أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


إلى الدكتورة فاطمه القطاونه بمناسبة التخرج

بقلم : د.م حكمت القطاونه
25-08-2014 11:44 AM


بنيتي فاطمه!-
يذكر الكاتب الروسي الشهير الحائز على جائزة نوبل 'ميخائيل شولخوف' ألذي كان مراسلا في الجبهة أن مجموعة من جنود روس، من وحدات مختلفة، وقعوا في أسر قوات هتلر وتم حبسهم مؤقتا في كنيسة مهدمة السقف وأرضية مبلولة في جو روسي ليلي مُعتم جليدي.
بعضهم كان مصاب بجروح بليغة، وفيهم الذي على لسانه جاءت الرواية، كان يعاني من خلع في الكتف وجروح بسيطة، فيقول: وفي جو الأسر والآلام وشكوى المثخنين جراحاً وإذا بطبيب أسير يقوم بعسي وإعادة عظم كتفي إلى مكانه فيبدأ ألمي بالتناقص في جو من الشعور بالامتنان لهذا الطبيب ألأسير، شكرته في حرارة وانصرف في الظلام وأنا أسمعه يهمس:'أما من جرحى هنا؟'...ويقول هذا الأسير ألجريح :هل تتصور ماذا يعني طبيب حقيقي في الأسر، في الليل الأسود يتابع مهنته ألجميلة؟ّ!.
هذه إشارة لما كنت قد أسلفتُ في الأيام الخوالي حينما كنت يا فاطمة تتخيرين بين الطب والتخصصات ألأخرى، وكنت أنا منحازا للطب كون صاحبه لا يفقد تخصصه في كل الظروف، في الليل وهو نائم، في الطريق أثناء سفره، في المطبخ وهو يأكل طعامه، وفي بيت الأدب حيث يقضي حاجته، بينما التخصصات الأخرى ريثما يكون الإنسان على رأس عمله فهو يُمارس مهنته، وحينما يُغادر عمله ينسى العلاقة مع تخصصه بعكس الطبيب.
الموضوعة الإنسانية الأخرى، والأهم في نظري أن كل الناس يحتاجون للطبيب من قمة الهرم وحتى حضيض القاعدة، مهنة ألطب على رأس المهن التي تشتد الحاجة لها كلما ساءت ظروف الناس واحلولكت أيام البشر، مما يجعل الطبيب شمعة تبدد الظلام وبدرا ونورا يُفتقد في ليالي العتمة، وفي هذا ثمة أنانية بسيطة ومهمة جداً، أن ألطبيب أكثر فرصا بالعمل من غيره وخصوصا في الوطن المُصاب بالقحط والفساد والمحسوبية، وحتى يجد الإنسان وظيفة لا بد من الاستجداء وأحياناً ألاستخذاء بأبواب أللئام، وسؤال اللئيم صعيب للغاية يا فاطمه لا أقدر عليه حتى لفلذة كبدي.
يا فاطمه، ويا من أظنك تربيتي على القناعة والتقوى، اعلمي أن الناس أسرار وعورات وأكثر البشر إطلاعا عليها هم الأطباء، فاتقي الله في كل خطوك وتواضعي لله وفي الله واحتسبي في سبيل الله، تكوني صدقة جارية في عنواني وعنوان والدتك، وكوني نطاسية بارعة في مهنة ألطب، فالنساء أكثر صراحة في عرض الشكوى والتاريخ المرضي على ألطبيبة ألأنثى من الذكر فكيف إذا توفرت ألطبيبة ألأنثى وتفوقت؟!، سنة الله في خلقه، ولهذا حزت على الأولوية عندي في دراسة الطب في منافسة أخويك، فكوني بقدر الحمل الإلهي والواجب الإنساني المُلقى على عاتقك.
المريض، وأي مريض، حالة بدرجات مختلفة من حالة أيوب عليه ألسلام إذ يدعو ألله :'ربي إني مسني ألضُر وأنت أرحم ألراحمين' فكوني على تواصل دائم مع ألله يهب مرضاك الشفاء على يديك، وأن من أحيا نفسا فكأنما أحيا ألناس جميعا، فتخيلي حجم الأجر ، وتخيلي كم هي محترمة روح الإنسان - أي إنسان وليس فقط العربي والمسلم ففي كل كبد رطبة أجر كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وكم هي الحاجة للطبيب يداوي جراح أهل غزة ولو كنت طبيبا لما قعدت عن اللحاق بمضمدي جراحهم، هل تتصوري ماذا يعني طبيب حقيقي في غزة على خط النار؟. تصوري يا رعاك ألله!، وقبل أن يفوتني، فلسوف أذكر أن البسطاء من أهلك وأبناء وطنك يسمون الطبيب حكيما والعلاج حكمة، فالطبيب قبل كل شيء هو حكيم وابعد ما يكون عن التجارة وحساب ألربح والخسارة.
دعوة والد عسى أن تكون مُستجابة. - والدك.
د.م حكمت القطاونه hekmatqat@yahoo.com

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
25-08-2014 02:57 PM

.
-- يا إبنتي , أنتي ممن حظهن الله فلقد نهلتي الخلق من منبعة و الثقافة من بطونها و توجتيهما بعلم ينفع الناس .

-- نبارك للاخ الدكتور المهندس حكمت القطاونة حصادا زرعه و رعاه في ارض طيبة .

.

2) تعليق بواسطة :
25-08-2014 03:25 PM

جميل جدا
وفقك الله يا فاطمة

3) تعليق بواسطة :
25-08-2014 03:53 PM

الى أخي أبو عمر الفاضل
بعد التبريك لإبنتنا ونعم الوصايا من أب عركته الحياة وعاش بين الفقراء والموجوعين ويعرف همهم ويوصي بهم خيرا وهكذا اشتد عضد الإسلام بمثل هذه الوصايا وليس كل من ادعى الإسلام مسلما وليس كل من انتسب لبيت شريف من بيوت الإسلام هو شريف فالأصل في القدوة لا في الإدعاء وكما قلت ف بلال حبشي اسود كان يعتز به رسول الله صلعم وغيره كثيرون .
أبارك لك الإبنة والتخصص وأشكرك على الوصايا وهي ستحملها بين أهداب العيون لأنها جاءت من أب ومربي ومجرب . ولك تحيه

4) تعليق بواسطة :
26-08-2014 12:08 AM

ابارك لفاطمه واتمنى لها التوفيق والفلاح وابارك لوالدها الدكتور الفاضل واحيه على رسالته الرائعه بما حوته من نصائح وتوجيهات نبيله لا تصدر الا من حكيم .

5) تعليق بواسطة :
26-08-2014 12:24 AM

مبارك لفاطمه ووالدها الدكتور حكمت
كلام نافع ووصيه طيبه وفقها الله .

6) تعليق بواسطة :
26-08-2014 10:55 AM

نبارك لابنتنا الدكتوره فاطمه ونبارك لدكتورنا المهندس حكمت القطاونه ونشكره على هذه النصائح والحِكم التي تفضل بها فهي موجهه لكل من حمل هذه الرساله الانسانيه الجليله .

7) تعليق بواسطة :
26-08-2014 03:57 PM

ابارك للمهندس حكمت وابارك لابنته الدكتوره فاطمه ولاسرتها واقول افاطمه عضي بالنواجذ على مضامين رساله والدك ابف مبروك وسدد على طريق الخير خطاكي

8) تعليق بواسطة :
26-08-2014 08:34 PM

ابارك للدكتور حكمت تخرج النشمية الاردنية فاطمة .

9) تعليق بواسطة :
27-08-2014 03:14 AM

Congratulations to Fatimah, her parents and her extended family. Allah ya3teeki al-3afiah ya Fatimah

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012