أضف إلى المفضلة
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025
الإثنين , 20 كانون الثاني/يناير 2025


المهنة تعلّم الشرف أو تعلّم الفساد

بقلم : فريق ركن متقاعد موسى العدوان
03-08-2014 10:42 AM

* موسى العدوان

من الواضح أن بعض المهن تعلّم أصحابها الشرف وإن كانوا فاسدين ، ومهن أخرى تعلّم أصحابها الفساد وإن كانوا شرفاء ، وهناك أيضا مهن تعلم أصحابها القسوة وإن كانوا رحماء . فمن حيث المبدأ يمكن اعتبار غالبية المهن شريفة بطبيعتها وتؤدي رسالة نبيلة في المجتمع ، خاصة إذا كانت تلك المهن تعمل في بيئة نظيفة ومنضبطة ، لا تغري أصحابها بالانجراف في مسارب الفساد . ولهذا فإنها تطبع سلوكهم بالأمانة والشرف مهما كانت نزعاتهم الشخصية .
وعلى سبيل المثال ، فإن مهنة موظف الجمارك والجابي والمحاسب ، تغري وتعلّم بعض اصحابها السرقة ولو بمبالغ بسيطة . ومهنة الطبيب الجراح والقصّاب تعلّم أصحابها القسوة نتيجة لممارساته العملية . والشريف يتعلم مهنة السرقة عندما يشاهد رئيسه يمارس أعمال النهب والسرقة من أموال مؤتمن عليها ، تطبيقا للمقولة القديمة : ' الناس على دين ملوكهم ' . فكم من شريف تحول إلى لص محترف يغرق بالفساد إلى عنقه مقتديا بسيده .
ومهنة رؤساء الدول والوزراء وكبار الموظفين هي مهن غير شريفة من منظور اجتماعي عام ، لأنها تعلّم الفساد في وجوه مختلفة . فعندما يتولى أحدهم منصبا هاما يكون قد خطى الخطوة الأولى نحو الفساد الكبير ، ويصبح أي مكان يشغله عرضة للفساد . وتستفحل تلك الظاهرة إذا كانت الوظيفة تحوي مالا سائبا بعيدا عن المراقبة يغري صاحب الموقع بالسرقة ، ولا يصمد أمامه إلا من كان يتصف بالاستقامة والإيمان العميق .
لقد أصبحت قصص الفساد ملازمة لكثير من رجالات الدولة في منطقتنا العربية . فعندما نستجوب الشاهد الكبير ( جوجل ) عن سيرة رؤساء الدول وزوجاتهم وكبار موظفيهم ، سيعطيك بكل جرأة وأمانة قوائم طويلة بقضايا فسادهم ، التي تنبعث منها روائح تزكم الأنوف ، وتفتح فضاءات واسعة نطل من خلالها على ما خفي وراء الحجاب .
لا أريد أن أعطي أمثلة تؤكد ما ذهبت إليه ، فالسنوات الأخيرة كشفت المستور لسيرة بعض المسؤولين وزوجاتهم وأبنائهم وأقاربهم في بعض الدول العربية ، والتي أصبحت معروفة للصغير قبل الكبير . وقياسا على ذلك فقد يكشف لنا المستقبل ممارسات مماثلة يلفها الكتمان حاليا ، لرجال ونساء لم يأخذوا العبرة مما حدث لأقرانهم في الماضي القريب .
الغريب في الأمر أن أولئك المسؤولين يعرفون ما يسجله التاريخ عليهم من تصرفات سيئة تحملها صفحات الشبكة العنكبوتية . ولكنهم لا يعيرونها أي اهتمام ، ولا يسعون لتبييض صفحاتهم الملوثة أمام الله والتاريخ . بل يتمادون في أفعالهم ويزدادون خبرة في مختلف مناحي الفساد على مرّ السنين بفضل بطانتهم العفنة ، التي تزين لهم الانزلاق في الموبقات تحت مسميات مختلفة تعود بفوائد شخصية على تلك البطانة .

يروي الكاتب جهاد علاونه في مقالة له نشرها قبل بضع سنوات ، قصة مسؤول سابق كان أمينا للعاصمة عمان كما يلي : ' جاء إليه رجل يريد ترخيص بناية كبيرة بكلفة مليون دينار أردني ، حين كانت قوة الدينار تعادل ثلاثة أضعاف قوته الشرائية الحالية . فطلب الأمين من الرجل عشرة آلاف دينار رشوة أو هبة لكي يوافق له على البناء المقترح .
غضب الرجل واتهم أمين العاصمة بالفساد وتقدم بمظلمة رسمية إلى رئاسة الوزراء . فتم استدعاء الأمين إلى الرئاسة لتوبيخه ، إلا أنه رد على سائليه قائلا : إنني طلبت منه فعلا المبلغ الذي ادعاه من أجل أن أعمّر فيه العاصمة ، وأنتم أعطيتموني هذا المنصب وقلتم لي بالعربي الفصيح ، مصاري من الحكومة ما فيه ودبر حالك من المواطنين ، وهذا الرجل يريد ان يبني عمارة بمليون دينار . فلو دفع للأمانة عشرة آلاف دينار مش رايحات يؤثرن عليه ، وأنا لا أستطيع أخذ مصاري من الناس البسطاء الذين يعمّروا غرفة أو غرفتين ' .
ويستطرد الكاتب في روايته قائلا : ' مهنة الرجل علمته على السرقة أولا من الكبار وأصحاب الملايين ، إذ كان قلبه يرق على البسطاء في ذلك الحين . ولكن مع مرور الزمن قسى قلبه وسرق أصحاب الغرفة والغرفتين ، وحتى الذين لا يملكون غرفة ولا سريرا . وعندما أصبح عمره خمسين عاما كان يملك ما يقارب 55 مليون دينار أردني . فلو أن هذا الرجل عمل في مهنة أخرى شريفة ، لبقي محافظا على شرفه ولم ولن يتلوث بالفساد ' .
وفي هذا السياق يروي لنا التاريخ الإسلامي أنه في العام السادس عشر للهجرة ، عاد المسلمون بتاج كسرى وكنوزه بعد انتصارهم عليه في بلاد فارس ، وسلموها كاملة غير منقوصة إلى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في المدينة المنورة . فتعجب عمر من أمانة الجند على هذه الأموال والمجوهرات النفيسة ، رغم بعد المسافات وطول المدة الزمنية لاحتفاظهم بها فقال : ' إن جيشا أدى هذا لذو أمانة ' . فأجابه الإمام علي كرم الله وجهه : ' عففّت فعفّوا ولو رتعت لرتعوا ' .
والفساد كظاهرة اجتماعية ليس مقصورا على النواحي المالية والإدارية ، بل يشمل أيضا ممارسة السلطة أو التخلي عنها بصورة تتنافى مع الأخلاق والتقاليد المتبعة ، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك كما سجلتها صفحات التاريخ :
• في عام 1888 اعتلى عرش ألمانيا القيصر ( ويلهلم الثاني ) والذي كان مغرما بالقوة والسلطة. فاختلف مع بسمارك الذي كان يعمل مستشارا للدولة ومؤسسا لوحدة ألمانيا أو ما سمي بالرايخ الثاني . وفي وقت لاحق طرده القيصر من منصبه وخلع عليه لقب الأمير . غير أن بسمارك امتلأ غيظا ونقمة على الملك والملكية وقضى بقية عمره في أملاكه الخاصة . وفي حديث لأحد أصدقائه قال : ' كنت عند تولي منصبي أزود نفسي من معين لا ينضب من الحنين والاحترام للملكية ، ولكنني مع الأسف أرى ذلك المعين يجف وينضب . لقد رأيت ثلاثة من الملوك على حقيقتهم ، فلم يكن سلوكهم سارّا ' .

• في أواسط القرن السابع عشر قاد ' الفرد كرومويل ' أول ثورة في أوروبا ضد الملكية البريطانية ، وهوى رأس الملك تشارلز الأول بعد إعدامه أمام دار الضيافة في الوايت هول بلندن عام 1649 . وحين دارت العجلة ومات كرومويل وعادت الملكية إلى انجلترا بعد انتكاسة

الثورة ، أصرّ ابن الملك العائد إلى العرش تشارلز الثاني ، على تنفيذ حكم الإعدام بكرومويل ، ولكن كرومويل كان قد مات . وبأمر من الملك الجديد تم حفر قبر كرومويل وأخرج هيكله العظمي ثم عُلّق في حبل المشنقة .

• في عام 1926 وقَعَ الأمير البريطاني إدوارد في حب سيدة أمريكية متوسطة الجمال أسمها ' واليس سمبسون ' كانت تعيش مع زوجها سمسار السفن في إنجلترا . فتوطدت العلاقات العاطفية والزيارات بين الأمير والسيدة وامتدت لسنوات عديدة . وعندما أصبح الأمير إدوارد الثامن ملكا على عرش بريطانيا ودول الكومنولث وايرلندا والهند في بداية عام 1936 ، انفصلت السيدة واليس عن زوجها لتتزوج بالملك الجديد . ولكن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك ' ستانلي بالدوين ' عارض هذا الزواج ، باعتبار أن الملك راعي الكنيسة الإنجليزية ولا يحق له الزواج من مطلقة . واجه رئيس الوزراء الملك بالحقيقة وأخبره بأن عليه أن يختار بين العرش وبين الزواج من تلك المرأة . فأجاب الملك بأن العرش لا يعني له شيئا بدون وجود السيدة واليس إلى جانبه مفضلا المرأة على العرش . وهكذا وقّع الملك وثيقة التنازل عن العرش دون تردد . وفي الثالث من حزيران عام 1937 تزوج من واليس في حفل بسيط أقامه في قصر كاندي بفرنسا حضره أصدقاؤه ، وسط مقاطعة كاملة من أفراد العائلة المالكة ، التي كانت مستاءة من زواجه وتخليه عن عرش بريطانيا العظمى من أجل امرأة مطلّقة . واستمرت تلك المقاطعة له حتى توفي في عام 1972 عن عمر يناهز 77 عاما .

• أما الملكة آينزي كاستور ملكة البرتغال السابقة وزوجة بيدرا الأول ، فقد اغتالها أحد أفراد شعبها لأنها كانت مكروهة من قبل الشعب . وعندما ورثها زوجها ملكا على البرتغال عام 1361 أخرج جثتها من القبر ونصّبها على العرش نكاية بالشعب قائلا : ' إنها ملكة البرتغال '. فأصبحت أول ملكة تحكم شعبها بعد موتها . ولا نعرف إن كان التاريخ المعاصر سيعيد نفسه بصورة مماثلة في يوم قادم أم لا ؟
يتضح مما سبق أن مهنة الإنسان تلقي بظلالها عليه وتؤثر في سلوكه وتصرفاته . فمهنة رؤساء الدول والوزراء وكبار الموظفين تعلّم أصحابها الفساد بوجوه مختلفة ، وتقودهم أحيانا إلى التضحية بمسؤولياتهم الوطنية لأسباب تافهة ، حتى وإن كانوا قبل ذلك وطنيين وشرفاء . وقد أثبتت التجارب أن الرجل الشريف في دول العالم الثالث ، لا يستطيع أن يتولى منصبا كبيرا ويبقى محافظا على شرف مهنته ــ إلاّ من رحم ربي ــ خاصة في غياب المساءلة . ولا يطهّره من ذنوبه التي غرق بها إلاّ خلعه من منصبه ، ومحاسبته على كل ما اقترفت يداه بحق الأمة . . !
التاريخ : / 8 / 2014
* فريق ركن متقاعد

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
03-08-2014 11:25 AM

شكراً أخي ابا ماجد على التحليل العلمي الموثق تاريخياً. فثقافتك الواسعة اعطت لنا نوراً نرى به فساد حُكامنا ومسؤولينا اللذين باعوا الشرف والوطن والشعوب مقابل تخزيين المليارات في سويسرا ودول الغرب والتي لن تنفعهم امام الله ولا شعوبهم ولن تفيدهم شيئاً عندما يتروكها للبنوك بدل بلدانهم وستحرقهم بنار جهنم وسعيرها. لكن ما أود طرحة على مفكرنا الكبير أين نحن كشعوب من هؤلاء؟ أليس لنا الحق بالنهوض وردعهم واستعادة كل ما سرقوه؟ أم اننا وصلنا الى الحضيض بالاستكانة والخنوع اما تجويعنا رغم كثرة واردات بلداننا؟ أمل التعليق على الوسائل التي تجعل شعوبنا ينهضون كما نهضت الشعوب بالغرب والشرق والذي أوصلهم للديمقراطية والعيش الكريم وفرض إراداتهم على الحكام كونهم اصحاب الحق والحكام هم خدمهم وليسوا أسيادهم.

2) تعليق بواسطة :
03-08-2014 01:27 PM

شكراً للكاتب الباشا موسى العدوان: مقال مليء بالعبر والدروس والحقائق. ولكن ثم تساؤل هناك مثل مأثور يقول المال السائب يعلم الناس على السرقة فعندما تقر موازنة الدولة وتخصص للأنفاق على وجوه مختلفة نجد ان الاموال توضع في يدي اشخاص ويعطو الصلاحيات للانفاق منها على وجوه مختلفة وليس من جهة تراقب وتتابع كيفية انفاق الاموال ولماذا انفقت وكيف وهل انفقت لحاجات وضرورات حقيقية تعود بالنفع العام في نهاية كل سنة تعمد الوزارات والدوائر الحكومية الى التخلص من الاموال المتبقية لها من مخصصات موازنة السنة السابقة بشتى الطرق ولو بإنفاقها على امور غير مفيدة بتاتاً مثل شراء الاثاث من غير حاجة لأثاث او شراء سيارات مع وجود سيارات زائدة عن الحاجة او اعادة هدم وبناء في الابنية من الداخل بحجة اعادة الترميم والتصليح رغم ان كل شيء جديد ومن اروع مايكون والسبب ان هذه الاموال ام لم تنفق ويتم التخلص منها سوف تقتص من موازنة الدائرة في السنة التي تليها على اعتبار انها ليس بحاجة لتلك الاموال وبدليل ان المخصصات في السنة الماضية اعيد منها مبالغ وكأنه شيء حرام ان تدور هذه الاموال الفائضة الى السنة الاحقةاو تعاد الى خزينة الدولة وهذا شيء اصبح متعارف علية وكأنة من المسلمات الطبيعية اما مايقال عن مراقبة ديوان المحاسبة فهي رقابة لاحقة شكلية على الورق والفواتير ومادام ان هنالك عطاء وصرف حسب الاصول لامشكلة في تبديد اموال الدولة والتي مصدرها الضرائب التي تجبى من جيوب المواطنين فعندما يطرح مشروع ما لاجهة تراقب لماذا المشروع وهل من ضرورة له وهل من ضرورة لتنفيذة بالحجم والكلفة التي أنفقت علية في سنوات مضت تابعت كيف ان مشروع بني لغاية ما لأحد الوزارات كلف ثلاثمائة مليون دينار على قطعة ارض مساحتها ستة عشرة دونم ومباني مسطحها الاف الامتار المربعة والغريب ان المشروع تحت أسم مختبرات مركزية للمياه وفي منطقة سكنية وحرفية بعيد عن مصارد المياه والخزانات الرئيسية وتحضر المياه لفحصها بزجاجات صغيرة والمشغول من المبنى لايتجاوز غرف صغيرة لاتشكل 25 % من مساحات المبنى والمتعهد الذي نفذ المشروع من عائلة الوزير في حينه وكلها مباني خالية تجول فيها القطط والفئران ومساحة الارض كان يمكن انشاء فيها مدرسة ومركز صحي ومركز دفاع مدني وسوق مؤسسة مدنية او عسكرية كلها دوائر خدمية للناس والارض هي بالاصل ارض خزينة دولة وليس مستملكة والاخطر في الامر ان المبنى فيه اجهزة مسارعات نووية يصدر عنها اشعة جاما تشكل خطر على صحة السكان وذكر لي حارس المبنى عندما جاء رئيس وزراء في حينه لأفتتاح المشروع وكان برفقته وزير الصحة ووزير المياه سمعه يقول اي شكوى من السكان المجاورين من خطورة الاجهزة الموجودة يغلق المشروع وعليكم اتخاذ الاحتياطات الازمة وهذا يدل ان صحة الناس لم تكن في اعتبار من وافقو على اقامة هذا المشروع الذي ينطوي على مخاطر على صحة الناس طالما فية فائدة للجيوب ومص اصابع ؟؟؟!!!

3) تعليق بواسطة :
03-08-2014 01:59 PM

تحية طيبه للاخ الكبير ابا ماجد على هذا المقال الرائع والامثله التي تعبر عن اناس يحترمون انفسهم واصحاب مبادئ لم تغريهم المناصب مهما كبرت على تغيرها واصحاب مناصب لم يهادنوا ولم ينافقواومارسوا صلاحياتهم بحزم كرئيس وزراء برطانيا فهولاء مسؤلين حقا ولكن في بلادنا الامر مختلف تماما واننا نعيش عكس الزمن فالمسؤل يفعل ما يريد من اكل انواع الفساد وبدل ان ننبهه ولو على سبيل النصيحه نشد على يده فيزداد فسادا ويتمادى اكثر ولو على حساب الوطن والشعب لقد تعودت شعوبنا العربيه ان نهتف لزعمائنا بالروح والدم نفديك يا زعيم ولكننا لم نهتف مرة واحده فداء للوطن نعم ياسيدي الدثر من المسؤلين يجرون الى الفساد والاختلاس رغما عنهم عندما يؤمرون بتحويل اموالا لحساب الاكبر منهم وهو يعرف انها ليست من حقه وهي سرقه لذلك يجد نفسه مشارطا وبالتالي يتحزل الى حرامي ولسان حاله يقول انا اولى من غيري فكثر الفساد واصبح هو القاعده واصبح الشرف والاستقامه استثناء اعان الله الوطن على كثرة الفاسدين والمفسدين وكل الشكر لاخي ابا ماجد

4) تعليق بواسطة :
03-08-2014 02:09 PM

الحياة طريق ذو عدة شعب، وكل شعبة منها ذات لون يختلف عن الأخرى وهذا الاختلاف يأتي بجهد هندسي ولا يأتي مصادفة. وأوّل هذا الجهد يبدأ من حضن دافئ من الأم ترضعه الحليب الصافي الكافي، ومن والد قانع غير طامع والأب والأم يشكلان البيئة الصغيرة ترعاه فيخرج وقد استقى ما يحتويه فكر الوالدين إن خيرا فهو خير يصب في قناعاته وإن شرّاً فقد شرب منه فيخرج للمجتمع على شاكلتهما. ثم ينمو ويمشي بأرجله للمدرسة فيتلقاه المعلمون والله أعلم ما بهم من ضمير صغير أو كبير ومفتشون عليهم ليستقيم المغزى والهدف فإما عالٍ أو عكسه يوصله إلى مجرى الأفلاك أو مسبح الأسماك.
فيتخرّج من المدرسة وقد قوي ساعده وبدّل أسنانه وتزوّد بالنجاح والفلاح أو يغش في الامتحان فيخرج بأحد معدنين صالح أو طالح وتتلقفه الوظيفة ومسمى لواجباته ومدير يرعاه ويوجهه، فإن كان من ذوي الإحسان وجّهه للطريق الصحيح وصار رجلا صالحا يشار له في البنان.
وهكذا أخي أبا ماجد فقد أثرت بمقالك هذا القريحة الجريحة مما يجري حولنا بسبب الفضيحة حيث يقاتل إخومة لنا شرفاء بلا غطاء محصورين من بني يعرب مقهورين من تراجع المقاييس، لأن معادن أصحاب القرار تشكّلت ونمت وترعرعت في اتجاه سلبي غير عروبي لهثت وراءالجَمَال والتهت في الجِمال والنّوق أو متابعة البورصات والودائع وتشريدها عن عيون الناس ولكن ما يركبون من سيارات فاهرة لدليل على بيئتهم وتفكيرهم. أعماهم الله في ملاحقة المال وليس الرجال، لأنهم لم يشاهدوا الشهيد يرفع يده من تحت الأنقاض في اليوم الرابع يقول ها أنا أديت الدور انجزت المهمة ونلت الشهادة كما لم يشاهدوا الطفل وأشلاءه والثكلى بلا أنيس أو مكان يؤويها والشيخ الكبير وقد التحف العراء تحت إنارة قنابل مدفعيةالعدو تصيبه أو تصيب جاره.
أخرجتُ عن الموضوع، كلا والله، فهذا أضعف الإيمان أن نرى من تعلّم الدفاع عن وطنه والآخر الذي تعلّم كيف يسرق وطنه وكلاهما حملت بهم أمهاتهم تسعة شهور. لكن الطريق ذات شُعَب وكل شعبة جاءت بسبب فمنهم من علّمته مهنته الأمانة والشرف والرجولة والبطولة إلى حد التضحية ومنهم من وضع رأسه بالرمال وأغمض عينيه عن ما حوله ، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وعظّم الله أجركم.

5) تعليق بواسطة :
03-08-2014 02:27 PM

وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ (10) فِيهَا فَاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذَاتُ الْأَكْمَامِ

بسم الله الرحمن الرحيم

وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ

الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ

وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ

أَلا يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ

لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ

6) تعليق بواسطة :
03-08-2014 02:34 PM

انا ابن الدولة بالوراثة
وخدمت وجلست مع الجيل القديم
الذي خدم منذ الثلاثينات
واستمعت ورأيت
لكن الدنيا ودولها مصيرها الى الزوال

تونس وليبيا ومصر اكبر مثال
نتذكر عمر بن عبد العزيز

7) تعليق بواسطة :
03-08-2014 09:28 PM

مقال رائع يحمل بين طياته اضاءة قوية على أفة وطنية و اخلاقية ألا و هي افة الفساد التي اصبحت تقض مضجع الموطنين و تكبدهم خسائر فادحة يتحملونها من جيوبهم المتواضعة و المتخمة بالديون و الحسرة، كما اصبحت هذه الافة تنتشر و تمارس بلا خجل و على مستويات متعددة من قبل الكثير من المسؤلين و للاسف في هذا الوطن الذي هو ضحية مسؤليه الفاسدين ، السرقة و العمولات و الرشوة و التنفع و تنفيع الاقارب و استغلال المنصب لسرقة اكبر قدر ممكن من المال العام على شكل علاوات و سفرات و سيارات و اعفاءات و ابتعاث و حتى العلاج لم يسلم كل هذه المعطيات اصبحت السمة الغالبة للحياة العامة في الاردن ، انها ازمة اخلاق و دين و مباديء و ضمير و حتى شرف ... المقال قدم الفكرة و كعادة الكاتب الكبير من خلال التشريح المنطقي و طرح الامثلة و ما تتضمنه من فيض معلومات تاريخية و تثقيفية، مقال يستحق ان يشكر و يحترم كاتبه و للمعلقين من امثال الاستاذ علي الهناندة كل الاحترام على اثرائهم للموضوع و لله التضرع و الدعاء ان يخلصنا من هذه الافة و مأفونيها من الفاسدين

8) تعليق بواسطة :
03-08-2014 10:26 PM

يحمل المقال جوانب سلوكيه واخلاقيه وكل فقره من هذا المقال تحمل بلاغه أكثر من الفقره التي سبقتها . وعلى الرغم مما ذكره الباشا من المقارنه بين بداية المقال ونهايته . إلا أن كل مجتمع لا يخلو من وجود فساد مالي أو اداري والاجدر بنا كعرب ومسلمين أن نحارب الفساد والمفسدين ولا ننسى أن ما ورد في هذا المقال هو توعيه وتذكير والعاقل من اتعظ والامم لا تنهض بالفساد والفاسدين بل بالاخلاق وشكرا للباشا على الاستمرار في كتاباته المهمه والمفيده.

9) تعليق بواسطة :
04-08-2014 01:02 AM

الأخ الكبير ابو ماجد حفظه الله ورعاه
العبد يقرع بالعصا .... والحر تكفيه الاشاره
ولكنك أجبت بان طبيعة المكان تملي على السكان اما النقاء او الفساد وهذا يعتمد على نفسية محتل المكان ومن حوله.
نحن والحمد لله كل من اقسم اليمين من الصفوف الاولى كأنه اقسم ان لا يكون شريفاً نظيف اليد حي الضمير تهمه كرامته وسجله الزمني في الحاضر وللتاريخ وكأنه اقسم ان يكون لصا ظالما شلليا شاريا للذمم يقود عصابة لصوص لصوص وفاسدين وكل منهم في داخله يعتقد انه يضحك على الاخر المهم جوقة لصوص مشتركه ومختلطه رجال سياسة ودين سلاطين وحاشية منتفعين والناس على دين ملوكهم

10) تعليق بواسطة :
04-08-2014 03:20 AM

الباشا ابو ماجد المحترم
لم تتحدث عن مهنة الصحفي ...الذي يكتب مقالته بالدينار او الدولار ..واذا عاملته الحكومة بعدل ...يشتم الوطن... وهناك من الصحفيين من يسجن ..في سبيل الحق

هذه المهنه تستطيع بها افساد الشعب ...او اسكات السعب ..او اذلال الشعب ..

القضاء ....انظر ماذا يحدث لنا ...القضاء ....

شكرا ابو ماجد

11) تعليق بواسطة :
04-08-2014 10:31 PM

الاخ الفاضل موسى باشا تحية طيبة
شكرا على ما ورد في مقالك من أفكار تدل على ثقافة سياسية عالية .. أسأل الله أن يعتبر منها المسؤولون هذا من ناحية .. ومن ناحية أخرى شكرا لشخصكم الكريم لأنك دوماً تكتب في الهم الوطني.

12) تعليق بواسطة :
05-08-2014 10:05 AM

تحيه طيبه لجميع المتابعين المحترمين

أبدع كاتبنا الكبير باشا الباشاوات في خلق فضاء واسع مما يسميه البعض " قراءة ما بين السطور " أو ما يرغب البعض الأخر في التعبير عنه في القول " المعنى في بطن الشاعر " كي يذهب كل منا في خياله وتحليلاته إلى ما يرمي له الكاتب وإن كان العنوان واضحا .

عنوان المقال " المهنه تعلم الشرف أو تعلم الفساد "قد يقودنا إلى حوار واسع يتعلق في أثر النشأه والتربيه والبيئه على سلوك الفرد بالإضافه إلى تأثير ودور القانون في ضبط ولجم إنحرافاته وردع أهواء نفسه , ولي في ذلك وجهة نظر .

هناك صفات موهوبه من الله سبحانه وتعالى يحملها عند الإنسان عند خلقه ومنها " الكرم والذكاء والأخلاق والحلم والصبر " وهناك صفات يكتسبها الإنسان من بيئه البيت والحاره والمدرسه والجامعه ومكان العمل ومنها " أدب السلوك والنظافه وإحترام الغير وحسن الحديث والإستماع وثقافة التعامل مع الغير في مجمل السلوك اليومي .

من هذا المنطلق , فإن صفة الأمانه والشرف وإن كانت مشتقة من الصفه الرئيسيه وهي الأخلاق وبالتالي عدم خضوعها لمؤثرات بيئة العمل ومغريات المنصب الذي يدخل صاحبه في صراع الإغراءات بين التمسك في أخلاقياته وروادع دينه وبين الإنسياق وراء تحقيق مكتسبات غير مشروعه إلا أنها في نهاية المطاف ستأخذ بصاحبها إلى بر الأمان , بمعنى أن الفاسد فاسد من دار أهله ومن تربيته وستبقى عينه فارغه حتى لو ورث الملايين وسيبقى المال العام هدفا للقنص في حين أن الأمين والشريف من دار أهله وتربيته وسيبقى المال العام مصانا بين يديه حتى لو كان ذو حاجه والدليل :-

حبة الفواكه أو الخضار المغلفه بشكل جيد والمحصنه بغطاء يعزلها عن باقي أخواتها في البكسه لن يصلها عفن وخمج باقي الحبات في نفس البكسه , والأمين سيبقى أمين والشريف سيبقى شريف حتى لو أو أستودعته مناجما من ذهب .

شعوب الغرب ومسؤوليها وقياداتها تحكمها منظومة قوانين رادعه" مع إفتقارهم لمنظومة الأخلاق الفطريه " لذلك تجده لا يكذب ولا يسرق ولا يتهرب من عمله ولا يقبل الواسطه ولا مساس بالعداله الإجتماعيه في حين أن الإنفلات في أوطاننا هو الذي نشر الفساد , وقد قيل منذ الأزل " إذا فسد القضاء وفسدت الضابطه العدليه فعلى الأمه والدوله والشعب السلام, ومن هنا نجح سادتنا عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز في صناعة تاج الشرف والأمانه ووضعوه على هامة أمتنا ولم نفلح في الحفاظ عليه بسبب زوال العدل في المنزل وفي المدرسه وفي الشارع وفي العمل وفي كل مرافق حياتنا .

أبدعت كاتبنا القدير , وقد قرأت مابين السطور وتوصلت إلى بعض مما أحتفظ به الشاعر في بطنه وقد إنتابني الرعب مما هو أت فيما لو بقي حالنا على ما هو عليه إلى أن يخسف الله الأرض وما عليها ... ودمتم

13) تعليق بواسطة :
06-08-2014 09:18 PM

أن مراميك الواضحة تستحق الإحترام والعمل لأجلها... فما عاد هناك متسع من الوقت والفرص لإصلاح ما لا يمكن إصلاحة وبات الأمر مفسدة.
يستحق الوطن منا أن نضحي لأجل إجتثاث سرطاناته التي لم تعد تطاق.

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012