بقلم : م. فواز الصرايرة
13-08-2014 12:14 PM
ما أود طرحة هنا هو خصصة قطاع الاتصالات والتي تعود بدايات التفكير بخصخصة مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية إلى مطلع عام 1991، حيث بدأت في تلك الفترة الدراسات المتعلقة بإعادة هيكلة قطاع الاتصالات، حتى صدور أول قانون اتصالات في الأردن عام 1995، وهو العام الذي شهد إنشاء هيئة تنظيم قطاع الاتصالات. حيث أن الحكومة وضعت رؤيتها لقطاع الاتصالات، وطريقة فتحه للمنافسة في السنوات اللاحقة. ويوضح أن دراسات الخصخصة تمخضت آنذاك عن التفكير بتحويل المؤسسة إلى شركة، وبيع 40% منها لشريك استراتيجي (فني ومالي)، مع تخصيص 8% للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، مع احتفاظ الحكومة بـ 52% من الشركة.
وعزت الوزارة خصخصة مؤسسة الاتصالات إلى جملة من المبررات دفعت الأردن لذلك، حيث أنه لا توجد دولة (قطاع عام) تستطيع مواكبة التطور السريع في قطاع الاتصالات، بسبب البيروقراطية التي يتمتع بها القطاع العام إجمالا، والتطور التكنولوجي الهائل الذي حدث لاحقا لإطلاق الولايات المتحدة تقنية الاتصالات المتعلقة بحرب النجوم. ويدلل على ذلك بالقول أن عمر معظم مقاسم مؤسسة الاتصالات السلكية واللاسلكية في سنة 1999 تجاوز الـ 30 عاما، حيث أبلغت الشركات اليابانية (المصنّعة) للمقاسم وحذرت الأردن من أنها لم تعد تصنع قطع غيار لتلك المقاسم في حال خرابها مما كان سيسبب كارثة لو بقي الأمر على ما هو عليه، حيث أن المقسم التجاري الرئيسي في العاصمة كان يضم أكثر من 25 ألف مشترك. ويبين كذلك أن 3 محطات متخصصة في مجال الاتصالات الدولية خرجت من الخدمة في تلك الفترة، ولم يتبق إلا محطة واحدة حديثة هي البقعة4.
وكانت الخدمة الهاتفية - في عهد ملكية الحكومة لها - إحدى أدوات ضرائب الدولة، حيث كان يتم تحديد سعر المكالمة بناء على رغبة الحكومة لا تسعيرها كخدمة قائمة على العرض والطلب والجودة.
إضافة ال أن قائمة الانتظار للحصول على خط هاتف ثابت بلغت في عام 2001 نحو 120 ألف شخص، ومنها طلبات تعود إلى عام 1991، مع وجود مواطنين في القائمة وصلوا حالة اليأس آنذاك من حصولهم على الخدمة الهاتفية، بسبب عدم مقدرة الدولة على الاستثمار في هذا المجال. أضف أن الأوضاع الاقتصادية التي مرّ بها الأردن في أواخر الثمانينات وخضوعه لبرنامج التصحيح الاقتصادي، أظهر عجز الدولة في الاستثمار بقطاع الاتصالات، كما أن مؤسسات التمويل الدولية كانت ترفض تمويل القطاع، على اعتبار أنه قطاع واعد يمكنه في حال تحريره من جذب استثمارات القطاع الخاص. وكان آخر قرض حصل عليه الأردن في عامي 1997 أو 1998 من البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي مشروطاً بفتح قطاع الاتصالات للاستثمارات المحلية والأجنبية، مما يعتبر - من وجهة نظر الوزارة - مبررا دوليا لتحرير القطاع. وفي عام 2000، أصبح الأردن عضواً كامل العضوية في منظمة التجارة العالمية، وقد قدم الأردن التزاماته فيما يتعلق بقطاع الاتصالات ضمن العروض التي قدمت للانضمام إلى المنظمة والتي تضمنت تحرير قطاع الاتصالات بالكامل بنهاية عام 2004.
وفي 21/ 1 / 2000، تم بيع 40% من حصص شركـة الاتصـالات الأردنية إلى شركة الاستثمار المشترك للاتصالات (جيتكو) والتي تضم فرانس تيليكوم بنسبة 88% والبنك العربي بنسبة 12%، و8% لصالح مؤسسة الضمان الاجتماعي، مع تخصيص 1% لموظفي شركة الاتصالات الأردنية. وقد تم هذا بموجب قرار مجلس الوزراء برقم (2868) تاريخ 18 / 1 / 2000 وانتهت عملية الخصخصة في عام 2006 حيث تملكت شركة فرانس تيليكوم 51% وتملكت الوحدة الإستثمارية للضمان الإجتماعي 29% وتملكت شركة نور الكويتية 10% وبقي 3% للحكومة و7% للمواطنين.
يذكر أن مجموعة الاتصالات الأردنية تضم أربع شركات هي شركة الاتصالات الأردنية (وتقدم خدمة الاتصالات الثابتة) وشركة موبايلكم (وتقدم خدمة الاتصالات الخلوية) وشركة وانادوو (وتقدم خدمة تزويد الانترنت) وشركة إي دايمنشن (وتقدم خدمة محتوى الانترنت('Capacity' .
ويأتي فتح سوق الاتصالات الثابتة متماشيا مع ما ورد في رخصة شركة الاتصالات الأردنية التي تنص على انتهاء حق الانفرادية للشركة تجاوبا مع التزامات الأردن ضمن اتفاقية منظمة التجارة العالمية بتحرير القطاع وفتحه للمنافسة الكاملة وانسجاما مع وثيقة السياسة العامة للحكومة لإنهاء فترة الانفرادية لشركة الاتصالات الأردنية. لكن وللآسف أنهت هذه الإتفاقية الحصريه (الإنفرادية) من الدولة لتمنح جزيئة حصرية (إنفرادية) مهمة لشركة تجارية هي فرانس تيليكوم وهذه الجزيئة هي منع كافة دوائر الدولة أو الشركات التي تملك الدولة بها ما نسبته 10% من منافسة شركة فرانس تيليكوم ببيع التراسل (Transmission) والذي جاء بالفقره الثامنة من الإتفاقية ويطلق عليه اسم (Claus 8). وكان أثر هذا واضح جداً عندما لم تستطع شركة الكهرباء الوطنية من بيع سعات التراسل من خلال شبكة الالياف الضوئية التي تمتلكها والتي كانت ستُدر على الشركة ارباح تفوق ما تحصل علية من كل الكهرباء التي تنقلها وتوزعها. أضف الى هذا وقوف هذه الفقرة عائق رئيسي امام انشاء شركة إتصالات تملكها القوات المسلحة الأردنية والاجهزة الأمنية والتي لديها بنية إتصالات تحتية تفوق كل ما لدى كافة شركات الاتصالات بما في ذلك نظام تتراء الرقمي الحديث والتي سيكون له عائد كبير جدأ ويوفر مئات الملايين على الخزينة. قد لا يكون الوزير الذي وقع الاتفاقية ملم بما عنته هذه الفقرة لكن اين كان المهندسيين الذين أعدوا الإتفاقية مع شركة فرانس تيليكوم وكذلك المستشارين القانونيين؟.
وما يزيد الطين بله ما جاء بالمقال الذي نُشر على موقع كل الأردن بعنوان 'بنود سرية' تمنع حضور الصحافيين لمناقشة 'متقاعدي الاتصالات' بتاريخ 21-01-2014 وينص على ما يلي:
حالت 'بنود سرية'، في اتفاقية الحكومة الأردنية والشركة الفرنسية 'فرانس تيليكوم'، دون حضور الصحافيين لجلسة لجنة العمل النيابية، المخصصة لمناقشة موضوع متقاعدي الاتصالات.
وطلب رئيس لجنة العمل النيابية عدنان السواعير، من الصحافة، الخروج من قاعة الاجتماع الخاصة بمناقشة موضوع متقاعدي الاتصالات.
ويناقش اجتماع اللجنة الاتفاقية الموقعة بين الحكومة والشركة الفرنسية 'فرانس تليكوم' حول خصخصة شركة الاتصالات.
وأحضرت الحكومة، الى الاجتماع الذي حضره وزيري العمل د.نضال القطامين والاتصالات د.عزام سليط، نص الاتفاقية بنسختين عربية وانجليزية، للإطلاع على بنودها.
وكان رئيس مجلس ادارة شركة الاتصالات شبيب عماري قد أكد - في وقت سابق - وجود بنود سرية في الاتفاقية 'لا يجوز نشرها'.
انتهى النص
وهل هذه الإتفاقية أبدية ولا يمكن تحديثها لازالة حصرية بيع التراسل (Transmission) منها وفتحه للمنافسة؟ وخاصة انها تخالف شروط البنك الدولي وبنك الاستثمار الاوروبي وكذلك شروط العضوية في منظمة التجارة العالمية التي التزمت بها الحكومة الأردنية. أضف الى هذا كيف يكون هناك بنود سرية في عقد بيع لشركة تجارية مساهمة؟ سؤال آمل من وزارة الاتصالات وتكنالوجيا المعلومات ان تجيب عليه.