أضف إلى المفضلة
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024
السبت , 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2024


الذكرى 44 لرحيل جمال عبد الناصر

بقلم : د فيصل الغويين
30-09-2014 11:19 AM
في 28 أيلول من عام 1970غيب الموت قائدا كبيرا للأمة وهو في عز عطائه، بل في عز استعداده لشن حرب استعادة الكرامة للأمة، واستعادة لتوازنها مع عدوها الجاثم فوق أرضها، فأحست الأمة أن فراغا كبيرا قد أصابها، يفوق الحزن الذي لفها بل يزيد منه، وان هذا الفراغ سيبدأ في مصر كبيرة أقطار الأمة، ليمتد إلى كل أرجائها.
لقد رحل جمال عبد الناصر بعد أن أنهكته – وهو ابن الثانية والخمسين- قمة عربية استثنائية دعا البها لوقف حرب دموية تفجرت في الأردن بين المنظمات الفلسطينية والجيش الأردني، وكان في ذهنه وقف تلك الحرب، واحتمالات تطورها إلى احتراب أهلي، وحماية المقاومة الفلسطينية، رغم انزلاق بعض فصائلها قبل أيام من أحداث أيلول في إطلاق حملة عنيفة، لم تخل من الشتائم ضد جمال عبد الناصر على خلفية موافقته على مبادرة روجرز(وزير الخارجية الأمريكي آنذاك)، القاضية بوقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني الذي أنهكته حرب الاستنزاف (1967- 1970) التي بدأتها مصر بقيادة عبد الناصر، وبين مصر التي كانت تحتاج إلى هدنة قصيرة تسمح لها ببناء ما عرف يومها 'بحائط الصواريخ' المضادة للطائرات من اجل تنفيذ عملية عبور قناة السويس وتحرير سيناء.
وفي هذه الذكرى يتداخل الألم بالأمل، وفلسطين بالوحدة، وتراث عبد الناصر بفعل المقاومة، وبرزت في حياة الأمة حقائق لا يمكن لأحد تجاهلها أو نسيانها أو القفز فوقها أو إطفاء نورها، وهي إننا امة واحدة، وإننا أصحاب قضية واحدة، وإننا أهل مقاومة واحدة، مهما تعددت الأسماء والرايات والعناوين.
عشرات بل ربما مئات من قادة وزعماء الدول رحلوا عن عالمنا من رحيل عبد الناصر، بعضهم لهم انجازاتهم وكثير منهم لهم سلبياتهم، لكن لم يبق منهم من يثير الجدل والحوار، وتدور حوله النقاشات الكثيرة، وترصد له الصحف صفحات، وتكرس له الفضائيات البرامج، وتحد الألسنة للهجوم عليه، وتنطلق الحناجر تهتف باسمه وفكره ومبادئه، سوى عبد الناصر، بل انه رغم العقود الطويلة على رحيله ما زال يخيف الكثيرين من أعداء الأمة العربية، ونذكر ما قاله الوزير الإسرائيلي ايهود باراك أثناء أحداث 25 يناير المصرية، عندما صرخ طالبا من واشنطن أن تحسم موقفها من مبارك بسرعة قبل أن يخرج من الشارع عبد الناصر جديد.
كان عبد الناصر نصير الفقراء، وعدو الأغنياء، جاهر بحق مصر في الحياة، وقادها بعد سنوات من الاحتلال البغيض، والارتهان تحت إمرة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وقد غربت بعد أن فارق الاحتلال مصر اثر ثورتها العظيمة.
لقد نذر عبد الناصر نفسه لخدمة أمته، وتعرض أثناء حياته وبعد مماته لهجوم كبير على شخصه وأفكاره، فقد تكالبت عليه قوى الاستعمار والتبعية والظلام من حروب ومحاولات اغتيال، ومحاصرة مشروعه النهضوي الوحدوي.
ومع كل ذلك فقد سجل اسمه في تاريخ مصر والأمة العربية، مؤسسا لحركة عدم الانحياز، ومقاوما للأحلاف الاستعمارية، وأمم قناة السويس، وشيد السد العالي، وفتح جامعات لمصر لكل أبنائها وأبناء العرب بعد أن كانت حكرا على أبناء الذوات، وأتاح لفقراء الفلاحين ملكية الأراضي، وقضى على الإقطاع، ودعم حركات التحرر في الوطن العربي ودول العالم الثالث، وحقق أول وحدة في تاريخ العرب الحديث بين مصر وسوريا، وادخل مصر معركة التصنيع .
لقد تصدت دول وحركات للنيل من سمعة وسيرة عبد الناصر موظفة المال والإعلام لتشويه تاريخه، ولكن لا الزمان استطاع أن يمحو الذكرى من قلوب وعقول الناس، ولا الحملات المنظمة نجحت مع هذا الزعيم الذي جاء من صعيد مصر ليصبح أول مصري يتولى حكم البلاد بعد مئات من السنين، ورحل ولم يترك مليارات وقصورا ويخوتا، فعاش ومات فقيرا.
وبعد 44 عاما لا يزال الإقبال الجماهيري يتنامى على أدبيات ثورة تموز والفكر الناصري، ولا تزال الدراسات التي تعرضت لسيرة حياة عبد الناصر تتنامى كقائد عربي تجاوز بفكره وزعامته الوطن العربي ومحيطه الإقليمي، كما يدلل ذلك أيضا تصدر شعارات الثورة وصور قائدها جميع المظاهرات والتجمعات الشعبية التي تشهدها الأقطار العربية بين الحين والأخر، تعبيرا عن رفض الجماهير لحالة التردي الرسمي، ورفض الخضوع للاملاءات الأمريكية- الإسرائيلية، ورفض السياسات الاستعمارية التي تستهدف تفكيك الأمة وتفتيتها أكثر مما هي مفتتة، مطلقين في ربوعها عصابات الإرهاب تقتل وتدمر تحت ستار الدين.

التعليقات

1) تعليق بواسطة :
30-09-2014 11:47 AM

انا كمت من أشد المعجبين بعيد الناصر وفكره العربي القومي بالرغم من اني ولدت عام وفاته ، وفي كل زيارة كنت أقوم بها للقاهرة سواء لوحدي او مع زوجتي وأطفالي كان اول عمل أقوم به هو زيارة قبره لقرائه الفاتحة ،

كل هذا تغير بعد ان رأيت كيف وقف الناصريون مع الانقلاب وضد الرئيس المنتخب من قبل الشعب والذي لا اشاركه اي من أفكاره المتعلقة بالإسلام السياسي ًولكني احترم العملية الديمقراطية التي جاىئت به الى الرئاسة

2) تعليق بواسطة :
30-09-2014 12:22 PM

شكرا للأستاذ الكاتب ..
رحم الله جمال عبد الناصر ..
كان رجلا بحجم أمة ..
رفع اسم العرب عاليا ..
منذ وفاته .. و أمتنا في كبوة كبيرة ..

3) تعليق بواسطة :
30-09-2014 01:16 PM

الى الناصري الندمان :فكر اكثر شوي ،وقارن عهد الكبار بزماننا الراهن راح تندم لأنك من اهل (زمن الخيبة)والمنظرين الفلكيين!!!!!.

4) تعليق بواسطة :
01-10-2014 02:28 AM

كان ديكتاتورا بامتياز,ادوشنا بخطاباته الطويلة وزرع الفتن في كل البلاد العربية وعندما برزت لحظة الحقيقة تبين ان غوغائيته لم تجلب الا هزيمة مدوية للعرب ما زلنا نعاني من اثارها,ثم خلفه طاغية اخر في العراق وثالث في سوريا وهكذا,نتعامل مع قادتنا كما يتعامل الاطفال مع لعبهم:يشترونها ثم يحطمونها ثم يطلبون بدلا منها,تقاس الامور بالاهداف والنتائج,فماذا كانت اهدافه وما هي نتائجها؟؟قليلا من الموضوعية ايها السادة

5) تعليق بواسطة :
01-10-2014 08:40 AM

يا اخ فيصل انت زي اللي تتحلّا بشعر صاحبة بنت خالتها؟؟بعدين عبدالناصر هو سيسي زمانه؟كاذب وضحل التفكير وعميل وضحك على الامة العربية جمعاء؟فكوكوا من هالكذب واتقوا الله؟

6) تعليق بواسطة :
01-10-2014 02:55 PM

دكتور فيصل مقالتك الرائعة تجدد فينا الشموخ العربي والكبرياء القومي وتبعث في عروقنا الجافة الامل بانه لا يزال بين ظهرانيينا امثالك يحمل هذه الروحية العروبية والصدقية في طرح الاحداث وسرد التاريخ ارفع لك قبعتي وانحني للرائع القائد الشهيد الحي جمال عبدالناصر

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط. ويحتفظ موقع كل الاردن بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع كل الاردن علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
بقي لك 300 حرف
جميع الحقوق محفوظة © كل الاردن, 2012