أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


حرب غزة وما بعد غزة

بقلم : سلطان ابو يوسف
06-08-2014 10:56 AM
لا أعلمُ من أينَ أبدأ لتزاحم الأفكار ، هل نبدأ من بسالة المقاومة التي فاجأت الجميع ،أم هشاشة الجيش الصهيوني الكرتوني الذي تساقط بالمئات رغم ما امتلكهُ من ترسانة عسكرية هي الأحدث عالمياً والأكثر فتكاً وتدميراً،أم نبدأ من حيث حجم المؤامرة العربية التي لم تعُد تخفى على أحد مؤامرة على الشعوب وعلى المقاومين وعلى المقدسات .

ما يحصل اليوم هو خاتمة المؤامرة من العرب قبل اليهود والغربيين ،الذين يتزاحمون على خدمة الصهيونية والركوع أمام حذائها ليتطهروا به .

تقزيم القضية الفلسطينية :
القدس القضية الإسلامية السماوية التي كانت ولا تزال حتى يوم الدين ،تآمروا عليها وجعلوها قضية عربية، ثم فلسطينية ، ثم غزاوية ، وجزؤوا فلسطين إلى ضفة غربية ، وعرب أل 48،وغزة ، حتى أصبحت فلسطين وكأنها ولايات لا علاقة لأي منها بالأخرى ،أو لا علاقة للمسلمين والعرب بفلسطين ومقدساتها ،وكأن الإسلام ومقدساته حكرا على أهل فلسطين لاسترجاعه .

التصفية والسلام :
ولتصفية القضية الفلسطينية صنعوا سلاماً وهمياً هلامياً لم يحصدوا من ثمره الشوكي إلا خدمة المشروع الصهيوني الذي بدأ يتغلغل في بلاد المسلمين اقتصاديا، واستخبار يا، وإعلامياً، وتنسيقا أمنيا، كله ضدنا كمسلمين وضد حركاتنا التحررية والجهادية في كل بقاع الأرض، خدمة للصهيونية ،آملين من هذا السلام والتطبيع قبول الأجيال بالتعايش السلمي مع اليهود وصهرهم في المجتمع العربي ،والتأقلم مع ثقافتهم ، وبالتالي تعزيز عملية السلام مع بقية الدول لتصبح إسرائيل جزءًا من العالم العربي والإسلامي مرحباً به .

حصار غزة :
إن حصار غزة من عشر سنوات وموت الأطفال جوعاً، أو فتكاً من الأمراض حتى اليوم هو مكمل لمسلسل تصفية الشعب الفلسطيني وتصفية الجيل المقاوم قبل أن يولد ، ومن بقي حياً أكمل العدوان الانقضاض عليه بترسانته العسكرية من خلال شلالٍ دموي من قتلٍ وترويع للأبرياء ، كل هذا الحصار مسخرٌ ٌ من أجل عيون اليهود لإتمام عملية السلام وزيادة إمعان التوغل الصهيوني في الوطن العربي بعد كسر راية الجهاد التي طمسها حكام العرب حتى من مناهجنا الدراسية ومن منابرنا الإسلامية ،ومن عقولنا وتفكيرنا واستبدلوها بالإعلام الرخيص من أفلامٍ ومسلسلات تميّع الشباب العربي في حضن الرذيلة بدل الفضيلة، وما يسمى بالتطبيع الذي يقرب الشعوب من الرذيلة ويفككها ويقسمها بين مؤيدٍ للجهاد ومتخاذل ساقطٍ في الجنس والمال .

الإعلام العربي :

لم يقلُّ الإعلام العربي الرسمي عدواناً عن العدوان الصهيوني المسلح ،والذي يشنُ من سنواتٍ حرباً بالوكالة عن الصهاينة في تشويه صورة الإسلام والمسلمين ،وهجمته البربرية على الإخوان وحماس وأخص الإعلام الرسمي المصري ومثله قناة العبرية الممولة من الحجاز ، لقد أقنع الإعلام العربي الشعوب العربية أن اليهود هم الأكثر قوةً عالمياً وأن جيوشهم كرتونية لا يمكنها ان تقاوم ترسانة هذا الكيان الغاصب الهشة ، واقتنع كثيرا من الرعاع بذلك ، وبناءًا عليه أخذ العرب يضخمون جيوشهم وترسانتهم العسكرية والأمنية وينفقون بكرم وسخاء على جيوشهم وقادتها موهمين الناس أنهم حماة الوطن وأن جيوشهم خطوط حمراء لا يجوز الاقتراب منها أو محاسبتها أو أهانتها علما أن القيادات العربية لم تفكر يوما أن تخوض حرباً مع عدو ،ولم تفكر أن تحض جيوشها على قتال الأعداء أو تغرس فيهم قيم الجهاد ، والجهاد الوحيد الذي درسوه وتعلموه هو حماية رئيسهم والدفاع عنه حتى الموت والقسَم بحمايته وحماية عرشه ،والشواهد أمامكم في ليبيا وسوريا واليمن ومصر وكثيرا من الأعراب الذين لم ينكشفوا بعد .

معركة غزة :
لقد كانت معركة غزة ملحمة التاريخ التي أسقطت أعظم مؤامرة تتعرض لها أمتنا العربية والإسلامية منذ بزوغ فجر الاستعمار، ومنذ المائة عام مضت والغرب يخطط لهذا اليوم ليكتمل مشروع السلام وتسليم الوطن العربي لليهود ، غزة المحاصرة من العرب قبل اليهود ،غزة التي لا موارد لها، لا غاز، ولا نفط، ولا نحاس، ولا ذهب ، استطاعت أن تفعل ما عجزت عنه الدول التي دخلها في اليوم 1500 مليون ،وتمتلك كل الإمكانيات الصناعية لو أرادت ، إن ما فعلته المقاومة من صناعة رغم شح الإمكانيات هو وصمة عار في جبين الجيوش العربية والحكام العرب الذين حولوا جيوشهم للعمل كعمال في شركات،يبيعون المحروقات في محطات الوقود ، يبيعون الكاز والد يزل، ورعاة غنم وإبل ، يزرعون البرسيم للأغنام ، ويهتمون في رعايتها ،ويصنعون البسكويت للأطفال هل هذا جيش معد لحماية أوطانهم وشعوبهم ،أو يفكر في حرب مع عدو ،وأي عدو نتحدث عنه وكلهم اوثقوا انفسهم بسلاسل السلام والاستسلام التي جعلت من جنودهم حرسا لحدود أمن عدوهم .

لقد حطم المقاومون بسلاح بدائي، والذين لا يتجاوز عددهم تعداد فرقة عسكرية (20000) عشرون ألف مقاتل ، أسطورة الجيش الذي لا يقهر ولا يهزم ،ولكنهم هُزموا وقهروا وولوا الدبر هاربين طالبين للنجاة ، إن الهزيمة لم تكن لليهود وإنما كانت لكل من تحالف معهم ولجيوشهم ،ولكل من أيد الصهاينة في حربهم على غزة إعلاميين وشعوبا وأفراداً وجماعات ، فصمدت الإرادة والأسلحة البدائية وهزمت الصهيونية وحلفائها واحدث ترساناتهم العسكرية .

كفاكم الله يا جند غزة أنه معكم ولن يخذلكم لقد هزمتم جيوشاً، هزمتم أمة لتعلموا الرعاع أن النصر لم يكن يوما في تاريخنا محصوراً بتعداد الجيوش ولا ما تملك من أسلحة فتاكة وإنما بما تملك من إرادة وقوة وها انتم أعددتم وانتصرتم بإذن الله .

نتائج حرب غزة والصهاينة :

إن معركة غزة أثبتت للعالم هشاشة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر ولا اعلم متى قهرنا هذا الجيش؟ وفي أي معركة تم قهرنا ؟ لأن كل معاركنا معه كانت تأتي الأوامر للجيوش بالانسحاب وترك معداتهم في أرض المعركة قبل أن تبدأ .

ولقد أسقطت معركة غزة نظريات الحكومات العربية أننا لا نملك الإمكانيات لمواجهة هذا الجيش الصهيوني وقهره ، وقال الثوار كلمتهم وأبطلوا هذه الخرافات والإشاعات التي غرسوها في قلوب أبناء شعوبهم وارهبوهم وخوفوهم من عدو كرتوني مصطنع .

لقد أفشلت معركة غزة عملية السلام التي نسجها العرب خدمة للمشروع الصهيوني ولن يكون هناك سلاماً ولا غصن زيتونٍ يُرفع وهناك مجاهدين في أرضهم وأوطانهم أقسموا أن لا يضعوا السلاح والأقصى أسيراً مثخناً بالجراح حتى يتم تحرير كل فلسطين .

لقد كشفت غزة وعرّت حكام العرب وخاصة حكام الإمارات والحجاز ومصر الذين أرادوا إنهاء قوة المقاومة لإكمال مسيرة السلام وفتح سفارات ٍ لهم بعد اجتثاثهم من غزة ولكن الله هزمهم جميعا ورد كيدهم وخابوا وخسروا .

إن معركة غزة أيقظت ضمير الشعب الفلسطيني الذي حاول الصهاينة قتله وإماتته في الضفة وأرض ال 48ومن ثم تهويده ، واليوم بفضل تلك الدماء توحدت ولأول مرة الكلمة الفلسطينية في مواجهة هذا المستعمر الغاصب الذي انتفض انتصارا لأبناء دينه ووطنه من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه .

لقد كبدت معركة غزة العدو الصهيوني خسائر هائلة في صفوف قواته وخاصة من قوات النخبة التي يفتخرون بها ويتبجحون وسقط معظمهم بين قتيلٍ أو جريح ،وإذا ما أردنا أن نعرف النسبة الحقيقية لقتلى العدو وعدد الجرحى فقد تجاوز عدد قتلاه (1200) الألف وما ئتان ..وأكثر من الفي جريح رغم تكتم الإعلام الصهيوني ونفيه ذلك ...وزرعت المقاومة الرعب في صفوف جنوده الذين فضلوا الانتحار على المواجهة ..وعاش اليهود شهراً من الرعب في الملاجئ ...وتعطل الاقتصاد الإسرائيلي الذي تكبد المليارات من الدولارات ...وتعطل القطاع الزراعي والصناعي والسياحي ...ولأول مرة في تاريخ اليهود تتعطل الأجواء الصهيونية من رحلات الطيران .
لقد استطاعت المقاومة أن تنتزع اعترافاً من النخب الصهيونية بقوتها وشراستها وقدرتها على التخطيط والتنفيذ وخوض حرب يشهد لها التاريخ في حين أن العرب أنكروا ولا زالوا ينكرون على المقاومين هذا الفضل والثناء .

إن الشعب الصهيوني يعاني اليوم الآلاف منهم أمراضاً نفسية نتيجة الخوف من رعب الصواريخ ،أو الخوف من احتمالية تسلل المقاومين عبر الأنفاق أو عبر البحر إلى المدن والمستوطنات الصهيونية والتي هجروها ولا اعتقد انهم يفكروا في العودة إليها لاحقا .

غزة وما أدراك ما غزة ، إنها المدرسة العسكرية الحديثة التي يجب أن يتعلم فيها كل جيوش العرب فنون القتال والحرب ،وتعلم أساليب المواجهة وتسخير الإمكانيات رغم شحها في ميزان تعادل القوى والرعب ، وتعطيل ترسانة العدو مهما امتلك من قوة وعدم تمكنه من إيقاع أكبر عدد من القتلى في صفوف الجيش المحارب .

لقد فشل اليهود ومن تحالف معهم في إنهاء المقاومة في أرض الميدان، واعترف قادة العدو أنه لا يمكن إنهاء المقاومة بكل تلك الترسانة العسكرية ،وأن الحملة البرية وما رافقها من قصفٍ بري وبحري ورغم الدمار الذي لحق بالمدنيين والبنى التحتية لم ينال من عزم المقاومة وقوتها ولم يفتك بعضدها أو يضعفها ،بل زادها قوة ، وازداد التفاف الشعب حول مقاومته المنتصرة وازدادوا عزما وثباتا على مواصلة النضال ،بل وجعل أعداء المقاومة من سلطة اوسلو أن تعترف بانجازات الثورة وتصطف إلى جنبها رغما عنهم لما حققته من انتصارات ،ونأمل ان يستفيقوا ويستغلوا هذه القوة لتحقيق مزيد من الانتصارات السياسية الفاشلة التي يخوضوها .

واليوم ما نخشاه من المفاوضات التي تجري في مصر ،أن تبني إسرائيل أملها على تحقيق ما عجزت من تحقيقه من انتصارات في أرض الميدان ،بأن يحققه لها حلفائها العرب الذين وقفوا إلى جانبها عسكرياً وفشلوا ليعطوا إسرائيل أملاً في تحقيق بعض الانتصارات في المفاوضات السياسية والضغط على الفصائل المقاومة للقبول بفكرة التخلي عن سلاحها مقابل كثير من الإغراءات الدنيوية الزائلة .
ويبقى أملنا في فصائل المقاومة أن لا ترضخ لأي شروطٍ وإملاءات وأي إغراءات تقدم لهم لأن من رفع كلمة الله لتكون هي العلياء لا أعتقد أن يطمح لأن يرفع البنيان ليكون هو الأعلى ولا ينزل إلى الشهوات لتكون هي الأعلى .

المقاومة التي هزمت هذا الجيش الكرتوني ،إن شاء الله بعد فتح المعابر والحدود ، سوف تمتلك ترسانة من الأسلحة الحديثة المتطورة ،بالإضافة لتطوير صناعاتهم الحربية التي أبدعوا فيها وبعد سنوات إن شاء الله سوف نجدهم جاهزين لاحتلال معظم جنوب فلسطين علما أن الصهاينة من اليوم بدأووا بمغادرة المستوطنات في الجنوب بعد هذا الغزو البربري ...وفي المرحلة القادمة ستتوسع غزة على أنقاض بقايا المستوطنات في الحرب التي سنشهدها بعد هذه الحرب في اغلب مدن جنوب فلسطين التي ستتطهر من المغتصبين بعد زوال كل الأنظة التي وقفت إلى جانب إسرائيل في هذه الحرب والتي هي بداية النهاية لهم جميعا .

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
06-08-2014 12:33 PM

كل التحـيه والإحترام .

2) تعليق بواسطة :
06-08-2014 04:28 PM

كل الإجلال للغزيين اهل العزة والكرامة
الله يقويكم ويصبركم فالله معكم وهذا يكفي

3) تعليق بواسطة :
06-08-2014 08:52 PM

معلومات قيمه ورائعه للاسف حرب غزة اسقطت القناع وعرب الزعماء العرب التي طالما لم نكن نحب ان نصدق انهم غطاء للصهاينه

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012