريخ الحقيقي غير المزور للاردن
نتمنى للحركه الوطنيه الاردنيه كل التقدم والازدهار للحصول
على حقوقنا المهمشه

10) تعليق بواسطة :
06-03-2014 09:12 AM

نعم مهندس ان هذا المولود القادم من رحم الشعب الاردني لا بد ان يرى النور في النهاية و لا بد ان يعتاد الاردنيون على سماع صوته و صراخه و هو بكل تأكيد سيكبر و لن يهدأ إلا عندما تعود الأمور لنصابها الطبيعي فهذه سنة الشعوب, و الدول الناجحة هي التي تتمكن من إحتواء الحركات الوطنية و التوافق معها بدلا من انسلاخ نظام الدولة عن الروح الوطنية للشعب . سلمت وبوركت

11) تعليق بواسطة :
06-03-2014 01:19 PM

دائما الاقلية تحكم الاكثرية.قبل الضم القسري للضفة الغربيةكانت الاكثرية من العشاير القادمةالى والمقيمة على اراضي شرق نهر الاردن, فتم استيراد لبنانيين وسوريين وفلسطينين لحكم تلك الاراضي. بعد ضم الضفة الغربية قسرا واجبار اهلها على حمل الجنسية الاردنية ليصبحوا الاكثرية, تم استخدام الشرق اردننين في الحكم.فما تخافوا حتى لوصار وطن بديل رح يظل الكو مناصب ,اسندوا ربابتكو ونامو

12) تعليق بواسطة :
06-03-2014 01:22 PM

مقال موفق و لكن لا بد للاشارة ان الملك المؤسس كان متعلقا باهداف الثورة العربية الكبرى و استمر بايمانة ان هذه بلاد الشام واحدة و لم يكن هناك مانعا من ان يكون رئيس الوزراء سوري او لبناني و لو كان العرب على مستوى من التفكير الوطني المخلص لكان هناك مملكة واحدة من الاسكندرون الى العقبة بما فيها فلسطين كاملة. و الله اعلم.

13) تعليق بواسطة :
06-03-2014 02:01 PM

المقال يجمع ما بين المنهج التاريخ والمنهج الموضوعي ..... ويصف الحال بالاردن وهو ماينطبق علي الكثير من بلادنا العربية ... نشكر كاتب المقال.

14) تعليق بواسطة :
06-03-2014 05:20 PM

الى المنقذ (رقم 12) كان اسمها امارة شرق الاردن وكانت حدوده ومعالمها واضحه ولم تكن الضفه الغربيه ضمن حدودها والتي اضيفت عام1951 .

15) تعليق بواسطة :
07-03-2014 03:15 AM

أن التأريخ لبدايات الحركه الوطنيه يستوجب البحث العميق , وفي كثير من الأحيان في تاريخ لم توثق فصوله لأنها لم تناسب بعض السياسات , أن التأريخ الدقيق للحركه الوطنيه الأردنيه يعود لأقدم من التاريخ الذي قدًمه الكاتب فالتاريخ يعود لفتره الحكم العثماني .
أن التاريخ الحقيقي يجب ان يعيد تكريم الشهداء الأبطال الخمسه والعشرون , وهم اول شهداء بلاد الشام وقد سبقوا اقرانهم في دمشق وبيروت الذين استشهدوا في اعوام 1915 و 1916 وحضَيت ذكراهم بالتقدير الواجب لشهداء العرب الأبطال . ففي صيف 1910 اعدمت السلطات التركيه في سجن معان 25 من احرار الأردنين من عشائر النعيمات والعمارين واللياثنه والمراعيه(في الشراة) نتيجه رفضهم حيف وجور السلطات التركيه .ليكونوا من اوائل شهداء الأردن على مذبح الحريه والأستقلال .
وصًف الناجي الوحيد من تلك الواقعه ما حدث في السجن بعد القبَض على الرجال , فقد اوثوقوا بالسلاسل واقتيدوا وهم يرسفون بالأغلال الى حائط القلعه , وقبل أن تبدأ فرقه الموت بأطلاق النار كان الرجال يقولون "الصمًاد الصًماد" أي "الصمود الصمود" ويرددون عبارات الشهاده الى أن قتلهم رجال الحاميه جميعاً ,وما ميًز الأبطال الخمسه والعشرون هو أن الثوره التي قاموا بها كانت لمجردً الكرامه ورفضا للحيف وبعيده عن المؤامرات الأجنبيه وفوق كل ذلك أن اولئك الشهداء لم يكن لديهم فرصه حقيقيه في الأنتصار .

16) تعليق بواسطة :
07-03-2014 10:56 AM

اخي محمد استشهد الملك الموءسس وهو لا يزال يؤمن انها بلد واحده،

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012