أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


تدوير النفايات السياسية

بقلم : خلدون مدالله المجالي
11-08-2014 12:02 PM




خلدون مدالله المجالي



ثمّة اختلافات ملموسة في منصب الولاية العامة للوظيفة في بلدان العالم المتمدين والدول التي تدور في فلك التخلف والفساد , تلك التحولات والاختلافات على ارض الواقع يلمسها المتابع اليومي لاخبار العالم و دول الجوار تعطي تصوراً كبيراً لحجم الفرق الشاسع بين دول ارادت النجاح ودول اخرى تمارس حياتها الداخلية والخارجية بنظام المياومة والغرق في الفساد والمديونية والاعتماد على الآخرين , الحديث المتشعب لتلك الظاهرة المتأصلة عربياً وللأسف يقودنا تلقائياً نحو البحث عن الاسباب الكثيرة المؤدية اليها من طبيعة الشعب نفسه وشهوة توريث المناصب وجلب الشخص غير المناسب للمكان المناسب .

منصب رئيس الوزراء والوزير والأمين العام في كل الدول المتحضرة حكراً على اصحاب الكفاءات والسيرة الوظيفية الناصعة لمن تفرزهم الاحزاب المرموقة في انتخابات نزيهة بناءاً على برامج وطنية مقرؤة تلامس الواقع لجمهور الناخبين , وللمزيد من الوضوح والصراحة فان الكلام السابق لا ينطبق على دولة عربية حيث ان معيار الواسطة والعلاقات العائلية والجهوية والتزكيات الأمنية ما زالت تلقي بظلالها على مشهد اختيار رئيس الوزراء والفئات العليا حتى نرى اسماء مفلسة من الرصيد الشعبي والوظيفي تهبط على كراسي وُجِدت دستورياً بالاصل لممارسة الولاية العامة وليس ( لتمسيح الزفر ) وانهاك جيوب المواطنين بالظرائب الفاحشة لستر عورة الفساد المالي وتسيير البلاد بالمياومة .

اسماء كثيرة لاشخاص مصابين بالخصاء الذهني يتناوبون على منصب رئيس الوزراء لا يملكون ادنى تصور او ارادة لوضع سياسات وبرامج وطنية تمكنهم من ممارسة دورهم وترك بصمة سياسية واقتصادية نزيهة في مسيرة الوطن , تبدأ مسيرتهم المُضحكة باستقبال المهنئين ثم ممارسة (ما تبقى لهم من ولاية عامة منقوصة ) للبدء في قرارت الجباية وتحصين الفساد وتضييع الأدلة وارجاع الوطن للخلف وتنتهي مسيرتهم بعد بضعة اشهر او ربما سنوات قصيرة ليستقروا في مزبلة التاريخ الوطني والتفرغ للجاهات وحضور الولائم والمناسبات الخاصة من الطهور حتى الزواج وقبل ان يدخلوا في سن اليأس السياسي يجري اعادة تدويرهم بمناصب رفيعة اخرى بشكل متتالي ومدروس على حساب مصلحة الوطن والكفاءات المقهورة فيه ليلاً نهاراً .

رؤساء الوزارات في بلدان العالم المتحضر يعتبروا بيوت خبرة سياسية واقتصادية يديرون مراكزاً هامة للابحاث والدراسات ومؤلفي كتب تحكي مسيرتهم ونجاحاتهم الوطنية فيها من الدسم المعرفي والسياسي ما يؤهلها لان تتجاوز مبيعاتها ملايين النسخ حول العالم واعادة ترجمتها لمختلف لغات العالم او ربما رؤساء احزاب مؤثرة يجري الأخذ بآرائهم والاستئناس بارشاداتهم , لم يرتبطوا بعلاقة زواج متعة مع المنصب العام في المقابل لدينا صورة مغايرة تبتديء بعبارة ( انا لما كنت , وأبوي لما استلم الحكومة ) عبارات خاوية ومضحكة يرددوها ان اتيح لهم فرصة لالقاء ندوة او حضور لقاء شعبي يكشف لنا سِر هروبهم من الظهور الاعلامي طيلة فترة ولايتهم وذلك لافتقادهم حتى لابسط انواع التعبير والكاريزما الخاصة .

النفايات السياسية في البلدان العربية واعادة تدويرها على مبدأ النظرية العلمية للطاقة ( لا تفنى ولا تُعدم , وانما تتحول من شكل الى آخر ) هي المسؤولة عن قتل روح الوطنية بين صفوف الجماعات وهي الجواب الشافي للسؤال المتكرر لماذا فقدت الدول هيبتها ؟ ولماذا تعالت العائلة والمنطقة على حقوق الوطن ؟ ولماذا نسير في ركب التخلف وغيرنا استطاع نشل بلاده من الضياع والفقر ليلحقهم في سُلّم اقوى اقتصاديات العالم في فترة ( 10 ) سنوات ؟ ولماذا تتنافس الحارات والمناطق في مجالس الامة بالمقابل تتنافس الاحزاب المحترمة في مجالس النواب في تلك الدول لتشكيل الحكومات ؟ ولماذا لم يقدم اي مسؤول عربي للعدالة لاتهامه بالفساد والأثراء غير الشرعي وغيرنا يحاسبه الرأي العام واجهزة الدولة على وجود مئات من الدولارات في رصيده ؟ ولماذا تكتفي الدول من خيراتها الزراعية ونحن ما زلنا نستورد مأكلنا وملبسنا وقمحنا وعدسنا ؟ ولماذا تتسيد البطالة والفقر والتذمر مشهدنا ؟ ولماذا تزال تركع دولنا باجهزتها المختلفة امام تساقط للثلوج او ربما منخفض عابر وكأن المطر لم ينزل الا مرة واحدة في تاريخنا ؟ ولماذا نجد ان 95 % من الشباب يحلموا للهجرة والدراسة والعلاج بالخارج وغيرنا تتوافد عليه الدنيا طمعاً في العمل والدراسة لديه ؟ ولماذا نحن مصابون بالشلل الوجودي بين الامم وبلدان أخرى تحقق قفزات سنوية تستحوذ على اهتمام العالم ؟؟ .

Majali78@hotmail.com



التعليقات

1) تعليق بواسطة :
11-08-2014 01:32 PM

مقال رائع يصف الواقع المر لدولنا العربيه وعلى راسها الاردن ......... نبصم لك على المليون

2) تعليق بواسطة :
11-08-2014 02:37 PM

كلام صائب فعلا

3) تعليق بواسطة :
15-08-2014 11:23 PM

اشكرك جدا على هذا المقال الرائع وهو بالفعل يصف كثير من الدول العربية وللأسف ...سنبقى نعاني سنوات طويلة بسبب هذه النفايات السياسية المعاد تدويرها

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012