أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


لماذا يؤثرون الموت؟

بقلم : د. أيّوب أبو ديّة
04-09-2014 10:58 AM
الإيزيديون، وهي كلمة مشتقة من الفارسية 'إيزيد' وتعني الملاك؛ ومنهم أولئك الذين قتلوا في شمال العراق، حيث قيل أن الدولة الإسلامية أعطتهم فرصة كي يعتنقوا الإسلام ولكنهم أبوا وآثروا الموت على ذلك!
إذا كانت هذه الرواية صحيحة فيجب أن تقف الدولة الإسلامية 'داعش' لحظة تأمل لتتفكر في الدوافع أو الأسباب التي جعلت من مواطنين عراقيين يؤثرون الموت على الحياة على أن يصبحوا مسلمين! ألم يأتي الإسلام بخاتمة الأنبياء والمرسلين؟ أليس هو دين الحق والدين الحنيف ولا يدخل الجنة إلا من هو على دين الله؟ فلماذا يهرول الإيزيديون إلى الموت ولا يقبلون بهذا الدين؟ هل العلة في الدين نفسه أم في المسلمين ممن اعتنقوا هذا الدين؟
يذكرنا ذلك بأصحاب الأخدود الذي جاء ذكرهم في القرآن الكريم في سورة البروج عندما أمر الملك الحميري اليهودي الديانة 'ذو النواس' بحرق أهل المدينة من الذين هجروا اليهودية واعتنقوا المسيحية ورفضوا العودة عن دينهم!
فلماذا آثر أهل الأخدود النار على ترك المسيحيةّ؟
إن طرح هذه الأسئلة لا يعني أبداً أننا نمتلك الإجابة عنها، وحتى لو فعلنا فلا بد من وجود إجابات كثيرة، ولكن يبقى التساؤل: هل أعطى الملك الحميري الناس فرصة للعودة إلى اليهودية أم أنها كانت خدعة لتبرير قتلهم وسبي نسائهم ونهب أموالهم؟
وفي هذا السياق يحدثنا التاريخ الأوروبي عن غضب 'البابا' رئيس الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر عندما علم باستعباد شعوب أمريكا الأصليين من قبل الغزاة الأوروبيين بحجة أنهم وثنيون. فأمر بدعوتهم إلى المسيحية أولاً فإذا رفضوا كان لدى الجيش الغازي الحق في استعبادهم. وهكذا بدأت تتقلص أعداد المستعبدين من الشعوب الأصلية بمرور الزمن، فكان لا بد من مواجهة أزمة شح الموارد البشرية للحصول على أعداد جديدة من العبيد لتشغيلهم في مناجم الذهب والفضة بالسخرة. ولذلك ابتدع قادة الغزاة سياسة جديدة عند مداهمة القرى الهندية مفادها أن يدخل الجيش أولاً قبل الكهنة ويقرعون الطبول ويصيحون بلغاتهم الأمر البابوي الذي لم يفهمه القرويون أصلا، فإذا بقي الناس في بيوتهم دخل الكهنة إليهم لتنصيرهم. فماذا حدث؟
نجحت خطة العسكر في إفشال مساعي البابا فما أن شرعت أفواج الجند الأولى في اقتحام القرى وهي تقرع الطبول وتصيح بلغة غريبة أطلق القرويون أرجلهم للريح من الذهول والرعب، وعندها كانت تعطى الأوامر للجيش بمطاردتهم وقتل الرافضة منهم واستعباد من تبقى بحجة أنهم رفضوا الدخول في المسيحية.
وهكذا نجد الحال يتكرر اليوم في العراق، فلقد شاهدنا كيف يتم الطرد والتهجير والقتل بسرعة سواء مع أصحاب الايزيدية أو النصرانية أو 'الرافضة' أو حتى من أصحاب القبائل السنية. فالمسألة ليس لها علاقة بدين أو مذهب أو عرق إنما بسرعة التدمير والقتل لتهجير الناس من أرضهم كما فعلت إسرائيل في دير ياسين والمخيمات الفلسطينية وغيرها.
فلنتوقف قليلاً للتفكر مرة أخرى في السؤال الذي بدأنا منه: لماذا يفضل الناس الموت على ترك دينهم أو مذهبهم؟
ربما تكون الشهادة مطلباً لدى البعض، أو ربما هو الشعور بالكبرياء على الخضوع والذي يتشارك به بني البشر، أو ربما هو الشعور بالتحدي، وهو سمة عامة عند الكثير من الحيوانات الراقية. ولكن، ومهما يكن من أمر، فإن هؤلاء الضحايا هم أكثر بطولة وشجاعة من جلاديهم، وإننا إذ نقف لهم احتراماً وتقديراً، وفي الوقت نفسه نشكر نعمة الاستقرار الذي نتمتع به في الأردن ونطالب بالسعي المستمر لتعزيزه بالاصلاحات السياسية الضرورية وفي اسرع وقت.
وختاما إذ نعبر عن خجل الإنسانية 'المتحضرة' جمعاء من ذاتها وهي تقف متفرجة على هذه الأحداث الهمجية ولا تحرك ساكناً!

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
04-09-2014 01:16 PM

والله ما فهمت ما الذي يريده الكاتب بالضبط

2) تعليق بواسطة :
06-09-2014 07:12 AM

كل التحيه والتقدير الى هيئة التحرير

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012