أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


التأسيس للصراع داخل المقاومة !

بقلم : خالد عياصرة
17-08-2014 10:37 AM
في تشرين الثاني من عام ١٩٩١، وفي أثناء انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، صرح إسحاق شامير قائلاً: ”سنطيل المفاوضات مع الفلسطينين عشرين عاماً” وهذا ما تم طبيقه منذ ذلك الحين إلى الأن، كقاعدة اساسية للتعامل مع المفاوض الفلسطيني.

يبدو أن المحادثات في القاهرة اليوم، والتي تقودها سلطة التنسيق الأمني مع إسرائيل، للوصول إلى اتفاق لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، مع حركات المقاومة الفلسطينة الباسلة، ستؤتي أكلها،لا لصالح المقاومة بل صالح إسرائيل. وتساير تصريحات شامير آنذاك.

فالسلطة منذ أن وقعت معاهدة اوسلوا عام ١٩٩٦، ومن ثم تخليها عن الميثاق الوطني الفلسطيني، لا تؤمن بشرعية حقوقها، لذا سارعت لاسقطها بشكل ممنهج مدروس، وقبلت أن تكون عضواً فاعلاً في مشروع المنطقة الجديد، الذي يرى المقاومة خطراً حقيقياً يتوجب تصفيتها، وهذه التصفية لا يمكن تنفيذها إلا بمساعدة اجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية من قوات دايتون وشقيقاتها فمباحثات السلطة الفلسطينية مع اسرائيل والتأسيس للصراع داخل المقاومة ! في الضفة – تتكون اجهزة السلطة الفلسطنية الامنية من ٨ أذرع - والتي بنيت للقيام بهذا الدور، تطبيقاً للرؤى الإسرائيلية، بما يضمن أمانها، وسيطرتها على الضفة، حتى وإن أدى ذلك للمساس بمصالح الشعب الفلسطيني، وقضيته.

لذا يمكن اعتبار محادثات القاهرة اليوم بمثابة حلقة جديدة تؤسس يراد من خلالها تطبيق مشروع السلطة الفلسطينية في غزة، كما تم تطبيقه سابقا في الضفة الغربية. السلطة هنا تشارك إسرائل في البحث عن بوابات دخول مشتركة إلى غزة، لتطبيق هذا المشروع، للحد من شرعية المقاومة أولاً، ومن ثم قتلها من جذورها، كما حدتها في الضفة الغربية، هذا يعني أن السلطة تسير وفق الرغبات الإسرائيلية التي ترى بتفكيك المقاومة ضرورة إسرائيلية استراتجية، وهذا لا يكون لا من خلال. إعادة فرض سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، واستنساخ وتطبيق أنموذج دايتون وفق سياسة تأجير البندقية، لصالح إسرائيل، لكن بتكلفة أقل، مما لو واجهت إسرائيل الأمر بنفسها.

لذا يمكن القول: إن بقاء سياسة الولاء المطلق، والتعاون بين الجانب الاسرائيلي، وبين سلطة التنسيق الأمني في الضفة الغربية، لا يصب في صالح المقاومة وما حققته من نتائج، بقدر ما يصب في صالح إسرائيل.

إن أي عاقل ينظر إلى قادم الأيام في حال نجحت سلطة التنسيق الامني في ايجاد اتفاقيات تفتح لها الباب على مصرعية للعودة إلى غزة، مع تهميش حركات المقاومة بما فيها حماس، يستشف أن غزة صارت في مرمى تطبيقات السلطة الأمنية وسياساتها، بما يتوافق ومصالح إسرائيل. بمعنى أن السلطة هنا ستجعل من غزة، أرضاً شبيهة بالضفة الغربية، المحاصرة، والمقموعة والمسيطر عليها بيد اجهزة السلطة الأمنية، وفي هذا قتل لجهود المقاومة وانجازاتها. حتى وإن تطلب الأمر انتاج حالة من الصراع بين حركات لمقاومة نفسها، لاسقاطها لا لانهاء الاحتلال الصهيوني الإسرائيلي، بل لتصفية حركات المقاومة، حتى وان تطلب الامر اشعال حرباً داخلية فيما بينها.

قد أرضى بمكاسب مثل فتح ميناء غزة مثلًا، أو تحرير الأسرى، لكنني ساعتبر دخول سلطة التنسيق الأمني بأجهزتها المتعاونة مع اسرائيل، خسارة خطيرة جداً، لا تصب في صالح القضية الفلسطينية برمتها.

وعليه، كيف لي أن أؤمن بسلطة، تعمل لصالح الشعب وترفض الاحتلال، وهي تصطف ضد الوجه الشرعي للشعب ممثلاً بالمقاومة الفلسطينية على الأرض.

الدائر في القاهرة اليوم لا ينبئ بخير، سيما وانه يقدم التنسيق الذي تقوده سلطة محمود عباس، على المقاومة التي اعتبرها ارهابية، ولا ضير من التعاون ضدها وضد مشروعها، ما يعني ان القاهرة تؤسس لانتاج حالة من العداء ما بين حركتي فتح من جهة وحركات المقاومة من جهة اخرى، يمثل فيها الطرف الأول الشرعية المضادة للأرهاب يتوجب التخلص منه. الهدف منه الظاهر الاستفراد بالشرعية المقاومة، لكنه في الباطن يريد فكفكتها وسلب سلاحها وشرعيتها.

وهنا يمكن القول: إن خسارة المقاومة محققة إن سُمح، لسلطة التنسيق الأمني دخول غزة، والسماح لها بتطبيق توجيهات إسرائيل مشاريعها هناك، بما يخدم ويحقق مصالحها وأمنها.

لهذا نجد انفسنا أمام حرب حقيقية لا تقل أثراً عن العدوان الإسرائيلي، حرب سياسة تصب في صالح إسرائيل وتحقق اهدافها الاستراتجية، ما عجزت عن تحقيقه في عدوانها العسكري على غزة، إثر اجهاظ فاعليته على يد المقاومة الفلسطينية.

للخروج من هذه المعضلة لابد من العمل الجدي تنحية أبو مازن وجماعته من قيادة المنظمة، واسقاط سياسات التنسيق الأمني مع إسرائيل، وهذا لا يكون الا من خلال انتخابات جديدة في الضفة الغربية وغزة، تسقطه، وتعيد انتاج منظمومة السلطو الوطنية الفلسطينية من جديد، تعترف بالحق الفلسطيني ولا تفرط به، وتعتبر اسرائيل دولة احتلال، لا شريكة تفاهمات وتنسيق.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012