بقلم : سيف الشريف
11-06-2014 10:18 AM
لقد اثار شجونى وربما شجون كثيرين فى الوسط الصحفى ,ذلك المقال المثير للجدل الذى نشره الدكتور فهد الفانك فى الزميلة الرأى يوم الاثنين الفائت (2/6),والذى تزامن مع احتفالات الرأى بمناسبة مرور 43 عاما على صدورها. وقد ظهر المقال وكأنه تهنئة للزمىيلة بتوقيت مدروس بعناية. وكان يمكن أن يمر المقال علينا وعلى جميع الاعلاميين مرور الكرام, لولا المفاجأة المدوية التى فجرها وزير الاعلام الاسبق وعضو مجلس الادارة الاسبق ايضا ,الاستاذ نصوح المجالى حيث نشر مقالا فى ذات الصحيفة , يرد فيه بالارقام على جميع المضامين الواردة فى مقال الدكتور الفانك. مما جعله مقالا صادما لكل من طالعه او حتى سمع به. فقد وجه اتهاما مباشرا وصريحا وواضحا ,لكن دون التطرق لاية أسماء بشكل محدد,بعد أن توصل الى نتائج مذهلة من خلال ترأسه للجنة فحص للاوضاع المالية والتسويقية وشؤون الاعلام فى الرأى ابان فترة رئاسة الزميل سمير الحيارى لمجلس ادارة المؤسسة الصحفية الارردنية(الرأى), فى كانون الاول من عام2011. وبالطبع لم تنشر النتائج الرسمية لتلك اللجنة حتى الان, الا ماذكره المجالى فى معرض رده على الفانك قبل أيام, وربما لاسباب قانونية.
وفى تحليل المقالين المتضادين,نجدأنهما قد توصلا الى نتيجة واحدة , وهى أن الرأى قد ظلمت خلال السنوات الماضية, ولكن لاسباب مختلفة لدى الرجلين. فبينما حمل الفانك ذلك الظلم الى المناكفات بين مدققى الحسابات, الجديد والسابق. رد المجالى أسباب الظلم الى الادارة السابقة, متهما اياها بأنها قامت بتلاعب مالى خفى ومنظم ومستمر ولسنوات طويلة فى دائرة الاعلان أدى الى هدر ملايين الدنانير من حقوق مؤسسة الرأى. وقد توصل الفانك الى ان المشكلة المالية فى الرأى هى اجرائية ودفترية وورقية ,لا اكثر ولاأقل, وانها قد ظلمت من قبل محاسبيها.بينما يرى المجالى ان مشاكل الرأى حقيقية وبفعل فاعل, وبالتالى هى ليست اجرائية ولا ورقية وليست دفترية .وقد اسهب الدكتور الفانك فى انتقاد مدققى الحسابات الجدد نظرا لاصرارهم على اطفاء جميع الذمم والديون المشكوك فى تحصيلها , بالاضافة لاثمان قطع الغيار الفاقدة لقيمتها من ميزانية سنة مالية واحدة , 2012. مما أدى الى قلب ألارباح المتحققة الى خسائروصلت الى أربعة ملايين دينار, واعتبر الفانك تللك الاستدراكات بانها عمل تعسفى بامتياز.فقد بلغت قيمة المصاريف المضافة لميزانية ذلك العام أكثر من سبعة ملايين وربع المليون دينار, مما حتم خسارة المؤسسة بدلا من تحقيق الارباح.فقد أراد المدققون الجدد أن يسجلوا نقطة على زملائهم السابقين وقلبواالارباح الحقيقية الى خسائر , حسب رأى الفانك.
وتوصل الدكتور الفانك الى خلاصة جريئة وغريبة فى آن معا , حيث طالب بعزل المدققين الجدد لانهم غير متفهمين لواقع المؤسسة الذى كان يفهمه اسلافهم فى ذات المهنة. وزاد على ذلك بأن طالب المالك الاكبر فى المؤسسة وهو صندوق الاستثمار فى المؤسسة العامة للضمان الاجتماعى,بضرورة اعادة تقييم الذمم وقطع الغيار , وعكس كل الاستدراكات الزائدة عن الحاجة لنظهر الرأى على حقيقتها ناجحة ورابحة( وهذا هو بيت القصيد), والنتيجة التى أراد الزميل الفانك الوصول اليها.وقد يكون محقا فى مطلبه.
قد يكون من غير المناسب لى اعطاء اى تعليق على هذا السجال بين الكاتبين اللذان تولى كلاهما مناصب معينة فى مجالس ادارة الزميلة الرأى. وقد أردت فقط لهذا السجال ان يكون مقدمة لحديثى عما جرى فى الدستور, فى ذات العام2011, ولكن عن ميزانية عام2010التى جرى قلب أرباحها الى خسائرأيضا , بعد اضافة مبالغ كبيرة الى مصاريف ذلك العام , وهى كلها تحت بند المخصصات لاغير(ديون مشكوك فى تحصيلها ومخصص قضايا ومصاريف لبضاعة راكدة فى المستودعات),وقد باءت جميع المحاولات لاقناع اللجنة ومراقب الشركات الذى امر بتشكيل اللجنة بأن ليس كل الذمم مشكوك فى تحصيلها وان حجم القضايا المرفوع على الشركة يخسر دائما أمام القضاء ,وان البضاعة الراكدة ماهى الا قطع غيار لاحد ماكينات الطباعة المعروضة للبيع ولايمكن بيعها الا مع تلك القطع. وفعلا كان هناك اصراروعناد على تحميل ميزانية ذلك العام كل تلك المصاريف. كما باءت بالفشل أيضا محاولات تقسيم المبلغ على عدة سنوات بدلا من سنة واحدة.أو اطفاء المخصصات من علاوة الاصدار او الاحتياطيات المتعددة, كل ذلك لتجنب اعلان خسارة غير واقعية ستؤثر بشكل اكيد على سمعة الشركة. لكن لاحياة لمن تنادى.
لكن هل مشكلة الدستور أقرب لمما طرحه الدكتور الفانك, أم لما فجره الاستاذ المجالى؟ هى بكل تأكيد أقرب لطروحات الفانك مع بعض الاضافات ,وهى بعيدة كل البعد عن طروحات المجالى, حيث جاء التقرير الرسمى المطبوع للجنة الخبراء المكون من ثلاثة محاسبين قانونيين والمرفوع لعطوفة المراقب,خاليا من اى اتهام لرئيس او اعضاء مجلس الادارة, خصوصا أن اللجنة مكثت قرابة الثلاثة أشهر لتدقيق كل الملفات فى الدائرة المالية ودائرة الاعلان وجميع أقسام ودوائر الشركة ,بما فى ذلك ملفات الموظفين وكشوف الدوام لجميع العاملين فى الشركة, وخرجت توصياتها من النحية المالية بوجوب أخذ مخصصات عالية وكبيرة عكست كل النتائج والارباح الحقيقية لعام 2010 الى خسائر تجاوزت المليون دينار. مما فسر أيضا على انه مناكفة لزميل آخر سبق أن قام بتدقيق الميزانية متضمنة ارباحا قاربت النصف مليون دينا ر. وتضمن تقرير الخبراء ايضا توصيات غير مالية مثل أن النظام المالى والادارى قديم منذعام1998و وأنه لايوجد وصف وظيفى لموظفى الدائرة المالية, ولا يتم عمل تدوير للموظفين فى الدائرة المالية بحيث يتم تأمين استمرارية العمل فى حال غياب اى موظف فى الدائرة,كما أنه لايوجد اجراءات واضحة لمتابعة دوام الموظفين ,وملاحظات اخرى تتعلق بالرقابة على كميات المرتجع من اعداد الصحيفة وان مدير شؤون الموظفين لايحمل مؤهل علمى مناسب للوظيفة الخ الخ الخ.
وبالتالى قدمت لجنة الخبراء من المحاسبين القانونيين ثمانى توصيات للاخذ بها ,واحدة فقط ذات بعد مالى ,اما التوصيات السبعة الاخرى فهى اجرائية ادارية تنظيمية لااكثر ولاأقل.وقد كنا ومازلنا نعتقد بأن اللجنة لأنها لم تجد اية أخطاء مالية فى الميزانية,فقد كلفت بأن تنظر مجددافى تلك المواضيع غير المالية كى لا تصدر التوصيات فى نقطة واحدة ,قابلة للجدال والمناقشة. ودليلى على ذلك بأن اللجنة نعد أن انهت اعمالها المحاسبية خلال شهرين, وكنا جميعا ننتظر ما ستفسر عنه تلك العملية التى استغرقت وقتا طويلا من التدقيق المالى والمحاسبى الممل, فاذابهم يعودون للدستور ثانية ولمدة شهرآخر,كى يخرج التقرير وتأتى التوصيات كما أشرنا لها سالفا. فاذا لم يكن هذا توجيها للجنة التى أنهت أعمال التدقيق المالى والمحاسبى ,والايعاز لها بالعودة ثانية للدستور علها تعثر على مخالفة هنا او خطأهناك, فماذا عسانا أن نصف هذا الاجراء اذن؟هل هومناكفة بين زملاء المهنة الواحدة فقط؟ لااعتقد ذلك .الم اقل ان نموذج الدستور هو نفس النموذج الذى قدمه الدكتور الفانك للرأى مضافا اليه اشياء اخرى؟. على العموم لم يستغرق اللقاء مع مراقب الشركات يوم 24/7/2011 أكثر من نصف ساعة حيث خيرنى بين حل المجلس او استقالة خمسة اعضاء, حيث عندها يحل المجلس لفترة ثلاثة شهور فقط, اما فى الحالة الاولى فانها قد تستغرق سنوات.
اخترت الخيار الثانى بطبيعة الحال باعتباره أهون الشرين ,وقدمنا استقالة جماعية للأعضاء الخمسة الممثلين للقطاع الخاص فى اليوم التالى. وتم تعيين لجنة مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر كما اتفقنا. وقد بدت استقالتنا فى حينه وكأنها استجابة لواقع معين و درأ لمخاطر لايعلم بها الا الله مستقبلا. لكنها فى الحقيقة بالاضافة لذلك كانت رسالة احتجاج على كل ماجرى, من تاريخ رد الميزانية فى اجتماع آذار وحتى الاجتماع مع المراقب فى تموز. لقد اكتملت خلال هذه الفترة كل المستلزمات الواجب انفاذها. فقد باع الضمان اسهمه لنفسه كى يشارك فى انتخابات مجلس الادارة بعد ان كان الترتيب المعمول به سابقا ان يعين اعضائه الثلاثة دون المشاركة فى انتخاب الاعضاء الستة الآخرين, انفاذا للقانون والنظام الداخلى للشركة. كما تم التنسيق مع نقابة المهندسين التى تملك 17% من أسهم الشركة ,حيث تم منحها عضوية مضاعفة بعد أن كانت تمثل بعضو واحد فى مجالس الادارة لكل الدورات الانتخابية السابقة.وهاقد اصبح الطرفان يملكان 47% من الاسهم , تشارك جميعها فى الانتخابات.ولم يكن هناك كتلة كبيرة تنافس هذا التجمع الكبير . فكان الامرحتما مقضيا حتى قبل موعد اجراء الانتخابات بعد ثلاثة اشهرمن تاريخ الحل ,وفعلا ذهبنا الى الانتخابات وكأننا ذاهبون الى نزهة مضمونة النتائج.فقد استحوذ الضمان والنقابة على سبعة مقاعد بدلا من أربعة سابقا. بينما حصل القطاع الخاص على مقعدين فقط بدلا من مقاعده الستة ,وبالتالى اصبحت الشركة بعهدتيهما (الضمان والنقابة)من 25/7/2011 وحتى تاريخه (ثلاث سنوات تقريبا) وتم توزيع المناصب بين الفريقين حيث لم يشركا أى طرف آخر غيرهما فى جميع المناصب ,بل امتد الوضع كذلك ليشمل جميع لجان مجلس الادارة ,رئأسة واغلبية الاعضاء. وتطورالامر بعد الانتخابات ليشمل عزل واقالة أو استقالة معظم المناصب القيادية فى الشركة (المدير العام+نائب المير العام+المدير المالى+مدير الاعلان +مدير المركز الفنى وآخرين غيرهم) فى خطوة فهمت بانها حركة تصفية واضحة المعالم لكل ما يمكن ان يذكرالقيادة الجديدة للشركة بالماضى ونجاحاته العديدة.
قلنا لامانع من كل ذلك اذا كان سيصب فى مصلحة الدستور فى نهاية المطاف, كشركة وموظفين عاملين. لكن للاسف الشديد لم يكن الوضع كذلك, حيث لم تحافظ الدستور الا على اسمها فقط ,بينما فقدت كل شىء آخر تقريبا.ونحمد الله ان تحرير الدستور مازال متماسكا,حيث لم تطل الحركات التصحيحية ايا من شخوصه حتى الان.فقد تم التضحية بالشركة والموظفين والقيادات خدمة للمجهول.ولم يستفد أحد من كل تلك التغييرات ,حتى اولئك الذين نفذوها واقعا معاشا على الأرض.فأصبح سعر السهم اقل من قيمته الاسمية بحوالى 70% بعد ان كان يتم تداوله بأكثر من ضعفى تلك القيمة .الموظفون بلا رواتب منتظمة, خسائر متوالية وللسنة الرابعة على التوالى, مديونية كبيرة, فقدان القدر الاكبر من حقوق المساهمين(خصوصا بعد بيع جميع اراضى ومبانى الشركة).فالشركة تعيش اياما غاية فى الصعوبة حاليا.ويعلم الله وحده المصير الذى يمكن أن تؤول اليه أوضاعها.ونأمل منه وحده اللطف بالدستور وموظفيها ومكانتها . انه سميع مجيب.
لا يساورنى شك بأن العودة لصيغة الماضى هى أنجح الصيغ لحالة الدستور,ليتم ادارتها من جديد من قبل كوادر لها خبرات فى الادارة الصحفية,فهى أدرى بشؤون هذا القطاع وهمومه ومشاكله المعقدة. فقد ولدت الدستور مستقلة ويجب أن لاتنتهى بغير حالتها تلك .كما ينبغى العودة ايضا لصيغة أن الضمان يملك ولايحكم(لايدير) وكذلك الامر بالنسبة للنقابة. ففى كل المؤسسات الناجحة ,أن الملكية شىء والادارة شىء آخر,خصوصا فى المؤسسات العامة ,مالم يكن المالك نفسه خبيرا فى شؤون المجال الذى يستثمرفيه أمواله.وأكبر دليل واضح على ذلك هو حالة الدستور
.قد يظن البعض اننى اروج لعودتى لادارة الشركة من جديد,فهذا الطرح لاافكر فيه على الاطلاق. لذلك اتكلم بصراحة وتجرد تامين.كما اننى لااشكك فى قدرات من يتولى ادارة الشركة فى الوقت الراهن, بل أتحدث عن وضع دائم ومستمر للشركة يضمن استقرارها وصمودها أمام كل الظروف والمتغيرات, كما يضمن العيش الكريم للعاملين فى هذه المهنة المتعبة, والذى كان هدفا دائما سعينا لتحقيقه.
ختاما , لقد أصاب الدكتور فهد الفانك فى تحليله , وأصاب ايضا الاستاذ نصوح فى رده الذى جاء متأخرا قرابة العامين على أقل تقدير. فقد أشعلا الساحة الاعلامية بالرأى والرأى الآخر!