بقلم :
13-03-2014 02:12 PM
لو أراد العودة إلى فلسطين بعد سنة ربما لما استطاع حسب شريعة الصهاينة وخطة كيري- ولكنه عاد اليوم مسرعاً إلى نابلس= جبل النار= ليدفن فيها حيث لا يمكن اقتلاع الأموات من أرضهم، بينما يتم اقتلاع الأحياء وإبعادهم وهذه منهجية صهيونية راسخة..
لكن القاضي الأديب خفيض الصوت رائد ما أحتمل الإهانة والمذلة وهو يرى إخوانه وأخواته يدفعون باستعلاء واحتقار دفعاً ليهرولوا كالخراف إلى الحافلة، فتلكأَ في المشي وأخذ يمشي الهوينا كعادته دون تكلف، لكن الغطرسة الصهيونية التي اعتادت على إجبار الكبارعلى الهرولة- الهرولة- لمنصات الذل للتوقيع، ظنت أن المقهورين أسرع استجابة للهرولة ما دام سادتهم وقادتهم هرولوا مراراً ويهرولون منذ منتصف القرن الماضي وحتى اليوم!!
رصاصة رصاصتان ثلاثة خمس رصاصات، رسالة حقد إلى صدر رائد لم تكن كافية لإرواء غليلهم، ليذبح الشهيد أمام رفاقه في السفر الأطفال والنساء والرجال ولا يجرؤ أحد على الإقتراب منه ودمه ينزف حتى قضى ساعة كاملة أو تزيد مسجى على الأرض الطاهرة المحتلة وتحت لهيب شمس الغور.
بقي هكذا حتى تحرك الضمير الإنساني الصهيوني المتحضر الديمقراطي الغادر لنقله بعد التأكد من أنه فارق حياة الذل والاستكانة ومعاهدات القهر.
يا الله إنه مغدور فانتصر، عز جاهك وعز جارك، وتعالت قدرتك وقَوِي اولياؤك وذل أعداؤك.
دم القاضي رائد ومن قبله رُوّاد كثر فارقوا الحياة غيلة وغدراً وعدواناً صارخاً في قبية ودير ياسين والدوايمة وبحر البقر وصبرا وشاتيلا وعين الحلوة وقانا وجنين وفي المسجدين الشريفين الأقصى والإبراهيمي ركعاً سجداً، وفي غزة كل يوم وفي الضفة إلى هذا اليوم، يستغيثون ولا مغيث ويستنصرون ولا نصير.
حتى قالوا:- هل اغتيلت النخوة كما اغتيل الأطفال والشيوخ والقضاة والمؤذنون والمرابطون والمتمسكون بالأرض والعرض.. هل ماتت النخوة.. ألم يبق من مدرسة محمد عليه الصلاة والسلام أحد الذي انتصر لمشرك مظلوم في مكة؟
ألم يبق من نسل المعتصم أحد أو من مدرسته الذي جهز الخيل البلق نصرة لامرأة هاشمية في عمورية عند الروم ولم يشرب الماء حتى تحررت.
ألم يبق من مدرسة صلاح الدين وذريته أحد الذي اقتص من (رينو) القائد الفرنسي المعتدي على الحجيج المستغيثين، وذبحه بيده وفاءً للحرية والكرامة والانسانية.
اولم يبق من نسل أولئك الأحرار الأبرار الذين اهتز وجودهم وكيانهم لما سمعوا صرخات المستغيثين احد..
يا أيها العظماء الذي تسبق أسماءهم سطور من الألقاب المبجلة وتسبح بحمدهم وتمجدهم عشرات الفضائيات ووسائل الإعلام حتى لامست رؤوسهم السماء في الإعلام!! يا من تصطف أمامكم- ولا تدرون كيف- الطوابير الطويلة في حر الصيف تبجيلاً وتنظيماً.
تقول لكم روح رائد:-
يا كتاب المقالات والأشعار والمعلقات، ويا وكلاء الثورات، يا ملايين المعتمرين والحجاج والصوام والقوام البكاؤون الزهاد والأعلام الرواد.
أليس في مجاميعكم معتصم واحد أو صلاح أو كايد أو قسام؟ يقول لرائد وأبي رائد لبيك لبيك..
كل الذي نصروك به، الشجب والاستنكار، والمطالبة بإطلاق سراح الجندي الدقامسة وطرد السفير ولما (يكبُّروها) يقولون نزع الثقة من الحكومة التي قاربت على المغادرة ذاتياً وانتهى عمرها الافتراضي في العادة..
لكن أما حان الوقت لنفض اليد من الثقة بالعدو الصهيوني وما يسمى باتفاقيات السّلام المزعوم.. الذي لم نَحْصد منه إلا الويلات فمقابل تحويل مياه نهر الأردن وَعْد بمياه من طبريا فكانت ملوثة وقليلة.. وحرمان المزارعين في الأغوار من حفر الآبار لئلا يتضرر مخزون المياه في الجانب الصهيوني المحتل...والتطبيع الإلزامي، وفتح الأسواق لبضائعهم وأفكارهم ودسائسهم.
لن نستطيع أن ننتصر لك يا رائد حقاً ولا لابراهيم الجراح رحمه الله من قبلك ولا لشهداء الأمة ما لم تنل الشعوب حريتها وتملك قرارها وتصبح السيادة لها.
وما لم تكن مجالسها النيابية ممثلة لها لا ممثلة عليها.
وما لم تكن حكوماتها من اختيارها وتحت رقابتها.
وما لم تكن احتياجاتها من انتاجها وصناعتها.
وما لم تنعكس إرادة الشعب على أرض الواقع في العلاقات الدولية والقرارات الاستراتيجية.
إن ما يجري اليوم من الحكومة الأردنية وما يدور بفلكها بعد هذه الجريمة البشعة هو كيفية امتصاص رد الفعل الشعبي وليس الرد المكافئ على جريمة اغتيال الشهيد.
أما الشعب فلم يتمكن من قول كلمته بعد...وسيقولها إنْ شاء الله.
سالم الفلاحات
13/3/2014م
رائد الأردني المغدور القاضي بن القاضي في محكمة التمييز، المغرور بأنَّ في العدو الصهيوني بقية إنسانية أو قيم أو إحترام شرائع أو معاهدات.
§ هل استهدف رائد القاضي الفاضل وحده؟
أم أن المستهدف نبضات الكرامة والسيادة والعزة فينا؟
وأن المستهدف عزائمنا وهممنا وتطلعاتنا وآمالنا.
§ هل هي رصاصات خمس في صدر رائد فقط؟
أم أنّها موجهة إلى سويداء قلب كل عربي أردني ومسلم حر شهم؟
§ إنها الرصاصات الكاشفة الفاضحة للمواقف المتخاذلة؟
إنّها تضع الجميع على المحك الذي لا يكذب...
§ أتراها رصاصات النهاية أم أنها رصاصات البداية؟
هل هي معزولة عن إحتلال الأرض؟
وعن سلسلة المذابح في فلسطين وقانا وبحر البقر وصبرا وشاتيلا.
§ وهل هي معزولة عن مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل وفي الأقصى مراراً ومذبحة غزة في 2008 وما تلاها حتى اليوم.؟
§ أهي بعيدة عن العدوان على الكرامة في موقعة الكرامة عام 1968.
§ أم هي بعيدة عن قتل الشرطي الأردني إبراهيم الجراح الذي كان يحمي سياحهم، ولم يعرف الشعب الأردني حتى الآن نتائج التحقيق الوطني الأردني المحلي بشأن الجراح.
يا والد الشهيد وأنت لنا جميعاً والد.
عقوق الأبناء لآبائهم مصيبة وأنت ترى عقوقنا.
وجهلهم ونقصهم يؤلم الوالد ويجرحه وقد جرحناك.
ولهوهم وخفَّتهم تمزق قلبه ونحن نلهو...
تنظر إلى عجزنا وتقاعسنا ودموعنا بإشفاق وحسرة.. فتبكي علينا بكاءك على رائد، سيما وأنت ترى نصرنا لإغتيال رائد غدراً.. هو فقط دقيقة صمت، ونصلي صلاة الغائب، والدموع والإدانات والشجب وكأننا بلا مخالب ولا قوة وكأننا بلا دولة أو في مرحلة ما قبل الدولة.
لكن لا يدري أحد.
لعله كلما تمادت فينا الغفلة والكسل والعجز والإحباط، هيأ الله رائد لينبهنا بدمه بعد غفلة.
ويجمعنا بعد فرقة.
لعله مات لينقذ الآلاف على الطريق.
ولينصف مظلومين بدمه في غياهب السجون لم يستطع نصرتهم بحياته.
ومن أوائلهم أحمد الدقامسة.
يا رائد والله وإن كانت الأيدي مصفدة بالأغلال.
والهمم محاصرة بتزوير الإعلام المضلل.
والآمال منكسرة بتجارب الفشل.
والنظرات مغشَّاة بغيوم الإفك.
ولكن ستنكسر القيود.
وتعلو الهمم.
وتنتعش الآمال.
وتبصر العيون.
وينطلق قطار الحرية والعدالة والكرامة والغيره والإنسانية.
ذهبت إلى رحمة ربك أنت يا رائد وتركتنا نجتر آلامنا ونحصد خيباتنا لتجعل من دمك الطاهر زيتاً لسراج يقظتنا ونهوضنا وعسى أن يكون قريباً.
سالم الفلاحات
13/3/2014م