أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الخلافة العثمانية وخلافة البغدادي

بقلم : سلطان ابو يوسف
16-09-2014 10:41 AM
لقد تم تشويه صورة دولة الخلافة العثمانية(التركية) التي حكمت العالم العربي وبعضا من أوروبا وأفريقيا قبل إسقاطها ،والتي استمر حكمها أكثر من أربعمائة عام ، والصورة اليوم تتكرر مع دولة خلافة (البغدادي) وما يرافقها من حملات إعلامية تحاول النيل منها من طرف واحد دون أن نستمع لرأي الطرف الآخر لمعرفة حقيقة هذا التنظيم .

لا أجدُ فارقاً بين إسقاط الدولة العثمانية ،وإسقاط دولة البغدادي فارقاً إلا الزمن ، فالأولى تم القضاء عليها من خلال تحالف بريطانيا مع القبائل العربية في الجزيرة العربية والتي تم تشكيل جيش من قبائلها لمحاربة دولة الخلافة بقيادة بريطانيا ،وأطلق على هذا الجيش اسم الثورة العربية الكبرى ولأنه لم تكن هناك دولا عربية تشكلت بعد ،فأطلق اسم الثورة على الجيش .

أما اليوم وبعد مرور ما يقارب المائة عام فتم صناعة دولة خلافة بين عشية وضحاها وأصبحت تشكل خطراً على العالم ، وبدأ الشحن الإعلامي لإقناع الشعوب بخطورة دولة الخلافة على العالم ، وبدأ يرافقه حشداً دولياً عسكرياً وسياسياً لم تتبلور معالمه بعد ،مع قناعتي أن أمريكا والناتو قادران على الإطاحة بتنظيم دولة الخلافة من خلال القصف الجوي فقط والقضاء على قدراتها العسكرية ،ولكن يبدو أن هناك أهدافاً لا تستطيع أمريكا أن تحققها بدون وجود هذا التنظيم الذي لا تريد القضاء عليه الآن لتبقيه شماعة تحقق من خلاله أهدافها .


1916 أعلن الشريف الحسين بن علي الثورة من الحجاز على دولة الخلافة الإسلامية ،ضمن اتفاق مع بريطانيا على أن ينصب ملكا على بلاد العرب بعد طرد العثمانيين ولكن البريطانيين خذلوا الشريف وبددوا آماله وطموحه وغدروا به ونكثوا بعهودهم ، وقاد الأمير فيصل الثورة منطلقا من الحجاز إلى العقبة ضمن القوات البريطانية ملحقين الهزائم بهم حتى وصل عام 1918 إلى أبواب دمشق واستقبل استقبال الأبطال العظماء الفاتحين .

هذا يذكرنا بالجيش الذي ستشكله أمريكا والناتو بالتحالف مع العرب والذي يذكرنا بتحالف الشريف حسين مع بريطانيا والوعود التي قطعتها له بريطانيا بعد دحر العثمانيين ،والنتائج التي لحقت بالأمة من اتفاقات سرية كانت تحاك ضده وضد الأمة العربية بالسر ولا يعلم بها ، وهذا يقودنا للتساؤل عن الوعود التي قطعتها أمريكا والناتو على نفسها ووعدت بها العرب بعد دحر تنظيم دولة الخلافة ،وما هي الاتفاقات السرية التي لا يعلم بها حكام العرب وسيعرفون نتائجها لاحقا كما حصل مع الشريف حسين والذي كوفئ بالنفي إلى قبرص حتى وافاه الأجل ثم دفن بالقدس،وهل سيفاجأ الحكام العرب بنكث العهود ويدفع بعضهم الثمن كما فعلوا مع الشريف حسين رحمه الله الذي كان مخلصا لقضيته وعروبته،ويتم تقسيم المنطقة من جديد ،وعزل بعضهم ،وتغيير الحدود التي رسمها سايكس وبيكو ،ويتم نفي البعض والإطاحة بالبعض الآخر وتغيير أنظمة الحكم من جديد؟ .

وأهم ما يُلفت النظر أن بريطانيا بعد أن استتب الأمر في سوريا اتخذت عدة خطوات منها ،تنصيب فيصل الأول ملكا على سوريا ليصبح ممثلا للعرب وهو أول ملك عربي يتم تنصيبه ،بعدها تم إرسال الملك فيصل إنابة عن الشريف حسين لحضور المؤتمر الذي عقد في فرنسا ،مؤتمر فرساي ، وكان من نتائجه أن التقى الملك فيصل بالسيد حاييم فايتسمان وزير المستعمرات البريطاني واهم ما ورد بالاتفاق (يجب أن تتخذ جميع الإجراءات لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين على مدى واسع والحث عليها وبأقصى ما يمكن من السرعة لاستقرار المهاجرين في الأرض عن طريق الإسكان الواسع والزراعة الكثيفة).

وبعد هذا الإقرار ،وبعد أن أدى الملك فيصل دورهُ تم الإطاحة به،ثم طالبت فرنسا باستعادة سوريا وخضوعها لاستعمارها واضطر فيصل أن يتخلى عن عرشه مكرها ونصّب بعدها ملكا على العراق حتى توفى وقيل انه مات مسموما في بريطانيا بالزرنيخ.

واليوم يعقد التحالف المشترك مؤتمره في فرنسا كما على غرار مؤتمر فرساي وما نتج عنه من خيبات لحقت بالعرب حتى اليوم من قبل مائة عام ليذكرنا بنتائج المؤتمرات الفرنسية، وكان سبب مؤتمر فرساي هو تقسيم المنطقة والبحث في نتائج الحرب العالمة الأولى ونتائج الحرب التي خاضتها بريطانيا مع الدولة العثمانية ،ثم توطين اليهود في فلسطين ، فكانت الانطلاقة من سوريا كما هو اليوم الانطلاقة بسبب ما يجري في سوريا .

فالأسباب ذاتها في كلا الحربين ، والدول المشرفة على المؤتمر ذاتها ،ولا زالت الأسباب التي بحثت في العام 1918 لم تتحقق كاملة حتى اليوم ،فهل أصبح الوقت مناسبا لتنفيذ ما تبقى منها ، طبعا هناك أمورا متفق عليها يعلمها قادة العرب كما علمها الشريف حسين ،وهناك أمور سرية لا يعلموها ، ولكني أعتقد بل أجزم أن القتال مع داعش سيترتب عليه تغير الخارطة السياسية لتنفيذ بعض الأمور التي طلبت بريطانيا من بعض الدول القبول بها في حينها ،وقبلت بها مرغمه ،ولكن التصريحات السياسية لا زالت تشير إلى أنها مطلبا يجب أن يتحقق واكتفي بالإشارة إليها ليعلمها من يقرأ التاريخ.

ومما اعتقده أن من نتائج الحرب على داعش سيتم إعادة ترسيم الحدود ،وتغيرا كبيرا سيطرأ على الخارطة السياسية العربية لاحقا ، واعتقد أن الثمن الذي سيدفعه العرب هو التوقيع والموافقة على إقامة علاقات تجارية واقتصادية مع إسرائيل واعني دول الخليج والإمارات، وارى انه سوف يتم السماح للأجانب والمقصود هنا اليهود بحق التملك والاستثمار في الخليج العربي وشراء الأراضي في أي مكان وإقامة المشاريع الزراعية والصناعية والسياحية ،ومن وجهة نظري فإن هذا يهيئ للاستيطان كما حصل في فلسطين لتصبح حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات ، طبعا هذا سيمرر بعد أن تمر المنطقة بحروب تنهك الجيوش والشعوب والاقتصاد لتصبح المنطقة مهيأة لتمرير كل هذا الذي تخطط له أمريكا والدول الكبرى خدمة للصهيونية على حساب الأمة العربية بعد تدمير الجيوش العربية ،وإنهاكها اقتصادياً،وإضعافها سياسياً، وسلب أرصدتها والتي ستدفع ثمناً للحرب ومن أجل إعادة الأعمار ،لتبقى إسرائيل الطفل المدلل الذي سيتوغل في أمتنا ويسيد ويميد كما يشاء من جديد.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
16-09-2014 01:09 PM

انا معك فيما قلت والدول الصليبية ستنفذ ماتخطط له ولو بعد حين والعرب لاهون ساهون لايدرون شيئا عما يدبر لهم في الخفاء لابل هم يشاركون باموالهم ودماء العرب لانجاح مخططات الغربيين ، الغربيون يخططون لخمسين سنة قادمة وينجحون والعرب لايحسنون النخطيط لابل لايعرفون معنى التخطيط لخمس سنوات قادمة ، انظر للعرب كيف ينامون فةق بحر من النفظ وتجدهم اشد دول العالم تخلفا في كل شيئ ، لو فكروا قليلا لوجدوا ان داعش انفع لهم من الغربيين وذلك لان هدف داعش واحد وواضح ومقبول لولا ان اسلوبهم في الوصول اليه فظ وغليظ صدم الناس في مشاعرهم واساء الى صورة الاسلام البيضاء ,

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012