19-12-2010 11:02 PM
كل الاردن -
كل الاردن – دعا رئيس لجنة التوجيه الوطني النائب جميل النمري الىاعادة العمل بخدمة العلم واظهار حالة من التقشف لدى الوزراء والحكومة.
وكشف النمري في كلمته امام الحكومة في اول يوم لمناقشات بيان الثقة للحكومة ان الحكومة تطالبنا بالتقشف وخفض الامتيازات لكنها تنسى ذلك عندما يتعلق الامر بها وبوزرائها حيث يوجد رواتب مخفية للوزراء ومكافات وغيرها ، وفيما يلي النص شبه الكامل لكلمة النمري:
......أقف هنا في مقام يغري بقول كل شيء دفعة واحدة .. أشواق وأحلام وآمال مسيرة طويلة من النضال من أجل عالم مختلف, مسيرة منحتنا عددا لا يحصى من الخيبات .. وأيضا بعضا من الانجازات .. منها وقفتنا اليوم كممثلين منتخبين من الشعب لنراقب ونحاسب ونشرّع ونتحدث سندا لأحكام الدستور القاضي بأنّ الأمّة مصدر السلطات.
وقال فوق ذلك هذه وقفة تغري بالاستعراض الخطابي الشعبي السياسي, وكعادتنا عربيا الاستعراض البلاغي والانشائي .. انما سأقاوم أي اغراء غير الاستعراض المخلص والنزيه لواقع الحال وما نريده ونحتاجه للفترة القريبة القادمة, لأن الحكومة قبل النواب تستطيع ان تطرح أفضل الشعارات وأعظم الأهداف لكن العبرة في برنامج منظور لتحقيق هدف منظور في مدى منظور وبالضرورة فان الخطط والأهداف يجب أن تتسم بالواقعية لكن ليس اطلاقا الاستسلام للواقع, فطموحنا هو قطع خطوات حقيقية على طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي, ومهمّة الحكومة أن تتحلى بالارادة والجرأة والاقدام والحيوية لاجتراح هذه الخطوات, ولا نريد برامج لعقود أو حتّى لعقد قادم وهي على كل حال موجودة في الاجندة التي تريدون تحديثها, بل نريد مقترحات لغد وما بعد غد وأداء يمدّ جسور الثقة مع جمهور استهلك آخر فلس من رصيد الثقة بالحكومات .. ومجالس النواب أيضا.
وتابع يجب أن لا ننسى أننا نقف هنا اليوم بعد ان قرر جلالة الملك التدخل استثنائيا لوقف مسار التردّي والانحدار بالدعوة لانتخابات جديدة مختلفة وبرسالة ضمنية قويّة للتغيير والاصلاح, وبالفعل فقد أفرزت الانتخابات مجلس نواب بنسبة تجديد عالية عكست ارادة التغيير عند الشعب. وفي حملتي الانتخابية رفعت شعارا واحدا ووحيدا هو التغيير ولم أكن بحاجة لتفسيره أكثر فالناس تريد تغييرا لواقع تعرفه ولم يعد مقبولا وقد أشبعناه نقدا وتشخيصا وبقي ان نحزم أمرنا ونتحرك ولست من دعاة وضع كل الحق على الحكومات فقد اكتشفنا بالتجربة اننا منتوج حقل واحد والسلوك الفاسد يظهر في ادنى المستويات كما في اعلاها انما من بيده الولاية العامّة وسلطة القرار يتحمل مسؤولية أوفر لقيادة الناس في مسار مختلف, والاصلاح السياسي- الاجتماعي يعني حزمة من القوانين والأنظمة والتعليمات والاجراءات التي تفرض تغييرا في السلوك والثقافة العامّة, وكما نعلم فالمواعظ لا تغيّر سلوك السائقين بل الغرامات الباهضة وهي تصنع مع الزمن ثقافة اجتماعية وقيما سلوكية مختلفة .
واكد دولة الرئيس حان الوقت للاقدام على خطوات ملموسة فعلى مدى عشر سنوات ونحن نملأ الساحة كلاما عن التنمية السياسية دون ان تتقدم التنمية السياسية فعليا لا عند الشباب ولا الشيوخ انشا واحدا. وينطبق مثال السائقين على الانتخابات فدون تغيير جوهري على آليات الانتخاب لن نحدث التغيير المنشود في الحياة السياسية وفي سلوك الناس وفي نمط النيابة السائد, نيابة الوساطة والمحسوبية التي تعكس ثقافة وقيما وعلاقات متخلفة تضرب المؤسسية والثقة. وان العصرنة لترتبط جوهريا بمكافحة وتقليص هذه الظاهرة الكاسحة والمأساوية في بلادنا فماذا ستفعل الحكومة بهذا الصدد؟!
وبين لقد حولت الحكومة قانون الانتخاب للمجلس لكننا نعرف ان هذا القانون يحتاج الى توافق على مستوى الدولة وليس بين النواب فقط. والاصلاح السياسي طبعا يشمل قوانين أخرى الانتخاب مثل قانون الاحزاب ونظام تمويلها وقوانين الجمعيات والاجتماعات والمطبوعات.
وبهذا الصدد قال ان علينا كنواب أن نبدأ بالاصلاح من عندنا وأرى أن اصلاح النيابة في رأس سلم الأولويات ابتداء باصلاح النظام الداخلي لمجلس النواب. نريد تقوية المجلس ورفع الفعالية والكفاءة في الأداء الى مستويات غير مسبوقة, وليصرف المال على هذا التحسين وليس على الامتيازات, الا فلتسحب كل الامتيازات, وليكن الراتب مكافأة مجردة بلا تقاعد ولاعلاوات, ولا نريد اعفاءات جمركية لسيارات ولا مياومات للسفريات فعسى ان نصبح أكثر تشددا في مكافحة الفساد والامتيازات, وعسى ان نطلب ليس ارتقاء النواب الى امتيازات الوزراء بل نزول الوزراء الى تقشف النواب. وبعد هذا نستطيع أن نسأل مثلا لماذا يجب أن يحصل شاب خدم ولو يوما واحدا كوزير على تقاعد لمدى الحياة؟ ولماذا يجب ان يحصل كل وزير على راتب ثان غير معلن يعادل راتبه الرسمي ولو تحت مسمّى آخر, هذا عدا عن مكافآت وامتيازات أخرى متنوعة, بل انني أقترح ان يكون التغيير بأثر رجعي للجميع بما في ذلك تقاعدات الضمان الاجتماعي التي تزيد عن 5 آلاف دينار فلم يجب القبول بافلات البعض الى الأبد برواتب تقاعدية فلكية نعرف انها جائرة وتمثل اعتداء لا يقرّه ضمير على مال الضمان.
وتابع أعرف أن كل أردني على اي مستوى يرى في الامتيازت فسادا يستوجب أقسى الاجراءات الا حين يصل الأمر اليه فتغدو امتيازاته حقا لا يدانيه حق, وقد حان الوقت ونحن في خضم استحقاقات اقتصادية صعبة ان يقدّم الوزراء, والمسؤولون عموما, النموذج والقدوة في التقشف والتوفير. وقد علمت أن الديوان الملكي نفسه طلب خفض موازنته على تواضع هذه الموازنة قياسا بدواوين أميرية أو ملكية أخرى, وأنها لخطوة نقابلها بكل الاعتزاز والتقدير فهناك أثر معنوي عظيم لكل خطوة تبثّ رسالة بان كل المواقع والمؤسسات تنطبق عليها نفس الآليات ويخضع فيها الانفاق للمساءلة والمحاسبة والضبط والربط وليست مكانا للتنعم بالامتيازات.
وبهذا الصدد اكد انه ينبغي على الحكومة ان تقدم مراجعة معلنة لهيكل الرواتب والمكافآت في كل المؤسسات المستقلّة بما في ذلك البرامج والمشاريع الممولة من المساعدات لاعادة التوازن وتقليص الفروقات الهائلة مع الرواتب والمكافآت الخاضعة لديوان الخدمة المدنية وهذه ليست مطالب شعبويّة للاستعراض فعجز الموازنات الفادح وارتفاع المديونية الفاضح يتطلب خفض الانفاق بينما التنمية وتحسين التعليم والصحّة والخدمات والبنية التحتية تتطلب مزيدا من الانفاق والحلّ الوحيد هو اعادة توزيع الانفاق بأقصى قدر من التقشف والرشاد أكان جاريا أم رأسماليا واسمحوا لي أن أضرب مثالا واحدا: الانفاق على الصحة في الاردن للقطاعين العام والخاص يزيد عن 10% من الناتج المحلي الاجمالي وهي نسبة تعادل أكثر الدول تقدما ورقيا في الخدمات الصحيّة؟ اذن الأمر هنا لا يتعلق بزيادة الانفاق بل ادارة الموارد المتوفرة بصورة أكثر كفاءة تخفض الهدر وتزيد الانتاجية. ويكفي ان ننظر الى حجم الهدر في الأدوية والعلاج, ولا يتسع المجال للأمثلة وللتفاصيل في هذا المجال وغيره.
وقال ان مغادرة مفهوم دولة الرعاية الأبوية الى مفهوم المواطنة المسؤولة ليس ممكنا دون مزيد من المشاركة الديمقراطية في القرار وبهذا الصدد نعلق أهمية كبرى على مشروع اللامركزية ولا نريد ان نرى تراخيا وتلكؤا في هذا المشروع بدعوى عدم الجاهزية الادارية فالمرء لا يتعلم السباحة على اللوح بل في الماء ولا بأس ان تعيد الحكومة دراسة وتدقيق مشروع القانون لكننا نؤكد على مراجعة قانون البلديات وربطه بقانون اللامركزية وأيضا اعادة النظر بالدمج وصيغة البلديات الكبرى التي قد لا تعود ضرورية أو على الأقل يجب وضعها بصيغة مختلفة في ظلّ وجود مجالس المحافظات. ولن افوت الفرصة دون التذكير بحادثة غريبة تخص لواء بني عبيد ومركزه الحصن وكان يجب ان تصبح بلدية كبرى تضم باقي بلدات اللواء بموجب مشروع الدمج لكن تمّ فيما يشبه المؤامرة استثناء اللواء والحاقه ببلدية اربد الكبرى من دون الوية المحافظة بل من دون الوية المملكة كافّة وما زالت الحصن وبقية بلدات اللواء تدفع ثمنه باهظا للدمج وقد حان الوقت لتصويب هذا الوضع الشاذ ولن اتحدث عن بقية هموم دائرتي وأترك ذلك للنقاش حول الموازنة.
واكد لا نحسد هذه الحكومة في مواجهة أعباء المرحلة اذا كانت تنوي بجدّ واخلاص التصدّي لمهمّات الاصلاح سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واداريا وثقافيا, التصدّي للفقر والبطالة وتضاؤل فرص التشغيل مقابل السيل العارم من الخريجين بلا عمل, التصدّي لاصلاح التعليم العام والجامعي وربطه باحتياجات سوق العمل, وفي هذه الورشه الكبرى نحتاج الى سياسات جديدة واساليب عمل جديدة وأفكار كبيرة, وأشير هنا مثلا الى فكرة العودة للتجنيد الالزامي والخدمة المدنية بالتدرب في المؤسسات تمهيدا لدخول سوق العمل, وليس مثل جيشنا العربي مدرسة لحفظ الاجيال المهددة بالتعطل وتمكينها بتقاليد الاندماج والانضباط والمسؤولية, والقوات المسلحة تدير بكفاءة مميزة مؤسسات طبّية رائدة ومشاغل ومشاريع انتاجية ناجحة.
وزاد لقد استمعنا الى البيان الوزاري ولا نختلف على ما جاء فيه من اهداف وتوجهات اتصفت بالعموميات, وقد ينفع هذا لحسابات الثقة لكن أصدقكم القول ان تصويت الثقة لم يعد شأنا ذي بال فكل الحكومات تحصل على ارقام عالية في ظلّ غياب نظام حزبي حكومي وبرلماني لتجد نفسها في أصعب حال مع نيابة الوساطة والمحسوبية والمطالب والحسابات الشخصية. المهم هو كيف ستدير الحكومة علاقتها اللاحقة بمجلس النواب بصورة صحيحة وبنّاءة ان هذه الحكومة ستحظى بكل الدعم والتعاون والتضامن بقدر ما تبني علاقة شراكة في المسؤولية والقرار وبقدر ما تتقدم بجرأة ووضوح في طريق الاصلاح وتكريس الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد ونحن معنيون بشيء واحد هو أن لا نخذل البلاد وسيد البلاد في مشروع الاصلاح والتغيير, ان لا نخذل الأمل بأن تكون الانتخابات الأخيرة محطّة تحول حقيقي تضع الاردن الغالي على سكّة التقدم والازدهار.