أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الشعب القوّال

بقلم : محمد الخطايبة
10-06-2014 03:06 PM


لا أعرف يقيناً أي من شعوب العالم أقرت في أدبياتها ما يسمى بـ 'الحكواتي' بخلاف شعوبنا العربية، واذا كان البعض لا زال يحتفظ بمساحة من التشكيل بأننا شعب حكواتي بمعنى ثرثار لن يسعفه قطع اليقين.
بأمتياز نجيد فن القيل والقال ونقل الأخبار والتخابر ومستلزماتها من الأضافة أو النقص، بافتخار ننتصب حين يقال بأننا قلنا، كنا نقول، لا نزال نقول.
نقول في كل شيء وعنه، نؤكد القول ونعيده فاضي أو مليان، المهم أن نقول، نتحدث في المعلوم والمجهول والمبني عليها، نفرغ الى الصمت حيناً ولا نكاد نجزم بصحة ما نقول أو ما نقل الينا ولدى الأختلاف نصل حد التنازل والتصارع.
صحيح لدينا قواعد فقهية من طراز 'لا ينسب لساكت قول'، 'السكوت في معرض الحاجة الى البيان بيان'، وأمثال شعبية 'احفظ لسانك ان صنته صانك وان خنته خانك'، وصحيح انه لسان يتحرك إراديا، بيد أن استعمالاته مكاناً وزماناً لم يأخذ في حساباتنا.
أعرف أشخاصاً كانوا مثالاً للهدوء وندرة الكلام لكنهم تحولوا دون سابق إنذار الى حكواتية، طلاقة اللسان لها مآثرها لكن الثرثرة شيء مختلف.
يتغير الناس بتغيير الأحوال والأوضاع، واذا كان الحكواتي يأتي اليه الناس للفرجة، فإن التقنيات الحديثة أقحمت الثرثارين لاحضاننا، وما أن يطلب منك شخص ضمه الى موقعك الأجتماعي حتى تصاب بالصدمة لمستوى الهبوط الذي وصلت اليه شعوبنا وبات علينا ان نخجل من الآخرين جراء ما احدثناه من أضرار بهذه الوسيلة التفاعلية.
وبخلافنا يتحدث الآخر عن المنجز، عن الفعل، عما صنعه، عما اضافه، بما يفكر، يبحث عن وسيلة أو أكثر تتيح له تعظيم الخدمة للآخرين، الآخر يسأل ويتساءل، ونحن نجيب بعلم أو بدونه وثمة من يصدر فتوى الهية في مسعى لقطع الشك دون ان يعرف أنه مسكون بالشكوك أو قل دون تردد الأشباح.
نحن معشر العرب حظينا دون غيرنا وبدون منازل بهذه الميزة التفضيلية ولعلنا بثرثرتنا ندخل موسوعة جينيس، بلا منافس نحن شعب قولياً.
في مقهر بمصر تحدث أحدهم اسبقه كلامه بـ 'الاعتقاد' رد عليه آخر أنت تقول لا تعتقد، ثمة فرق بينهما، الصحف والمواقع الاجتماعية والالكترونية الاكثر قراءً تلك المعنية بالقيل والقال، اتساءل هل لي أن استمر بالقول؟

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
10-06-2014 03:13 PM

نطقت بشيء يصعب قوله واتمنى ان يجد طريقه لكل منا وقال الرسول صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا او ليصمت

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012