23-12-2010 07:52 AM
كل الاردن -
كل الأردن-تالياً نص كلمة النائب أيمن المجالي في جلسة مناقشة برنامج الحكومة يوم الأربعاء:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين النبي العربي الهاشمي الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال تعالى: 'وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون' صدق الله العظيم.
دولةَ رئيس مجلس النواب،
حضرات الأخوة والأخوات النوابَ المحترمين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
فأتشرفُ بدايةً بأن أرفع أسمى آيات الشكرِ والعرفانِ لسيدي صاحب الجلالة المفدى، عبدِ الله الثاني حفظه الله وأدام مُلكه وأعزه، وقد تحققت رغبته بفضل جهد الحكومة في إجراء انتخابات حرة ونزيهة، لنمضي نحو التأسيس لحالة من الإصلاح السياسي المأمول الذي يحقق للوطن العزيز التنميةَ المبتغاة، ويسير بنا جميعا نحو غدٍ مشرقٍ يليق بالأردنيين وآمالهم وكفاحهم المستمر نحو الأفضل.
دولةَ رئيس مجلس النواب
حضرات الأخوة والأخوات المحترمين
لقد بنى الأردنيون وهم حول قيادتهم هذا الوطن بحبات عرقهم، صبروا معه ووفوا له حقَّ الوفاء، وما تبدلوا أو تغيروا وما لانوا ولا استكانوا.ضحوا لأجل الوطن، وحضروا في ساحات القتال أبطالا وشهداء، ثم هم عند الأشقاء أصحابُ خبرة وروادٌ ومعلمون وقادة، ونحن اليوم نعيش في أثير بصمات عطائهم، وعلى وقع تضحياتهم وبذلهم لدمائهم على أسوار القدس وباب الواد واللطرون وفي الكرامة وفي حرب تشرين.
والأردنيون يا دولة الرئيس، صفوةُ الناس، وأهلُ مروءة وهم دوما على قلب واحد في الحب والوفاء للقيادة الهاشمية، ولهذا التراب والحمى العربي. فمع الوطن وقيادته مضوا نحو آفاق المستقبل، وهم اليوم وبعد تسعة عقود من رحلة التأسيس والعطاء والبناء، قادرون على رسمِ مشهد الحرية والديمقراطية التي تليق بهم، لأننا الأردنيون جميعا نستحق دولةَ مؤسساتٍ ومواطنةٍ وعدالة، يليق بنا الإنجاز، وتليق لنا الحرية.
نحن الأردنيون يا دولة الرئيس برغم كل ما مرَّ بنا وبالوطن من تحديات وظروف صعبة وبخاصة المالية منها، لم نكن إلا الأوفياء والمثل المُحتذى في الصبر والتحمل والعطاء والبذل.
نعم نحن نعيش اليومَ عجزا غيرَ مسبوق في الموازنةِ، لكننا عاصرنا أزماتٍ أشدَّ وقعا وأبلغَ جسامة، وما انحنت هامتنا، ولا حملنا الوطن حقيبةَ سفر .
كنا كالنخل، ثابتين في مواقفنا العروبية، ومع الهاشميين نحو فلسطينَ الحبيبة والعراق لم نملُ حيث كانت ريح بعض العرب تميل .
ولكن كي نستمرَّ في المضيِّ نحو الأفضل والمستقبل فلا بدّ لنا أن نرى الحريةَ تتجلّى إنجازا والإصلاحَ واقعاً ملموساً محسوساً. ولنا في ذلك'عادة الجميل من الصبر'.
دولةَ الرئيس
لقد عرف الأردنيون الانتخابات قبل مائة عام، وكانت لهم أيامهم النضالية السياسية في مجالسهم التشريعية بعهد الإمارة، وعاشوا حقبةً وطنيةً ناصعةَ البياض في مؤتمراتهم الوطنية. وناضلوا لأجل الحرية، ومن أجل استقلالية القرار السياسي الأردني، والتفوا حول قيادتهم الهاشمية في أحلك الظروف، وعاصرت أجيال شعبنا في تسعين عاماً اثنين وتسعين حكومة، وشهدت أزماتٍ لم يعشها غيرهم من إخوانهم العرب، وكل ذلك وهم على الوعد بدولة المواطنة والقانون، وعلى أمل أن يأتيَ اليومُ الذي تلتزم به الحكومات بالشفافية والعدالة واعتبار الحرية ومكافحة الفساد وفاعلية الأحزاب سقفاً لأي إصلاح.
دولةَ الرئيس
الزملاءُ والزميلات المحترمون
مع أن الحكومة تقدمت مشكورة لهذا لمجلس الكريم، ببرنامج عملها للمرحلة القادمة، على نحو مفصّل، تتضح فيه آلياتُ تنفيذ ما ورد في خطاب العرش السامي؛ في محاولة لمواصلة مسيرة الوطن الإصلاحية التحديثية الشاملة، التي حددها مولاي صاحبُ الجلالة، سبيلا لا حيادَ عنه لبناء أردن المستقبل وتحقيق الرفاه للمواطن الأردني بما يضمن له الحياةَ الكريمة والمشاركةَ السياسية الفاعلة في صناعة مستقبله.ومع أن ثمة حرصاً ونوايا طيبة واضحة من جانب الحكومة على تحديد الأهداف والبرامج التي تحكم عملها، إلا أن الكثير من برامج الحكومة يتضح فيه غياب الأطر الزمنية التي لا بدّ وأن يحتكمَ إليها العمل الحكومي خططاً وبرامجَ وآليات.
أما وقد أردنا الإصلاحَ السياسي خيارا ونهجا ديمقراطيا فيجب القولإن عملية الإصلاح في أي دولة تتطلب إحداث مراجعة تامة لكل المجالات السياسية والاقتصادية وتحديد مَواطن الخلل لكي يتم وضع العلاج لهذا الخلل، وللأسف ما زال الإصلاح السياسي يجري بشكل انتقائي، وما زال منفصلا عن مسارات الدولة الأخرى وقطاعاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، برغم وجود الإرادة السياسية العليا له، وبرغم الكثير من الوثائق السياسية - كلنا الأردن والأردن أولا والأجندة الوطنية- لكن للأسف دولةَ الرئيس؛ وبعد نحو تسعة عقود على تأسيس الدولة يبدو أن عملية الإصلاح السياسي لا تسير بالتوازي مع الإصلاح الاقتصادي والثقافي، وهي عندما لا تتفاعل معا فإن الفصل بينهما يأتي بنتائجَ سلبيةٍ ويصبح الإصلاح السياسي شكليا وديكورا.
الأمرُ الآخر الذي يعوقُ عمليةَ الإصلاح السياسي في وطننا العزيز هو انعدامُ الثقافة الديمقراطية الحقيقية الفاعلة وغيابُ ثقافة الثقة التي تتيح التفاعل للجميع وتشجع على إحياء روح المبادرة وتجعل المواطن يشعر بجدوى عملية المراجعة وفاعلية الإصلاح السياسي.
دولةَ الرئيس
حضرات الإخوة والأخوات النواب
إن النخبَ السياسية الحاكمة تتحدث عن وجود خطط للإصلاح السياسي لكنه إصلاح لا يتعدّى أروقةَ دوائرِ الحكومة وأدراج مكاتبها؛ فنموذج الأجندة الوطنية لا يزال حاضرا، وهو ما يؤكد أننا لا نعمل على أساس ثقافة التراكم، وبهذا الشكل يظل الإصلاح جزئيا لا يُقصد به سوى تلميعِ وجه الحكومات وهكذا يفقد جدواه ومضمونَه لأن إنجاح أي آلية للإصلاح والتغير السياسي يلزمه جو من الجدية والشفافية، وما يجري على أرض الواقع مختلفٌ تمام الاختلاف، وقلَّما لمس المواطن جدية واضحة في التنفيذ.
وعليه أرى أنّ هناك جملةً من القضايا التي لا بدّ من التركيز عليها لكي نحقق نسبةً معقولة من التقدم في الإصلاح وهي:
-
على الحكومة أن تتقدم بمشاريع قوانين سريعة وفاعلة تتناول كافة مفاصل الحياة السياسية وعلى رأسها قانون انتخاب جديد متوازن يحقق متطلبات التنمية السياسية، ويعدّ تجسيدا لرؤية صاحب الجلالة.
-
إذا ما قُدِّر لمشروع اللامركزية رؤيةَ النور فلا بد للمشروع من حوار سياسي واجتماعي مع كافة الجهات والنخب السياسية والثقافية المؤثرة.
-
مع التقدير للدور الذي ينهض به الحكام الإداريون، إلا أن فاعليتهم في الدور التنموي الذي كان في صلب الرؤى الملكية منذ العام 2003 ما زال محدودا، وهنا أرجو من الحكومة تفعيل الدور التنموي للحكام الإداريين.
-
إن السلطة القضائية هي الملجأ والملاذ ونقطة الحسم لكل الخلافات، ولكي تنهضَ السلطةُ بواجبها الدستوري والفصل في الخصومات على مختلف أشكالها لا بد لها من الدعم والتطوير وتحقيق المزيد من الاستقلالية للقضاء.
-
ليسمحْ لي دولةُ الرئيس والسادة الوزراء بالتساؤل عن الاستراتيجية الحاكمة لوزارة التنمية السياسية، والسؤال عن النتائج التي تحققت، والتحديات التي تواجهها؛ فالثقافة الحزبية ما زالت غائبة، والاهتمامُ بشبابِ الجامعات موسميٌّ بامتياز.
أما في مجال الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي؛
فإن المطلب الأساسي لضمان استقرار الدولة الأردنية من منظور استراتيجي يتمثل في الدخول في عملية إصلاح اجتماعي اقتصادي فعليّ تستهدف القواعدَ الاجتماعية العريضة من المجتمع وتعيد رسم ملامح دور الدولة الاجتماعي والاقتصادي، وهذا الأمر يتطلب العمل على ما يلي:
أولا: ملف النزاهة الوطنية:
لقد آن الوقت للانتقال من المفهوم التقليدي الذي يدور حول الفساد بأشكاله التقليدية الذي أوجد عبرَ الزمن آليةً داخلية للتحصن والتستر والالتفاف والتجاوز، نحو مفهوم النزاهة الوطنية الذي يدور حول توفير آليات المناعة الداخلية بالتمأسس القانوني والتطبيق الصارم؛ بمعنى إحداث مراجعة قانونية شاملة ومراجعة للإجراءات القضائية التي تتعلق بهذا الملف إلى جانب بناء منظومة تشريعية وإجرائية لتوفير مناعة شاملة تَحدُّ من سوء إدارة الموارد وتؤسس لمنظومة وطنية في كفاءة إدارتها.
ثانيا: تطوير قدرات الدولة التوزيعية لضمان عدالة توزيع الموارد العامة:
فالوقت ملائم للكفِّ عن الحديث حول التوزيع العادل لمكتسبات التنمية إلى الدخول في منظومة قانونية ومنظومة سياسات تحقق العدالة في توزيع الموارد الوطنية. وهذه المنظومة يجب أن تستند إلى مسوح اقتصادية واجتماعية تقوم بها بيوت خبرة وطنية وليست أجنبية. وهنا يمكن أن نستفيد من الجامعات.
ثالثا: إنقاذ الطبقة الوسطى:
عبر تبني سياساتٍ وبرامجَ تمنع تركيز الثروة، وتوسع من نطاق الطبقة الوسطى وقاعدتها.
رابعا: إصلاح النظام الضريبي:
بحيث يعمل لصالح بناء مالية عامة معافاة للدولة الأردنية ويعمل في الوقت نفسه لصالح استعادة الطبقة الوسطى على أسس العدالة في التحصيل والجباية.
خامسا: إصلاح علاقة السوق بالمجتمع والدولة:
عن طريق المضي بسياسات فعلية لمنع الاحتكار في السلع الاستراتيجية، ومنع العلاقة الزبونية بين الدولة والقطاع الخاص.
إن هذه المنطلقات هي التي تجيب عن الأسئلة المقلقة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ابتداء بالعنف ومرورا بالبطالة وانتهاء بالفقر وغيرها من المشاكل، فهذه المشاكل هي نتائج لاختلالات عميقة وهيكلية تحتاج برامجَ إصلاحيةً جريئة.
ولكي نصل إلى حالة مقبولة في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي لابد من الإشارة إلى ما يلي:
-
إن ضعفَ المجتمعات يتعزز مع البطالة، وغياب التنافس العادل على فرص العمل في القطاعين العام والخاص يعد من أبرز أسباب الاحتقان المولدة للعنف الاجتماعي.
-
ضرورةُ إيجاد آلياتِ عملٍ واضحة لضبط المنح والقروض والمساعدات الخارجية، وعدم التوسع في الاقتراض الأجنبي وبيان أوجه التخصيص لنشاطات منتجة وهادفة تسهم في فائدة الاقتصاد الوطني، وتقليل الإنفاق على الوفود وشركات الاستشارات، والإفادة من الجامعات الأردنية والمؤسسات العلمية والوطنية مثل المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا والجمعية العلمية الملكية في الاستشارات ودراسات الهيكلة والجدوى.
-
المضي قدما في محاربة الفساد بشمولية تطال كلَّ أشكاله، عبر تطوير قانون هيئة مكافحة الفساد وتعديله، بما يمكنها من المرونة في العمل وتفويض الصلاحيات في إطار القانون.
-
إيجاد صيغة تشريعية وتنظيمية للهيئات الرقابية (هيئة مكافحة الفساد، وديوان المحاسبة، وديوان المظالم) بحيث لا تتقاطع ولا تتعارض في عملها(ففي قضية فساد الزراعة تدخلت أربع جهات رقابية للتحقيق فيها بعد كشفها، فأين كانت هذه الجهات قبل أن يتم الفساد؟) فهل يمكن الحديث عن إجراءات وقائية تحول دون وقوع الفساد؟
-
العمل على ضرورة استقرار قوانين الاستثمار، التي نجدها عُرضةً للتغيير المستمر بما يحول دون شعور المستثمرين بالأريحية وإحساسهم بالقلق الدائم.
-
إن الضمانَ الاجتماعي هو 'بيت مال الأردنيين' فلا بد من العودة للاستثمار في المشاريع الاستراتيجية ذات الآفاق الواضحة، وتوسيع مظلته ليشمل جميع العاملين في سن العمل.
-
دعم وتعزيز إقامة مشاريع صغيرة اقتصادية ذات صبغة إنتاجية قابلة للتسويق وبخاصة تمكين المرأة في الأرياف، وبالتوازي مع ذلك لا بدّ من إحداث برامج توعية للمرأة الريفية عبر المراكز الثقافية والبرامج التي تعزز إنتاجيتَها في المجتمع.
-
إن غيابَ آلياتٍ واضحةٍ ومقبولة لتسويق الوطن سياحيّاً، إلى جانب إغفال الحاجة إلى مزيد من البنى والمرافق الخدمية السياحية تحرم الوطن من دخل يُسهم بالضرورة في دعم الاقتصاد الوطني بشكل واضح وملموس.
دولةَ رئيس مجلس النواب الأكرم
حضراتِ الزملاء والزميلات النوابَ المحترمين
-
لقد نهض هذا الوطن بجهود أبنائه من المعلمين، وكان إسهام الأردن في بناء الفرد أفضل ما يكون في التربية والتعليم، لذا لا بدّ من العمل على تحسين أوضاع المعلمين المالية، والبيئة المدرسية. أما التعليم الخاص، فلا بد من ضرورة ضبطه وتنظيمه، وإيجاد آليات واضحة لتحديد الرسوم فيه. والبحث في إمكانية اتّباعِ سياسةِ رسومٍ واضحة مستقرة مماثلة للجامعات الخاصة.
- وإلى جانب المدرسة والجامعة هناك الإعلام الرسمي الذي لا بدّ له من التقدم والتطور ورفع مستوى قدرات العاملين فيه ليكون في المستوى المنافس والفاعل محليا وإقليميّاً على الأقل ، وذلك من خلال تشريعات ناظمة لرفع سويته لكي يكون منبراً للدولة وحامل رسالتها .
وأخيراً
يبقى الأردنُّ قويا ما بقي جيشُنا ومؤسساتُنا الأمنية محلَّ الرعاية والعناية والاحترام؛ فالجيش العربي الأردني، لم يكن يوماً إلا جيشَ حريةٍ ونهضة، كيف لا وهو جيش ثورة العرب على الظلم والاستبداد، وهنا نشكر الحكومةَ على كل ما تقدمه للجيش والمؤسسات الأمنية بما يمكّنها من تحقيق أهدافها ويجعل وطنَنا الغالي بهيا آمنا كريما مستقرا.
حفظ الله الوطن وأيّد مُلكه وأعزَّ جنده،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
النائب ايمن هزاع المجالي