أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


ابتلعتهم الأرض

بقلم : حماد فراعنة
22-06-2014 01:24 PM

ابتلعتهم الأرض، كما يصف خبير إسرائيلي، اختفاء الشبان الإسرائيليين الثلاثة، بعد أكثر من أسبوع على غيابهم، في فلسطين.
اختفاء أبناء المستوطنين الأجانب الثلاثة، من أرض معادية لهم، ومن وسط غير صديق، حدث عادي، لا يستحق الاستغراب أو الاستهجان، مع الدعوات لعودتهم سالمين لعائلاتهم، حتى ولو كانوا من مجموعة لا تكن الود أو الاحترام لأرض الفلسطينيين، بل ربما العداء لأصحابها الشرعيين، ولكن الحدث غير العادي، والذي يستحق الاستغراب، هو خطف هؤلاء من قبل مجموعة مجهولة لا تملك مقومات فنية أو أي تقنية، وخارطتها الأمنية والسياسية مكشوفة عارية، أمام التفوق الإسرائيلي، بقدرات جيش وأجهزة استخبارية مرصود لها أكثر من ستين مليار شيكل سنوياً للحفاظ على
'أرض إسرائيل، وشعب إسرائيل، من المس والأذى'، وليس هذا وحسب، بل إن معظم الخبراء يقولون كما ذكرت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها يوم 18/6/2014، 'إسرائيل توجد في الوضع الأمني الأكثر راحة منذ قيامها عام 1948، في الوقت الذي تعيش فيه جاراتها في أزمات عميقة'، وهنا مربط الفرس الذي كشفته النائب حنين الزعبي أمام البرلمان الإسرائيلي، بقولها، إن عملية الاختطاف تدلل على مدى المعاناة والقهر الذي يعيشه الشعب العربي الفلسطيني، ومدى الاستهتار الذي يتمتع به المجتمع اليهودي الإسرائيلي!.
يعيش المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، حالة يقظة ورعب وهوس أمني دائم لأنه مشروع يقوم على حساب الغير وسرقة الغير وتدمير الغير، وقد نجح منذ المؤتمر الصهيوني الأول مروراً بوعد بلفور، وبناء المؤسسات والمستوطنات، في العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات بتواطؤ ودعم بريطانيين وغطاء منه، إلى قيام الدولة عام 1948، والاستيلاء على الجزء الأكبر من أرض الفلسطينيين، وطرد نصف الشعب الفلسطيني إلى خارج وطنه، والاستيلاء على ما تبقى من فلسطين عام 1967 إلى الآن، مع حرمان الشعب الفلسطيني من حقيه:
الأول: حرمان الذين أبعدهم وطردهم وشردهم إلى مخيمات اللجوء والعوز والفقر من حق عودتهم واستعادة بيوتهم وممتلكاتهم، وفق قرار الأمم المتحدة 194، ووفق شرط قبول إسرائيل عضواً لدى الأمم المتحدة.
والثاني: حق الذين بقوا على أرض الوطن الفلسطيني سواء في مناطق 48 أو مناطق 67، من إقامة دولتهم المستقلة على أرض بلادهم وفق قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين 181.
مشروع إسرائيل متفوق سياسياً وعسكرياً واستخبارياً واقتصادياً وبشرياً، واستمرار اليقظة والهوس الأمني، لم يوفر لها، ولن يوفر لها الطمأنينة والاستقرار والأمن طالما أن هناك ما هو متضرر وجوعان وموجوع من الفعل الإسرائيلي الدائم المتواصل المتوحش: الاحتلال، التوسع، الاستيطان، مصادرة الحق في الحياة وحرمان الكرامة للشعب الفلسطيني، الذي اختار طريق التعايش وحسن الجوار والتوصل إلى التفاهم والاتفاقات وإلى منتصف الحلول، ومع ذلك فهو لا يجد إلا الصد والرفض وعدم الإذعان لقرارات الأمم المتحدة وانتهاكات حقوق الإنسان، ولذلك مثلما عبر الرئيس الفلسطيني عن سياسة معلنة، ثمة من يقول بغير ذلك، وأن سياسة أبو مازن المختبرة في وقائع الحياة وعلى أرض الواقع، غير ناجحة وغير مفيدة ولا يستجيب لها، لا نتنياهو، ولا حكومة المستوطنين، ولا حتى أغلبية المجتمع الإسرائيلي، الذي يعزز عبر صناديق الاقتراع، سياسات أحزابه وحكومته وقرارات برلمانه المتطرفة.
قد تفلح أجهزة الأمن وجيش الاحتلال، بألويته الثلاثة 'كفير والناحل والوحدات الخاصة'، وهو حشد لم تشهده الضفة الفلسطينية منذ اجتياحات السور الواقي في نهاية آذار 2002 التي استهدفت مقرات السلطة والرئيس الراحل ياسر عرفات، ولذلك قد تفلح هذه الحشود العسكرية والأمنية في كشف لغز اختفاء الشبان الإسرائيليين الثلاثة في أرض الضفة الفلسطينية المحتلة، وقد يتم إلقاء القبض على المجموعة التي خطفت الشبان الإسرائيليين، إذا تمت عملية الخطف، وقد يتم تصفية الطرفين بعملية عسكرية، الخاطفين والمخطوفين، أو أن أحدهما أو بعضهما يتعرض للأذى والقتل، ولكن ذلك لن يحل مشكلة الأمن للإسرائيليين، وإنهاء حالة القلق والهستيريا الأمنية الإسرائيلية الدائمة، وستضيف عملية الخطف تجربة جديدة من المرارة والتصادم واستمرار عدم الثقة بين الشعبين اللذين لا حل لهما سوى التوصل إلى حياة مشتركة بينهما.
ما يحل مشكلة إسرائيل، هو حل مشكلة الشعب الفلسطيني بجزأيه، المنفي خارج وطنه فلسطين، والمقيم داخل وطنه فلسطين، وعبقرية وتفوق المشروع الاستعماري الإسرائيلي، تكمن في كيفية التوصل إلى حلول واقعية منصفة مع أصحاب المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، فهل ثمة شريك إسرائيلي شجاع يتفاهم مع شجاعة الفلسطينيين وهم الأغلبية للتوصل إلى التفاهم والتسوية لحل مشكلتي الشعب العربي الفلسطيني داخل الوطن وخارجه؟؟ من أجل حل المشكلتين للشعبين اللذين لا خيار لهما سوى التعايش والشراكة وحسن الجوار، للإسرائيليين كما للفلسطينيين.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
22-06-2014 01:47 PM

ارجعالى بلدك واكتبمن هناك انا متاكد كما الالاف منالفلسطينيين المقيمين في غلارد ولديهم اراضي في الضفه واختاروا ان يبقوا في الاردن وزيتهم وزيتهم ياتيهم الى الاردن ودول الخليج وهكدا يحصلون على نصيبين من الدنيا. انا نتاكد انه ابو مازن بحاجه ماسه لك

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012