أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


في الذكرى الرابعة والخمسين لاغتيال هزاع المجالي

بقلم : د فيصل الغويين
30-08-2014 11:10 AM
على اثر الانقلاب الذي اطاح بالعائلة الهاشمية في 14 تموز عام 1958، وتوتر العلاقات بين الاردن والجمهورية العربية المتحدة في عهد حكومة هزاع المجالي الثانية، سعت امانة الجامعة العربية الى عقد مؤتمر لوزراء الخارجية العرب في بلدة شتورة خلال الفترة من 22 - 28 اب 1960، وكان الوفد الاردني للمؤتمر يتالف من موسى ناصر وزير الخارجية، ووصفي التل رئيس التوجيه الوطني، وعبد الحميد سراج سفير الاردن في لبنان.

توقفت الاذاعة الاردنية عن تعليقاتها منذ صباح يوم 23 اب 1960 عن مهاجمة الجمهورية العربية المتحدة، لرغبة الملك حسين، واستجابة الى طلب وزير خارجية لبنان الى جميع الدول العربية للتوقف عن الحملات العربية، تيسيرا لمهمة المؤتمر وعدم عرقلة اعماله.

ونظرا لان الرغبة العامة التي اتفقت عليها معظم الوفود المشاركة هي الوصول الى حلول وسط في القضايا المطروحة، فقد نتج عن المؤتمر فيما يتعلق بالعلاقات العربية ما يلي:
1- وجوب مضاعفة الجهد لاستمرار قيام جو من الود والتفاهم التامين، وضرورة تجنب الاتهامات، وكل عمل او قول من شانه الاساءة الى العلاقات بين البلدان العربية، وخاصة ما ينشر في الصحف والاذاعة.
2- تاكيد التزام قواعد القانون والعرف الدوليين في شان اللجوء السياسي، وما يستتبعه من وجوب امتناع اللاجئ عن القيام باي نشاط يعكر علاقات البلدان الشقيقية بعضها مع بعض.

وصدرت الصحف الاردنية صباح يوم الاثنين 29 اب وهي تحمل نبأ الاتفاق بحروف كبيرة بارزة في صدر صفحاتها الاولى. وعندما اتخذ مجلس الوزراء الاردني قراره بالموافقة على قرارات مجلس وزراء الخارجية العرب، كان هناك شعور عميق بالارتياح، وداعب النفوس امل بان زوال اسباب الخلاف بين الاردن والجمهورية العربية المتحدة سيؤدي الى فتح صفحة جديدة في العلاقات.

اختتم مؤتمر شتورة اعماله ظهر يوم الاحد 28 اب، وقبل مرور اربعة وعشرين ساعة كان الستار قد ارتفع في عمان عن المشهد الاخير من مشاهد الجريمة الدامية. وسقط هزاع المجالي مضرجا بدمه وهو على راس عمله في مقر رئاسة الوزراء، كما يسقط الفارس عن ظهر جواده في ساحة القتال، ففي الساعة لثامنة والنصف وصل هزاع المجالي الى دار الرئاسة، لم يكن معه اي حرس، اذ كان قد الغى مرافقة الحرس له منذ عدة اشهر، على الرغم من نصائح المسؤولين عن الامن. وكان قد خصص يوم الاثنين من كل اسبوع لمقابلة اصحاب الحاجات والظلامات، فكم من مشكلة مستعصية عمل على حلها، وكم من ظلامة عمل على رفعها، وكم من صاحب حق اوصله الى حقه.

وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر يوم الاثنين 29 اب 1960 دوى انفجار عنيف في الطابق الثاني من دار الرئاسة، فدمر مكتب رئيس الوزراء. وبعد حوالي عشرين دقيقة على الانفجار، وبينما الناس في اضطراب وذهول، وبينما كان الذين نجوا يحاولون البحث بين الركام عن زملائهم، دوى انفجار اخر في الطابق الارضي من البناية. وقد نتج عن الانفجارين مصرع هزاع المجالي واحد عشر معه، واصابة واحد واربعين بجراح.

كان ذلك اول حادث من نوعه في الاردن، وكان لنبا الانفجار تاثير عميق في النفوس، وسخط الناس على الجريمة النكراء التي لم تستهدف زعزعة نظام الحكم فحسب، بل استهدف مدبروها قتل اكبر عدد ممكن من الاشخاص العاديين، لان الذين خططوا لها ارادوا ان تقع في يوم ياتي فيه المراجعون من المواطنين الى دار الرئاسة.

اتجهت اصابع الاتهام في حادثة اغتيال المجالي الى الجمهورية العربية المتحدة، وتحديدا الى جهاز المخابرات السوري برئاسة عبد الحميد السراج، في حين وجهت الجمهورية العربية المتحدة اصابع الاتهام الى الدول الاستعمارية خاصة بريطانيا واسرائيل، للقضاء على بوادر التحسن في العلاقات بين الاردن و العربية المتحدة.

اعلن الملك حسين بنفسه استشهاد رئيس وزرائه، ووصفه بانه :' اخ وصديق مخلص حميم... قضى في سبيل الاردن والعالم العربي.. واستشهد اثناء قيامه بالواجب المقدس'. وفي اليوم نفسه عهد الملك حسين الى رئيس ديونه بهجت التلهوني بتاليف وزارة جديدة تضم جميع اعضاء الوزارة السابقة. كما تم تشكيل لجنة تحقيق عسكرية برئاسة اللواء محمد السعدي مدير الاستخبارات العسكرية.

وفي 29 كانون الاول 1960 اصدرت محكمة امن الدولة الخاصة حكما باعدام كل من صلاح الصفدي، ومحمد يوسف الهنداوي، وهشام الدباس، وكريم شقرة. كما اصدرت حكما غيابيا باعدام زين عبيد، وشاكر الدباس، وكمال شموط، وزكريا الطاهر، وسعيد البرغوثي، وبرهان الادهم، وبهجت مسوتي. وفي الصباح الباكر من اخر يوم من ايام سنة 1960، نفذ حكم الاعدام شنقا بالاشخاص الاربعة الاوائل في ساحة المسجد الحسيني في عمان.

وفي الفترة من 30 كانون الثاني الى 4 شباط 1961، عقد في بغداد مؤتمر وزراء الخارجية العرب، وكان اول مؤتمر تشترك فيه جميع الدول الاعضاء في الجامعة العربية منذ عام 1958. وقد نتج عن المؤتمر تحسن العلاقات بين الاردن والجمهورية العربية المتحدة، وتوقفت الحملات الاعلامية بين الطرفين، وبدأ الملك حسين يميل الى الاعتقاد بان عبد الناصر لم يكن شخصيا طرفا في قضية اغتيال هزاع المجالي.
وحدث في عام 1964 ان الملك حسين ذهب على راس وفد كبير لزيارة الرئيس جمال عبد الناصر، ولقي الوفد ترحيبا من عبد الناصر الذي صرح ذات يوم للملك ومن معه انه لم يكن يعلم بتدبير حادث التفجير في الرئاسة.، وان مصر لم يكن لها علم به قبل وقوعه.

التعليقات

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012