أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


أهمية "العلمانية" في قيادة الدولة والمجتمع

بقلم : د. هاني الشبول
19-04-2014 11:12 AM

د. هاني الشبول
'العلمانية' تعني فصل الدين والمعتقدات الدينية عن شؤون الدولة وإدارتها، على اعتبار أن التفكير العقلاني في تحديد معاني الأشياء وتقدير قيمتها وترتيب أولوياتها والعلوم وتطورها وليس المعتقدات الدينية وحدها هي السبيل الكفء الذي يضمن إنقاذ الإنسان وتحسين حياته وتطوير نوعيتها، وانتشاله ومؤازرته أثناء كفاحه في مسيرته الحياتية نحو الأفضل.
'العلمانية' إذن تدعو إلى أن تكون جميع القرارات المتعلقة بشؤون الحكم والإدارة والتشريع والقضاء مستندة إلى الأسس الموضوعية والمنطقية والمصالح الوطنية والتوازنات السياسية والاعتبارات الأخلاقية، وليس إلى الأسس الدينية والتفسيرات الغيبية.
وتؤيد 'العلمانية' تطبيق حرية الأديان والمذاهب والمعتقدات على المستوى الفردي. وترفض كل مظاهر الانغلاق والتشدد والتعصب الفكري والديني ، وتدعم التعاون والحوار والتعايش والتآخي والمحبة بين افراد المجتمع. وتكرس أسس التسامح وقبول الاخر المختلف ( دينيا ، طائفيا ، اثنيا ، ثقافيا .. الخ) ، تلك القيم التي أحوج ما تتطلبة مجتمعاتنا العربية اليوم.
ولا يعني ذلك ، على الإطلاق ، إن 'العلمانية' ترفض الدين أو تتنكر له أو تقلل من قيمته أو أهميته ، الأمر الذي يميزها بوضوح عن الإلحاد ، وهي بالتأكيد لا تناصب العداء لرجال الدين والمتدينين ، ولا تدعو مطلقا للنكاية بالمقدسات، بل إنها على العكس من ذلك، تريد للمؤسسات الدينية ودور العبادة أن تكون المعاقل السامية التي تضطلع بمهامها الروحية النبيلة ، ما دام ذلك لا يتجاوز العلاقة الروحانية الخاصة بين الفرد والخالق.
هناك الكثير من القادة ورجال السياسة المتخصصين في إدارة شؤون الدولة وتشريع القوانين ، المعروفين بأيمانهم والتزامهم بأديانهم لكنهم لا يخلطون بين واجباتهم الدينية والمدنية. بالمقابل فأن ثمة العديد من علماء الدين والمتدينين الحقيقيين الذين يؤمنون بصحة نهج 'العلمانية' ويدعون إلى تطبيقه ، لإدراكهم بأنه النهج الذي يكفل احترام الدين ويصونه من الابتذال عن طريق إبقائه بعيدا عن نفاق السياسة وابتذال أساليبها للحفاظ على صورته النقية المقدسة التي تعنى بعلاقة الخالق بالمخلوق .
إن الفصل بين الدين والدولة، هو فصل بين السياسة التي تقوم على المراوغة وحسابات المصالح ، وبين الدين الذي يقوم على المبادئ الأخلاقية ، إن الخلط بينهما كما قال عالم الاجتماع د. سعد الدين إبراهيم هو 'خلط بين المقدس والمدنس'.
فعلى اصحاب الرؤى الدينية إذا، أن يأخذوا بعين الاعتبار إن الدين (أي دين) غير قادر وحدة على قيادة الدولة والمجتمع ، وغير قادر أيضا على سن قوانين واحكام تتناسب مع المتغيرات المدنية والحياتية الناتجة عن تقدم الإنسان وتطوره الدائم ( فكريا وماديا ) ، والسبب هو أن الأديان وقوانينها ثابتة غير قابلة للتطور ، كونها مستندة إلى نصوص مطلقة لا يمكن المساس بها ، والثبات من المنظور العلمي يعني الجمود ، لهذا لا يمكن لأي دين على وجه الدنيا أن يسن قوانين تصلح لكل الظروف .
لذا فأن أهمية اتباع النهج 'العلماني' في قيادة الدولة والمجتمع يكمن في انه يبقي المجال دائما مفتوحا لوضع احكاما وقوانين علمية تتناسب ومتغيرات العصر في كل زمان ومكان ، لأن العلم قادر على نقض وتطوير ذاته ، وإلا سيبقى الإنسان أسير رؤية أحادية ثابتة لو اعتمد على الجانب الديني فقط. هناك العديد من الدراسات الأكاديمية في علم التاريخ السياسي تؤكد على أن انتشار الفكر العلماني عند المجتمعات غالبا ما يكون نتيجة طبيعية لتطورها الحضاري.ِ

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012