أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


رسالة الى نقابة المعلمين

بقلم : الدكتور محمد علي صالح الرحاحله
24-08-2014 10:40 AM
قبل ان ابدا حديثي الى نقابة المعلمين يجب ان انوه الى مجموعة أساسية من القضايا التي يستند اليها النقاش في هذه الرسالة، القضايا الأولى و هي الأهم ان هذه النقابة تضم تربويين قبل ان يكونوا معلمين و هذه الفئة من الناس لا يكون انتاجها و نتائج اعمالها في المدى القريب بل يمتد الى اكثر من مائة عام، فتعليم شعب او امة تكون نتائجه بعد مائة عام و ليس آنيا و في مدى قريب او حتى المدى الطويل المتعارف علية في عملية التخطيط، و بعبارة اخرى فان التصرفات التي تقوم فيها النقابة تركز منهجا تربويا و نقابيا و ممارسة ديمقراطية لا تنعكس على تحقيق المطالب الآنية ذات الأثر المادي و على فئة المعلمين بل تمتد الى الممارسات المستقبلية على النقابات الأخرى في المستقبل و على الأجيال القادمة و في مدى قد يمتد الى عشرات السنوات و بالتالي فان من الاهم عند اي تصرف تقوم به النقابة يجب ان يأخذ بعين الاعتبار و يتمشى مع الرسالة التربوية و الرسالة المقدسة التي تطوع المعلم لحملها عبر العصور الماضية و التي ستبقى على مدار العصور القادمة.
و النقطة الثانية التي تنبثق من الدور التربوية و الرسالة المقدسة التي يحملها المعلم هي انه أمين على مستقبل جيل كامل و ان هؤلاء هم فلذات اكباد المجتمع كما هم فلذات أكباد المعلمين فالمعلم و المعلمة اب و ام و بهذه الصفة يجب ان تنظر نقابة المعلمين نحو الاطفال و التلاميذ و ان لا يكون الاضراب اغلاق المدراس و رمي الاطفال و الطلاب في الشوارع و ما يترتب على هذه من اثار سلبية عليهم و على المجتمع سواء امان ذلك في المدى القصير او المدى الطويل و هنا يبرز سوال كبير اطلب من كل معلم او معلمة و من كل عضو في نقابة المعلمين ان يجيب عليه هل يقبل ان يرمى ابنائهم و بناتهم في الشوارع و يتركوا فيها دونما حسيب او رقيب في سيبل ان يحصل اباءهم على بعض دراهم و من هو أهم الدراهم ام المحافظة على جيل كامل من الدمار و التسكع في الشوارع نتيجة اغلاق المدراس في وجههم بسبب اضراب المعلمين الذين يطالبون ببعض دراهم، هل تريدون ان تكسبوا بضع دراهم و في المقابل تفقدوا ابناءكم و بناتكم و ابناء و بنات المجتمع الأردني؟
وهنالك نقطة جوهرية تتعلق بالأطفال اللذين سيلتحقون في الدراسة للمرة الأولى هؤلاء الأطفال اللذين يفرحون بهذا اليوم و تحفر ذكرياته في أذهانهم و يحملون ذكريات هذا اليوم معهم الى مماتهم و ينقلونه الى ابنائهم و أحفادهم، اليس من بينهم من هم ابناء لكم، اليس لكم اطفال، كيف لكم ان تقتلوه الفرحة في نفوس اطفالكم و هل انتم فعلا مربون ام قاتلوا فرحة الأطفال و هل انتم فعلا تقتلون الفرحة في نفوس أطفالكم اللذين أنجبتموهم من صلبكم؟ و من أعطاكم الحق ان تقتلوا هذه الفرحة الطفولية، ان قتل فرحة الأطفال محرمة في كافة الشرائع السماوية و الشرعة الدولية و كافة المبادئ الدنيوية. اما وجدتم الا بداية العام الدراسي للمطالبة بمطالبكم و هذا اؤكد على انني لا أقيم عدالة هذه المطالب التي تطالبون بها.
القضية الثانية ان نقابة المعلمين هي من احدث النقابات في الأردن او حتى في العالم و هذا يعني ان النقابات التي سبقتها رسخت و رسخت اعرافا نقابية و طرق و اساليب كثيرة و متنوعة و ذات مراحل مختلفة في سيبل المطالبة في الحقوق النقابية سوا اكان ذلك في الأردن او في دول العالم الثالث او في الدول المتقدمة بدا من تقييم المطالب النقابية و احقيتها و الاثار السلبية و الايجابية على المجتمع الى كيفية السير في تحقيق هذه المطالب و ا ن اخر شئ هو الاضراب الشامل و الذي في العادة لا يوقف العمل الكلي بل يبقى على العمل في ادنى شئ له، فلم نسمع ان تعطلت المستشفيات في اي بلد متحضر بسبب اضراب الاطباء و لا تعطلت المدارس او غيرها من المرافق العامة في اي بلد متخضر فيه نقابات عمالية ذات مطالب تعود في تأسيسها الى مئات السنيين و ليس الى عدة أشهر .
و هنا هنا فان نقطة اخرى يجب ان تاخذ بعين الاعتبار الا وهي ان على نقابة المعلمين ان تستفيد من تجارب النقابات الأخرى الوطنية و الإقليمية و الدولية و في الدول العربية و النامية و المتقدمة و خصوصا النقابات التربوية و ان تاخذ افضل ما لديها في الوسائل التي تحقق مطالبها دونما إحداث خسائر اقتصادية و اجتماعية للمجتمع الذي تعيش فيه، لا ان تلجاء الى الاساليب و المواعيد التي تنعكس سلبا على الوطن و المواطن و حتى على النقابة.
كما ان هذا يعني ان تتبع النقابة في اضرباها كنقابة تربوية و كنقابة وليدة الأساليب الراقية في الاضراب و التعبير عن الرأي ليس في ترك الطلاب و الطالبات في الشوارع او في انتشار المعلمين في الشوارع او اختيار الايام غير المناسبة للاضراب بل ان تكون راقية حضارية تربوية في التعبير عن مطالبها و في اختيار مواعيد الاضربات و المراحل التي تسبق الإضرابات و بشكل حضاري راقي ينم عن الرسالة المقدسة التي يحملها المعلمون و المعلمات. و ان يتواجدون في مدارسهم مع طلابهم و ان يقومون بدورهم التربوية خصوصا باول يوم من ايام الدراسة و هذا لايمنع ان يتم اداء العمل و بوتيرة اقل كنوع من التعبير الحضاري مع افهام الطلاب و الاباء ان هذا ناتج عن مطالب محقة و ان اسبابها معروفة لا بل يجب عليهم كنقابة و كمعلمين شرح هذه الاسباب الى الطلبة و ان لا يكون الاضراب غاية في حد ذاته و عرضا للقوة من قبل النقابة و لويا ليد المجتمع الأردني الا حتما و دونما شك سيطالب في يوم في الايام و التي لن تكون بعيدة بالغاء نقابة المعلمين و حضر نشاطها.
و نقابة المعلمين كنقابة وليدة تعيش في مجتمع اردني له تراثة الفكري و الاجتماعي و الثقافية يجب ان لا تعيش معزولة عن هذا المجتمع و ان لا يضع مجلس ادارتها نفسه و لا اعضائها في برج عاجي بعيدا عن المجتمع و بذلك فهي اما ان تعطي صورة ذهنية ايجابية عنها او ان تكون الصورة الذهنية للمجتمع بما فيها أعضاءها سلبية و بالتالي فان المجتمع سوف يلفظها لفظا شديدا و سوف يحاصرها في بوتقة ضيقة و تصبح نقابة هامشية لا تعني شئ سوا لوحة تحمل اسمها و مكاتب خاوية على عروشها لا يدخلها احد و لا يكترث لمطالبها احد و الصورة الثانية هي التي بدأت و لا بل تشكلت لدى المجتمع الأردني، و هنا يجب ان انوه الى تجربة اتحاد المزارعين الأردنيين الذي لا احد في الأردن يعرف عنه شيئا لانه بدء يعمل في برج عاجي و في نرجسية كبيرة و كاملة و اخذ يطالب دون ان يعطي لا لأعضائه و لا لمجتمعه و حاله في ذلك حال نقابة المعلمين لا بل ان نقابة المعلمين تسير على نفس الخطوات و كانها تقلده تقليديا اعمى و التي لا أتمنى ان تصل نقابة المعلمين الى هذا الموصل الذي وصل اليه اتحاد المزارعين.
اننا كشعب اردني شعب متعلم و شعب مثقف و نسبة كبيرة منه على مقاعد الدراسة و على مر الازمان نعتبر المعلم و له مكانه خاصه بينا الا العوامل الكثيرة التي اثرت على المعلم و التي تصرف بها المعلم اولا قبل غيرة ادت و سوف تؤدى الى زعزت الثقة فيه من جهة و أدت الى تردى منزلة و في اعتقادي و في اعتقاد الكثير من الأردنيين ان وجود و تصرفات نقابة المعلمين في الركض وراء المطالب المادية قصيرة المدى مع اهمال الرسالة السامية للتربية و التعليم التي يحملها المعلمون و عدم اكتراثها بالطلبة و خصوصا الاطفال الصغار اللذين يدخلون المدرسة لاول مرة واهمالها لمشاعر الشعب الأردني بكافة فئاته و طبقاته، سوف يكون لها اثار سلبية بالدرجة الاولى على النقابة و على المعلمين و على المجتمع الأردني ليس لان لا بل في المستقبل القريب و البعيد و بعد اجيال، وعلى النقابة و مجلسها قراءة التاريخ قراءة جيدة و واعية و متدبرة و قراءة تجارب الاخرين و الاستفادة منها، فصحيح ان هنالك قول يقول ان الشعوب العربية لا تقرا و ان قرأت لا تفهم و ان فهمت لا تطبيق و لا تستفيده مما فهمته الا انتم يا فئة المربين و المعلمين يا حملة رسالة الأنبياء يجيب عليكم لا بل ان الواجب يحتم عليكم ان تقرؤوا و تتدبروا و تستفيدوا من الدروس و العبر و تجارب الاخرين، و ان تكونوا مثلا يحتذي به لا مثالا من نوع أخر .

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012