أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


من يصنع للحاكم قراره ؟

بقلم : د. زيد حمزة
20-03-2014 12:38 PM
يظن الكثيرون أن الحاكم المطلق هو الذي يصنع قراره بنفسه أما الحاكم ((الديمقراطي)) فيشاركه في ذلك آخرون حسب النظام الدستوري القائم، وقد تستغربون لو عرفتم أن وراء القرار في الحالتين مستشارين من المستفيدين أو أصحاب المصالح حتى لو اختلفت طبيعتهم .. وسأختار اليوم الحديث عن الحالة الاولى أي عن الدكتاتور سواء أكان رئيساً لجمهورية أو مملكة أو سلطنة ما دام يحكم بلاده حكما مطلقاً حسب دستور ((يُفصَّل)) له على مقاسه أو دونما حاجة لدستور البتة ، وليس في التاريخ حاكم من هذا النوع إلا واتخد – رغم وجود المستشارين أو ربما بسببهم – قرارات خاطئة تبلغ حد الجرائم ومع ذلك لا يطاله أي عقاب عليها إلا إذا أطيح به وعندها لات ساعة مندم، لكن يبرز السؤال المنطقي: لماذا لم يتعظ في الوقت المناسب بما حدث للطغاة من نهايات مخزية واحيانا مروعة ؟! والامثلة عديدة واضحة أمام ناظريه خاصة فيما حدث في دول أميركا اللاتينية وظل يتكرر الى أن بلغ السيل الزبى وبدأ التحول الجذري فيها نحو الديمقراطية، أو فيما يحدث الآن في منطقتنا من العالم منذ ثورات 2011 على الأقل .
ليس صحيحا أن الدكتاتورية تُعمي صاحبها حتى لا يعود يبصر ما يدور حوله، فتلك تعلَّةٌ ضعيفة لا تصمد للبحث العلمي ولو حُشدت لها شروح مطولة من التبرير والتفسير ! أما التحليل التاريخي الرصين المستقى من تجارب الدكتاتوريات المختلفة التي خيمت بظلها الاسود على دول كثيرة وعبر زمان طويل فأنها تشير الى عنصر مشترك هام تتضاءل بجانبه الاسباب العديدة الاخرى ألا وهو وجود مجموعة من حزب أو عائلة أو كتيبة من جيش تحيط بالدكتاتور فيعتمد عليها وتستفيد هي بشكل أو بآخر من طريقة حكمه إذ تيسر له مغريات الاستمرار في تسلطه والانزلاق اكثر فأكثر في طريق الخطأ والخطل الى الحد الذي يمكّنها من منعه من تنفيذ رغبته في التنحي أو الانسحاب من السلطة أو حتى الهرب من البلاد حين يجد – وهو واجد في اكثر الحالات – أن حكمه لم يعد مقبولا من احد وأنه لا محالة ذاهب الى غير رجعة .. ويحدث هذا ((المنع)) – غير المعلن بالطبع – فيفاجئ المراقبين حين يعلمون أن ذاك القائد القوي الذي كانوا يرونه يحكم بيد من حديد قد تمكنت منه ولوت ساعده فئة من داخل صفوفه !؟ وحوّلته الى ألعوبة في يدها ولم يعد يملك اتخاذ القرار الذي يراه ضرورياً من أجل سلامته على الاقل ؟ وموقف هذه الفئة المستفيدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالحها السياسية والمالية التي راكمتها باستغلال النفوذ في مناصبها، ونابعٌ من غزيرة المحافظة على النفس والخوف من المصير القاتم لو هوى الرئيس من على كرسيه، لذلك تصر على صموده ففيه حياتها وبقاؤها وفي فراره نهايتها المحتومه .
ومع كل هذا الايضاح أجدني أسأل نفسي: ألم يتسع المجال أمامي لسرد الامثلة المعروفة والقريبة في التاريخ المعاصر على الأقل، أم أني لم أر ضرورة لذلك وفهمكم كفاية ؟!
وبعد .. فللحديث بقية عن الحالة الثانية، حالة الحاكم الديمقراطي الذي يكتشف ايضاً أنه محاصر من قبل مستشارين ومشرّعين لا يمكّنونه من اتخاذ قرارات تتفق مع مبادئه التي وعد الناخبين بتطبيقها وجاء الى الحكم على اساسها !



التعليقات

1) تعليق بواسطة :
20-03-2014 05:23 PM

.
-- الدكتور زيد حمزة من ارقى من تسمتع له كسياسي مثقف و تكنوقراطي و مؤمن بالديموقراطية كما هي لا كما يفصلها الناس على مقاساتهم.. هو من فئة نادرة تنقرض ليحل محلهم مع بالغ الأسف رجال البسطات السياسية.

-- المقال ثمين لأنه يعكس واقعنا بل حاول الدكتور بتهذيبه المعتاد ألا يوغل .

.

2) تعليق بواسطة :
21-03-2014 12:21 AM

أولا: ما جاء في المقال صالح لكل مكان وزمان!!ولهذا احجمت صحيفة الرأي الاردنيه عن نشره بدون ابداءالسبب !!!والان هي تتجرأبمهاجمة المتقاعدين العسكريين!!وأثني على ما قاله ناهض حتر"اللي استحوا ماتوا"
ثانيا:أود ان أتقدم لموقع "كل الاردن"
بالاجلال والاحترام لشجاعته وجسارته ,حفظكم الله جميعا ذخرا للمواطن
ليعبر عن رأيه بكل صراحه.
تحياتي وهنيئا للاخ خالد المجالي أسد الصحافه الاردنيه والى الامام.

3) تعليق بواسطة :
21-03-2014 12:54 AM

صحيفة الرأي يجب تغيير اسمها الى "صحيفة الوفيات" لان من يشتريها يود قراءة صفحة "انا لله وانا السه راجعون" وبعده تعرفون اين مصيرها!!!

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012