أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إصلاح التعليم إصلاح وطن ونهضة أمة

بقلم : نصر يوسف الزيادي
19-06-2014 10:46 AM


كم من معلم يعمل بعد انتهاء دوامه سائق أجرة ؟ - سواء كان عمله على سيارة عمومي أم على سيارة خاصة - وكم من معلم يعمل في سوق الخضار ؟ بل وفي شركات الخدمات التي تقدم خدماتها للمؤسسات والمستشفيات ، وفي المولات والبقالات ، ويأتي الطالب ويشتري منه علبة سجائر .
وكم من معلم يعاني من اضطرابات نفسية ؟ نتيجة ما يعانيه من فقر ومديونية ، فالعازب لا يستطيع الزواج إلا بعد أن يغرق بالديون والقروض ، وربما يمضي طيلة سنوات خدمته بسداد ديونه ، والمتأهل لا يستطيع أن يؤمن حاجات أبناءه في ظل هذا الغلاء الفاحش ، والمعلم الذي يسكن بيتا بالإيجار يعيش بين ألف نار ونار .
فالمعلم الذي يعاني من كل هذه الأمور ، فمهما كان مخلصا وحاول جاهدا تقديم ما لديه للطلاب ، فلن يقدم ما هو مطلوب منه وواجب عليه ، وستبقى هذه الأمور تسيطر على عقله وتفكيره وسلوكه ، وبالتالي ينعكس كل هذا سلبا على الطالب .
إن إصلاح التعليم من مرحلة التأسيس الى المرحلة الجامعية هو إصلاح لكل دوائر ومؤسسات الوطن .. بل هو قاعدة أساسية للنهوض بالأمة . ولن يتأتى هذا دون إعادة هيبة المعلم ورفع شأنه ورتبته ، وتحسين أوضاعه ورفع راتبه ، ومنحه ميزات وحوافز ليتفرغ فقط لهذه المهنة النبيلة ، ومنعه من العمل بغيرها ، والعمل على عقد دورات مكثفة وإعادة تأهيل بعض المعلمين الذين دون المستوى المطلوب في التدريس ، وعمل اختبارات كفاءة لهم .. فمن يصلح للتدريس يبقى ومن لا يصلح يتم تحويله الى مهن إدارية بعد عقد دورات تأهيلية له أيضا .
فعلى الدولة أن تسعى جاهدة وجادة في إيجاد الحلول المنطقية لإنقاذ المعلم ، وتأمين مستقبله منذ اللحظة الأولى التي يتم تعيينه بها ، ولن أخوض في كيفية ذلك ، فهي لا تخفى عن أحد .
أما الإصلاح الثاني يجب أن يكون في المناهج نفسها ، وطرق وأساليب تدريسها ، وأن تتناغم مع عقل الطالب واستيعابه ، وأن يتم التركيز على رغبات الطالب .. مثال : إذا كان الطالب يميل الى مادة الرياضيات فيجب التركيز على هذا التخصص له ومتابعته منذ المرحلة التأسيسية وهكذا ، مع توفير البيئة التربوية المناسبة لكل طالب .
كذلك يجب تأمين كافة المدارس بكافة كوادر التدريس وبكافة التخصصات ومنذ بداية الفصل ، فالكثير من مدارسنا تعاني من نقص معلمين متخصصين في المواد ، بل وفي أهم التخصصات . والكثير من مدارسنا تجد بها المعلم يدرس أكثر من مادة بعيدا عن تخصصه ، والنتيجة للطالب في هذه الحالات تكون حتمية وكلنا نعرفها .
أما المقترح الأخير فيما أقدمه لإصلاح التعليم فهو إلغاء امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ( التوجيهي ) واستبداله باختبارات كفاءة للقبول في الجامعات ، على أن يتم قبول الطالب بنفس التخصص الذي يتفوق به ويرغب بدراسته ، وأن يوضع حد أدنى لمعدل القبول في نفس التخصص ، وأن يخصص في كل جامعة لجنة قبول ذات كفاءة عالية ، ومدربة تدريبا جيدا لهذا الأمر ، وأن تشرف عليها لجنة عليا من وزارة التعليم العالي متخصصة وذات كفاءة عالية أيضا ، وبعيدا عن أية محسوبيات وواسطات .
ما يشجعني على هذا المقترح هو نجاحه في معظم دول العالم ومنها الدول العظمى والمتقدمة ، وكذلك ما يتسبب به امتحان التوجيهي من خسائر مادية على كل الأطراف ، وكذلك خسائر معنوية للطالب وذويه في حال خفقان الطالب بمادة من المواد التي تشكل له عقدة في حياته ، فكم من طالب يكون متفوقا في مادة ويرغبها ويستوعبها وفي مادة أخرى بفشل لعدم رغبته بها بل ولا تنسجم مع عقله واستيعابه ؟ فيخسر مستقبل تعليمه فيما يحب من أجل تلك المادة المشئومة ، وأذكر صديقا لي كان متفوقا في معظم المواد إلا مادة الرياضيات ، فقد كانت تشكل لديه عقدة نفسية ، فعاد التوجيهي أربعة مرات ولم يفلح بها فترك التعليم أخيرا واتجه الى العمل الخاص ، فلو افترضنا أن رغبته كانت تتجه لدراسة الطب ، فهل فشله في استيعاب مادة الرياضيات ستؤثر على دراسة الطب ؟ وقس على ذلك بقية التخصصات والمواد التي لا علاقة لها بالتخصص المطلوب .
ولكي نكون دقيقين أكثر .. يجب أن تكون المرحلة الفاصلة في التعليم هي نهاية المرحلة الإعدادية ، والتي يحدد من خلالها مصير الطالب ، إما أن يكمل مشواره الأكاديمي من خلال اجتياز الطالب معدل قبول للمرحلة الثانوية بالتوافق مع معدل قبول للتخصص الذي يرغبه الطالب منذ التأسيس ، أو أن يتجه الطالب الى التعليم المهني ومنذ بداية حياته ، وبهذا نكون قد وفرنا عليه الوقت والجهد لشق طريق حياته .
أأمل أن تنال هذه المقترحات اهتمام أصحاب القرار والباحثين والدارسين بهذا الخصوص ، وما قدمته أعتبره مقدمة لهم ليعدلوا ويضيفوا عليها ما يرونه مناسبا ، مؤكدا إن إصلاح التعليم هو إصلاح وطن ونهضة أمة ، ومن مسؤولياتنا جميعا .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
19-06-2014 01:48 PM

ما تفضلت به صحيح ،المجتمع بحاجة الى الاذكياء ليكون منهم الاطباء والمهندسون والعلماء والقادة والتربويون وبحاجة الى انصاف الاذكياء ليكون منهم المهنيون الذين لايتطلب عملهم مستوى عال في الذكاء والمجتمع بحاجة الى من هم اقل ذكا ء للعمل في المهن الخرة كالحلاقين والخياطين والاذنة والطوبرجيين وغيرهم وغيرهم ،فلماذا نصنف الناس بمقياس واحد ونضطرهم للاتجاه الى امتهان عمل لايناسب قدراتهم العقلية والبدنية والنفسية
ابتدأ التعليم في الاردن بالتراجع منذ بداية السبعينيات بتطبيق التعليمات التالية :-
1- لارسوب في الصفوف الثلاثة الاولى
2- لارسوب في المرحلة الاساسية الاولى الا مرة واحدة
3- ان لاتزيد نسبة الرسوب عن 5% في الصف الواحد
4-يمنع تكليف الطالب بأي واجب بيتي وان قل
5-يمن تخويف الطالب بأي شكل من الاشكال 6-لجوء بعض اولياء الامور للامن للشكوى ضد المعلم او للمحكمة ان تجرأ المعلم ان يطالب الطالب بالدراسة بجدية اكثر
هذه الاسباب وغيرها جعلت المعلم يتراجع في عطائه والطالب يتمادى في اهماله والتعليم يتراجع في مستواه ,

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012