أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


قيمنا في خطر

بقلم : الدكتور شفيق علقم
26-04-2014 11:50 AM
قيمنا في خطر لكل مجتمع ،او لكل شعب ، اولكل امة من الامم قيم تجسد عقائدها الدينية، وتطبع هويتها الوطنية ،وتعكس تاريخها وعاداتها وتقاليدها الاجتماعية ، وحياتها المعيشية ،وخصوصياتها ودافعياتها ،وترسم رؤياها ومطامحها المستقبلية ،وتخط نهجها السياسي وبرامجها ونشاطاتها الاقتصادية، وهممها الانتاجية ،واساليبها وامزجتها الاستهلاكية وفق مايتلاءم مع مبادئها ،وما تمليه عليها شرائعها الربانية ومذاهبها وعاداتها وتقاليدها، قيم تكون منارة وهداية لشبابها، وحماية وامنا واطمئنانا لمجتمعاتها وسلامتها من الانحراف. ونحن - العرب والمسلمين - كباقي الامم والمجتمعات ؛ لدينا اخلاق وقيم تقتضي قيم الاستقامة وقيم الحق والعدل والمحبة والاخلاص والصراط المستقيم، قيم خالدة كانت ولا زالت تشع نورا وضياءا وزينة تحمل عبق التاريخ للعالم ،حيث كانت وما تزال فريدة عصرها في كل الازمنة والامكنة ، قيم جلبت الخير والمحبة للناس، وتجلب التقدم والحضارة ،وتهدم التخلف والنكوص والخسارة، قيم تأبى الاستلاب والتمييع والاستغفال ، قيم تصنع الانسان الحقيقي كما صنعت امة باكملها، تمثلت باخلاق رسولها الاعظم ،وصحابته الراشدين والتابعين وتابعيهم ممن نسجوا ملحمة القيم الربانية بطولات وفتوحات،والمعاني الانسانية الخالدة ،فوصلوا بقيمهم وباخلاقهم الصين شرقا واوروبا غربا ، فباخلاقهم وقيمهم فتح المسلمون قلوب العباد قبل ان يفتحوا حصون البلاد، لقد انسابت اخلاقهم وقيمهم إلى قلوب الناس وعقولهم بسلاسة وطواعية ، فعمروها محبة وايمانا وخلقا رفيعا ، فدخل الناس في دين الله افواجا، حين قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كونوا دعاة إلى الله وانتم صامتون! قيل وكيف ذلك يا عمر؟ قال باخلاقكم. ان اخشى ما نخشاه على شبابنا في مسيرتهم الخلقية -هذه الايام- في ظل خداع القدوات وتشابهها ،وزيف العناوين وبريقها ،ان تتموه لديهم الاختيارات ،وتتعرج بهم السبل المسارات والمآلات، فتهتز لديهم القيم وتتآكل فيهم الاخلاق ، كما تتماهى لديهم الانتماءات والمرجعيات والاولويات - وقد اهتزت وتآكلت وتماهت فعلا –وقد وصلت إلى حالة مجتمع قيم الصفر ، مما يقود الشباب إلى الهيمان في فيافي الحياة وغياهب الضياع، كما تهيم قطعان الدواب واسراب الحشرات على غير هدى ، وغير مقصد ومطلب او دليل وبوصلة ، وهكذا تضيع القيم - وقد بدأت في الضياع فعلا -.... في ظل فعل اللوبيات من دعاة العولمة الفاسدة والتيارات الجارفة الهدامة، التي اناخت بكلكلها على ثقافتنا ، واخذت تركز في تدخلاتها المحلية والدولية وبرامجها الاعلامية ودعمها المادي وفلسفتها العامة على هدم القيم وفساد الاخلاق، وذلك ليتسنى لها استعباد الانسان والتحكم بمشاعره ،وصناعة فكره والسيطرة على مسار حياته، واحلال قيم الليبرالية المتوحشة والاستهلاكية المفرطة،والشهوانية المتحررة ،والعدوانية المدمرة ،وتعبئة هذا الانسان، وتجييشه لخدمة مصالحاها رغبة فيه ورهبة منه، ولو عبر الحدود والقارات.وفي ظل هذا الاجتياح الفكري الغازي والناتج احيانا عن التطور الهائل والجارف في ميادين الاتصالات والمعلومات وتسارع الاحداث وتراكم المعلومات وتنوع اشكال الصراع ..في ظل هذه الهجمة وذاك التغول ، باتت الكثير من قيمنا واخلاقنا امام خطر داهم، وما الانتكاسات في حياة مجتمعاتنا والصراعات المدمرة ،والانهزامات المتلاحقة ،الا دلائل على اضطراب المبادئ ودحر القيم وانزوائها ، فالحروب الشرسة ضد قيمنا الاصيلة التي تتعرض لهجمات متلاحقة ضارية من المبادىء والافكار والقيم الغازية، والسمات المنحلة الرذيلة ، استطاعت هذه في ظل مناخ غير صحي، اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا واعلاميا واخلاقيا ، ان تقتحم علينا ديارنا وتدق ابوابنا ، حيث طغت القيم المادية على القيم الروحية التي اخذت بالتلاشي ؛ فانحبست انفاسها في الصدور، وسادت مكانها قيم الانانية والاستغلال والفساد والانحلال والرذيلة، وحلت المبادئ الميكافيلية محل المبادئ الربانية الاصيلة ،فاعتنقها ذوي المصالح الخاصة والمنتفعون والمعجبون ، فتبلدت فيهم الاحاسيس وتجمدت لديهم الضمائر وتلاشت الحساسية الاجتماعية. ان هذه التيارات الوافدة استهدفت منا الشباب ،لانهم الفئات الاكثر تأثرا بحكم طبيعتها النمائية ورغباتها الثورية ، وافتقارها للحكمة والتجربة والممارسة ،فاخذت هذه التيارات المشبوهة تدس من خلال برامجها السامة ما يؤدي إلى انحرافات الشباب لطمس القيم الاصيلة لديهم من عادات وتقاليد واعراف ومروءات ، وامعنت في اغراق المجتمعات بسلوك الشبهات ،وانحرافات عصر العولمة كضعف التدين والتمرد والادمان واللانمالية، والتدخين كتصرف لتوكيد الذات وبابا للدمار، واضطرابات علاقات الابناء بالآباء وعقوق الابناء والمعاكسات اللاخلاقية ، وتمكين المواقع الاباحية الفاسدة، والعنف باشكاله المدرسي والجامعي والاسري ،والعنف ضد المراة ، إلى غير ذلك من المفاسد و الشبهات،وذلك للعمل على اضعاف وهدم بناء منظومة القيم لدينا، وضعضعة الضمير الخلقي ،وخلخلة التماسك المجتمعي ،مما يؤدي إلى اضطرابات المجتمعات وانهيارها، نتيجة التشكيك والاستهانة بالقيم والاعراف الاجتماعية ، فيقود إلى فقدان الامن المجتمعي والامان والاطمئنان النفسي ، وضعف الضمير الخلقي ،والاستهانة بالشرف والكرامة والمروءة، والبعد عن الاستقامة حيث يؤدي ذلك إلى فوضوية القيادة الاسرية، وافساد المناخ المجتمعي، وتعميم اساليب التذبذب في التنشئة الاجتماعية ،والتفرقة والتفضيل محل المساواة والاخاء والمحبة ، وتمزيق العلاقات بين الاخوة واضطراب البناء النفسي والجهاز اللاشعوري . ان لدينا مخزونا هائلا من القيم ،نستطيع ان نجعله سدا منيعا عاصما للشباب امام هذه الموجات المتلاحقة والمتلاطمة والمتناقضة التي اخذت تدق علينا ابوابنا وتنذرنا بشر مستطير ،وعواقب وخيمة وفساد شرير. فالى الشباب العربي المسلم ،احفاد محمد (صلى الله عليه وسلم) واحفاد خالد بن الوليد، واحفاد صلاح الدين، ابطال اليرموك والقادسية وحطين ومؤتة ، قاهري الشرك والمغول والتتار والصليبيين، فرسان الحق ورواده ،اليهم والى الغيورين من ابناء العروبة والاسلام دعوة صادقة للوقوف بحزم وثبات امام هذه التيارات المشبوهة الهدامة ،التي تتقنع باقنعة زائفة مشبوهة ، فباسم اصالة التاريخ والدين والاخلاق لدينا،اناشد المربين والمسؤولين وكل من له علاقة وبه غيرة إلى اعادة بناء منظومة قيمنا واخلاقنا وادابنا التي هي اهم مصادر الامن والامان الداخلي والخارجي لمجتمعاتنا وسلامتها من الانحراف واهم اسباب تقدمنا ورقينا. 

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012