أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


فئران تجارب!

بقلم : جهاد المحيسن
18-05-2014 12:24 AM
لماذا تخضع شعوبنا دون غيرها للتجارب بشكل دوري، ولا نقف للحظة على طبيعة هذه التجارب، فمن الوصفات السياسية إلى الوصفات الطبية، إلى الديمقراطية المعلبة، وحتى الحروب الطائفية غير المقدسة!
ما يصنع الحروب ويروج لها هي شركات الأسلحة العالمية، ورديفتها شركات الأدوية، والحمد لله فإن سوق السلاح هو الرائج في العالم الثالث بشكل منقطع النظير، وفي العالم العربي تصرف مليارات الدولارات على الأسلحة التي إما وجدت للحروب داخلية وإما لقمع الشعوب، وإما يأكلها الصدأ في المخازن والصحارى والقفار، لكن لا بد للرأسمالية المتوحشة من أن تكمل دورتها وتطحن جميع البشر في دورتها.
فالشركات التي تحكم العالم في منتجاتها، لا تتوانى عن جعل 'اللبان' وفي اللهجة الدارجة 'العلكة'، تحوي مواد يدمن عليها الذين يمضغونها، وهذا كله يتم بتنسيق بين أباطرة الشركات العابرة للقومية، فما بالك بالأدوية والأمصال وغيرها.
قبل سنوات شُغل العالم المسكين بأنفلونزا الطيور، ودفعت الشعوب المنكوبة مليارات الدولارات لشركات الأدوية لتأمين الأمصال لشعوبها، وعندما قامت بعض الدول بصنع هذه الأمصال تم فرض الحظر عليها ولم يسمح بتسويقها،لأن المنتج كان بسعر رمزي مقارنة بالأسعار الخيالية التي وضعتها الشركات التي تصنع الداء وتصنع له الدواء، والشيء بالشيء يذكر بما يخص جنون البقر، وأنفلونزا الخنازير!
والآن فيروس الكورونا الذي ضرب السعودية ووصل إلينا، والكل يعلم أن مكة المكرمة والمدينة المنورة في موسم الحج ومواسم العمرة المتتالية تشكلان ساحة خصبة لبث مثل هذه الفيروسات التي ستنتقل عبر الحجيج والمعتمرين إلى العالم بأسره، وخصوصا الشعوب المنكوبة في جنوب شرق آسيا وأفريقيا والهند وباكستان وغيرها، ما يعني مزيدا من المرضى وتراكم هائل للثروة.
لكن ما علاقة العنوان بالأدوية والشركات والسياسة والحروب؟ ببساطة نحن فئران تجارب لعالم الرأسمالية، ففي كتاب الطب الإمبريالي والمجتمعات المحلية لكاتبه دافيد آرنولد، يتناول الكاتب بالتفاصيل الدور الكبير الذي لعبه الرجل الأبيض في نقل العدوى للشعوب التي استعمرها وأدت لإبادة شعوب بأكملها!
لذلك تشكل الفئران عند العلماء والباحثين الحقل الأنسب لإجراء التجارب، فثمة تشابه من وجهة نظر الرأسمالية: حيث إن الفئران صغيرة وحبسها والعناية بها أمر بسيط، ويمكنها التكيف جيداً مع البيئات الجديدة، إضافةً إلى سرعة تكاثرها وقصر عمرها حيث يتراوح بين سنتين وثلاث، لذلك يمكن متابعة عدة أجيال من الفئران خلال فترة نسبية قصيرة من الزمن.
أيضا الفئران والجرذان غير مكلفة نسبياً ويمكن شراؤها بكميات كبيرة من المنتجين التجاريين حيث إنهم يبيعون أصنافا من القوارض مخصصة للأبحاث. فالقوارض بشكل عام تكون معتدلة المزاج ومطيعة، ما يَمكن الباحثين من السيطرة عليها بسهولة، بالرغم من وجود بعض أنواع الفئران والجرذان التي يصعب السيطرة عليها على عكس الأخريات!
فتأمل يا رعاك الله، إنك تجد السر بمقارنة بسيطة بين سلوكنا وسلوكات فئران التجارب!
(الغد)

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012