بقلم :
02-08-2014 07:42 PM
الكاتب : د. بشر أحمد عويدي العبادي
أحد اهم الاسباب الرئيسة في انحطاط الشعوب واندثار الامم هو (الجهل) وهو من أخطر الاسلحة التي تدمر شباب الامة وتمحو تاريخهم وحاضرهم ومستقبلهم. الجهل والتجهيل أصبح سلاحا بيد المستبد والعدو، يلقى على الشعوب ويغذى في الادمغة بغية السيطرة عليها وسوقها كما تساق الأغنام والسائمة الى المجهول. فالجهل ينخر الامة كنخر السوس في الشجر، فنرى الشجرة باسقة قوية مثمرة، فتسقط وتموت ضحية السوس.
لو سألنا أحد شباب الامة ماهي الثروة الحقيقية للأمم والمجتمعات؟
فانه سيتحدث عن المال والنفط والغاز والمواد الخام كالفوسفات وغيرها من المواد، وهذه بلا شك موارد مهمة في بناء الدولة اقتصاديا واسمنتيا وبنى تحتية. ولكن الثروة الحقيقية لارتقاء الامم والشعوب هي (العلم والمعرفة والشباب الواعي المسؤول)، فكيف بنا ان نبني مجتمعا حضاريا قائما على اسس وقواعد قوية؟ وكيف بنا ان نستغل كل تلك الموارد النفطية والخام وغيرها؟ وكيف بنا ان نستغل الموارد البشرية والتي تملك اهم وأخطر عنصر وهو 'الوقت' الذي يضيع كثير منه بين قيل وقال وعنف وقتل والجلوس على الشوارع وانتظار المجهول؟ كيف بنا ان نستغل الكفاءات التي هاجرت نتيجة الاستبداد وجهل الحكومات والشعوب؟ كيف بنا ان نرتقي في مجتمعاتنا ونقودها الى بر الامان لبناء جيل قوي قادر على مواجهة التحديات؟ لا نريد جيلا يقول (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104) سورة المائدة.
كيف بنا ان نستغل كل ذلك ان لم يكن لدينا العلم الحقيقي الذي يقود الامة ومواردها نحو الرقي والمستقبل المشرق؟ متى ندرك ان اقتصاد العلم والمعرفة والاخلاق هم الاساس في بناء الدولة قبل اقتصاد المال؟ ان استغلال العلم والمعرفة ونشرهم بالشكل الصحيح هو بمثابة احياء ارض بعد موتها، فعندما تكون امة مستنيرة تسبح وتغوص في فضاء العلم والمعرفة سنجد ان كل شخص سيعرف مكانه في المجتمع ودوره الرئيس في احياء وبناء ذلك المجتمع.
وفي غياب العلم والاخلاق اصبحت الامة والشعوب الجاهلة تطبق مثلا هو: (عندك فلس تسوى فلس)، هل يرضى الانسان لنفسه هذه الاهانة ان يقول ان وجودي يساوي صفرا؟ عقلي يساوي صفرا؟ قدرتي تساوي صفرا؟ هذا ما يحصل عندما يتحكم بالأمة الجهلة والذين ينشرون مثل تلك الامثال والاكاذيب كي يجعلون الناس يؤمنون (أنك انت وما لديك من مال). هذا ما يحصل عندما نكون مغيبين جهلة مجهولين لا نملك ان نفعل شيئا سوى الدعاء لله، ولا نعلم ان الدعاء مقترن بالعمل (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).
فأصبحت الامة في المجال السياسي لا تزال تعيش ضمن انظمة لا تنتمي الى هذا العصر، بل عصور الظلام والجاهلية، ومعظم شعوب تلك الانظمة (تكترش من اعلافها وتلهو عما يراد بها) وكما يقول عبد الرحمن الكواكبي (العرب جعلوا بطونهم مقابر للحيوانات).
وفي المجال الاقتصادي تلاحقنا صورة الفقر والبطالة والغلاء بالرغم من الموارد الكثيرة التي انعم الله بها علينا.
ونحن لا ندري اين هي تلك الموارد وماذا وكيف يفعل بها من قبل الجهلة قواد الشعوب.
وفي المجال الاجتماعي (حدث ولا حرج). أصبح معظمه مجتمع رأسمالي بامتياز، للأسف كما ذكرنا سابقا (معك قرش بتسوى قرش).
دعوني اوضح شيئا مهما، انني لست انظر نظرة سوداوية او سلبية للامة او للمجتمع، بل مازال الكثير من الخير في دولنا ومجتمعاتنا والحمد لله، ولكنني اناقش ظواهر تستحق منا ان نقف عندها كي نتفكر في اسبابها علنا نستطيع ان نتغير ومن ثم نؤثر في محيطنا.
كيف للامة ان ترتقي دون علم؟