أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في الذكرى الخامسة والعشرون لانتفاضة نيسان 1989

بقلم : د فيصل الغويين
23-04-2014 10:38 AM
في صباح السابع عشر من نيسان عام 1989، كان ابناء معان يعلنون تمردهم وانتفاضتهم، وبشكل عفوي، ولكنه صارم وحازم؛ فانطلاقا من احتجاج سائقي الشاحنات وسيارات الاجرة على رفع اسعار المحروقات، بدأت الانتفاضة فجأة، وامتدت بسرعة مذهلة لتنضم الكرك الى التحرك في اليوم التالي، ولتتبعها مادبا والسلط في اليوم الثالث، شاملة لكل النواحي والمناطق، في الطفيلة والمزار والشوبك ووادي موسى والمفرق، وصولا الى القرى النائية ومضارب البدو.
وان اكتسبت الانتفاضة زخمها من شمولها لجميع انحاء الاردن تقريبا، فقد استمدت قوتها من شمولية اهدافها، فجاءت مطالبة بالخبز والحرية تعبيرا عن ربط القضية الاجتماعية بالقضية السياسية.
انطلقت الانتفاضة الشعبية مطالبة بإلغاء قرار حكومة زيد الرفاعي آنذاك رفع الاسعار، وخاصة اسعار المحروقات، والغاء الاجراءات الاقتصادية للحكومة بما في ذلك الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، مصرة على اسقاط حكومة زيد الرفاعي، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد، وتشكيل حكومة وحدة وطنية معنية بحل قضايا الشعب، واجراء انتخابات نيابية نزيهة، والغاء الاحكام العرفية، والقوانين الاستثنائية.
لقد شكلت انتفاضة نيسان محطة هامة، ونقلة نوعية في النضال الوطني الاردني، واتسمت بعفويتها وخاصة في البداية، فرغم مشاركة افراد الاحزاب المتواجدين في المناطق المنتفضة، وخاصة اليسارية والقومية، فان مستوى مشاركة اغلبية الاحزاب والتنظيمات كانت محدودة. وتكشف الوثائق عن محدودية مشاركة الاحزاب والقوى السياسية في الانتفاضة، حيث اقتصرت المشاركة على الحزب الشيوعي الاردني، وحزب التحرير، ومنظمة الجبهة الشعبية في الاردن، ومع ذلك طالت حملة الاعتقالات المئات من القيادات الحزبية، في محاولة لاحتواء الهبة الشعبية، بعد قمعها بالقوة وسقوط عدد من القتلى ومئات الجرحى جراء ذلك.
واثناء الانتفاضة صدرت عشرات البيانات والوثائق الشعبية والحزبية، وكان اكثرها جذرية ووضوح تلك التي صدرت عن بعض التجمعات الشعبية ( رسالة منظمة ابناء الجنوب، عشائر بني صخر، شباب بني حميدة، وغيرها). وتضمنت هذه البيانات مطالب محددة يمكن تلخيصها بالتالي:
1- اسقاط حكومة زيد الرفاعي، وتشكيل حكومة وحدة وطنية مسؤولة امام الشعب، قادرة على اخراج الاردن وشعبه من الوضع الاقتصادي المتدهور.
2- اطلاق الحريات العامة، بما في ذلك الغاء الاحكام العرفية، وحق الشعب في التنظيم، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
3- التراجع عن قرارات رفع الاسعار، ورفض الانصياع لبرنامج صندوق النقد الدولي.
4- اجراء تغييرات اقتصادية جذرية تكون قادرة على وضع حد لمعاناة الجماهير الشعبية، وما تستلزمه من محاسبة ومحاكمة للفساد والفاسدين.
ويكفي انتفاضة نيسان فخرا ومجدا انها استطاعت الانتقال بمستوى النضال الشعبي الى مرحلة متقدمة في المطالبة بالتحرر الوطني الديمقراطي، مؤكدة الدور الاساسي الذي يمكن ان تلعبه الجماهير الشعبية في التغيير، ولها وحدها يعود الفضل في الدفع تجاه اجواء الانفراج السياسي، محققة للمواطنين حقوقا انسانية غابت عنهم لسنوات طويلة.
واما خير تكريم لانتفاضة نيسان وتضحياتها ولتاريخ الشعب الاردني، فيكمن في حشد الصفوف من اجل تشكيل اوسع جبهة وطنية ممكنة على اساس برنامج انقاذ وطني توافقي، وهذه مهمة الاحزاب والقوى السياسية، التي يجب ان ترتقي في ادائها، بما يتلائم مع متطلبات المرحلة، وتطلعات الشعب الاردني، وان تخرج من اطرها النخبوية، وتعيد النظر في خطابها، وبنيتها التنظيمية، وادوات عملها التي تجاوزتها المرحلة، ولم تعد قادرة على اقناع الناس.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012